
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
وعد دونالد ترامب الأمريكيين بـ"ازدهار لا مثيل له" إذا تم انتخابه رئيساً. لكن بالنظر إلى أداء سوق الأسهم خلال أول 100 يوم من توليه المنصب، فإن تفسير "الازدهار" يعتمد على ما تعنيه الكلمة بالضبط.
فقد كان هناك بالتأكيد الكثير من الحركة — لكنها لم تكن كما كان المستثمرون يأملون. مع حلول 30 أبريل، سيكون ترامب قد أكمل أول 100 يوم له في الرئاسة. وعلى الرغم من الانتعاش الذي شهده السوق الأسبوع الماضي، فإن مؤشر ستاندرد آند بورز 500لا يزال منخفضاً بنحو 8% منذ يوم التنصيب، ويتجه نحو أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئيس أمريكي منذ جيرالد فورد عام 1974 بعد استقالة ريتشارد نيكسون.
لقد كان انعكاساً لم يتوقعه الكثيرون في وول ستريت، بعد عامين متتاليين من تحقيق مكاسب تجاوزت 20%، ومع توقعات بسير ترامب على نهج داعم للنمو. ولكن بدلاً من ذلك، شهدت الأسواق تقلبات حادة مع فرض ترامب رسوماً جمركية على تقريباً كل دولة تعمل فيها الشركات الأمريكية — تارة يفرضها، وتارة يستثني صناعات معينة، وأخرى يصعّد حربه التجارية مع الصين.
بعد فوزه بالانتخابات، اندفع المتداولون نحو الرهان على سياسة "أمريكا أولاً"، مما دفع مؤشر اس آند بي 500 لتحقيق أفضل مكاسب ما بعد الانتخابات في تاريخه. كانت التوقعات أن تقوم الإدارة بتخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب لدعم النمو الاقتصادي. إلا أن ترامب ركّز بدلاً من ذلك على معاركه التجارية، مما أربك الأسواق مع كل إعلان جديد عن فرض رسوم جمركية.
وقال إريك ديتون، رئيس ومدير إدارة شركة "ويلث ألاينس":
"ما تم انتخابه من أجله هو ‘لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً’ والاقتصاد سينتعش. ولكن في الواقع، فإن كل حالة عدم اليقين حول التجارة قد أضرت بالنمو الاقتصادي."
انتكاسة تلو الأخرى
شهد مؤشر اس آند بي 500 انخفاضاً بأكثر من 10% خلال جلستين فقط في أوائل الشهر الجاري بعد أن فرض ترامب أعلى رسوم جمركية شهدتها الولايات المتحدة منذ قرن، في 2 أبريل. ثم ارتفع المؤشر بقوة بعد أسبوع عندما تراجعت الإدارة عن بعض الرسوم وأجلت تطبيقها لمدة 90 يوماً. ومنذ ذلك الحين، تتأرجح الأسهم دون اتجاه واضح.
وقال ديف لوتز، الخبير الاستراتيجي في "جونز تريدينغ" والمخضرم في وول ستريت منذ 30 عاماً:
"لقد كانت صدمة تلو صدمة تلو صدمة."
وتستعد وول ستريت لمزيد من التقلبات؛ حيث وسّع المضاربون رهاناتهم على انخفاض المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر، وفقاً لأحدث بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) الصادرة يوم الجمعة.
تسعى الدول الكبرى في الأسواق الناشئة إلى تحويل مجموعة بريكس إلى منتدى عالمي قادر على التصدي للفوضى الاقتصادية والسياسية التي أطلقتها حرب الرسوم الجمركية التي شنها دونالد ترامب.
يجتمع وزراء خارجية المجموعة — التي سُميت بالأحرف الأولى للأعضاء المؤسسين: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، ولاحقاً جنوب أفريقيا — يوم الإثنين، في أول لقاء منذ أن أدت سياسات ترامب إلى زعزعة ليس فقط الاقتصاد العالمي، بل أيضاً المؤسسات متعددة الأطراف التقليدية مثل مجموعة العشرين، حيث أصبح تحقيق التوافق أمراً بعيد المنال.
هذا الاضطراب وضع بريكس في موقع يمكنها من انتزاع النفوذ العالمي الذي طالما سعى إليه بعض أعضائها البارزين، خصوصاً بعد توسعها لتشمل دولاً جديدة مثل مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. بات التكتل الآن يمثل نحو نصف سكان العالم وحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
خلال الاجتماع الذي يستمر يومين في ريو دي جانيرو، سيخصص وزراء الخارجية وقتاً كبيراً لمناقشة سبل التعامل مع رسوم ترامب الجمركية. تواجه الصين، على سبيل المثال، تعريفات بنسبة 145% على معظم صادراتها إلى الولايات المتحدة، وقد أشارت إلى أنها ترغب في استغلال هذا الاجتماع للرد على واشنطن.
في إفادة صحفية الأسبوع الماضي سُئل فيها عن توقعات الصين للاجتماع، انتقد متحدث باسم وزارة المالية الصينية أولئك الذين "يتسلحون بالعصا الكبيرة للرسوم الجمركية ويقوضون العدالة والنظام الدوليين ويزيدون من المخاطر الأمنية العالمية"، دون أن يسمي الولايات المتحدة صراحةً. ودعا أيضاً إلى "تعزيز التعاون" و"العمل المشترك" بين دول بريكس.
