
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
يختتم الدولار الأمريكي ثاني أفضل أشهر له هذا العام، في وقت يربك فيه غياب البيانات الاقتصادية الرسمية التوقعات بشأن الاقتصاد الأمريكي ومسار سعر الفائدة الاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع مؤشر بلومبرج للدولار لليوم الثالث على التوالي يوم الجمعة، ليُسجّل مكاسب شهرية في أكتوبر بنسبة 1.6%. وحصل الدولار على دفعة إضافية هذا الأسبوع بعد أن صرّح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بأن خفضاً إضافياً للفائدة هذا العام ليس مضموناً على الإطلاق.
وفي المقابل، تراجعت عملات الاقتصادات المتقدمة الأخرى — مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني — تحت وطأة مشكلاتها الداخلية.
وقالت جياتي بهارادواج، المحللة الاستراتيجية في تي دي سيكيوريتيز: “نتوقع أن يستمر صعود الدولار لفترة أطول قليلاً في ظل غياب البيانات الأمريكية المهمة، وتركيز الأسواق على التطورات العالمية.”
وأضافت: “هناك مخاوف مالية وانتخابية عديدة تبدأ من فرنسا ثم اليابان ثم المملكة المتحدة.”
شهد هذا العام أداءً ضعيفاً بشكل عام لعملة الاحتياط العالمي، إذ سجّل مؤشر الدولار أسوأ أداء له في النصف الأول من العام منذ عام 1973، بعدما تسببت السياسات الجمركية الأمريكية في صدمات عنيفة بسوق العملات الأجنبية الذي تبلغ تعاملاته نحو 9.6 تريليون دولار يومياً. ومع ذلك، فإن الارتفاع الأخير هذا الشهر قلّص خسائر الدولار السنوية إلى أقل من 7%.
لكن إغلاق الحكومة الفيدرالية الأمريكية — الذي دخل يومه الحادي والثلاثين — منح الدولار دفعة دعم جديدة، خصوصاً في ظل غياب الوضوح بشأن موعد صدور البيانات الاقتصادية الرئيسية قبل اجتماع الفيدرالي المقبل في ديسمبر.
وقال بارش أوبادهيايا، مدير استراتيجيات الدخل الثابت والعملات في شركة بايونير إنفستمنتس: "إن غياب البيانات الأمريكية جعل من الصعب على المستثمرين تحديد اتجاه الاقتصاد الأمريكي،" مضيفاً أنه يرى مؤشرات على أن الاقتصاد الأمريكي سيبلغ قاعه في الربع الرابع مع وجود مخاطر إيجابية للنمو خلال عام 2026.
وفي تحول لافت في الموقف، غيّر بعض المتعاملين المتشائمين تجاه الدولار رؤيتهم؛ إذ أعلن محللو مورجان ستانلي يوم الخميس تحولهم إلى موقف محايد من العملة الأمريكية، مشيرين إلى صمود النمو الأمريكي وزيادة محتملة لتسعير الحد الأدنى لسعر فائدة الفيدرالي، ولم يعودوا يوصون بمراكز شراء اليورو أو الين مقابل الدولار.
وفي أوروبا، تواجه الحكومة البريطانية مخاطر رفع الضرائب على الدخل لسد العجز المتزايد في المالية العامة، فيما أدت الأزمات المالية في فرنسا إلى قيام وكالتي فيتش وستاندرد آند بورز بخفض التصنيف الائتماني السيادي للبلاد.
أما في اليابان، فقد أمرت رئيسة الوزراء الجديدة، سناي تاكايتشي، بإطلاق حزمة اقتصادية لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، ما ساهم في تراجع الين مع توقعات المستثمرين بزيادة الإنفاق الحكومي.
في الوقت نفسه، خفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، بما يتماشى مع التوقعات، في حين أبقى كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان على أسعار الفائدة دون تغيير هذا الأسبوع.
وانخفض اليورو إلى أدنى مستوياته منذ أوائل أغسطس ليتداول قرب 1.1540 دولار يوم الجمعة، فيما هبط الجنيه الإسترليني إلى أضعف مستوى له منذ أبريل.
أما الين الياباني، فقد تراجع إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ فبراير، نتيجة غياب إشارات تشديد نقدي من بنك اليابان.
وكانت عملات آسيا من بين الأسوأ أداءً أمام الدولار هذا الشهر، حيث تصدر الين الخسائر بهبوط يقارب 4% أمام العملة الأمريكية.
كما تراجع الوون الكوري الجنوبي، أحد العملات الأكثر تأثراً بالمخاطر في المنطقة، بأكثر من 1.7%، متأثراً بمخاوف حول تعهد سول باستثمار 350 مليار دولار في الولايات المتحدة، ما أضعف معنويات المستثمرين.
كتب كلاوديو بيرون، استراتيجي الدخل الثابت في الأسواق الناشئة الآسيوية لدى بنك أوف أمريكا، في مذكرة بحثية أن "تغيرات أسعار الفائدة القصيرة الأجل تبدو العامل الأبرز وراء ضغوط تراجع العملات الآسيوية، إذ قامت البنوك المركزية في آسيا بخفض أسعار الفائدة بوتيرة أكثر جرأة مقارنة بالاحتياطي الفيدرالي."
وأضاف أن المتداولين يتوقعون مزيداً من المكاسب للدولار الأمريكي مع اقتراب نهاية العام واستمرارها في أوائل عام 2026. فقد وصلت عقود "خيارات الانحراف في المخاطر" لمدة شهر على مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياتها المتفائلة منذ منتصف أكتوبر، في حين تشير عقود الانحراف لمدة ثلاثة أشهر أيضاً إلى توقعات بمزيد من القوة للعملة الأمريكية.
قال جيف شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، إنه صوّت ضد قرار البنك المركزي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة هذا الأسبوع، معبّراً عن قلقه من أن النمو الاقتصادي والاستثمارات قد يفرضان ضغطاً صعودياً على التضخم.
