جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
ما إن إستعادت مصر إكتفائها الذاتي من الغاز الطبيعي إلا وأصبح قطاع أخر بسوق الطاقة يهدد الماليات الهشة للدولة.
تعني زيادة بستة أضعاف في إنتاج حقل "ظهر" البحري العملاق إن مصر يمكنها الأن تلبية إحتياجاتها من الغاز محليا وربما توفر الحكومة الأن نحو ملياري دولار سنويا بعد ان تسلمت أخر شحنة من الغاز الطبيعي المسال الباهظ التكلفة الأسبوع الماضي.
لكن ارتياح البلد العربي الاكبر سكانا-- الذي هو صاف مستورد للبنزين والسولار المكرر-- قد يكون قصير الآجل حيث تفترض موازنة مصر للسنة المالية 2018/2019 أسعار النفط عند 67 دولار للبرميل لكن قفز الخام منذ حينها متخطيا 80 دولار مما يهدد خططا لخفض العجز المالي بموجب برنامج إصلاح اقتصادي يدعمه قرض بقيمة 12 مليار دلار من صندوق النقد الدولي.
وهذا يشكل أيضا معضلة للحكومة، التي تسعى لإلغاء دعم الوقود بحلول منتصف 2019، ما يعني إما إثقال كاهل المواطنين برفع الأسعار أكثر وأسرع من المتوقع أو التخلي عن هدف العجز بالكامل.
وقالت سلمى حسين، الباحثة لدى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي مقرها القاهرة، الأمر يُختزل في خيار سياسي للحكومة: إما رفع الأسعار بحدة ومواجهة إستياء شعبي، أو إيجاد مصادر تمويل أخرى مثل زيادة الضرائب على الأغنياء، ربما ستختار الحكومة ما قامت به في العامين الماضيين بزيادة الإقتراض بالإضافة إلى تخفيض الدعم والأجور".
وتآكلت مستويات الدخل الحقيقي لمواطني الدولة البالغ تعداد سكانها نحو 100 مليون نسمة منذ تحرير سعر صرف الجنيه في 2016 الذي رفع التضخم إلى أكثر من 30% لأغلب العام الماضي. وشهدت الدولة ثلاث جولات من التخفيضات في دعم الوقود منذ وقتها، ومن شأن إلغاء هذا الدعم بالكامل أن يزيد بشكل أكيد معاناة الأسر.
وتواجه مصر بالفعل مهمة شاقة لبلوغ هدفها من خفض عجز الموازنة إلى 8.4% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية أو منتصف 2019. وتنحسر شهية المستثمرين الأجانب تجاه السندات المقومة بالعملة المحلية وترتفع تكلفة إقتراض الحكومة منذ بدء السنة المالية في يوليو.
ويُترجم كل دولار إضافي في سعر النفط المفترض في الموازنة إلى 4 مليار جنيه (222 مليون دولار) كإنفاق إضافي سنويا. وتخطط الحكومة لإنفاق 89 مليار جنيه على دعم الوقود في السنة المالية الحالية وهو رقم ربما يتضاعف إن استمر صعود النفط. وبحسب التقديرات الرسمية، سيصل العجز المالي إلى 439 مليار جنيه هذا العام.
وسيعاني أيضا الميزان التجاري للدولة بما قد يمحو مكاسب إنهاء واردات الغاز الطبيعي المسال. وبحسب تقدير محمد أبو باشا، رئيس تحليل الاقتصاد الكلي في البنك الاستثماري إي.اف.جي هيرميس، كل عشرة دولارات إضافية في أسعار النفط تضيف ما بين مليار و1.2 مليار دولار لعجز ميزان المعاملات الجارية لمصر.
وأضاف أبو باشا إنه على الرغم من أن زيادة الإيرادات من الصادرات النفطية الخاصة بمصر من المتوقع ان تخفف جزئيا تأثير ارتفاع أسعار الخام على الميزانية وميزان المدفوعات، إلا أن صافي التأثير سيكون على الأرجح سلبيا.
ووفقا لإي.اف.جي هيرميس، إذا إستقر النفط فوق 80 دولار فإن الزيادة القادمة في سعر الوقود المخطط لها في منتصف العام القادم "ستكون باهظة من منظور التضخم". وأضاف هيرميس إن هذا بدوره سيعني ان أسعار الفائدة—التي كان من المنتظر تخفيضها في السنة المالية الحالية—ستبقى على الأرجح مرتفعة لفترة زمنية أطول.
وبينما توقعات النفط غير واعدة لمصر إلا ان الدولة تتحول سريعا كمركز إقليمي لإعادة تصدير الغاز من جيرانها. ومهدت صفقتان مبرمتان مؤخرا الطريق أمام ان تستقبل مصر الغاز من إسرائيل وقبرص من أجل التسييل والشحن إلى أوروبا.
وقال هاني فرحات، كبير الاقتصاديين لدى سي اي كابيتال، إن الإكتفاء الذاتي في الغاز لا يسمح فقط لمصر بخفض الواردات بنحو ملياري دولار سنويا "لكن يساعد أيضا في زيادة الاستثمار المباشر في الصناعات المتعلقة بالطاقة".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.