ومن المتوقع أن يصدر وزراء خارجية بريكس بياناً يوم الثلاثاء يتضمن انتقادات حادة للإجراءات الأحادية الجانب بشأن التجارة، دون ذكر ترامب أو الولايات المتحدة بالاسم، بحسب مسؤولين اثنين حكوميين برازيليين. وأشارا إلى أن بعض الدول ترغب في توجيه توبيخ مباشر لترامب، إلا أن هذا الموقف لا يحظى بإجماع داخل المجموعة.
القدرة على إيجاد توافق بين وجهات النظر المختلفة هو بالتحديد ما ستحتاج بريكس إلى إظهاره لإثبات أنها قادرة على تفادي الانقسامات العميقة التي أضعفت مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.
الدفاع عن التعددية
في ريو، سيبدأ وزراء الخارجية مناقشة أولويات رئاسة البرازيل الدورية لبريكس، والتي تشمل: اتخاذ خطوات أكثر جرأة بشأن التغير المناخي وتعزيز التعاون في مجال الصحة العامة وتقوية الروابط التجارية بين الدول الأعضاء والدفاع عن مبدأ التعددية.
يحذر المسؤولون البرازيليون من أن الهدف من بريكس، الذي تشكل قبل نحو عشرين عاماً، لم يكن أبداً تحدي القيادة الأمريكية للعالم أو تقويض النظام الدولي الذي تقوده واشنطن والغرب.
وقال السفير البرازيلي ماوريسيو ليريو في فبراير خلال اجتماع تحضيري في برازيليا: "القول بأن بريكس كتلة مناهضة لأمريكا أمر خاطئ تماماً. تم إنشاء المجموعة لتعزيز تنمية الدول النامية، وليس لمعاداة الدول الغنية."
ومع ذلك، فقد وضعت الأجندة البرازيلية بريكس كمدافع قوي عن التعددية في وقت يتجه فيه ترامب إلى فرض رسوم جمركية على غالبية دول العالم والتخلي عن المؤسسات والاتفاقات الدولية.
منذ توليه المنصب، انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية وفكك الوكالة الأمريكية الرئيسية المعنية بالمساعدات الخارجية وأثار الشكوك حول استمرار مشاركة الولايات المتحدة في مجموعة العشرين.
وجاءت علامة مهمة على تكثيف دول بريكس جهودها الأسبوع الماضي عندما نظمت البرازيل والأمم المتحدة حدثاً افتراضياً حول المناخ، شارك فيها أكثر من عشرين زعيماً عالمياً، دون دعوة ترامب أو الولايات المتحدة. وكان أبرز المشاركين الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي تعهد بالتزام بلاده بالتعاون الدولي في مكافحة التغير المناخي "بغض النظر عن التغيرات في المشهد الدولي".
كان الحدث أحدث إشارة إلى تكثيف شي الجهود لتصوير بكين كحليف أكثر موثوقية مقارنة بالولايات المتحدة تحت قيادة ترمب حيث يسعى لتعميق العلاقات مع أجزاء أخرى من العالم—منها الاتحاد الأوروبي، الذي دخل معه في خلافات في السابق
تعزيز الروابط التجارية
كما أظهر الحدث أيضاً قوة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي جمع قادة مثل شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين استعداداً لاستضافة قمة المناخ الأممية المقبلة في نوفمبر.
رغم أداء متباين للبرازيل خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، يواصل لولا تأكيد حضوره في المناقشات العالمية الكبرى، وساهم بدور رئيسي في مفاوضات اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور، الاتحاد الجمركي لأمريكا الجنوبية، أواخر 2024.
قالت جيمينا زونيغا، المحللة الاقتصادية في بلومبيرغ إيكونوميكس: "تلعب البرازيل دوراً قيادياً متزايداً في الجغرافيا السياسية، من خلال استضافة قمة بريكس هذا العام، والدفع نحو اتفاق ميركوسور وتعزيز التجارة الإقليمية والدفاع عن النظام التجاري التعددي."
يدفع لولا الآن دول بريكس لتحسين روابطها التجارية الداخلية لتعزيز قوتها العالمية ومواجهة القرارات الأحادية لترامب والولايات المتحدة. ومع أن فكرة إنشاء عملة موحدة — التي أثارت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% ضد أعضاء بريكس — "ليست قيد النقاش" حالياً، وفقاً لما قاله السفير ليريو، إلا أن الجهود مستمرة لتطوير أنظمة مدفوعات محلية وأدوات مالية تسهل التجارة والاستثمار داخل التكتل.
الانقسامات الداخلية
مع ذلك، تبرز التحديات التقليدية التي واجهتها بريكس منذ تأسيسها: طموحات كبيرة، لكن إنجازات محدودة. فقد اختلف الأعضاء على رؤية موحدة، حيث تعتبر الصين التمتل أداة لمواجهة الولايات المتحدة، بينما يتحفظ آخرون لتفادي إغضاب الحلفاء الغربيين. كما توترت العلاقات بين الصين والهند بسبب نزاعات حدودية، ما دفع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تعزيز تقاربه مع واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة.
التوسع الأخير زاد من تباين وجهات النظر داخل بريكس مقارنة بتكتلات أكثر انسجاماً مثل مجموعة السبع، مجموعة الدول الغنية الغربية التي تهيمن على النظام العالمي. وفي حين خلق ترامب فرصة لبريكس، إلا أن حربه التجارية مع الصين أجبرت كل دولة على التفاوض بشكل منفرد، مما قد يضعف جهود لولا للدعوة إلى الوحدة.
