جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
إنجذابا لواحدة من أعلى العائدات في العالم، يقبل المستثمرون في الدين الأجنبي على السوق المصرية منذ أواخر 2016 عندما وقعت الدولة إتفاق قرض بقيمة 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي وعومت عملتها الجنيه وقدمت إجراءات تقشف قاسية تهدف إلى إستعادة التوازن المالي.
وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز إن الأجانب يشترون أغلب الديون قصيرة الآجل، التي معظمها بأجل إستحقاق أقل من عام، من أجل ما يعرف بالتجارة المحمولة (استثمار أدوات الدين) التي فيها يتم إقتراض المال بسعر فائدة معين للاستثمار في أصول تدفع فائدة أعلى.
وأثيرت لوقت وجيز الشكوك حول سمعة مصر كسوق ناشئة مفضلة للاستثمار الشهر الماضي بعد ان أسفرت مزاعم بإرتكاب الجيش والرئيس فساد وإساءة إستخدام للمال العام عن إحتجاجات—وهي إدعاءات نفاها الرئيس عبد الفتاح السيسي ووصفها بأكاذيب. وألقت السلطات القبض على أكثر من 3 ألاف شخصا لمنع أي تكرار للإضطرابات.
ولكن لا يبدو ان الإحتجاجات كان لها تأثيرا مستمرا على شهية المستثمر تجاه ديون الدولة. وبحسب فاينانشال تايمز، في أكتوبر بلغت حيازات المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة والسندات المصرية حوالي 20 مليار دولار. وحتى بعد ان خفض البنك المركزي للدولة أسعار الفائدة مرتين هذا العام، بإجمالي 250 نقطة أساس، ظلت العائدات جذابة، بحسب ما قاله محللون.
وإستقرت العائدات على أذون الخزانة بين 15.2% و15.9% في أوائل أكتوبر بعد ثاني تخفيض لأسعار الفائدة والذي كان بمقدار 100 نقطة أساس. وتشير تقديرات البنك الاستثماري سيتي ان حوالي 800 مليون دولار تدفقت خارج سوق الدين المصرية في أعقاب الإحتجاجات، لكن يرى محللون ان جزءا كبيرا قد يعود بحلول أوائل 2020 إذا لم تحدث إضطرابات جديدة.
وقال فاروق سوسه، خبير اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى جولدمان ساكس، "مصر تبقى جذابة لأنها دولة عالية العائد ومستقرة نسبيا وجذابة بشكل خاص مقارنة بأسواق ناشئة أخرى بسبب إستقرار اقتصادها الكلي". "وعلى نحو أهم لا نتوقع تقلبا كبيرا في سعر الصرف في ضوء احتياطيات السيولة الكبيرة (النقد الأجنبي) التي زادت في الأشهر الأخيرة".
ونالت مصر الإشادة من صندوق النقد الدولي على إصلاحاتها وشهدت تحسنا كبيرا في المؤشرات الاقتصادية. ونما الاقتصاد، الأسرع نموا في الشرق الأوسط، بمعدل 5.6% في السنة المالية التي إنتهت في يونيو. وسيساعد الدين الصادر في تمويل عجز الموازنة، الذي إنخفض إلى 8.2% كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي مقابل 9.8% قبل عام. وزاد احتياطي النقد الأجنبي من حوالي 15 مليار دولار في 2016 إلى 45 مليار دولار في سبتمبر 2019.
ولكن قال محللون لفاينانشال تايمز إن الدين الإجمالي للدولة يبقى مرتفعا ومصدر تهديد رئيسي عند 90.5% من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية التي بدأت في يونيو 2019. وتستهدف الحكومة خفضه إلى 82% بحلول يونيو القادم.
ولكن لازالت فاتورة فوائد الدين عبئا ضخما على الموازنة، إذ تمثل 36% من الإنفاق في السنة المالية الحالية.
وقالت إليسا باريسي-كابوني، نائب رئيس وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، "بالنسبة للمستثمرين الذين يشترون الدين المصري، القوة الرئيسية لائتمان الدولة هي تطبيق الإصلاحات والاحتياطيات الأجنبية".