وأوضح شميد في بيان صدر يوم الجمعة: "وفقاً لتقييمي، فإن سوق العمل متوازن إلى حد كبير، والاقتصاد لا يزال يتمتع بزخم جيد، بينما يظل التضخم مرتفعاً للغاية."
وكان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي قد صوتوا يوم الأربعاء على خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، وهو الخفض الثاني خلال شهرين، في محاولة لدعم سوق العمل الذي يُظهر علامات تباطؤ.
وقال رئيس الفيدرالي جيروم باول عقب القرار إن خفضاً إضافياً في اجتماع ديسمبر – رغم توقعات الأسواق بذلك – ليس مضموناً بعد، مشيراً إلى أن بعض زملائه يبقون قلقين من مخاطر التضخم.
وبحسب بيانات وزارة العمل الصادرة في وقت سابق من الشهر، فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 3% على أساس سنوي حتى سبتمبر، ويبقى التضخم فوق مستهدف الفيدرالي البالغ 2% لأكثر من أربع سنوات.
وأكد شميد أن الشركات في منطقته لا تزال تعاني من ارتفاع التكاليف، مضيفاً أن السياسة النقدية ينبغي أن تتخذ موقفاً كابحاً للطلب المتزايد.
وقال شميد: "لا أعتقد أن خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس سيكون له تأثير كبير في معالجة الضغوط على سوق العمل، التي تنشأ في الأغلب من تغيرات هيكلية في التكنولوجيا والديموغرافيا،"
"لكن هذا الخفض قد يُحدث تأثيرات طويلة الأمد على التضخم إذا بدأ التشكيك في التزام الفيدرالي بمستهدف التضخم البالغ 2%."
وأضاف شميد أن السياسة النقدية حالياً ليست تشددية إلا بدرجة محدودة، مشيراً إلى أن أوضاع الأسواق المالية لا تزال ميسّرة نسبياً.
ويُعدّ هذا الموقف أول اعتراض رسمي لشميد منذ انضمامه إلى الاحتياطي الفيدرالي عام 2023، حيث أصبح عضواً مصوّتاً في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية هذا العام.
كما خالف محافظ الفيدرالي ستيفن ميران التوجه العام في اجتماع هذا الأسبوع، إذ فضّل خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية بدلاً من ربع نقطة.
استقر الذهب قرب مستوى 4000 دولار للأونصة، إذ وازن المتعاملون بين الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين وبين استمرار المخاوف من المنافسة طويلة الأمد بين أكبر اقتصادين في العالم.
وقد قلّص الذهب في المعاملات الفورية خسائره بعدما تراجع بما يصل إلى 0.9% خلال التعاملات الآسيوية يوم الجمعة. ودعا الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى ضرورة ضمان استقرار سلاسل التوريد، في أول تصريح علني له بعد لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبدو أن المحادثات بين الزعيمين قد أنهت مؤقتاً شهوراً من التصعيد والمواجهة، غير أن الهدنة لمدة عام يُرجَّح أن تكون مجرد استراحة تهدف إلى استقرار العلاقات مؤقتاً، مع منح الجانبين فرصة لتقليص اعتمادهما الاستراتيجي المتبادل. كما أبرز هذا الانفراج تعاظم النفوذ الاقتصادي للصين منذ الولاية الأولى لترامب، وهو تحول يزيد من جاذبية الأصول الآمنة مثل الذهب.
ويتجه الذهب لتحقيق تراجع أسبوعي ثانٍ، منخفضاً بنحو 8% عن مستواه القياسي الذي تجاوز 4380 دولاراً للأونصة في 20 أكتوبر. وقد ساهم في هذا التراجع مؤخراً تراجع توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بعدما حذر رئيسه جيروم باول المستثمرين من المبالغة في الرهان على خفض جديد في ديسمبر، وذلك عقب خفض بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الأربعاء.
كما أن التخارج من صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETFs) أزاح جزءاً من الدعم الذي كان يغذي موجة الصعود الحادة الأخيرة. إذ تراجع إجمالي حيازات الذهب في تلك الصناديق لمدة ستة أيام متتالية حتى الأربعاء، في أطول سلسلة انخفاض منذ أبريل، بحسب بيانات جمعتها بلومبرج.
وقال روبرت ريني، محلل السلع في بنك ويستباك، إن “مزيجاً من الخفض الحذر للفائدة، والهدنة في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، إلى جانب التدفقات الخارجة الكبيرة من صناديق الذهب، كلها عوامل تعزز المزاج التصحيحي في السوق”، مضيفاً أن الذهب قد يتراجع نحو مستوى 3750 دولاراً للأونصة.
ورغم هذا التراجع الأخير، فإن الذهب ما زال مرتفعاً بأكثر من 50% منذ بداية العام، مدعوماً من تحرك المستثمرين لحماية محافظهم من المخاطر، إضافةً إلى تسارع وتيرة مشتريات البنوك المركزية، وفق تقرير مجلس الذهب العالمي الصادر يوم الخميس. وبيّن التقرير أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب زادت بنسبة 28% في الربع الثالث مقارنة بالربع السابق، لتُنهي بذلك اتجاهاً هبوطياً استمر في وقت سابق من العام.
وانخفض الذهب الفوري بنسبة 0.6% إلى 4,001.63 دولار للأونصة بحلول الساعة 9:50 صباحاً بتوقيت لندن، فيما ارتفع مؤشر بلومبرج للدولار بنسبة 0.2%. كما تراجعت أسعار الفضة والبلاتين والبلاديوم جميعها.
وقال نيك تويدال، كبير محللي الأسواق في AT Global Markets بسيدني، إن "حالة من عدم اليقين بدأت تتسلل مجدداً إلى الأسواق بعد إعلان الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ما قد يدفع المتعاملين إلى الشراء عند التراجعات ودعم الذهب خلال ما تبقى من العام"، مضيفاً أن "التصحيح الأخير في أسعار المعدن ربما يكون قد بلغ مداه."
أبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثالثة على التوالي، في ظل استقرار التضخم واستمرار نمو الاقتصاد.
وأبقى البنك سعر الفائدة على الودائع عند 2% يوم الخميس — وهو ما كان متوقعًا من جميع المحللين الذين شملهم استطلاع أجرته بلومبرج. وواصل صناع السياسة النقدية الامتناع عن تقديم أي توجيهات بشأن الخطوات المستقبلية، مؤكدين أنهم سيتخذون قراراتهم على أساس كل اجتماع على حدة بناءً على البيانات الاقتصادية الواردة.
وقال البنك في بيان: "لا يزال سوق العمل القوي، والميزانيات المتينة للقطاع الخاص، وتخفيضات أسعار الفائدة السابقة التي أقرّها مجلس المحافظين، تمثل مصادر مهمة للصمود الاقتصادي. ومع ذلك، تبقى التوقعات غير مؤكدة، لا سيما في ظل استمرار النزاعات التجارية العالمية والتوترات الجيوسياسية".
لم يؤدِ القرار إلى تحركات تُذكر في الأسواق، إذ احتفظ اليورو بخسائره السابقة، متراجعًا بنسبة 0.4% إلى 1.1554 دولار، بينما استقرت عوائد السندات الألمانية لأجل عامين عند نحو 2%، بزيادة ثلاث نقاط أساس. وتُظهر أسواق المقايضات أن حملة خفض الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي قد وصلت على الأرجح إلى نهايتها.
وقد شدّد المسؤولون في الآونة الأخيرة على أنه لا توجد مبررات قوية لإجراء مزيد من التخفيضات بعد ثماني مرات من خفض تكاليف الاقتراض حتى الآن. ويعتمد هذا الموقف على الثقة بأن التضخم ظل قريبًا من مستوى 2% المستهدف منذ عدة أشهر، وعلى مؤشرات تُظهر أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الإجراءات التجارية التي اتخذها دونالد ترامب ظلت محدودة نسبيًا.
ويُعد هذا الموقف مغايرًا لموقف الاحتياطي الفيدرالي، الذي خفّض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة للمرة الثانية على التوالي يوم الأربعاء، مشيرًا إلى تباطؤ وتيرة نمو الوظائف.
ومن المقرر أن توضح رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد تفاصيل القرار في مؤتمر صحفي يُعقد الساعة 2:45 بعد الظهر في مدينة فلورنسا الإيطالية — التي اختيرت هذا العام لاستضافة الاجتماع السنوي الوحيد المنعقد خارج مقر البنك في فرانكفورت.
جاء هذا الإعلان في يوم حافل بالأخبار الاقتصادية، إذ أظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو المكوّنة من 20 دولة ارتفع بأكثر من المتوقع خلال الربع الثالث من العام. وكانت فرنسا المحرك الرئيسي للنمو، حيث سجلت أقوى أداء لها خلال ثلاثة أشهر منذ عام 2023، في حين شهدت ألمانيا وإيطاليا حالة من الجمود الاقتصادي، لتتجنبا الركود بفارق ضئيل.
ومن المقرر صدور أرقام التضخم لشهر أكتوبر في منطقة العملة الموحدة يوم الجمعة، ويتوقع المحللون انخفاض المعدل إلى 2.1%.
تتوافق هذه المستجدات إلى حدّ كبير مع أحدث التوقعات الفصلية للبنك المركزي الأوروبي، التي ترى أن معدلات التضخم على المدى المتوسط ستبقى قريبة من المستوى المستهدف بعد أن تنخفض دون هذا المستوى العام المقبل، مع توقع تحسن النمو مدعومًا بزيادة الاستهلاك الخاص وارتفاع إنفاق الحكومات على الدفاع والبنية التحتية.
وقد دعمت استطلاعات مديري المشتريات التي صدرت الأسبوع الماضي هذه النظرة المتفائلة، إذ سجل مؤشر النشاط الاقتصادي العام في منطقة اليورو ارتفاعًا غير متوقع ليصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2024، كما أظهر مؤشر الثقة في قطاع الأعمال الألماني تحسنًا ملحوظًا.
ومع ذلك، تختلف تقديرات صناع السياسة بشأن آفاق اقتصاد المنطقة. فبعضهم يرى أن هناك مخاطر نزولية على التضخم بسبب قوة اليورو خلال هذا العام، واستمرار حالة عدم اليقين التجاري، إضافة إلى حاجة فرنسا إلى تقليص عجز ميزانيتها.
في المقابل، يتبنى آخرون وجهة نظر معاكسة؛ إذ يرى محافظ البنك المركزي الأيرلندي غابرييل مكلوف أن المخاطر الصعودية للأسعار أكثر وضوحًا، وخاصة فيما يتعلق بتكاليف المواد الغذائية. كما لا يوجد إجماع واضح بشأن التأثيرات غير المباشرة المحتملة للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، رغم ظهور مؤشرات على انحسارها مؤخرًا.
ومن المنتظر أن تُجرى مناقشة أعمق لهذه القضايا في ديسمبر المقبل، حين ينشر البنك المركزي الأوروبي توقعاته الاقتصادية الجديدة الممتدة حتى عام 2028.
اتفق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ على تمديد الهدنة الجمركية والتراجع عن بعض القيود على الصادرات وتقليص حواجز التجارة الأخرى في قمة مشهودة يوم الخميس، في خطوة قد تسهم في استقرار العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم بعد شهور من الاضطرابات.
وفي أول لقاء مباشر بين الزعيمين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وافقت الصين على تعليق القيود الواسعة التي فرضتها على تصدير مغناطيسات المعادن النادرة، مقابل ما قالت بكين إنه اتفاق أمريكي على التراجع عن توسيع القيود على الشركات الصينية. كما ستخفض الولايات المتحدة إلى النصف الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الصينية المرتبطة بمخدر الفنتانيل، فيما ستستأنف بكين شراء ما وصفه ترامب بـ«كميات ضخمة» من فول الصويا والذرة البيضاء ومنتجات زراعية أخرى.