وكما قال لولا في مارس:
"لا يمكننا الاستمرار في البحث عن سبل خروج فردية لكل دولة. العالم مقسم إلى تكتلات، ومن ينظم صفوفه أكثر، يحقق أكثر."
قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، أن "جميع أجهزة" الحكومة الأمريكية على تواصل مع الصين، لكنه أكد أن على بكين أن تتخذ الخطوة الأولى نحو تخفيف حدة صراع الرسوم الجمركية بين البلدين، نظراً لاختلال ميزان التجارة بينهما.
وقال بيسنت في مقابلة مع شبكة سي.إن.بي.سي: "سنرى إلى أين ستتجه الأمور. وكما قلت مراراً، أعتقد أن على الصين أن تبادر إلى التهدئة لأنها تصدّر إلينا سلعاً بقيمة خمسة أضعاف ما نصدره نحن إليها، وهذه التعريفات الجمركية البالغة 125% غير قابلة للاستمرار".
بيسنت أضاف أن قيام الصين بإعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية يدل على رغبتها في خفض التوترات، مشيراً إلى أنه يحتفظ بـ"سلم متدرج للتصعيد" في جيبه الخلفي، وأن الولايات المتحدة "حريصة للغاية" على عدم اللجوء إليه. وبيّن أن التصعيد قد يشمل فرض "حظر تجاري".
وأوضح بيسنت أن الولايات المتحدة أرجأت التعامل مع الصين في الوقت الحالي بينما تسعى لإبرام اتفاقيات تجارية مع ما بين 15 إلى 17 دولة أخرى، مضيفاً أنه لن يتفاجأ إذا تم الإعلان عن اتفاق تجاري مع الهند أولاً.
كما كشف بيسنت أن المسؤولين الأمريكيين التقوا نظراءهم الصينيين خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن العاصمة الأسبوع الماضي، لمناقشة قضايا تتعلق بـ"الاستقرار المالي"، لكنه أشار إلى أن محادثات التجارة لم تُطرح خلال هذه الاجتماعات.
أعلنت الصين أنها " ستحضر بشكل كامل" خططاً طارئة للتصدي لصدمات خارجية متزايدة، متبنية نهجًا متأنيًا في دعم النمو، في وقت تزيد فيه الحرب التجارية المتصاعدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأفاد بيان نُشر على الموقع الرسمي للحكومة أن المكتب السياسي للحزب الشيوعي، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، تعهد يوم الجمعة بتطوير أدوات نقدية جديدة وآليات تمويل تهدف إلى تعزيز التكنولوجيا والاستهلاك والتجارة. وتشير هذه الخطوات إلى إمكانية تسريع ضخ ائتمان منخفض التكلفة في قطاعات مستهدفة.
وقال القادة: "يجب علينا الاستمرار في تحسين أدوات السياسات لضمان استقرار التوظيف والاقتصاد، وتنفيذ الإجراءات المخطط لها بالفعل في وقت مبكر". كما أكدوا أنهم سيبذلون قصارى جهدهم "لتعزيز أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي".
تحفيز محسوب لا اندفاع
وتشير بكين إلى أنها لا تتعجل توسيع التحفيز الاقتصادي، بعد شهر فقط من الكشف عن إجراءات منها التزام بتسجيل عجز قياسي في الموازنة. وقد منحت بيانات نمو أقوى من المتوقع في الربع الأول بعض الوقت للحكومة للتفكير في خطوات جديدة.
وقال تشاو بينغ شينغ، كبير الاستراتيجيين في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية: "الأمل في التحفيز لا يزال قائمًا، لكن القيادة تتبع بوضوح نهج الترقب والانتظار".
وقد جدد صانعو السياسات دعوتهم إلى إتاحة مزيد من السيولة للبنوك "عند الحاجة"، وأكدوا ضرورة "اختيار التوقيت المناسب" لخفض أسعار الفائدة. وبعد تصريحات المكتب السياسي عن تخفيضات في التوقيت المناسب لأسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، قفزت العقود الآجلة للسندات الحكومية لأجل 30 عامًا بأعلى وتيرة منذ 9 أبريل، بينما ظلت عوائد السندات لأجل 10 سنوات مستقرة، واستقر اليوان في التعاملات الخارجية دون تغيير يذكر. أما مؤشر CSI 300 للأسهم الصينية فقد أغلق مرتفعًا بنسبة 0.1% بعد مكاسب بلغت 0.5% خلال الجلسة.
سيناريوهات مؤجلة وترقب للمفاوضات
رغم تجاوز النمو في الربع الأول مستهدف الحكومة عند حوالي 5% لهذا العام، فإن هناك حاجة لمزيد من التحفيز لأن الاقتصاد قد يفقد زخمه بشكل كبير بدءًا من أبريل، بعد دخول الرسوم الانتقامية الأمريكية حيّز التنفيذ.
وتوقعت جاكلين رونغ، كبيرة الاقتصاديين في "بي إن بي باريبا"، أن تؤجل الحكومة الصينية اتخاذ خطوات تحفيزية جديدة حتى اجتماع المكتب السياسي في يوليو، حين تتضح رؤية المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، إلى جانب تقييم تأثير السياسات التي أُقرت خلال الدورة السنوية للبرلمان الصيني.
