جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
تطغى بإستمرار أرقام التضخم الضعيفة على بيانات أقوى من المتوقع للنمو الأمريكي وتمهد لنقاش داخل أروقة بنك الاحتياطي الفيدرالي حول ما إذا كان التحرك القادم في أسعار الفائدة يحتاج ان يكون تخفيضا أم زيادة.
ومن المرجح ان يبقي البنك المركزي الأمريكي، بقيادة جيروم باويل، أسعار الفائدة دون تغيير عند نطاق 2.25 إلى 2.5% عندما يجتمع يومي الثلاثاء والأربعاء. ومع تحسن النشاط الأمريكي بعد بداية عام ضعيفة وإنحسار المخاطر الخارجية، يبقى كثير من المحللين واثقين من ان الاحتياطي الفيدرالي سيبقي أسعار الفائدة عند مستواها الحالي لبقية العام.
ولكن فتح مسؤولون بالبنك من بينهم تشارلز إيفانز رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو الباب أمام مناقشات في المستقبل حول ما إذا كان البنك المركزي يجب ان يخفض أسعار الفائدة إذا خيب التضخم التوقعات بشكل أكبر أو ساء النمو على نحو مفاجيء. وأشار ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، هذا الشهر خلال مقابلة مع شبكة سي.ان.بي.سي إن البنك المركزي أجرى في عام 1995 وعام 1998 بعض "التخفيضات الإحترازية" على الرغم من انه لم يكن هناك أزمة ركود تلوح في الأفق.
وقال بيل إنجليش، الأستاذ بجامعة ييل الذي كان مديرا لقسم الشؤون النقدية بالاحتياطي الفيدرالي، إنه لا يرى مبررا مُلحا لتخفيض أسعار الفائدة في الوقت الحالي. وأضاف "ظني إنهم سيلتزمون بذلك لبعض الوقت ويتركون البيانات تقول كلمتها".
ولكنه أضاف إنه إذا خلص الاحتياطي الفيدرالي خلال الصيف والخريف إلى أن التضخم يبقى أقل من المستوى الذي يستهدفه وإن الاقتصاد يتباطأ، فربما يرغب في تخفيض أسعار الفائدة مرة أو مرتين ليرى إن كان هذا يحسن التوقعات.
وأعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة نموا قويا في الربع الأول حيث توسع الاقتصاد بمعدل سنوي 3.2% مما يضاف للعلامات على ان المخاوف بشأن النمو في أوائل العام كان مبالغا فيها. وتجاوزت القراءة المعلنة متوسط نمو الاقتصاد الأمريكي، وتأتي إضافة لنمو جيد للوظائف الأمريكية وتحسن أفاق اقتصادات خارجية من بينها الصين.
وعلى هذا النحو، يجد بعض الخبراء الاقتصاديين إنه من الصعب ان يروا سببا يدفع الاحتياطي الفيدرالي للتخلي عن خطط إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير هذا العام ومراقبة البيانات الاقتصادية القادمة بحثا عن علامات تشير ان التضخم يبدأ أخيرا يكتسب قوة دافعة. وفي اجتماعه الأخير، لم يمهد الاحتياطي الفيدرالي على الإطلاق لإحتمالية تخفيض أسعار الفائدة بينما شدد محضر الاجتماع على وجود "مظاهر عدم يقين كبيرة" بشأن التوقعات وأضاف إن توقعات صانعي السياسة لأسعار الفائدة من الممكن ان تتحرك في أي من الاتجاهين.
ولكن يعقد الصورة عدد من العوامل. أولها أن قراءة النمو الأمريكي بالغت في تقدير القوة الكامنة للاقتصاد، وفقا لبوب شوارتز، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى أوكسفورد إيكونوميكس. ونما مؤشر رئيسي للطلب الاستهلاكي الأساسي بمعدل 1.3% فقط في تقرير مكتب التحليل الاقتصادي الصادر يوم الجمعة انخفاضا من 2.6% في الربع الرابع.
وأثارت بيانات ضعيفة للتضخم تضمنها التقرير المخاوف من تباطؤ نمو الأسعار الأمريكية على الرغم من تحسن نمو الأجور وإستقرار معدل البطالة عند 3.8% فقط. وأظهرت بيانات يوم الجمعة إن المؤشر الأساسي لأسعار نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفع بوتيرة سنوية 1.3% في الربع الأول، أضعف من التوقعات بزيادة 1.6%.
ويثير الضعف المستمر في التضخم قلق الاحتياطي الفيدرالي، في ضوء ان البنك المركزي فشل منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 في إبقاء نمو الأسعار بشكل مستدام عند مستواه المستهدف البالغ 2%. وقال شوارتز إن المستثمرين في سوق السندات "ينظرون لنصف الكوب الفارغ. وينظرون لاستمرار التضخم المنخفض في التقرير كعلامة على ان الاقتصاد ربما يكون أضعف من المعتقد".
وأشار محضر الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي إن صانعي السياسة منقسمون بشدة حول التحرك القادم. وأصر عدد من المسؤولين على إبقاء إحتمال إجراء زيادات إضافية في أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام مطروحا على الطاولة. وبالنسبة للبعض، قد يحيي تخفيض أسعار الفائدة المخاوف حول خطر خلق فقاعات في الأسواق. ولكن يشعر أعضاء أخرون بالقلق من استمرار ضعف توقعات التضخم.
وفي خطاب له يوم 15 أبريل، قال إيفانز إن تسارع التضخم من 2.25% إلى 2.5% لن يثير قلقا كبيرا، في ضوء مدى الضعف الذي تبدو عليه ضغوط التضخم. وقال "إذا تباطأ النشاط أكثر من المتوقع، أو إذا انخفض التضخم وتوقعاته بشكل زائد، عندئذ ربما يتعين ترك السياسة النقدية بلا تغيير—أو ربما تيسيريها—لتوفير التحفيز المناسب لتحقيق أهدافنا".
وأشار رئيس الفيدرالي في شكاغو ان بلوغ التضخم الأساسي 1.5% سيكون مبعث قلق خاص، قائلا ان معدل التضخم سيكون مبررا لتقرير ما إذا كانت السياسة النقدية تقييدية أكثر من اللازم.
وكان كلاريدا قد صرح قبل أيام قليلة أنه لا يرى ركودا في الأفق، ولكن، تاريخيا، لم يحتاج الاحتياطي الفيدرالي ان يرى ركودا وشيكا قبل تخفيض أسعار الفائدة. وقال "إذا عدت إلى تاريخ الاحتياطي الفيدرالي، كان هناك فترات فيها الاحتياطي الفيدرالي أقدم على بعض التخفيضات الإحترازية لأسعار الفائدة في التسعينيات. ورأينا هذا في 1995. ورأيناه في 1998. بالتالي تخفيضات الفائدة ليس دوما مرتبطة بأزمة ركود".
وتؤدي المطالب المعلنة لدونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، بتخفيضات في أسعار الفائدة إلى جعل مناقشات الاحتياطي الفيدرالي أكثر صعوبة. فلا يريد البنك المركزي ان يبدو قد رضخ لترامب بتيسير سياسته، نظرا لمدى حرصه على حماية إستقلاليته. ولا يريد ان يثير الاحتياطي الفيدرالي ذعر الأسواق بأن يبدو أكثر ميلا للتيسير النقدي.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.