جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
الأجواء قاتمة في الاتحاد الأوروبي إذ جرى تطعيم 2% فقط من سكانه ضد مرض كوفيد-19 مقارنة ب7% في الولايات المتحدة و11% في بريطانيا. وكلما تباطأ توزيع اللقاحات، كلما ستزيد حصيلة الوفيات ويتفاقم الضرر الاقتصادي .
وبالتالي أدى خبر أن أسترازينيكا، شركة تصنيع اللقاحات البريطانية السويدية، ربما تورد أقل من 40% من الجرعات التي كان يتوقعها الاتحاد الاوروبي في الربع الأول إلى إشعال موجة غضب. ووسط تبادل للإتهامات، يزعم السياسيون أنه إذا رفضت أسترازينيكا تعويض بعض العجز بإمدادات من مصانعها في بريطانيا، عندئذ يجب أن يرد الاتحاد الأوروبي بوقف الصادرات إلى بريطانيا من مصانع في بلجيكا. وهذا سيكون خطأ جسيماً. وهناك طرق أفضل أمام أوروبا لتسريع جهود التطعيم. كما يجب قيامها بشكل عاجل بجهود للتصدي لركود اقتصادي جديد.
وتعود جزئياً مشاكل أوروبا إلى سوء الحظ. فأحد اللقاحات الذي أصدرت طلبيات لشراءه تعرض لانتكاسات في التجارب السريرية. فيما شهدت لقاحات أخرى مشاكل ناشئة في الإنتاج. لكن أيضا هناك مشاكل من صنعها. فتولت المفوضية الأوروبية مسؤولية شراء اللقاحات، لكنها كانت تفتقر للخبرة والسرعة إذ وقعت صفقات بعد أشهر من بريطانيا. وإنشغلت بمفاوضات مع شركات الدواء على المساءلة القانونية والأسعار—وتلك مجرد تفاصيل في ظل وباء. والعقد مع أسترازينيكا سري، لكن يبدو أنه ينص فقط على أن تبذل الشركة قصارى جهدها لتوريد الجرعات.
ويعد تهديد شركات الدواء والدول وسيلة للتعبير عن الإحباط، لكنه ينطوي على خطورة. فإذا ما فرض الاتحاد الأوروبي حظراً على إمدادات لقاح فايزر، فإنه سيمنع البريطانيين من الحصول على الجرعة الثانية، لأن بريطانيا أجلت هذه الجرعة التكميلية. وإذا ما هددت كل دولة ضمن سلسلة الإمداد المعقدة للقاحات التجارة في كل شيء من القوارير الزجاجية المخصصة إلى السرنجات، فإنه قد تتوقف الإمدادات العالمية من اللقاحات. وسيناقض الاتحاد الأوروبي إدعاءه أنه داعم لسيادة القانون، المصدر الرئيسي والأول لسلطته. وسيكون من الأفضل له أن يركز على تذليل العقبات اللوجيستية الخاصة باللقاحات، بأن يعرض على الشركات المساعدة ويفكر في تبني الاستراتجية البريطانية من تأجيل الجرعة الثانية إلى حين تكون هناك وفرة في الإمدادات.
ويجب أيضا التعامل بشكل عاجل مع العواقب الاقتصادية لتخلف أوروبا في مساعي التطعيم. فسوف تعاني مستويات النشاط الاقتصادي في النصف الأول من هذا العام، وسيتأجل التعافي لوقت أطول. وهذا سيلحق ضرراً أكبر بالعاملين والشركات، ويثير أيضا خطر ركود يطول أمده. وقد يصبح انخفاض معدلات النمو والتضخم سمة دائمة لمنطقة اليورو، كما هو الحال في اليابان. وتشير التوقعات الجديدة لصندوق النقد الدولي أن اقتصاد منطقة اليورو سيبقى أقل 6% من معدله السائد قبل جائحة كوفيد بنهاية هذا العام. ويتوقع المستثمرون أن يقبع التضخم خلال فترة خمس سنوات عند معدل ضعيف قدره 1% أو نحو ذلك. وعلى النقيض، من المتوقع أن يعود الناتج الاقتصادي لأمريكا إلى ما كان عليه بحلول هذا الموعد، مع تضخم يزيد على 2%.
ومن المنتظر أن يكشف زعماء أوروبا عن خطط إنفاق كبيرة. فعلى الجانب الأخر من الأطلسي، يأمل البيت الأبيض بإطلاق تحفيز بحوالي تريليوني دولار مما يثير المخاوف من نمو تضخمي في وقت لاحق من العام. فيما وافق الاتحاد الأوروبي على صندوق إنقاذ اقتصادي بقيمة 750 مليار يورو (900 مليار دولار)، يتم تمويله بإصدار مشترك للديون. لكن هذا يتم صرفه بوتيرة بطيئة جداً، بالتالي لا يزال هناك تحفيز قليل جدا في منطقة اليورو. ومن المتوقع أن ينكمش عجزها المالي بأكثر من نقطتين مئويتين هذا العام، وهو ما يرجع جزئياً إلى إنتهاء إجراءات مؤقتة. ولا مغزى من الإعتماد على البنك المركزي الأوروبي للتدخل: فقد إستنفد أدواته ولديه قدرة محدودة على تحفيز الاقتصاد بشكل أكبر.
وحتى تتجنب ان تصبح يابان جديدة، لابد أن تنفق أوروبا مثلها مثل أمريكا. وهذا بدأ يتم إدراكه أخيراً. فحذر هيلجي براون، مستشار أنجيلا ميركيل، هذا الأسبوع من أن "كبح الدين" في ألمانيا، الذي يستهدف الحد من الإقتراض العام، ربما لن تتم إستعادته لسنوات. ودعا برونو لومير، وزير المالية الفرنسي، "لإعادة تقييم" قواعد الميزانية في أوروبا لأخذ الواقع في الاعتبار. ومع ذلك، الخطر هو أن تستغرق أوروبا وقتاً طويلاً للاستجابة. وتسبب بالفعل التلكؤ في إتخاذ القرار إلى بطء توزيع لقاحات في أوروبا. وهذا سيكون له ضريبة في الأرواح وسبل العيش.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.