وقد جاءت تعليقات القيادة الصينية بعد يوم من نفي بكين لتصريحات أمريكية بشأن وجود محادثات تجارية. كما جددت وزارة التجارة الصينية هذا الأسبوع مطالبتها لواشنطن بإلغاء جميع الرسوم الجمركية الأحادية الجانب، في إشارة إلى عدم استعجالها استئناف المفاوضات، رغم تلميحات ترامب لإمكانية خفض الرسوم ضمن صفقة.
حرب باردة تجارية.. وهدوء تكتيكي
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوه جياكون، الجمعة: "لا توجد أي مشاورات أو مفاوضات حالية بين الصين والولايات المتحدة بشأن الرسوم"، مضيفًا أن "على واشنطن ألا تُضلل الرأي العام".
ورغم اللهجة المتشددة، تفكر بكين بهدوء في تعليق الرسوم الانتقامية البالغة 125% على بعض الواردات الأمريكية، في خطوة تهدف إلى احتواء تداعيات الحرب التجارية على بعض القطاعات. ويعكس هذا التحول مدى الترابط العميق بين الاقتصادين الأكبر في العالم، وسط تحذيرات من شلل محتمل في بعض الصناعات الحيوية.
وفي السياق ذاته، شددت السلطات على المضي قدمًا في تنفيذ برنامج تجديد القرى الحضرية والمنازل المتهالكة، مع تيسير السياسات الحكومية لشراء الوحدات السكنية غير المباعة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن خطة لإنهاء ركود عقاري ممتد منذ سنوات بتحفيز الطلب على المنازل وتخفيف أزمة السيولة لدى كثير من المطوّرين.
وقال ووي تشين هو، الاقتصادي في بنك يونايتد أوفرسيز: "صانعو السياسات في الصين يريدون بعث رسالة طمأنة بأنهم مستعدون لصراع تجاري طويل الأمد، ويهدفون لتعزيز ثقة الأسواق"، مضيفًا أن "التركيز الأكبر لا يزال على تنشيط الطلب المحلي واستقرار السوق العقارية".
ويُذكر أن المكتب السياسي المكوّن من 24 عضوًا يعقد اجتماعاته في أبريل ويوليو وديسمبر لمناقشة الملفات الاقتصادية. وبينما نادرًا ما يكشف عن أرقام مستهدفة، فإن بياناته التي تكون صياغتها مبهمة تحتوي على إشارات مهمة حول التحولات في التوجهات السياسية.
واختتم البيان الرسمي بالقول: "يجب أن نعزز التفكير القائم على أسوأ السيناريوهات، وأن نستعد بالكامل بخطط طوارئ، للقيام بالعمل الاقتصادي على نحو فعّال"، مشددًا على الحاجة إلى مزيد من الجهد لدعم استمرار تعافي الاقتصاد.
تشهد الصين موجة عارمة من الاهتمام بالذهب، مع صعود المعدن إلى مستويات قياسية، ما يغذي الطلب الاستثماري من قبل الأفراد ويصل بأحجام التداول إلى مستويات غير مسبوقة ويزيد من حدة التذبذبات، وصولًا إلى إصدار تحذيرات من السلطات.
ومع تذبذب الأسعار، ظهرت علامات على طفرة محمومة في التداول اليومي، خاصة في العقود الآجلة المقومة باليوان، وسط محاولات المضاربين اجتياز تقلبات الحرب التجارية. بالتوازي، تدفقت الأموال بكثافة نحو صناديق المؤشرات (ETFs) وتوسع نشاط المستثمرين الأفراد، بينما ارتفعت الفجوة السعرية بين الذهب المحلي والأسعار العالمية بشكل كبير. وتُعد الصين، باعتبارها أكبر مستهلك للذهب في العالم وأحد أبرز منتجيه، لاعبًا مؤثرًا على الساحة العالمية — وهدفًا رئيسيًا لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال سامسون لي، المحلل في شركة Commodity Discovery Fund في هونج كونج:"السوق الصاعدة للذهب ستستمر لفترة طويلة، لأن الصينيين يسعون للتحوط من التوترات الجيوسياسية"، مشيرًا إلى بعض التوقعات التي ترجح ارتفاع الذهب إلى 5000 دولار للأونصة، بما في ذلك توقعات بعيدة الأمد من بنك الاستثماري الأقدم في الصين China International Capital Corp.
وأضاف:"الجميع يعلم أن الاقتصاد الصيني يمر بحالة سيئة — ومع الرسوم الجمركية الأمريكية، فإن الوضع مرشح للتدهور أكثر."
وقد تصدّر الذهب قائمة السلع الأفضل أداءً هذا العام، وسط اضطرابات في الأسواق بفعل مساعي إدارة ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، ما عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن — خاصة مع قيام البنوك المركزية، ومن بينها بنك الشعب الصيني، بشراء كميات كبيرة من المعدن النفيس. وقد لاقت هذه الرواية صدىً واسعًا داخل الصين، حيث تكافح السلطات لإنعاش الاقتصاد، في ظل مخاوف متزايدة من تراجع محتمل في قيمة اليوان.