كما ستمدد الولايات المتحدة تجميد ما يُعرف بـ«الرسوم المتبادلة» المفروضة على الصين «لمدة عام إضافي»، بحسب بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، التي أضافت أن بكين «ستتعامل بشكل مناسب مع القضايا المتعلقة بتطبيق تيك توك مع الجانب الأمريكي".
وقال ترامب إنه سيزور الصين في شهر أبريل المقبل، على أن يقوم الرئيس شي بزيارة الولايات المتحدة بعد ذلك.
وأضاف ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية “إير فورس وان”، التي استقلها مباشرة بعد اجتماعه مع شي في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية: "أعتقد أنه على مقياس من صفر إلى عشرة، حيث العشرة هي الأفضل، يمكنني أن أقول إن اللقاء كان عند مستوى 12". وتابع: "العلاقة بيننا بالغة الأهمية، وأعتقد أن اللقاء كان ممتازاً للغاية".
شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن الحوار أفضل من المواجهة، داعيًا إلى تعزيز التواصل بين الجانبين والتعاون في مجالات مثل التجارة والطاقة والذكاء الاصطناعي، وفقًا لما نقلته وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية.
ونقلت الوكالة عن شي قوله: "ينبغي على الفريقين تحسين وإنجاز أعمال المتابعة في أسرع وقت ممكن، والحفاظ على التوافق وتنفيذه، وتقديم نتائج ملموسة لطمأنة اقتصادَي الصين والولايات المتحدة، وكذلك العالم".
تذبذبت أسواق الأسهم بعد القمة التي حظيت بمتابعة واسعة، إذ تراجع مؤشر للأسهم الآسيوية بنسبة 0.4%، فيما تحركت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية بين مكاسب وخسائر طفيفة.
ويبدو أن نتائج اللقاء تمهد لحل — ولو مؤقت — لأشهر من المناورات التي شهدت تبادلاً في التهديدات بين واشنطن وبكين بفرض رسوم جمركية وقيود على الصادرات، كان من شأنها تعطيل سلاسل الإمداد العالمية والإضرار بالاقتصاد العالمي. ومع ذلك، فإن الاتفاق لا يرقى إلى كونه تسوية شاملة تعالج القضايا الجوهرية في التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين.
رقائق إنفيديا
ورغم التكهنات بأن ترامب قد يقدم تنازلات إضافية — مثل السماح للصين بالوصول إلى أحدث شرائح شركة انفيديا من سلسلة بلاك ويل Blackwell أو تغيير سياسة واشنطن تجاه تايوان — أكد الرئيس الأمريكي أن هذين الملفين لم يكونا ضمن جدول المناقشات. ومع ذلك، ناقش ترامب وشي مسألة الوصول إلى بعض منتجات الشركة الأخرى، وقال ترامب إنه يعتزم التحدث مع الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ.
ويُعد خفض الرسوم الجمركية على منتجات الفنتانيل من 20% إلى 10% انتصارًا مهمًا لبكين، إذ سيجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة مقارنة بمنافسيها الذين يتمتعون برسوم أقل نسبيًا. كما قرر ترامب عدم المضي في زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 100% التي كان يهدد بفرضها قبل بدء المحادثات والمقررة للشهر المقبل.
وأشار ترامب إلى أنه يتوقع أن تعزز الصين استثماراتها في الولايات المتحدة، وأن تنظر في تمديد إضافي لتأجيل تنفيذ سياستها المتعلقة بالمعادن النادرة.
وقال ترامب: "إنه اتفاق لمدة عام واحد، وأعتقد أنه سيتم تمديده بشكل روتيني للغاية".
استخدمت بكين القيود المفروضة على المعادن النادرة كورقة ضغط في مفاوضات التجارة، مهددةً بتقييد وصول الشركات الأمريكية وحلفائها إلى المعادن الحيوية اللازمة لصناعة التقنيات المتقدمة مثل الهواتف الذكية ومحركات الطائرات ومنتجات أخرى واسعة الاستخدام. ويرى المسؤولون الصينيون أن سيطرة بلادهم على المعادن النادرة تماثل من حيث الأهمية احتكار الولايات المتحدة لأحدث شرائح انفيديا المتطورة.
وقال ترامب أيضًا إن الرئيس شي سيتخذ خطوات ملموسة للحد من تدفق المواد الكيميائية الأولية المستخدمة في تصنيع مادة الفنتانيل.
وأضاف ترامب: "أعتقد أنه سيعمل بجد لوقف الموت الذي يتدفق إلى بلادنا".
من جانبه، صرّح الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير، الذي كان يتحدث إلى جانب ترامب، بأن الولايات المتحدة ستؤجل الإجراءات بموجب المادة 301 والمتعلقة بالشحن والموانئ. وكانت واشنطن قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام فرض رسوم على خدمات الموانئ للسفن المملوكة للصين، وردت بكين في وقت لاحق بإجراءات انتقامية. كما أعلنت الصين أنها ستعلّق هذه الإجراءات المضادة لمدة عام واحد فيما يتعلق بالشحن.
واختتم ترامب بالقول: "إذن، هذا لم يعد يمثل مشكلة بعد الآن".
لم يُقدّم الرئيس ترامب تفاصيل إضافية بشأن الاستثمارات الصينية المحتملة، لكنه أشار إلى أن تفاصيل الاتفاق الشامل ستُعلن لاحقًا.
أما بخصوص استئناف مشتريات فول الصويا — وهو انتصار سياسي يُتوقع أن يصب في مصلحة المزارعين ضمن قاعدته الريفية — فقال ترامب فقط: "ستُشترى كميات هائلة من فول الصويا وغيرها من المنتجات الزراعية".
