جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
رفعت الصين النقاب عن قواعد تنظيمية شاملة تحكم بيع شركات الدولة أسهمها في الخارج، متخذة أول خطواتها الكبيرة نحو تشديد الرقابة على الطروحات الدولية في أعقاب إدراج مثير للجدل لشركة ديدي جلوبال.
وأثارت القواعد التنظيمية، التي أصدرتها الهيئة المعنية بالرقابة على الأوراق المالية للدولة ووزارة التجارة والهيئة العليا للتخطيط الاقتصادي، مزيداً من الضبابية حول حظوظ إكتتابات عامة أولية في الخارج التي كانت تمضي فعلياً دون عائق على مدى عقدين من الزمان.
وانخفض مؤشر "ناسدك جولدن دراجون" لشركات الصين المدرجة في البورصة الأمريكية 1.1% في ساعات الليل رغم تسجيل الأسهم الأمريكية أعلى مستوى جديد لها على الإطلاق، بينما نزل مؤشر هانج سينج لشركات التقنية 1.6% في تداولات هونج كونج اليوم الثلاثاء، متأثراً بخسائر في أسهم تينسنت هولدينجز وميتوان.
وقالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح ووزارة التجارة في بيان مشترك يوم الاثنين أن الشركات الصينية العاملة في صناعات محظور عليها الاستثمار الأجنبي ستحتاج إلى طلب إعفاء من قائمة سلبية قبل المضي في طروحات أسهم. وسيكون محظوراً على المستثمرين الأجانب في هذه الشركات المشاركة في الإدارة ويكون الحد الأقصى لإجمالي ملكيتهم 30%، مع عدم إحتفاظ مستثمر واحد بأكثر من 10%، بحسب القائمة المُحدثة اعتباراً من الأول من يناير.
في نفس الأثناء، إقترحت اللجنة التنظيمية للاوراق المالية في الصين يوم الجمعة أن تكون كل الشركات الصينية التي تسعى إلى القيام بطروحات عامة أولية ومبيعات أسهم إضافية في الخارج ملزمة بالتسجيل لديها. وأي شركة قد يشكل إدراجها تهديداً للأمن القومي سيتم منعها من المضي قدماً.
ويمثل هذا التعديل خطوة كبيرة إتخذتها بكين لتشديد الرقابة على إدراجات الأسهم في الخارج، بعد أن مضت شركة إستدعاء سيارات الأجرة العملاقة ديدي جلوبال في إكتتابها العام ببورصة نيويورك رغم المخاوف التنظيمية حول أمن بياناتها. ورغم أن الجهات التنظيمية لم تصل إلى حد حظر الطروحات العامة الأولية للشركات التي تستخدم ما يعرف بهيكل الكيانات ذات المصلحة المتغيرة VIE، إلا أن القواعد الجديدة ستجعل العملية أكثر صعوبة وباهظة.
وهذا يعني أن الشركات الصينية التي تسعى لإدراج أسهمها في الخارج من خلال هيكل الكيانات ذات المصلحة المتغيرة ربما تحتاج لإتمام إجراء الإمتثال مع وزارتي التجارة والتخطيط الاقتصادي بالإضافة إلى مراجعة الأمن السيبراني، قبل الحصول على الموافقة بموجب عملية التسجيل المقترحة من الهيئة التنظيمية للأوراق المالية، بحسب ما قاله وينستون ما، الأستاذ المساعد في كلية الحقوق بجامعة نيويورك ومؤلف كتاب "الحرب الرقمية—كيف تشكل قوة الصين في التكنولوجيا مستقبل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والفضاء الإلكتروني".