وصرّح وو تسيجيه، المحلل في شركة Jinrui Futures: : "الضجة الإعلامية المحلية حول الذهب غذّت مشاعر الخوف والطمع... هناك خوف من تفويت الفرصة. ورغم تراجع الأسعار لفترة قصيرة منتصف الأسبوع، إلا أن معظم المستثمرين الأفراد خففوا من وتيرة الشراء فقط دون أن يخرجوا تمامًا من السوق."
وفي بلد يُنظر فيه إلى الذهب تقليديًا كأداة ادخار أساسية للأسر، هناك دلائل واضحة على هوس بين الأفراد، تتجاوز ما شهدناه العام الماضي. فقد تجاوزت أحجام التداول في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة حاجز مليون عقد يوميًا خلال الجلسات الثلاث الأخيرة، وهو رقم يفوق بكثير المعدلات المعتادة.
ويقول جون ريد، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: رغم القفزة الهائلة في أحجام التداول، لم نشهد زيادة كبيرة في عدد العقود المفتوحة — ما يشير إلى أن أغلب التداول من قبل مضاربين يوميين."
وأضاف أن المستثمرين الصينيين لعبوا دورًا في دفع الأسعار العالمية نحو أعلى مستوياتها على الإطلاق في وقت سابق من هذا الأسبوع.
"لقد سمعنا كذلك أنباء عن نفاد مخزون البنوك من سبائك الذهب الاستثمارية، مما يدل بوضوح على وجود طلب استثماري قوي من الأفراد."
ولا يقتصر الأمر على العقود الآجلة، إذ يتدفق المستثمرون كذلك على شراء أشكال أخرى من الذهب. فالتدفقات إلى صناديق المؤشرات المحلية المدعومة بالذهب هذا الشهر تجاوزت إجمالي ما تمت إضافته من حيازات العام الماضي بأكمله. ووسط هذا الحماس، اتسعت الفجوة السعرية بين الذهب في شنغهاي والأسعار العالمية إلى مستوى قياسي.
ويأتي هذا التهافت على الذهب في الصين في وقت تتزايد فيه القناعة بأن الارتفاع لم يبلغ ذروته بعد. فبحسب بنك جولدمان ساكس، هناك مجال لوصول الأسعار إلى 4000 دولار للأوقية بحلول منتصف 2026.
وفي الداخل الصيني، تسود أجواء مشحونة. فقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "وي تشات"، بمنشورات تشجع المستثمرين الأفراد — حتى من ليس لديهم خبرة استثمارية تُذكر — على دخول السوق. بعض المستخدمين تحدّثوا عن وضع مدّخراتهم كاملة في الذهب، أو حتى اللجوء إلى الاقتراض لملاحقة الأسعار المرتفعة.
وكما هو معتاد في فترات الاضطرابات السوقية — لا سيما في أسواق السلع التي كثيرًا ما تتسم بالفوضى في الصين — تحركت السلطات لكبح جماح الاندفاع. ففي يوم الاثنين، أصدرت بورصة شنغهاي للذهب تحذيرًا جديدًا بشأن التقلبات، داعية المستثمرين إلى توخي الحذر.
وفي اليوم التالي، بلغت الأسعار ذروتها — ثم انهارت فجأة.
واختتم سامسون لي بقوله: "بغض النظر عما يقوله ترامب، في الصين لم نعد نصدق أن العلاقة بين البلدين يمكن أن تعود إلى طبيعتها... هذا هو المزاج السائد بين الناس هنا. إنهم مستعدون لنسف طريق العودة نهائياً."
تدرس الحكومة الصينية تعليق رسومها الجمركية البالغة 125% على بعض الواردات الأمريكية، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، وذلك في ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة التي تفرضها الحرب التجارية المتبادلة على عدد من القطاعات الصناعية.
وأوضح الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظرًا لخصوصية المناقشات، أن السلطات الصينية تفكر في إلغاء هذه الرسوم الإضافية عن المعدات الطبية وبعض المواد الكيميائية الصناعية مثل الإيثان.
كما يجري المسؤولون مناقشات حول إعفاء تأجير الطائرات من الرسوم، إذ إن شركات الطيران الصينية، على غرار العديد من شركات الطيران العالمية، لا تملك جميع طائراتها، بل تدفع رسوم تأجير لشركات طرف ثالث، وهي مدفوعات ستصبح عبئًا ماليًا لا يحتمل مع الرسوم الجديدة.
وقال "كوك هونغ وونغ"، رئيس قسم التداول المؤسسي في شركة Maybank Securities"هذه خطوة أخرى نحو تهدئة الحرب التجارية"، مشيرًا إلى أن ارتفاع مؤشرات الأسهم في هونج كونج والصين واليابان يعزى إلى هذا التقرير. وأضاف: "رغم أن معظم التوقعات لا تشير إلى حل قريب للخلافات بين واشنطن وبكين، إلا أنه يبدو أن الأسوأ قد يكون فعلاً تم تجاوزه".
وتضاهي الإعفاءات التي تدرسها الصين خطوات مماثلة من الجانب الأمريكي، إذ استثنت واشنطن مؤخرًا الأجهزة الإلكترونية من رسومها الجمركية البالغة 145% على الواردات الصينية. وتعكس هذه التراجعات مدى تشابك أكبر اقتصادين في العالم، خاصة مع تعطل بعض الصناعات الحيوية جراء تصاعد الحرب التجارية.