لم يُفصّل الرئيس الأمريكي أيضًا وضع بعض العناصر المتوقعة في الاتفاق، بما في ذلك الموافقة على بيع عمليات شركة بايت دانس ByteDance Ltd. في الولايات المتحدة، المالكة لتطبيق الفيديوهات القصيرة تيك توك TikTok. كما لم يذكر ما إذا كان قد وافق على التراجع عن القاعدة التي تنص على أن الشركات التابعة المملوكة بنسبة 50% أو أكثر لكيانات مدرجة في القوائم السوداء تخضع لنفس القيود المفروضة على الشركة الأم — والذي أعلنته الصين بعد المحادثات. وقد فرضت تلك القواعد أعباء كبيرة على عمليات التدقيق المطلوبة من المصدّرين.
وقال ترامب إن الزعيمين اتفقا أيضًا على التعاون بشأن أوكرانيا، لكنه أشار إلى أن بكين لم توافق على دعوته لوقف مشتريات النفط من روسيا، والتي تساعد في تمويل مجهودها الحربي.
مشتريات الطاقة
وأضاف ترامب: "لم نناقش موضوع النفط فعليًا، لكننا ناقشنا العمل معًا لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا إنهاء تلك الحرب".
وفي منشور لاحق على منصة تروث سوشيال، أوضح ترامب أن مسؤولين من الولايات المتحدة والصين سيجتمعون لمناقشة التعاون في مجال الطاقة، وقال: "وافقت الصين أيضًا على بدء عملية شراء الطاقة الأمريكية. وفي الواقع، قد تتم صفقة ضخمة تتعلق بشراء النفط والغاز من الولاية العظيمة ألاسكا".
وقبيل الاجتماع الذي عُقد في قاعدة جوية بمدينة بوسان في كوريا الجنوبية، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبك)، عبّر الزعيمان عن تفاؤلهما بإصلاح العلاقات الاقتصادية بين بلديهما.
وقال شي جين بينغ: "نحن لا نتفق دائمًا في وجهات النظر، ومن الطبيعي أن تشهد أكبر اقتصادين في العالم بعض الاحتكاكات من حين لآخر". وأضاف أن على الجانبين «التمسك بالمسار الصحيح وضمان الإبحار بثبات في السفينة العملاقة للعلاقات الصينية الأمريكية".
خفض مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي دعمًا لسوق العمل الذي يُظهر علامات تباطؤ، وأعلنوا أنهم سيتوقفون عن تقليص حيازات البنك المركزي من الأصول اعتبارًا من الأول من ديسمبر.
وجاء في البيان الصادر عقب الاجتماع يوم الأربعاء أن صناع السياسة في الفيدرالي كرروا تقييمهم بأن "نمو التوظيف تباطأ"، وأشاروا إلى أن "المخاطر على سوق العمل ازدادت في الأشهر الأخيرة".
ووصف المسؤولون النمو الاقتصادي بأنه “معتدل”، لافتين إلى أن التضخم “ارتفع مقارنة ببداية العام ولا يزال عند مستويات مرتفعة نسبيًا”.
وصوّتت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (الفومك) بأغلبية 10 أصوات مقابل صوتين على خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية إلى مستوى يتراوح بين 3.75% و4%.
وعارض القرار مسؤولون من كلا طرفي الطيف السياسي داخل اللجنة؛ إذ طالب عضو مجلس محافظي البنك ستيفن ميران — الذي انضم إلى الفيدرالي الشهر الماضي وحاليًا في إجازة غير مدفوعة من منصبه كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض — بخفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية، في حين رفض رئيس الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شمد، خفض الفائدة من الأساس بعد أن كان قد أيد خفض الشهر الماضي.
حافظ مؤشر اس آند بي 500 على مكاسبه، بينما ارتفعت عوائد السندات الأمريكية والدولار بعد قرار الفيدرالي.
ومن المقرر أن يعقد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤتمرًا صحفيًا في الساعة 2:30 ظهرًا بتوقيت واشنطن (9:30 مساءً بتوقيت القاهرة).
كان الفيدرالي قد خفّض أسعار الفائدة الشهر الماضي لأول مرة هذا العام، بعد أن أثار التباطؤ الواضح في وتيرة التوظيف مخاوف بشأن ضعف سوق العمل.
وجاءت خطوة الأربعاء متوقعة على نطاق واسع، خاصة بعد تصريحات باول في وقت سابق من الشهر، حين قال إن التوظيف قد يضعف أكثر، مضيفًا أن انخفاض فرص العمل بشكل إضافي “قد ينعكس في ارتفاع معدل البطالة.”
لكن المسؤولين داخل الفيدرالي منقسمون بشأن مدى استمرار التيسير النقدي؛ إذ حذر عدد من صناع القرار من خفض تكاليف الاقتراض بسرعة مفرطة بينما لا يزال التضخم فوق مستهدف الفيدرالي عند 2%.
وتُظهر التوقعات التي صدرت الشهر الماضي أن 9 من أصل 19 مسؤولًا في الفيدرالي يتوقعون خفضًا واحدًا إضافيًا فقط هذا العام بعد الخفض الأخير، وسبعة لا يتوقعون أي خفض آخر في عام 2025.
وأشار البيان إلى أن الإغلاق الحكومي المستمر حدّ من قدرة المسؤولين على الإطلاع على البيانات الاقتصادية الحديثة. وعند وصف سوق العمل، أشاروا إلى معدل البطالة حتى شهر أغسطس فقط.
وبات عمل الفيدرالي أكثر تعقيدًا، إذ يضطر لاتخاذ قرارات السياسة النقدية في غياب معظم البيانات الاقتصادية التي يعتمد عليها عادة، بعد أن أدى الإغلاق إلى تجميد أو تأجيل نشر التقارير الخاصة بسوق العمل والأسعار والإنفاق ومؤشرات اقتصادية أخرى.