وتشير المراسيم الجديدة حول الكيانات ذات المصلحة المتغيرة والإدراجات إلى أن جهود الصين الرامية إلى كبح جماح قطاع الإنترنت الضخم لديها لا تهدأ. فبعد التضييق على مجالات من التجارة الإلكترونية إلى التكنولوجيا المالية، والتعليم عبر الإنترنت وألعاب الفيديو والمحتوى الإلكتروني، تحولت أنظار بكين إلى المخاطر التي تشكلها شركات التقنية الناشئة أثناء سعيها للحصول على رأس مال أجنبي في محاولة منها للتوسع. وبالإضافة إلى القواعد الجديدة حول الكيانات ذات المصلحة المتغيرة، كانت إقترحت في السابق الجهات التنظيمية أن تخضع الشركات التي لديها مليون مستخدم على الاقل لمراجعة الأمن السيبراني قبل طرح أسهمها في الخارج.
لطالما كانت الكيانات ذات المصلحة المتغيرة مبعث قلق دائم للمستثمرين الدوليين. فرغم أن صاحبة الريادة لهذا النوع من الكيانات كانت شركة "سينا كورب" من خلال طرحها العام الأولي في عام 2000، بدأت الجهات التنظيمية للتو تعترف بوجود هذه الكيانات من خلال سلسلة من التصريحات وقواعد جديدة على مدى العام الماضي، لكن لازال غير واضح إذا كانت بكين تعتبرها قانونية.
بالرغم من ذلك، مكّن هيكل الكيانات ذات المصلحة المتغيرة الشركات الصينية من الإلتفاف على القواعد الخاصة بالاستثمار الأجنبي في قطاعات حساسة من بينها صناعة الإنترنت. فمن خلال هذه الهيكليات، يمكن لشركة صينية أن تحول أرباح إلى كيان في الخارج—مسجل في أماكن مثل جزر كايمان أو جزر العذارى البريطانية—مع أسهم يمكن للمستثمرين الأجانب أن يمتلكوها. وربما تجعل الأن القواعد الجديدة ذلك غير ممكن لأن أي إدراج غير مباشر سيخضع أيضا للرقابة.
ووفق وزارة التجارة أو اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، تسري الاشتراطات على إدرجات الاسهم الجديدة ولن تؤثر على ملكية الأجانب للشركات المقيدة بالفعل في بورصات أجنبية.
ويأتي كل هذا في إطار حملة مستمرة منذ عام لكبح النمو الفائق لقطاع الإنترنت في الصين وما تسميه بكين بالتوسع "المتهور" لرأس المال الخاص. فمن شأن كبح الكيانات ذات المصلحة المتغيرة من إدراج أسهمها في الخارج أن يسد ثغرة إستغلتها شركات التقنية العملاقة على مدى عقدين من علي بابا جروب هولدينج إلى تينسنت لتفادي القيود على الاستثمار الأجنبي وإدراج أسهم في الخارج.
وبعد أيام من طرح عام أولي ضخم لشركة ديدي جمعت من خلاله 4.4 مليار دولار، صدمت الصين المستثمرين في يوليو بإعلان أنها تحقق مع الشركة وأمرت بحذف خدماتها من متاجر التطبيقات الصينية، مما تسبب في تهاوي أسهم شركة إستدعاء سيارات الاجرة. وأعلنت ديدي في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستسحب أسهم شهادات الإيداع الأمريكية الخاصة بها من بورصة نيويورك وتسعى إلى إدراج في هونج كونج.
وهبط سهم ديدي 5.4% في التداولات الأمريكية اليوم الاثنين بعد أن نشرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الشركة منعت الموظفين الحاليين والسابقين من بيع أسهمهم لأجل غير مسمى.
ويقابل هذا التدقيق المتزايد من جانب الهيئات التنظيمية الصينية تحركاً مماثلاً من نظرائها الأمريكية. فأعلنت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية هذا الشهر أن خطتها النهائية لتقديم قانون جديد يلزم الشركات الأجنبية بفتح دفاترها للتدقيق الأمريكي وإلا تجازف بشطبها من بورصة نيورك وبورصة ناسدك في غضون أيام. والصين وهونج وكونج هما فقط اللذان يرفضان السماح بأعمال تدقيق في شركاتهما رغم إشتراط واشنطن ذلك منذ 2002.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.