وقال مايكل هارت، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في الصين، خلال مؤتمر صحفي عقد في بكين يوم الجمعة: "أبلغتنا بعض الشركات العضوه لدينا بأنها استوردت شحنات خلال الأسبوع الماضي لم تُفرض عليها الرسوم الجمركية". وأضاف: "يبدو أن كلا الحكومتين تراجعان الأمور بعناية، ولا ترغبان في إيقاف عجلة التجارة تمامًا".
ورغم أن الولايات المتحدة تستورد من الصين أكثر مما تصدّره إليها، تسلط خطوة بكين الضوء على القطاعات الحيوية في الاقتصاد الصيني التي لا تزال تعتمد على السلع الأمريكية. فالصين، رغم كونها أكبر منتج للبلاستيك في العالم، تعتمد بعض مصانعها على الإيثان الأمريكي، كما تعتمد مستشفياتها على أجهزة طبية متقدمة مثل أجهزة الرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية، المصنعة من قبل شركات أمريكية مثل جنرال الكتريك لتقنيات الرعاية الصحية GE Healthcare Technologies.
وامتنعت وزارة المالية الصينية وإدارة الجمارك العامة عن التعليق على الأمر.
وتشير المصادر إلى أن قائمة الإعفاءات لا تزال قيد المراجعة، وقد لا تفضي المناقشات إلى قرارات نهائية. كما طُلب من الشركات التي تعمل في قطاعات مهددة تقديم رموز الجمارك الخاصة بالسلع الأمريكية التي تحتاج إلى إعفاء من الرسوم الجديدة. وأُبلغت شركة طيران صينية واحدة على الأقل بأن مدفوعاتها لشركات تأجير الطائرات في المناطق الحرة لن تخضع للرسوم الجديدة.
كما بدأ بعض المتداولين تداول قوائم مزعومة لرموز جمركية يُفترض أنها معفاة من الرسوم، تتعلق بمواد كيميائية رئيسية ومكونات تصنيع الرقائق الإلكترونية. ولم تتمكن "بلومبرج" من التحقق بشكل مستقل من صحة هذه القوائم.
ووفقًا لما نقلته مجلة "Caijing" يوم الجمعة عن مصادر لم تُكشف هويتها، تستعد بكين كذلك لإعفاء رسوم جمركية إضافية على ما لا يقل عن ثمانية منتجات مرتبطة بصناعة أشباه الموصلات. إلا أن هذه الإعفاءات لا تشمل في الوقت الحالي شرائح الذاكرة، في خطوة قد تُعتبر ضربة لشركة مايكرون تكنولوجي الأمريكية، ثالث أكبر منتج لذاكرة الحواسيب في العالم.
وبينما يترقب المستثمرون أي مؤشرات على انخراط الطرفين في مفاوضات لتخفيض الرسوم، فإن العلاقات الثنائية لا تزال تبدو في حالة جمود. فقد طالبت الصين، يوم الخميس، الولايات المتحدة بإلغاء جميع الرسوم الجمركية الأحادية الجانب قبل الدخول في أي محادثات تجارية. وفي المقابل، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراء اتصال مع الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ عودته إلى المنصب، لكن الأخير لم يستجب حتى الآن، مفضلاً دفع المفاوضات إلى مستويات أدنى لتسوية الخلافات.
وعلى الجانب الأمريكي، أقدمت إدارة ترامب على إعفاء الهواتف الذكية والحواسيب الإلكترونية وغيرها من الأجهزة من الرسوم الجمركية المعروفة باسم "الرسوم المتبادلة"، مما مثّل ارتياحًا كبيرًا لشركات التكنولوجيا العالمية مثل آبل وانفيديا رغم أن هذه الإعفاءات قد تكون مؤقتة. وتشمل الإعفاءات الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة والأقراص الصلبة ومعالجات الحواسيب وشرائح الذاكرة وكذلك الشاشات المسطحة.
تشهد تركيا موجة جديدة من التهافت على الذهب، حيث يقود "محبو الذهب" الأتراك فجوة متزايدة بين سعر المعدن الفعلي — الذي يعد من الأصول المفضلة للاستثمار طويل الأجل في البلاد — وأحدث الأدوات الرقمية التي تتبعه.
يجب أن تتبع شهادات الذهب المتداولة في بورصة إسطنبول من الناحية النظرية سعر 0.01 جرام من الذهب الفعلي الذي تمثله، لكن هذا الأسبوع تداولت على فارق سعري قياسي وصل إلى 21%، وفقًا لشركة الوساطة المحلية "جيديك ياتيرم". وقال المحلل البحثي بوراك بيرلانتا إن الفارق في التكلفة ناتج عن زيادة اهتمام المستثمرين منذ أوائل مارس، في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية التي دفعت بأسعار الذهب إلى الارتفاع.
تُعد تركيا واحدة من أكبر مستهلكي الذهب في العالم. وتتفوق الواردات على الإنتاج المحلي، حيث يتمتع البنك المركزي بحق تفضيلي في الشراء.
لقد جذب المشترون الشهادات التي تصدرها الدولة بفضل سهولة تداولها عبر التطبيقات المحمولة، والفروق الضيقة بين أسعار البيع والشراء، وطبيعتها المعفاة من الضرائب، بالإضافة إلى خيار تحويلها إلى سبائك ذهبية فعلية.