ومع ذلك، تلقى صناع القرار الأسبوع الماضي تقريرًا متأخرًا حول مؤشر أسعار المستهلكين، أظهر أن التضخم الأساسي ارتفع في سبتمبر بأبطأ وتيرة خلال ثلاثة أشهر. ورغم أن الأرقام قد تكون مطمئنة للفيدرالي القلق من ضغوط الأسعار، فإنها أظهرت أيضًا أن التضخم الأساسي لا يزال عند 3% على أساس سنوي — أي أعلى بكثير من مستهدف الفيدرالي.
الميزانية العمومية:
وقال الفيدرالي إنه سيتوقف عن تقليص محفظة أصوله بدءًا من الأول من ديسمبر، لينهي بذلك عملية بدأت في عام 2022. ومنذ ذلك الحين، تخلّى البنك عن أكثر من تريليوني دولار من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة برهون عقارية، ما خفّض حجم ميزانيته العمومية إلى أقل من 6.6 تريليون دولار — وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2020.
وقام البنك المركزي الأمريكي بعمليات شراء أصول بمليارات الدولارات لدعم الاقتصاد بعد تفشي جائحة كورونا، وذلك عقب قيامه بخفض سعر الفائدة الأساسي إلى ما يقارب الصفر.
أصبحت إنفيديا أول شركة في التاريخ تصل قيمتها السوقية إلى 5 تريليونات دولار، في أحدث محطة ضمن صعود غير مسبوق يعكس التأثير المتنامي للذكاء الاصطناعي على الأسواق والاقتصاد.
فقد تجاوز سعر سهم شركة صناعة الرقائق في أحدث تعاملات 207 دولار في تعاملات ما قبل الافتتاح، متخطّيًا مستوى 205.76 دولار المطلوب لبلوغ قيمة سوقية قدرها 5 تريليونات دولار.
وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بحماس المستثمرين تجاه الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، وسلسلة من الصفقات والشراكات التي أبرمتها الشركة مؤخرًا مع بعض أكبر الأسماء في عالم الذكاء الاصطناعي وبين الشركات الأمريكية، من بينها أوبن ايه آي OpenAI وأوراكلOracle ونوكياNokia وشركة الأدوية "إيلي ليلي" Eli Lilly. كما ساهمت الحماسة لخطاب الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ في واشنطن العاصمة هذا الأسبوع في تعزيز المكاسب.
وباتت إنفيديا الآن أكبر من مجموع شركات كبرى في قطاع أشباه الموصلات تشمل: AMD وArm Holdings وASML وBroadcom وIntel وLam Research وMicron وQualcomm وTSMC، وفقًا لبيانات «داو جونز ماركت داتا». وتفوق قيمتها السوقية أيضًا قطاعات كاملة من مؤشر اس آند بي 500، مثل المرافق والصناعات والسلع الاستهلاكية الأساسية.
وتشغل الشركة، ومقرها سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا، صميم طفرة الذكاء الاصطناعي بفضل تصميمها للرقائق المعروفة باسم وحدات معالجة الرسومات (GPUs) التي تشكل العمود الفقري لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ما جعلها المحرك الرئيسي وراء سلسلة الأرقام القياسية التي تحققها الأسهم.
غير أن بعض المستثمرين والمديرين التنفيذيين وخبراء الصناعة بدأوا يحذرون من احتمال تكون فقاعة ذكاء اصطناعي تشبه فقاعة الإنترنت في التسعينيات، حيث تضخ الشركات التقنية مئات المليارات من الدولارات في تطوير مراكز البيانات وشراء الرقائق، بينما تظل الإيرادات الحالية محدودة نسبيًا.
وفي سبتمبر الماضي، وافقت إنفيديا على استثمار يصل إلى 100 مليار دولار في شركة OpenAI المطوّرة لـChatGPT، وهو ما سيتيح للأخيرة بناء وتشغيل ما لا يقل عن 10 غيغاواط من أنظمة إنفيديا لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. كما استثمرت إنفيديا في عدد كبير من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة. ويخشى البعض أنه في حال تراجع الإنفاق الضخم على سباق الذكاء الاصطناعي، فقد تتعرض إنفيديا لضربة مزدوجة — من انخفاض إيراداتها وتراجع قيمة استثماراتها في أسهم عملائها.
ويبرز صعود إنفيديا مدى اتساع الفجوة في سباق الذكاء الاصطناعي؛ إذ تجاوزت الشركة قيمة 2 تريليون دولار في مارس 2024، ثم وصلت إلى 3 تريليونات دولار بعد 66 جلسة تداول فقط. وبحلول يوليو 2025، أصبحت أول شركة في العالم تتخطى حاجز 4 تريليونات دولار، متقدمةً على عملاقي التكنولوجيا آبل ومايكروسوفت، اللتين بلغتا القيمة نفسها للمرة الأولى هذا الأسبوع.
تراجعت ثقة المستهلكين الأمريكيين إلى أدنى مستوى في ستة أشهر في أكتوبر، وسط مخاوف بشأن توفر الوظائف في المدى القريب، ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مزيداً من الأسباب لخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الأربعاء.
وأظهر مسح مؤسسة كونفرنس بورد ، الصادر يوم الثلاثاء، ما يصفه الاقتصاديون بـ “الاقتصاد على شكل حرف K” — أي اقتصاد يسير فيه الأثرياء والفقراء في مسارين متباينين — إذ انخفضت الثقة بين المستهلكين الذين تقل دخولهم السنوية عن 75 ألف دولار، في حين ظل أصحاب الدخول التي تتجاوز 200 ألف دولار أكثر تفاؤلاً. ويرى الاقتصاديون أن الأسر ذات الدخل المرتفع هي التي تبقي الاقتصاد متماسكاً عبر إنفاقها الاستهلاكي القوي.
في المقابل، تعاني الأسر منخفضة الدخل من صعوبة تلبية احتياجاتها اليومية في ظل ارتفاع الأسعار، بما في ذلك نتيجة الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات، بحسب اقتصاديين.
