Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

بلومبرج: مصر تتألم من إصلاحات السعودية

By أيلول/سبتمبر 18, 2018 748

في أغسطس، عندما أثارت أزمة الليرة التركية القلاقل من اضطرابات مالية في اقتصادات نامية أخرى، ظل الجنيه المصري متماسكا. وهذا بفضل إصلاحات مؤلمة أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأت في 2016. فساعد تحرير سعر صرف العملة، بجانب زيادة في إيرادات السياحة وحوالات المصريين العاملين في الخارج، في إستقرار الاقتصاد المصري مما دفع وكالة ستاندرد اند بور لرفع التصنيف الائتماني للدولة.

الأن تواجه مصر تحديا غير متوقعا من أجندة إصلاحات السعودية أهم حلفائها السياسيين والاقتصاديين. فتأثير خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للتحديث الاقتصادي قد يجبر السيسي على تعميق تخفيضات الإنفاق والسعي وراء مزيد من الإقتراض الباهظ. والسبيل أمام الرئيس المصري هو إحداث تغيرات أكثر جراءة  بتحرير الاقتصاد المصري من روابطه المُقيدة بالحكومة والجيش.  

ويوم الحادس عشر من سبتمبر، بدأت الحكومة السعودية تطبيق قواعد صارمة على سوق العمل لتعزيز توظيف مواطنيها على حساب العاملين الأجانب. وكان إعلان قيود التوظيف، ضمن برنامج رؤية 2030 للأمير محمد، قد تم في يناير ومنذ وقتها وهناك نزوح مستمر للأجانب. وبحسب إحصائيات الحكومة السعودية، انخفض عدد الأجانب العاملين في المملكة من 10.883.335 في الربع الرابع من عام 2016 إلى 10.183.104 في الربع الأول لعام 2018.

ولا توجد تفاصيل لجنسيات الأجانب الذي فقدوا وظائفهم، لكن من المعقول الظن ان المصريين يمثلون نسبة مرتفعة. فتظهر مسوح من الحكومة المصرية إن السعودية هي الوجهة الرئيسية للمصريين، وبحسب بعض التقديرات يوجد 2.9 مليون مصريا في المملكة.   

وتعد الحوالات التي يرسلها المصريون المغتربون من دول الخليج العربي، خاصة السعودية، مصدرا رئيسيا للعملة الأجنبية ولاستقرار الاقتصاد المحلي. ووفقا لبيانات عام 2016 التي جمعها البنك الدولي وبنك ستاندرد تشارتدر، تأتي أكثر من 70% من التحويلات إلى مصر من الدول العضوه بمجلس التعاون الخليجي، ونحو 40% من السعودية وحدها.

وفي الوقت الحالي تبقى تدفقات التحويلات من السعودية إلى مصر مستقرة—فقد بلغت في المتوسط 2.93 مليار دولار سنويا منذ 2002. وهناك تفسيران محتملان: الأول هو ان العاملين المصريين الذين فقدوا وظائفهم يرسلون أخر رواتبهم والتفسير الثاني ان العاملين الذين لازالوا محتفظين بوظائفهم يرسلون أموال أكثر من المعتاد لدعم أسرهم خلال فترة من التضخم المرتفع في مصر. لكن مع رحيل عاملين أكثر من السعودية، ستتباطأ حتما التدفقات.

وبالنسبة للسيسي، هذه ضربة مزدوجة حيث ان حكومته تشتد حاجتها للمال ولا يمكنها تحمل انخفاضا حادا في التحويلات من الخارج، ولا يمكن للاقتصاد المصري ان يستوعب قدوم المغتربين في ظل معدل بطالة بلغ 10.9% في أوائل 2018. وتلك ضربة مزدوجة أيضا للعائدين فهم يواجهون نقصا في الوظائف وتكلفة معيشة مرتفعة جدا.

ومأزق مصر بمثابة تذكير بأنه على الرغم من أن التكامل الاقتصادي الإقليمي في الشرق الأوسط لم يكن أبدا قويا، الذي يمنع بعض أشكال العدوى المالية، مثل أزمات العملة، إلا ان اقتصادات المنطقة مرتبطة ببعضها بأشكال أخرى: فالدول الفقيرة تعتمد على الدول الغنية من أجل دعم نفط وغاز ودعم مالي مباشر ومن أجل توظيف ملايين الأفراد. وعندما تتغير الأولويات الداخلية لدولة غنية من الممكن ان يكون التأثير على الدول المعتمدة عليها ضارا مثل أي عدوى من أزمة عملة.