على عكس المشترين التقليديين الذين يتوجهون إلى الذهب الفعلي كملاذ آمن، قال بيرلانتا إن "مستثمري الشهادات هم أكثر احتمالًا أن يكونوا أفرادًا يفضلون أدوات استثمار سائلة ومنخفضة التكلفة ومعفاه ضريبيًا، مع مستوى أعلى من الثقافة المالية وتفضيل الوصول الرقمي".
وقد حاولت الحكومات مرارًا التشجيع على انتقال مدخرات المواطنين المخزنة تحت الوسائد إلى النظام المالي الرسمي. وقد تم إطلاق الشهادات في نوفمبر 2022 كبديل لتلبية هذا الطلب، الذي كان تاريخيًا يتركز في البازار الكبير في إسطنبول الذي يعود للقرن الخامس عشر.
وليس من المتوقع أن تستمر الفجوة في التكلفة بين الخيارين.
وقال جاغداس كوتشوكيميروغلو، مستشار في شركة "ميتالز فوكس" المحدودة، إن الطلب على الشهادات "يبدو مضاربيًا للغاية ويفضله المستثمرون الذين يتداولون في سوق الأسهم وليس له علاقة كبيرة بالطلب الفعلي على الذهب في السوق الأوسع". وأضاف: "العلاوة السعرية الحالية في الشهادات غير مستدامة".
قللت مديرة صندوق النقد الدولي من شأن عمل الصندوق المتعلق بقضية تغيّر المناخ، وذلك بعد أن دعا وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت المؤسسة إلى العودة لتركيزها الأساسي المتمثل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وقالت كريستالينا جورجيفا، في مؤتمر صحفي عُقد يوم الخميس خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي: "يعتقد الناس أن لدينا خبراء في المناخ — لكن ليس لدينا. هذا ليس من صميم عملنا".
وتحت قيادة جورجيفا، بدأ الصندوق في التركيز على التأثيرات الاقتصادية لتغير المناخ، متبنياً سياسة رئيسية حول هذه القضية عام 2021. وذكرت أن ذلك يأتي في إطار استجابة الصندوق لاحتياجات الدول الأعضاء وسعيه للإجابة على سؤال: "ما الذي يمكننا فعله لمساعدتهم على تعزيز قدرتهم على الصمود في وجه الصدمات؟"، مستشهدة بدول الكاريبي كمثال على اقتصادات معرضة للكوارث الطبيعية. وأضافت: "ما هي المخاطر؟ وماذا يمكن فعله لحماية ميزان المدفوعات في هذه الدول؟"
وكان بيسنت قد صرّح يوم الأربعاء بأن الصندوق "يكرّس وقتًا وموارد بشكل غير متناسب للعمل على تغير المناخ والنوع والقضايا الاجتماعية"، مشيرًا إلى أن صندوق النقد يعاني من "توسّع في المهام يتجاوز نطاق اختصاصه الأساسي".
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية في عهد الرئيس السابق جو بايدن كانت أيضًا قد وجّهت انتقادات لتركيز الصندوق المتزايد على قضايا المناخ.
وعبّرت جورجيفا يوم الخميس عن تقديرها لتعليقات بيسنت قائلة: "نثمّن بشدة صوت الولايات المتحدة"، التي تُعد أكبر مساهم في الصندوق. وأضافت: "لقد أثار بيسنت عددًا من القضايا والأولويات المهمة بالنسبة للمؤسسة".
وكان الصندوق قد أطلق منذ ثلاث سنوات آلية تمويل جديدة تُعرف بـ"صندوق الصمود والاستدامة"، تهدف إلى "مساعدة الدول على تعزيز قدرتها على مواجهة الصدمات الخارجية وضمان نمو مستدام".
وقد حصل أكثر من 20 بلدًا على تمويل من هذا الصندوق، من بينها مصر وكينيا وكوستاريكا.
وقللت جورجيفا من حجم التمويلات المخصصة لقضايا المناخ ضمن إجمالي قروض الصندوق، مشيرة إلى أن التزامات الصندوق ضمن صندوق الصمود والاستدامة بلغت نحو 12 مليار دولار، مقارنة بـ224 مليار دولار ضمن الحساب العام للموارد، وفقًا لبيانات 18 أبريل.
واختتمت قائلة: "لدينا شريحة عرض تُظهر قروض الصندوق، وتحتاج إلى عدسة مكبرة لرؤية حصة صندوق الصمود والاستدامة ضمن هذه القروض. إنها ضئيلة جدًا".
تراجعت مبيعات المنازل الأمريكية المملوكة في السابق في مارس بأكبر قدر منذ عام 2022، حيث لازال يثني المشترون ارتفاع فوائد الرهن العقاري والأسعار.
ووفقًا لبيانات "الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين" الصادرة يوم الخميس، انخفضت تعاقدات الشراء بنسبة 5.9% الشهر الماضي لتصل إلى معدل سنوي قدره 4.02 مليون وحدة، وهو الأضعف لشهر مارس منذ عام 2009، وجاء دون أغلب توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج.
وارتفع متوسط سعر البيع بنسبة 2.7% مقارنة بالعام الماضي إلى 403,700 دولار، وهو رقم قياسي لشهر مارس، ما يمدّد سلسلة الزيادات السنوية في الأسعار التي بدأت منتصف عام 2023.