وقال “كونفرنس بورد” إن الإشارات إلى الأسعار والتضخم في تعليقات المشاركين ظلت العامل الأبرز المؤثر في نظرتهم للاقتصاد خلال الشهر، مشيراً إلى أن ذكر الرسوم الجمركية تراجع قليلاً لكنه بقي مرتفعاً.
وقال كريستوفر روبكي، كبير الاقتصاديين في FWDBONDS: "المستهلكون منهكون ولسبب وجيه، فالأرقام القياسية في سوق الأسهم لا تساعدهم في الحصول على وظائف أو تأمين الطعام على المائدة. ومع استمرار ارتفاع الأسعار في المتاجر، فإن كثيراً من الأمريكيين تُركوا خلف الركب في فترة ترامب الثانية".
وأضاف روبكي أن مسؤولي الفيدرالي لن يتجاهلوا هذه البيانات الضعيفة لثقة المستهلكين، مرجحاً أن يستجيبوا لتوقعات الأسواق بخفض جديد للفائدة يوم الأربعاء.
قالت كونفرنس بورد إن مؤشرها لثقة المستهلك انخفض إلى 94.6 نقطة في أكتوبر — وهو أدنى مستوى منذ أبريل — مقارنة بقراءة معدلة بالرفع ـ 95.6 نقطة في سبتمبر. وكان اقتصاديون استطلعت “رويترز” آراءهم قد توقعوا تراجع المؤشر إلى 93.2 نقطة من القراءة السابقة البالغة 94.2.
وجاء الانخفاض متركزاً بين من تقل أعمارهم عن 35 عاماً، وإلى حد أقل بين من تجاوزوا 55 عاماً، في حين تحسنت الثقة لدى الفئة العمرية بين 35 و54 عاماً. كما أظهر الاستطلاع أن المستقلين السياسيين كانوا أكثر تفاؤلاً، بينما ساد تشاؤم بين الجمهوريين والديمقراطيين.
وأشار التقرير إلى أن الإشارات إلى السياسة الداخلية زادت بشكل ملحوظ في تعليقات المشاركين، مع ذكر الإغلاق الحكومي المستمر كأحد أبرز المخاوف. ويُتوقع أن يصبح الإغلاق، الذي يقترب من شهره الأول، الأطول في تاريخ البلاد، في ظل غياب أي مؤشرات على التوصل إلى اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس لإنهاء الجمود بشأن الإنفاق.
المستهلكون أكثر حذراً بشأن سوق العمل:
ارتفعت نسبة المستهلكين الذين يتوقعون انخفاض عدد الوظائف خلال الأشهر الستة المقبلة إلى 27.8% — وهو أعلى مستوى في ستة أشهر — مقارنة بـ 25.7% في سبتمبر، بينما انخفضت نسبة من يتوقعون زيادة في الوظائف إلى أدنى مستوى خلال نفس الفترة.
ومع ذلك، تحسّنت نظرتهم للأوضاع الراهنة في سوق العمل.
واتسع ما يُعرف بـ الفارق في سوق العمل (Labor Market Differential) — وهو مقياس يُستخلص من آراء المشاركين حول ما إذا كانت فرص الوظائف وافرة أم يصعب الحصول عليها — إلى 9.4% من 8.7% الشهر الماضي.
ويرتبط هذا المقياس عادة بمعدل البطالة الرسمي الصادر عن وزارة العمل، ويشير إلى أن معدل البطالة لا يزال قريباً من أعلى مستوى في أربع سنوات عند 4.3%.
وبسبب توقف صدور البيانات الرسمية نتيجة الإغلاق الحكومي، يوفر هذا الاستطلاع مؤشراً مهماً على حالة سوق العمل الأمريكية.
وقال أبييل راينهارت، الاقتصادي في جيه بي مورجان : "قد يشير ذلك إلى بعض الاستقرار في معدل البطالة، لكن من المبكر القول إن الفارق بدأ يستقر بعد أن تراجع تدريجياً من ذروته الأخيرة البالغة 22.2% في ديسمبر."
سياسة الفائدة والتضخم:
من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى نطاق بين 3.75% و4.00% يوم الأربعاء.
وكانت بيانات حكومية صدرت الأسبوع الماضي قد أظهرت تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار في سبتمبر. وقد نُشر تقرير التضخم رغم الإغلاق الحكومي لمساعدة إدارة الضمان الاجتماعي في حساب تعديل تكلفة المعيشة لعام 2026، الذي سيمنح المتقاعدين ومستفيدي المساعدات زيادة بنسبة 2.8%.
وارتفعت توقعات التضخم للـ12 شهراً المقبلة، وفق “كونفرنس بورد”، إلى 5.9% من 5.8% في سبتمبر.
ارتفعت أسهم أبل بنسبة تصل إلى 0.4% لتبلغ قيمتها السوقية 4 تريليونات دولار، لتصبح بذلك ثالث شركة مدرجة في التاريخ تصل إلى هذا الإنجاز التاريخي.
وسجّلت أسهم الشركة، التي تتخذ من كوبرتينو بولاية كاليفورنيا مقراً لها، ارتفاعاً يتجاوز 56% منذ أدنى مستوى لها في أبريل، مضيفةً حوالي 1.4 تريليون دولار إلى قيمتها السوقية، مدعومةً بالتفاؤل المحيط بأحدث إصدارات هواتف آيفون، وبانحسار الضغوط المتعلقة بالرسوم الجمركية خلال الأشهر الأخيرة. وكانت الأسهم قد أغلقت عند أول مستوى قياسي لها هذا العام في وقت سابق من الشهر، متجاوزةً المستوى الذي تعذر اختراقه منذ ديسمبر الماضي.
وقال دان آيفز، المحلل في شركة Wedbush Securities: "على الرغم من أن أبل لم تلحق بعد بركب الذكاء الاصطناعي، فإن انضمامها إلى نادي الشركات ذات القيمة السوقية البالغة 4 تريليونات دولار يمثل لحظة فاصلة لشركة كوبرتينو ولقطاع التكنولوجيا الكبرى."