"والتحدي الرئيسي الذي نراه هو العجز المالي الكبير وأن فاتورة فوائد الدين مرتفعة جدا. الأمر يستغرق وقتا لخفضه بشكل مستدام".
ورغم تدفقات الأموال الساخنة من المشترين الأجانب، لم تتمكن الدولة من جذب استثمار أجنبي مباشر كبير يتجاوز قطاعها للنفط والغاز.
ورغم أن مصر تختتم برنامجا مدته ثلاث سنوات مع صندوق النقد الدولي بتحسن في الإنضباط المالي وعملة رخيصة، إلا إنها تفشل في تعزيز قطاع التصنيع والصادرات غير النفطية.
ويقول خبراء اقتصاديون أن الطلب الاستهلاكي الداخلي لم يتعاف إلى مستويات تسجلت قبل خفض العملة في 2016، وأن التضخم تسبب في تآكل حاد للقوة الشرائية للمصريين. ويشيرون أيضا إلى عقبات هيكلية تعوق إنطلاقة للنمو بقيادة القطاع الخاص، من البيروقراطية إلى مخاوف حول المنافسة العادلة.
ولكن تلك ليست قضايا ملحة للمستثمرين الذين يسعون لتحقيق ربح سريع. وقال ديفيد كوان، الخبير الاقتصادي المختص بأفريقيا في سيتي بنك، "في المدى القصير يشعر المستثمرون بقلق حول الاستقرار السياسي وسعر الصرف وأمور مثل العلاقة التي ستكون عليها الحكومة مع صندوق النقد الدولي بعد نوفمبر عندما ينتهي البرنامج الحالي".
ويضيف أن المستثمرين الذين يعملون بإستراتجية طويلة الآجل من المرجح ان يكونوا أكثر قلقا بشأن المستوى الإجمالي لديون الدولة وقدرتها على السداد.
ومع تخفيض أسعار الفائدة، يتوقع محللون تخارج بعض المستثمرين من التجارة المحمولة (استثمار أدوات الدين) والإقبال على أدوات أطول آجلا.
ويقول سوسه من جولدمان ساكس ان ال20 مليار دولار قيمة الأصول التي بحوذة الأجانب تشمل ما يصل إلى 5 مليار دولار قيمة سندات طويلة الآجل—وهو شيء لم يكن قائما في يناير 2018. وقال "مع تخفيض أسعار الفائدة وصعود قيمة الجنيه، تصبح التجارة المحمولة أقل ربحية". ولكن لن يغادر المستثمرون مصر. هم يشترون سندات طويلة الآجل للإستفادة من إحتمالية تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة".
وقال سوسه ان الميزة للمستثمرين طويلي الآجل هو أنه من انخفاض العائدات، ترتفع القيمة الاسمية للسندات التي لديهم بالتالي لا يحتاجون لإمتلاكها حتى موعد الإستحقاق ويمكنهم تحقيق ربح ببيع حيازاتهم". ولكن عندما تنتهي المراهنات على تخفيضات الفائدة، "سيصبح الاهتمام أقل من المشترين، بالتالي إستدامة تلك التدفقات تصبح موضع شك".
ولرغبة مصر في تجنب دفع أسعار فائدة مرتفعة على سندات طويلة الآجل فإنها تركز بشكل أكبر على إصدار أذون خزانة. ولكن مع انخفاض التضخم وأسعار الفائدة، يقول المسؤولون أنهم يريدون تمديد آجال الإستحقاق وتغيير تكوين دين الدولة.
وقال محمد معيط، وزير المالية، لوكالة بلومبرج في أوائل أكتوبر ان مصر ستزيد حصة الديون طويلة الآجل إلى 40% من إصدارها المحلي السنوي بنهاية السنة المالية الحالية، ارتفاعا من 5% في العام المنتهي في يونيو 2018.
وقال كوان من سيتي بنك "في عالم أسعار الفائدة الصفرية، متى ستنتهي جاذبية الدين المصري؟". "أظن فقط عندما تنخفض العائدات إلى خانة الأحاد سيبدأ المستثمرون يقيمون التكاليف والمزايا بشكل أكثر حرصا".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.