ولا يزال امتلاك المنازل بعيدة المنال بالنسبة لكثير من الأمريكيين في واحدة من أسواق الإسكان الأغلى على الإطلاق ما بين ارتفاع الأسعار واقتراب معدلات الرهن العقاري من 7%. وتبدو التوقعات المستقبلية قاتمة، خاصة في ظل الرسوم الجمركية الجديدة التي من المتوقع أن ترفع تكلفة الأثاث ومواد البناء، مما سيضيف مزيدًا من الضغط على المستهلكين الذين يعانون أصلًا من الضغوط المالية.
وأشار كبير الاقتصاديين في الرابطة، لورنس يون، إلى أن ارتفاع الأسعار يرجع في معظمه إلى زيادة النشاط في مبيعات المنازل التي تفوق قيمتها مليون دولار، رغم أن وتيرة الزيادة تُعد معتدلة نسبياً مقارنة بنمو الأجور.
وبالرغم من ارتفاع الأسعار، فإن المعروض من المنازل ارتفع من مستوياته المنخفضة، إذ قفز عدد المنازل المعروضة للبيع بنسبة 19.8% على أساس سنوي ليصل إلى 1.33 مليون وحدة، وهو الأعلى لشهر مارس منذ عام 2020.
وفيما يتعلق بالتكاليف المستقبلية، قدرت "الرابطة الوطنية لشركات البناء" أن الرسوم الجمركية سترفع تكلفة البناء على المقاولين بنحو 10,900 دولار لكل منزل، وأشارت إلى أن معظم أعضائها بدأوا بالفعل بملاحظة ارتفاع أسعار الموردين. ورغم أن التأثير الأساسي سيطال المباني الجديدة والتجديدات، فإن ذلك قد يدفع مزيدًا من الطلب نحو المنازل القائمة، ما سيزيد من ارتفاع أسعارها أيضًا.
يُذكر أن مبيعات المنازل القائمة تُشكّل الغالبية من إجمالي سوق العقارات الأمريكية، ويتم احتسابها عند إتمام العقود. وكان تقرير حكومي صدر الأربعاء قد أظهر ارتفاعًا في مبيعات المنازل الجديدة الشهر الماضي، مع تعافي النشاط في جنوب البلاد من طقس سيء في وقت سابق من هذا العام.
توسع نشاط الشركات في الولايات المتحدة بأبطأ وتيرة منذ عام 2023، بينما تدهورت التوقعات بشأن الإنتاج وتصاعدت الضغوط التضخمية، في ظل تسبب الرسوم الجمركية بمزيد من التعقيدات للشركات.
انخفضت القراءة المبدئية للمؤشر المجمع للإنتاج – الذي يصدر عن "ستاندرد آند بورز غلوبال" ويقيس أداء الشركات الصناعية والخدمية – بمقدار 2.3 نقطة ليصل إلى 51.2 في أبريل، وفقاً للبيانات الصادرة يوم الأربعاء. وتشير القراءة فوق 50 إلى توسع. أما مؤشر توقعات الإنتاج المستقبلي فقد هبط 3.5 نقاط ليسجل أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2022.
وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في اس آند بي غلوبال ماركت انتليجنس ، في بيان:
"القطاع الصناعي يعاني من جمود إلى حد كبير، حيث أن أي تأثير إيجابي محتمل للرسوم الجمركية تقابله حالة من عدم اليقين الاقتصادي المتزايد ومخاوف بشأن سلاسل الإمداد وتراجع الصادرات. في الوقت نفسه، يتباطأ قطاع الخدمات بسبب ضعف نمو الطلب، لا سيما في الصادرات مثل السفر والسياحة."
وأضفى ارتفاع الأسعار مزيداً من التعقيد على المشهد؛ حيث صعد المؤشر المجمع للأسعار إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام. وتم إرجاع هذا الارتفاع إلى الرسوم الجمركية وزيادة أسعار الواردات وارتفاع تكاليف العمالة.
ورغم تراجع طفيف في مؤشر "الأسعار المدفوعة"، إلا أنه بقي عند مستويات مرتفعة مقارنة بالسنة الماضية. أما في القطاع الصناعي، فقد نمت تكاليف المدخلات بأسرع وتيرة منذ أغسطس 2022، حيث قام الموردون بتمرير زيادات أسعار ناجمة عن الرسوم الجمركية وتراجع قيمة الدولار، وفقاً للتقرير.
وأضاف ويليامسون:"الرسوم الجمركية تُعد حالياً السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى استمرار الزيادة في تكاليف الأجور، وهو ما يدفع الشركات إلى رفع أسعار بيعها بأسرع وتيرة منذ أكثر من عام."
وفي حين تحسّن نمو الطلبات في القطاع الصناعي قليلاً مقارنة بالشهر الماضي، تراجع مؤشر الأعمال الجديدة في قطاع الخدمات نقطة واحدة. أما مؤشر الأعمال التصديرية الجديدة في قطاع الخدمات، فقد سجل أكبر انكماش منذ بداية 2023. وتم جمع البيانات خلال الفترة من 9 إلى 22 أبريل.
وفي بيانات منفصلة نُشرت الأربعاء، أظهرت المبيعات الجديدة للمنازل في الولايات المتحدة قفزة خلال الشهر الماضي، مدفوعة بانخفاض ملحوظ في أسعار الفائدة على الرهون العقارية واستمرار الحوافز المقدمة للمشترين، في بداية موسم الربيع الحيوي. وكان الارتفاع مدفوعاً بشكل أساسي بالجنوب الأمريكي.