جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
يطرح رفض البرلمان البريطاني لإتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي بأغلبية ساحقة سؤالا مؤرقا لبقية دول الاتحاد الأوروبي: هل كانوا ناجحين في التفاوض على رحيل المملكة المتحدة عن التكتل؟.
في أواخر العام الماضي، إحتفى الأعضاء السبع وعشرين الأخرين بالاتحاد الأوروبي في بروكسل بإتفاق لبى كافة أهدافهم التفاوضية تقريبا. فقد وافقت بريطانيا على دفع فاتورة إنفصال كبيرة وحماية مواطني الاتحاد الأوروبي داخل بريطانيا وضمان ألا تكون هناك حدود فاصلة بين الأيرلنديتين وعدم المطالبة بتعاملات تجارية تضاهي ما تتمتع به دولة عضوه بالاتحاد.
وكانوا ناجحين إلى حد جعل المشرعين البريطانيين غير قادرين على قبول الاتفاق. وصوت البرلمان يوم الثلاثاء بالرفض بأغلبية 432 صوتا مقابل تأييد 202.
وهذا يعيد فتح نقاشا صعبا كانت تآمل الحكومات تفاديه حول ما هي التنازلات الجديدة، إن وجدت، التي يقدموها لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بدون تهديد وحدة التكتل.
ومن شأن الفشل في التحرك ان يترك بريطانيا تتجه نحو الخروج بدون اتفاق يوم 29 مارس. وهذا سيترك الاتحاد الأوروبي باقتصاد هش على نحو متزايد لمنطقة اليورو ويقدم للزعماء فاتورة كبيرة لتمويل ميزانية الاتحاد الاوروبي ويدع التكتل في مواجهة خيارات مؤرقة حول كيفية تفادي ان تظهر حدود فاصلة في جزيرة أيرلندا.
ويصر مسؤولون أوروبيون أنه لا توجد خطة بديلة تم مناقشتها في الأسابيع الأخيرة، وكانت الرسالة المتكررة من باريس وبرلين وبروكسل ان اتفاق الخروج الذي صدقت عليه ماي وزعماء الاتحاد الأوروبي في نوفمبر هو الأفضل والاتفاق الوحيد الممكن. وأكد زعماء الاتحاد الأوروبي ذلك بعد التصويت حيث قال جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية إن اتفاق نوفمبر هو "السبيل الوحيد لضمان خروج مرتب" من الاتحاد الاوروبي مضيفا ان "الوقت أوشك على النفاد".
وقال دبلوماسيون أوروبيون إن الكرة حاليا في ملعب ماي وسيستمر المسؤولون الأوروبيون في الإنصات. وأمام الزعيمة البريطانية بضعة أيام تقرر خلالها كيف ستمضي قدما في البرلمان. وقالت ماي إنها ستكشف عن خططها يوم الاثنين.
ومع ذلك يقر مسؤولون إنهم لابد ان يناقشوا الخطوات التي من الممكن ان يعرضها الاتحاد الأوروبي على ماي ويرى بعض المسؤولين إنه من المستحيل إستبعاد ما يبقى حتى الأن خطا أحمر للتكتل ألا وهو إعادة فتح إتفاقية الخروج الملزمة قانونيا التي تحدد شروط إنسحاب بريطانيا وتشكل صميم الاتفاق.
ولكن المجال لتقديم تنازلات محدود للغاية ويعتمد بشكل كبير على ان تظهر ماي للشركاء الأوروبيين إنها قادرة على كسب تأييد للاتفاق في الداخل. وبعد تصويت البرلمان، هذا يبدو صعبا.
وقال أحد الدبلوماسيين "يجب ان نعرف هل بوسعها الحصول على تأييد من البرلمان على أي شيء تفعله بعد ذلك".
وكان من شأن نتيجة أكثر تقاربا يوم الثلاثاء ان يجعل من الأسهل على الاتحاد الأوروبي ان يتوحد حول مجموعة من التعديلات المحدودة لاتفاق الخروج من أجل مساعدة ماي. وقال مسؤولون أوروبيون أيضا ان أي تغيير كبير في الخطوط الحمراء التفاوضية للبريطانيين قد يترتب عليه تحول أكبر من جانب الاتحاد الأوروبي، لكن لم ترد علامة على هذا من ماي يوم الثلاثاء.
وفي الأسابيع الأخيرة، تفاوتت نبرة الرسائل القادمة من عواصم الاتحاد الأوروبي إلى صناع السياسة البريطانيين ، لكن لم يتغير المضمون. فأصر مسؤولون فرنسيون ان اتفاق نوفمبر ليس مطروحا للتفاوض بينما بدا ان المسؤولين الألمان أكثر قلقا بشأن العواقب الإستراتجية لإنفصال مرير. وأشار وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير الاسبوع الماضي إنه يشعر بألم بريطانيا، قائلا على تويتر ان الاتحاد الأوروبي "يجب ان ينتظر بصبر" حتى ينتهي ما وصفه "بالصراع الملحمي للشعب البريطاني" حول البريكست.
ويكمن صلب المشكلة في شبكة الأمان الخاصة بالحدود الأيرلندية، التي تضمن في اتفاق نوفمبر تجنب حدود فاصلة بين أيرلندا الشمالية، الذي هو جزء من بريطانيا، وجمهورية أيرلندا.
وتعمل شبكة الأمان بإبقاء بريطانيا داخل اتحاد جمركي مع التكتل إذا فشل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد موعد الانفصال في التوصل لاتفاق اتجاي. وهذا أثار غضب المؤيدين للخروج الذين يقولون انه هذا يمنع بريطانيا من إنتهاج سياسة تجارية مستقلة ويبقى الدولة ملتزمة بقواعد اقتصادية كثيرة للاتحاد الأوروبي.
وقد يعني أي مسعى من الاتحاد الأوروبي لتخفيف شبكة الأمان التخلي عن الحكومة الأيرلندية وتفكيك ركيزة أساسية للإستراتجية التفاوضية للاتحاد الاوروبي مع بريطانيا. ويخشى مسؤولون أوروبيون أن يؤدي هذا إلى تشجيع المشرعين البريطانيين على المطالبة بتنازلات إضافية.
ولكن الفشل في إيجاد مخرج من هذه المشكلة سيضمن بشكل شبه أكيدعودة حدود فاصلة بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا بعد ان تغادر بريطانيا.
ومن بين الخيارات تمديد الموعد النهائي للإنفصال وهو شيء لابد ان تطالب به ماي ولابد ان يوافق عليه الدول السبع وعشرين الأخرين. وأصبح ألتماير يوم الاربعاء أحدث مسؤول أوروبي يقول إن هذا أمر ممكن مشيرا انه سيكون "طلبا معقولا".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.