وأضاف: "هذا الإنجاز يُعد شهادة على قوة أفضل علامة استهلاكية في العالم."
وجاءت موجة الصعود مدفوعةً بطلب أقوى من المتوقع على أحدث تشكيلة من هواتف آيفون، في إشارةٍ يرى المحللون أنها قد تدل على أن دورة الترقية المنتظرة منذ فترة طويلة قد بدأت أخيراً.
ووفقاً لتقرير صادر عن شركة Counterpoint Research، فإن مبيعات سلسلة آيفون 17 تجاوزت مبيعات آيفون 16 بنسبة 14% خلال الأيام العشرة الأولى من طرحها في الأسواق الأمريكية والصينية.
قال المحلل أناندا بارواه من شركة Loop في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي: "نحن الآن في بداية دورة تبنّي منتجات أبل التي طال انتظارها"، مشيراً إلى أنه رفع تصنيفه لسهم الشركة من “احتفاظ” إلى “شراء”.
كما أطلقت الشركة إصدارات جديدة من أجهزة iPad Pro وVision Pro وMacBook Pro الأساسي، والمزودة بمعالجها الجديد M5، في خطوة تهدف إلى تعزيز مجموعة منتجاتها قبيل موسم العطلات الحاسم.
وجاء صعود أبل إلى قيمة سوقية قدرها 4 تريليونات دولار بعد أشهر فقط من تحقيق شركة انفيديا للإنجاز ذاته، لتصبح أول شركة في التاريخ تصل إلى هذا الرقم. أما مايكروسوفت، وهي أيضاً من “السبعة الكبار” (Magnificent Seven)، فقد تجاوزت هذا المستوى لفترة وجيزة في يوليو بعد إعلان نتائج فصلية قوية، لكنها فشلت في الإغلاق فوقه، قبل أن تتخطى العتبة مجدداً الثلاثاء الماضي عقب إعلانها اتفاقاً جديداً مع شركة أوبن ايه آي.
ورغم أن أبل ما تزال ضمن أكبر ثلاث شركات في العالم من حيث القيمة السوقية، إلا أن آراء المحللين حول السهم منقسمة. فبحسب بيانات بلومبرج، تمتلك أبل أدنى نسبة توصيات “شراء” بين شركات السبعة الكبار، بعد تسلا مباشرة، في حين أن متوسط السعر المستهدف للسهم خلال 12 شهراً يقل بأكثر من 6% عن مستواه الحالي في السوق.
هبوط الذهب في آخر سبعة أيام بعد موجة صعود استثنائية لم يُضعف التفاؤل بشأن آفاقه على المدى الطويل، في ظل مؤشرات على استمرار الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين.
ففي مؤتمر رابطة سوق لندن للسبائك (LBMA) في مدينة كيوتو اليابانية — أكبر تجمع سنوي لصناعة الذهب — توقّع المشاركون أن يقترب سعر المعدن النفيس من 5000 دولار للأونصة بحلول الاجتماع المقبل في 5 أكتوبر 2026. وأظهر الاستطلاع، الذي شمل 106 مشاركين، متوسط توقعات عند 4980.30 دولار للأونصة، أي بزيادة تقارب 27% عن المستويات الحالية.
وقد تراجع الذهب إلى نحو 3900 دولار بعد أن سجل مستوىً قياسياً جديداً الأسبوع الماضي، مع قيام المتعاملين بجني الأرباح عقب مكاسب استمرت لأشهر، مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، واستمرار مشتريات البنوك المركزية، وضعف الدولار. ومع ذلك، لا تزال الأسعار مرتفعة بنحو 50% منذ بداية العام، مدعومة بإقبال المستثمرين الباحثين عن التحوط من تآكل قيمة العملات وتزايد الضغوط المالية.
وفي إضافة إلى النبرة الإيجابية، أشار البنك المركزي الكوري الجنوبي إلى أنه قد يعزز احتياطياته من الذهب للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، لينضم بذلك إلى موجة المشتريات الحكومية التي دعمت الارتفاع التاريخي في السوق.
وقال هيونغ سون جونغ، مدير إدارة استثمار الاحتياطيات لدى بنك كوريا، خلال مؤتمر رابطة سوق لندن للسبائك: “يخطط البنك المركزي للنظر في إجراء مشتريات إضافية من الذهب من منظور متوسط إلى طويل الأجل.”
وكان البنك قد أضاف آخر مرة إلى احتياطياته من الذهب في عام 2013.
وتسلّط هذه التصريحات الضوء على الدور المتنامي للبنوك المركزية في أسواق الذهب العالمية. إذ كانت مشتريات السلطات النقدية — من الصين إلى بولندا — أحد المحركات الرئيسية للأسعار خلال العامين الماضيين، إلى جانب إقبال المستثمرين الأفراد وصناديق الاستثمار.
ومع ذلك، حذّر بعض المحللين من احتمال تصحيح أعمق في الأسعار. فقد قال جون ريد، كبير استراتيجيي الأسواق في مجلس الذهب العالمي، خلال المؤتمر، إن الطلب من البنوك المركزية لم يعد بنفس القوة السابقة، مشيراً إلى أن بعض النقاشات في المؤتمر أشارت إلى أن مستوى 3500 دولار للأونصة سيكون “سعراً صحياً” لسوق الذهب، رغم أنه لا يزال مرتفعاً بشكل كبير.
كما امتد التفاؤل الواسع ليشمل المعادن النفيسة الأخرى، حيث تُرجّح التوقعات أن يبلغ سعر الفضة 59.10 دولاراً للأونصة خلال عام — أي بزيادة تقارب 27% عن المستويات الحالية — في حين يُتوقّع أن تسجل كل من البلاتين والبلاديوم مكاسب تزيد عن عشرة بالمئة، بحسب الاستطلاع الذي أُجري خلال المؤتمر.