جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
تقفز أسعار المواد الأولية التي تُستخدم في تصنيع كل شيء تقريباً، ويبدو أن هذا المسار الصعودي أخذ في الاستمرار مع عودة الحياة من جديد إلى الاقتصاد العالمي.
من الصلب والنحاس إلى الذرة والخشب، إستهلت السلع عام 2021 على مكاسب مبهرة، صاعدة إلى مستويات لم تتسجل منذ سنوات. وتهدد موجة الصعود برفع تكلفة السلع من السندويتشات إلى ناطحات السحاب البراقة. فيما تشعل أيضا المراهنات الضخمة على إنتعاش اقتصادي مصحوب بزيادات في الأسعار والتي هيمنت على الأسواق هذا العام ورفعت توقعات التضخم. ومع إنتعاش الاقتصاد الأمريكي بفضل تحفيز مالي وبدء إعادة فتح الاقتصادات في أوروبا في ظل تسارع توزيع اللقاحات، لا يوجد سبب يذكر لتوقع تغير في الاتجاه.
من جانبه، قال بنك جي بي مورجان تشيس هذا الأسبوع أنه يتوقع صعوداً مستمراً في السلع الأولية وأن "المراهنة على الإنتعاش الاقتصادي وإعادة الفتح ستستمر". بالإضافة لذلك، يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي وبنوك مركزية أخرى غير قلقين بشأن التضخم، مما يعني احتمال ترك الاقتصادات يتسارع نموها دون تدخل، الذي بدوره سيعزز الطلب بشكل أكبر.
وقال جيوفاني ستونوفو، محلل السلع لدى بنك يو.بي.إس، "أهم محركين يدعمان أسعار السلع هما تعافي الاقتصاد العالمي وتسارع في مرحلة إعادة الفتح". ويتوقع البنك أن ترتفع السلع ككل حوالي 10% في الاثنى عشر شهراً القادمة.
هذا وتلعب الصين، المصدر الرئيسي لمعروض المواد الخام والطلب عليها، دوراً كبيراً، لاسيما في وقت تحاول فيه الحكومة خفض إنتاج معادن رئيسية مثل الصلب والألمونيوم. كما تشتري أيضا كميات ضخمة من الحبوب. وتتأثر أسعار الغذاء أيضا حيث تتضرر المحاصيل من طقس سيئ تتعرض له دول زراعية رئيسية مثل البرازيل وفرنسا.
وكأي سلعة أولية رئيسية تصبح سريعاً أكثر تكلفة، هنا بعض الطرق التي بها يتردد صداها عبر العالم لخلق رابحين وخاسرين.
التحول للطاقة النظيفة
حظى النحاس بموجة صعود لم تتوقف منذ أكثر من عام بفضل تعهدات الحكومات زيادة الطاقة المتجددة وإستخدام السيارات الكهربائية. وهذا يجعل كافة الأشكال المتنوعة من التكنولوجيا النظيفة التي تعتمد عليه أكثر تكلفة بعض الشيء.
وأحد الأمثلة على ذلك شبكات الكهرباء الكبيرة. وبحسب بلومبرج إن.آي.إف، جرى إستخدام حوالي 1.9 مليون طن من النحاس لبناء شبكات كهرباء في 2020، ويرتفع سعر المعدن الأحمر أكثر من 90% في الاثنى عشر شهراً الماضية. فيما تتوقع "بلومبرج إن.إي.إف" بأن يتضاعف الإستخدام بحلول 2050، بينما سيتضخم أيضا الطلب من تقنيات أخرى أقل تلويثاً مثل السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
البائعون والمشترون
بالنسبة للدول، يعتمد تأثير صعود السلع على ما إذا كانت مصدرة أم مستوردة. فيما يخص الدول التي تعتمد بشكل مكثف على تصدير المواد الأولية، فإن القفزة في الأسعار تعد خبراً ساراً لمالياتها العامة، خاصة عندما تكون تلقت للتو ضربة من وباء يحدث مرة كل مئة عام. وتحقق دول مثل استراليا (خام الحديد) وتشيلي (النحاس) وإندونسيا (زيت النخيل) مكاسب ضخمة من السلع الأولية.