وبالنسبة لمصر، تأتي ضغود العاملين العائدين في وقت غير مناسب بشكل خاص. وأعلنت الحكومة المصرية مؤخرا انخفاضا تدريجيا في أرقام البطالة من 12% قبل عام فقط. وزادت أيضا الأجور.وحققت مصر بعض التقدم في خفض عجز ميزانيتها، الذي كان أغلبه بتمويل مالي خارجي. وفي العام المالي 2017/2018 المنتهي في يونيو، تمكنت مصر من تقليص عجزها وتمويله إلى حد كبير بزيادة الإقتراض الخارجي، من بنوك متعددة الأطراف وبنوك تجارية.

لكن غطى هذا المسعى الضخم ما يزيد طفيفا عن نصف عجز ميزانية العام البالغ 9.8% من الناتج المحلي الإجمالي. وحتى بدون تأثير القواعد الجديدة للحكومة السعودية، سيكون العام المالي الحالي أكثر صعوبة حيث يتنبأ محللون في اتش.اس.بي.سي إن الحكومة ستحتاج جمع أكثر من 100 مليار دولار كدعم ميزانية إضافي من قروض دولية أو إصدار سندات أو قروض بنوك محلية. وسيكون دعم مالي من حلفاء إقليميين مثل السعودية أمرا هاما.

وتحاول الحكومة المصرية خفض إعتمادها على غيرها بتخفيض دعم الوقود والمرافق والمواصلات العامة. وارتفعت بالفعل تكاليف المواصلات أكثر من 50% على مدى العام الماضي. ومن المتوقع ان ترفع زيادات في سعر الكهرباء بدء تطبيقها في يوليو متوسط فاتورة استهلاك الأسر بما يزيد عن 25%. ويستقر التضخم قرب 14% بعد خطوات من البنك المركزي لخفض قيمة الجنيه العام الماضي.

وبالنظر إلى جانب أخر. يتخذ السيسي قرارات صعبة ومرفوضة شعبيا يحتاج بن سلمان إتخاذها من أجل تحقيق أهداف خطته رؤية 2030، وعلى خلاف ولي العهد، لا يمكن للرئيس المصري ان يخفف وطأة ذلك بزيادة الإنفاق الحكومي وتقديم دعم نقدي للمواطنين.

ويعول السيسي على الحلفاء الخليجين لبقاء الاقتصاد  ممولا في وقت يخفض فيه الإنفاق. لكن لا يمكنه إدارة الأولويات المالية لداعميه. وإذا صارت السعودية أكثر جدية في برنامج إصلاحاتها—بكبح سخاء الإنفاق في الداخل والخارج، سيعني ذلك مزيد من الألم للمصريين. وبالفعل يتم تقليص كثير من الخطط الكبيرة من السعودية ودولة الإمارات للاستثمار في مدن جديدة وبنية تحتية وتطوير إسكان في مصر. وقد يمثل أيضا تطوير السعودية لساحل البحر الأحمر تهديدا على أنشطة السياحة المصرية.

وإذا كان السيسي جادا في إنهاء إعتماد الاقتصاد على الدعم، لابد ان يتحرك بإنهاء دورة الإقتراض ثم الإنفاق ثم التخفيض ثم الإقتراض. وحتى الأن صُممت إصلاحاته في الأساس لموازنة ميزانية الحكومة بما يرضي المقرضين الأجانب. لكن لابد ان يطمح لما هو أكثر  ألا وهو تحرير اقتصادي حقيقي وهذا سيتطلب من السيسي الحد من الهيمنة غير الصحية على الاقتصاد من الدولة والجيش. فلابد ان يدعم تطوير قطاع خاص مستقل قادر على خلق الوظائف والإيرادات للدولة. وهذا لن يحدث في الوقت المناسب الذي يسمح بإستيعاب ألاف العاملين العائدين الأن من السعودية، لكن الهدف يجب أن يكون إنهاء حاجة الكثيرين لمغادرة مصر في الأساس.   

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.