جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
تخلى المستثمرون عن السندات والأسهم التركية يوم الأربعاء بعدما دبرت الدولة شحا في العملة لمنع إنزلاق الليرة قبل أيام فقط من انتخابات ستختبر مدى تأييد حكم الرئيس رجب طيب أردوجان.
وقفزت تكلفة إقتراض الليرة لليلة واحدة في سوق المبادلات الخارجي Offshore Swap Market لتتجاوز 1.000% في وقت ما يوم الاربعاء لأن البنوك المحلية تحت ضغط لعدم تقديم سيولة لمديري الصناديق الأجانب الذين يريدون المراهنة على انخفاض الليرة. وقال مسؤول بالحكومة إن تلك الإجراءت مؤقتة.
وهذا أجبر المستثمرين الذين يريدون التخارج من مراكزهم في الليرة للقيام في المقابل ببيع أصول تركية أخرى للحصول على سيولة نقدية يحتاجونها لإغلاق تلك المعاملات. وقفز عائد السندات التركية لآجل عامين فوق 20% ومنيت الأسهم بأكبر خسارة منذ يوليو 2016. وقال مديرو صناديق من بينهم "دايوا اس.بي إنفيسمنتز" الياباني إنهم يعيدون النظر في استثماراتهم في الدولة.
وقال جوليان ريمر، المتعامل لدى إنفستيك بنك في لندن، "لم أشهد أبدا تحرك كهذا خلال 21 عاما أراقب فيها السوق ". وأضاف "هذا يعادل تضحية بالواقعية الاقتصادية على المدى الطويل لصالح مصلحة سياسية قصيرة الآجل. مثل تلك التكتيكات ستجعل كثير من المتعاملين يشككون في جدوى الاستثمار في الليرة".
وبتدبير وضع فيه لا يمكن للمستثمرين التخارج من الليرة بسهولة، تفادت السلطات لتركية إنهيار للعملة قبل تصويت يوم 31 مارس الذي سيقرر من سيحكم المدن التركية. وهذا في صالح أردوجان، الذي يواجه بالفعل ركودا اقتصاديا وزيادة حادة في التضخم وأحزاب معارضة تحاول تقويضه. لكن يأتي بثمن إلحاق الضرر بالمستثمرين الذين تحتاج إليهم تركيا لتمويل ديون بالعملة الأجنبية قيمتها 177 مليار دولار مستحقة خلال الاثنى عشر شهرا القادمة.
وهبط مؤشر الأسهم الرئيسي لتركيا 5.7% ماحيا كافة مكاسبه تقريبا في 2019. وارتفع عائد السندات لآجل عامين 47 نقطة أساس إلى 20.45% كما قفزت تكلفة تأمين الديون التركية من خطر التخلف عن السداد.
وحتى الليرة، التي صعدت يومي الاثنين والثلاثاء، لم تسلم من موجة البيع إذ هبطت 1.7% حيث أقبلت الشركات المحلية والأفراد على شراء الدولار، وفقا لاثنين من تجار العملة اللذين رفضا نشر أسمائهما. وفي علامة على مدى التشاؤم لدى الأتراك تجاه مستقبل عملتهم، بلغت مدخرات الأسر والشركات بالدولار واليورو أعلى مستوى على الإطلاق.
وأكد مسؤولون أتراك يوم الاربعاء إن الأجانب يكافحون للتخارج من مراكز الليرة. وقال مسؤول كبير إن تلك الإجراءات تؤيدها الحكومة وإنها ليست دائمة. وقال المسؤول الذي رفض نشر اسمه لأنه لايحق للموظفين العمومين الحديث لوسائل الإعلام إن صانعي السياسة ملتزمون تجاه تداول العملة تداولا حرا، إلا ان الجهات التنظيمية ستتحرك لمنع أي انخفاض زائد حتى بعد الانتخابات.
وبدأت الإضطرابات أواخر الاسبوع الماضي عندما هوت الليرة 5.1% في جلسة واحدة يوم الجمعة بعد أشهر من الهدوء النسبي. وجاء البيع في أعقاب رسالة بحثية من بنك جي بي مورجان أوصى فيها المستثمرين ببيع الليرة.
ومثل ذلك تحولا لافتا لأن الليرة كانت قد أصبحت مفضلة للمتعاملين في سوق العملة منذ ان رفع البنك المركزي أسعار الفائدة إلى 24% سبتمبر الماضي. لكن قبل أسبوع فقط على الانتخابات، أثارت توصية البيع ردة فعل صارمة من السلطات التركية، التي إتهمت البنك الذي مقره نيويورك بتقديم نصيحة "مضللة" بهدف إثارة المضاربات. وحتى أردوجان حذر يوم الأحد من ان المصرفيين الذين يعتبرون مسؤولين عن المضاربة ضد العملة سيعاقبون.
وزادت التهديدات إصرار صناديق التحوط الأجنبية على التخارج من الدولة، فقط ليجدوا البنوك التركية التي يتعاملون معها عادة لا ترغب في توفير السيولة النقدية. وحتى قبل التطورات الأخيرة، فرضت تركيا قيدا الصيف الماضي على حجم السيولة التي يمكن للبنوك ان تقدمها لأطراف أخرى في الخارج عند 25% من الحقوق، في خطوة هدفت إلى منع هجمات بغرض المضاربة على الليرة.
وفي مؤشر على مدى سوء شح السيولة، قفزت تكلفة إقتراض الليرة لليلة واحدة في السوق الخارجية أكثر من 40 ضعفا على مدى الأيام الثلاثة الماضية لتصل إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية لتركيا في 2001. ولذلك لا تقدم مكاسب الليرة هذا الأسبوع ارتياحا للمستثمرين الذين لديهم مراكز شراء حيث ان ارتفاع أسعار فائدة التمويل بالنقد الأجنبي من المرجح ان يمحو أي أموال ربما يجنوها بإغلاق تلك المعاملات.
ويخوض أردوجان، الذي أدى اليمين يونيو الماضي بصلاحيات تنفيذية واسعة، حملة دعاية عبر أنحاء الدولة لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يواجه سباقات ساخنة على المجالس المحلية في العاصمة أنقرة والمركز التجاري إسطنبول عطلة نهاية هذا الاسبوع. وهذا بشكل تهديدا على قبضة الحزب المستمرة منذ ربع قرن على المدينتين.
وكان أحد الأسباب وراء إنقلاب المستثمرين فجأة على الليرة الاسبوع الماضي هو بيانات كشفت ان البنك المركزي سحب مليارات الدولارات من احتياطي النقد الأجنبي في مارس مما أثار تكهنات إنه يستخدمها في دعم الليرة قبل الانتخابات لتفادي تقلبات مشابهة لما حدث العام الماضي.
وقال بعض المحللين والمستثمرين، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم خشية التنكيل بهم من السلطات التركية، إن الليرة أصبحت عملة صعب جدا التداول عليها وربما يكون المستثمرين أقل ميلا للاستثمار في تركيا في المستقبل.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.