في نفس الأثناء، ربما تجد دول تسعى لإعادة بناء البنية التحتية ميزانياتها تشتري أقل من المعتاد. وكمثال على ذلك خطة الرئيس جو بايدن البالغ قيمتها 2.3 تريليون دولار. وتعد شبكات الكهرباء والسككك الحديدية وتجديد المباني من بين الأشياء على قائمة المشتريات التي ستستخدم كميات كبيرة من المعادن.
وتشير تقديرات سي.ار.يو غروب لاستشارات ان البرنامج سيضيف 5 مليون طن من الصلب إلى ال80 مليون التي تستخدمها الولايات المتحدة كل عام، مع زيادات مماثلة في الطلب على الألمونيوم والنحاس.
اللحوم
كان 2020 عاماً صعباً على تجارة اللحوم، من تفشي كارثي لكوفيد-19 إلى مرض مميت يصيب الخنازير والذي ضرب ألمانيا ويعاود الظهور في الصين.
وبينما ترتفع بحدة أسعار المحاصيل الزراعية، فإن المزارعين الذين يربون الدواجن والخنازير والماشية يكونون من بين أول المتضررين من الزيادة المرتفعة في أسعار الحبوب. وتضاعفت تكاليف الذرة التي يتم إطعامها للماشية في العام المنقضي، فيما زاد سعر كسب الفول الصويا بأكثر من 40%. وبينما يتأخر إنتقال الزيادة في الأسعار إلى سلاسل مطاعم البرجر أو اللحوم بوجه عام، بيد أنه توجد دلائل بالفعل على تسلل الأسعار لأعلى.
مصانع الصلب
عانى منتجو الصلب في أوروبا وأمريكا لسنوات من انخفاض الأسعار الناتج عن الطاقة الإنتاجية العالمية الزائدة عن الحد.
وكافحت المصانع لتحقيق أرباح وأصبح الأمن الوظيفي مبعث قلق مستمر. هذا وفُقد ما يزيد على 85 ألف وظيفة في قطاع الصلب في الاتحاد الأوروبي بين 2008 و2019، وفقاً لاتحاد صناعة الصلب يوروفير Eurofer.
لكن تغير كل هذا بشكل كبير بفضل إنتعاش أسعار الصلب. فحطمت الأسعار في الصين، المنتج الأكبر إلى حد بعيد، أرقاماً قياسية—بل حتى فاقت الزيادات في المكون الرئيسي خام الحديد—حيث إتخذت الحكومة إجراءات لكبح الإنتاج. وهذا سرع صعود الأسعار القياسية في أوروبا وأمريكا، التي فيها عملت المصانع بطاقتها القصوى حيث تحاول تلبية طلب مرتفع على غير المتوقع.
موائد الفطار
سواء إن كنت تفضل الاتيه أو الإسبريسو، مُحلى بالسكر أو سادة، فإن المكونات الرئيسية لفنجان القهوة قد زادت بحدة. فارتفعت العقود الاجلة للبُن العربي حوالي 35% في الأشهر الاثنى عشر الماضية، فيما صعد أيضا السكر الخام. وإن كنت ترغب في شريحة خبز محمص فلك أن تعلم أن العقود الاجلة القياسية للقمح سجلت أعلى مستوى منذ 2013.
وبالطبع لا ينعكس على الفور ارتفاع تكاليف السلع الأولية على سعر سلع البقالة وقوائم الطلبات في المقاهي. فهي تمثل جزءاً فقط من التكاليف على متاجر التجزئة، التي غالباً ما تمتص الزيادة المبدئية للحفاظ على قدوم الزبائن. لكن هناك حد أقصى لمدى التضحية بهامش الربح، وقد تصل في نهاية المطاف الأسعار المرتفعة إلى المستهلك.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.