جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
ترددت أصداء أزمة الصحة العامة التي أوقد شراراتها فيروس كورونا المستجد عبر الاقتصاد الأوروبي في الربع الأول مما تسبب في إنكماش قياسي كان أشد حدة منه في الولايات المتحدة، في علامة تنذر بالشؤم للاقتصاد العالمي.
وأظهرت بيانات صدرت يوم الخميس أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو إنكمش بنسبة 3.8% مقارنة بالأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019 حيث شملت إجراءات فُرضت للحد من إنتشار الوباء إغلاق كل شيء من المدارس إلى المصانع ودور العبادة.
وإنكمش الاقتصاد بمعدل 14.4% على اساس سنوي متجاوزاً بفارق كبير إنكماش بلغ 4.8% في الولايات المتحدة خلال نفس الفترة. وهذا يعكس إلى حد كبير إجراءات عزل عام سابقة وأوسع نطاقاً في أوروبا.
وقالت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس "منطقة اليورو تواجه إنكماشاً اقتصادياً بحجم ووتيرة لم يسبق لهما مثيل في وقت السلم". "إجراءات إحتواء إنتشار فيروس كورونا أوقفت إلى حد كبير النشاط الاقتصادي".
وتعكس البيانات، بجانب أرقام جديدة اخرى من حول العالم، مدى الضرر الذي من المرجح ان يتعرض له الاقتصاد العالمي لأشهر قادمة. وتسلط البيانات الضوء على القرارات الصعبة التي تواجه صانعي السياسة الغربيين، الذين يحاول كثيرون منهم الأن إعادة فتح اقتصاداتهم وفي نفس الوقت حماية مواطنيهم من قفزات جديدة في معدلات الإصابة.
وتكشف البيانات أيضا أوجه التفاوت في الاضطرابات الاقتصادية داخل منطقة اليورو وبين اقتصادات رئيسية كبيرة مما ينذر بتوتر سياسي حتى بعد أن ينتهي الوباء. وإنكمشت دول شمال أوروبا، على سبيل المثال، بوتيرة أقل بكثير من نظرائها من الدول المطلة على البحر المتوسط.
وتنبيء حدة الإنكماش في منطقة اليورو، المؤلفة من 19 دولة تستخدم اليورو كعملة لها، بمزيد من المعاناة الاقتصادية للولايات المتحدة. فشهدت الولايات المتحدة قفزة في حالات الإصابة وتوسعت فيها إجراءات الإغلاق بعد أسابيع من حدوث نفس الأمر في الدول الأوروبية الأشد تضرراً مثل إيطاليا وإسبانيا.
وفي واقع الامر، يتوقع خبراء اقتصاديون أن يروا إنكماشاً أشد حدة في منطقة اليورو خلال الربع الثاني. وفي ظل أن القيود في عدد من الدول سيبدأ فقط تخفيفها في مايو، سيكون حجم الإنتاج المفقود في الربع الثاني أكبر منه في الربع الأول. وقالت لاجارد أن الإنكماش في الأشهر الثلاثة حتى يونيو قد يكون أكبر بحوالي أربع مرات.
ويوم الخميس، أشار البنك المركزي الأوروبي إلى إستعداده توسيع جهوده لتخفيف تأثير الأزمة الاقتصادية، بما في ذلك برنامج بقيمة 750 مليار يورو (820 مليار دولار) لشراء سندات الحكومات التي تنفق ذاتها مبالغاً طائلة لدعم اقتصاداتها.
وكانت فرنسا من بين الأشد تضرراً من إجراءات العزل العام على مستوى الدولة المعلنة يوم 17 مارس. وكان الإنكماش الاقتصادي السنوي بنسبة 21% المسجل في الربع الاول هو الأكبر منذ بدء تسجيل البيانات في 1949 مما يتجاوز الإنكماش المسجل في 1968، عندما عانى الاقتصاد من إضرابات في المصانع وإحتجاجات طلابية.
ومن المتوقع بعض التعافي في النشاط الاقتصادي لمنطقة اليورو في النصف الثاني من العام، لكن لم يعد الخبراء الاقتصاديون يتوقعون تعويض الإنتاج المفقود سريعاً. وقالت لاجارد أن خبراء البنك المركزي الأوروبي يتوقعون أن ينكمش الاقتصاد ما بين 5% و12% هذا العام.
وأحد الأمور المجهولة هو مدى سرعة عودة المستهلكين إلى أنماط السلوك الطبيعية بعد رفع القيود.
وقال أوليفير فيجنا، الخبير الاقتصادي في بنك إتش.اس.بي.سي، "الخوف من تجدد تفشي الفيروس قد يجعل الأسر أكثر حذراً".
ويبدو أن الدول الشمالية العضوه بمنطقة اليورو تكبدت تراجعات أقل حدة من نظرائها بجنوب القارة. وأعلنت النمسا إنكماشاً سنوياً بنسبة 9.6%، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي في إيطاليا بنسبة 17.6% وفي إسبانيا بنسبة 19.2%. ولن تصدر ألمانيا تقديراتها للنمو حتى منتصف مايو، لكن تشير تقديرات الخبراء الاقتصاديين أن إنكماشها سيكون أقرب للنمسا عن إيطاليا.
ويشكل هذا الإنقسام المتزايد تحدياً لبقاء اليورو على المدى الطويل، لأن هذا يغذي توترات سياسية حول كيفية تقاسم عبء مواجهة تداعيات وباء فيروس كورونا وما إذا كان يتم تقاسمه.
وفي إيطاليا، ستنخفض إيرادات الشركات بنسبة 20% هذا العام، وفقاً لشركة الاستشارات سيرفيد جروب، مع توقعات بإنخفاض إيرادات بعض القطاعات، مثل السياحة، بنسبة 75%. ووفقاً لتقديرات سيرفيد، قد يؤدي فشل الشركات في سداد خدمة ديونها إلى وصول القروض غير العاملة لدى البنك إلى 189 مليار يورو من 73 مليار يورو.
وقد يظهر أيضا تفاوت في الحظوظ الاقتصادية عالمياً. فصمد الاقتصاد الكوري الجنوبي بشكل جيد ولافت إذ عانى إنكماشاً سنوياً بنسبة 5.5% فقط في الربع الأول. وعلى خلاف أوروبا، لم تفرض كوريا الجنوبية إجراءات عزل عام واسعة النطاق، وإنما إعتمدت في المقابل على تباعد إجتماعي طوعي وفحوصات موسعة لرصد وتعقب وعزل الأشخاص المصابين.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.