جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
ترددت أصداء الصعود المفاجيء في عوائد السندات الأمريكية عالميا يوم الخميس حيث قادت العوائد عبر أسواق السندات للارتفاع ووجهت ضربة لعملات وأسهم الاسواق الناشئة وأكدت مدى قوة الاقتصاد الأمريكي في وقت تعجز فيه بقية دول العالم عن اللحاق به.
وقفز العائد على السندات الأمريكية إلى 3.19% وهو أعلى مستوى في ثماني سنوات بعد صعوده بحدة يوم الاربعاء بفضل دلائل جديدة على قوة النمو الاقتصادي الأمريكي. وصعد الدولار مقابل عدة عملات بالأسواق الناشئة لتعاني الروبية الإندونسية والليرة التركية والروبل الروسي.
والسندات الأمريكية هي المقياس الرئيسي للمستثمرين الدوليين ويؤدي ارتفاع عائدها إلى زيادة تكاليف الإقتراض عالميا بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية المحلية. واليوم الخميس وصل العائد على السندات البريطانية لآجل 10 أعوام لأعلى مستوياته منذ قبل تصويت الدولة على الإنفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما لامست عوائد السندات اليابانية الموازية أعلى مستوياتها منذ يناير 2016. وارتفعت العوائد في دول الأسواق الناشئة لتقدم السندات الحكومية الفليبينية أعلى مستوى عائد منذ 2011.
وسلطت تحركات السوق يوم الخميس الضوء على فكرة متكررة في 2018 وهي تفوق أداء الاقتصاد الأمريكي. وهذا سمح للأسهم الأمريكية ان ترتفع بقوة هذا العام في حين تأثرت سلبيا الأسواق الأوروبية والأسيوية بمخاوف حول التوترات التجارية ونمو اقتصادي أقل قوة.
وفي واحدة من أبرز الأمثلة على هذا التفاوت هي إنه على الرغم من ارتفاع عوائد السندات الألمانية لآجل عشر سنوات يوم الخميس إلا إن فجوتها مع السندات الأمريكية إتسعت إلى حوالي 2.7% في زيادة بنحو 0.7% هذا العام. وهذا هو أكبر فارق منذ 1989 قبل سقوط جدار برلين.
وتنبأ محللو الأسواق أن الفارق سينحسر بمجرد ان يلحق النمو الأوروبي بالولايات المتحدة لكن هذا لم يتحقق. وقال روبرت تيب، كبير محللي الاستثمار في بي.جي.اي.ام للدخل الثابت إن هذا الفارق علامة على "التفاوت في مسار النمو". وأضاف إن السوق تستوعب "تسارعا معتدلا في النمو الأمريكي وتباطؤا في أوروبا وسط فجوة كبيرة بالفعل في العوامل الأساسية (الاقتصادية)".
وأشار تيب إن الفارق بين السندات الألمانية ونظيرتها الأمريكية قد يتسع إلى 3.25% في المدى القريب مستشهدا بمجموعة من الأسباب تشمل زيادة إصدار السندات في الولايات المتحدة بالإضافة لمخاوف في المدى القريب حول الحكومة المناهضة للمؤسسات في إيطاليا والتي تؤثر سلبا على المعنويات تجاه منطقة اليورو.
وأضاف إنه على المدى الطويل "السوق من المرجح ان تتقارب مع "إستقرار النمو الأوروبي وإنحسار نشاط الاقتصاد الأمريكي".
وجاءت التحركات بعدما أظهرت بيانات إن نشاط قطاع الخدمات الأمريكي سجل مستوى قياسيا في سبتمبر ونمت وظائف القطاع الخاص بوتيرة أسرع من المتوقع. وهذا عزز توقعات المستثمرين بأن الاقتصاد الأمريكي سيستمر في التحسن بما يسمح للاحتياطي الفيدرالي مواصلة رفع أسعار الفائدة حتى إذا بدا ان التعافي في بقية دول العالم أقل إستقرارا.
وقال جيروم باويل رئيس الاحتياطي الفيدرالي يوم الاربعاء إن أسعار فائدة البنك المركزي "بعيدة عن المستوى المحايد" مما يعني انه يوجد مجال كبير للإستمرار في زيادة تكاليف الإقتراض قبل ان تبدأ تعوق النمو.
وتثير موجة البيع في السندات الأمريكية تداولات محمومة وهو ما يصب في صالح البنوك. فقد زادت أحجام تداول السندات الحكومية الأمريكية 25% في سبتمبر عن مستواها قبل عام وفقا لتدريد ويب في علامة على ان ارتفاع العوائد يثير فورة نشاط في مكاتب التداول. وزادت أحجام تداول السندات الحكومية الأوروبية 20% في نفس الفترة.
وأدى أيضا ارتفاع أسعار الفائدة والتفاؤل حول الاقتصاد الامريكي إلى صعود الدولار مقابل عملات الأسواق الناشئة، التي تتعرض لضغوط هذا العام. وهبطت عملة إندونسيا، الروبية، إلى أدنى مستوى جديد في 20 عاما بينما سجلت الروبية الهندية أحدث مستوياتها الأدنى قياسيا. ونزلت الليرة التركية 1.3%مقابل الدولار وخسر الروبل الروسي 1.1%.
وقال جاريث بيري، خبير العملات وأسعار الفائدة لدى بنك ماكويري في سنغافورة "الدولار مطلق العنان الأن في مواصلة ارتفاعاته".
ويقول محللون إن هذا يشير إلى صعوبات أكبر للأسواق الناشئة. فقوة العملة الخضراء تجعل من الباهظ على الدول والشركات سداد الديون الدولارية وفوائدها. وقد إضطرت البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة للدفاع عن عملاتها بما يزيد تكاليف الإقتراض المحلي. ويحد أيضا ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية من جاذبية الأصول التي تنطوي على مخاطر أكبر في دول أخرى.
وبعد ان كان المستثمرين المتعطشين للعائد متحمسين في الإقبال على شراء أسهم وسندات الدول النامية بعد نوبات سابقة من التوتر، أصبحوا أكثر ترددا في تكرار ذلك مؤخرا معللين ذلك بغموض حول توقعات التجارة العالمية واضطرابات اقتصادية في دول مثل تركيا والأرجنتين.
وقال البنك المركزي الإندونيسي إنه تدخل للحفاظ على إستقرار الروبية ببيع دولارات يوم الاربعاء. ورفع بالفعل أسعار الفائدة الرئيسية خمس مرات منذ مايو في محاولة لجذب تدفقات أجنبية.
وعلى الرغم من ان الأسواق الصينية تبقى مغلقة من أجل عطلات، فإن اليوان تداول في التعاملات الخارجية قرب أدنى مستوياته منذ سنوات عديدة ليبلغ الدولار الواحد 6.8975 يوان.
ويعتقد بعض المحللين إن البنك المركزي الصيني سيحاول منع اليوان من التراجع إلى 7 يوان للدولار خلال الأشهر القليلة القادمة—وهو مستوى قد يصيب المستثمرين المحليين بحالة من الذعر ويثير تدفقات خارجية لرؤوس الأموال الذي من شأنه إضعاف الاقتصاد الذي يتباطأ بالفعل.
ومع ذلك ستجد الصين، مثل بقية دول العالم، من الصعب التصدي للاحتياطي الفيدرالي. وقال كين تشوينج، خبير العمللات الأسيوية في ميزهو بنك بهونج كونج، "لازلت أرى ضغوط انخفاض في الوقت الحالي لأنه يوجد تفاوت في السياسة النقدية بين الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الصيني".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.