جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
يتنامى القلق في قلب صناعة السيارات بأوروبا حول التأثير الاقتصادي لتحول الصناعة نحو السيارات الكهربائية على حساب السيارات العاملة بالبنزين.
ويخشى مسؤولون ومديريون تنفيذيون في ألمانيا من ان شركات السيارات الكبرى والموردين ومزودي الخدمات في الدولة ليسوا مستعدين بالقدر الكافي لهذا التحول، وإن قيادتهم ربما لا تكون مطمأنة في عالم السيارات الكهربائية بما يهدد الوظائف والإيرادات الضريبية وحتى النمو الاقتصادي.
وليس تجميع السيارات الكهربائية بالتعقيد أو الإعتماد الكثيف على العمالة مثل تصنيع السيارات التقليدية كما يعتمد جزئيا على تكنولوجيا مستوردة. وفي نفس الأثناء، خطت الصين خطوات سريعة في عالم السيارات الكهربائية وتصبح منافسا كبيرا محتملا في هذا المجال.
والقلق حاد بشكل خاص في مدينة شتوتغارت، المقر لواحدة من أكبر مجموعات تصنيع السيارات في الدولة. ويأتي ذلك في وقت يظهر فيه أكبر اقتصاد في أوروبا علامات على الضعف وسط أجواء قاتمة تخيم بظلالها على التجارة العالمية.
وقالت نيكول هوفميستر كراوت، وزيرة الاقتصاد في ولاية بادن فورتمبيرغ، لصحيفة وول ستريت جورنال "نحن قلقون جدا...المنافسة مع الولايات المتحدة والصين تزداد صعوبة طوال الوقت. هدفنا لابد ان يكون الحفاظ على الإنتاج والوظائف في بادن فورتمبيرغ".
وفي جراج بشتوتغارت قبل 136 عاما، إخترع "غوتليب دايملر" و"فيلهيم مايباخ" محرك الإحتراق الداخلي الذي حرك صناعة السيارات العالمية منذ وقتها. ولكن أمثال دايملر وفولكسفاجن وبي.ام.دبليو مشغولين الأن بالتخلي عن هذا الإرث، والعمل نحو إنتاج ضخم من نماذج السيارات العاملة بالكهرباء.
وستبدأ بورش في سبتمبر إنتاج تايكان، أول سيارة لها تعمل بالكامل بالكهرباء. وبعد أسابيع، ستبدأ فولكسفاجن، الشركة الأم لبورش، بإنتاج نموذجها أي.دي، الذي يطلق عليه سيارة الشعب الجديدة. وتسرع دايملر وبي.ام.دبليو الجهود للكشف عن سياراتهما الكهربائية.
وتتنبأ الشركة الاستشارية في صناعة السيارات "أليكس بارتنرز" أن السيارات العاملة بالوقود ستمثل 56% فقط من السيارات الجديدة المباعة بحلول 2030، بإنخفاض من 95% الأن. وسيكون التحول الأكبر في أوروبا، التي فيها الجهات التنظيمية تضغط من أجل قيود صارمة على إنبعاثات الغازات الدفيئة.
ويتنبأ "معهد بحوث التوظيف" التابع للحكومة الألمانية بأن السيارات الكهربائية ستمثل 23% فقط من كافة السيارات الجديدة التي ستباع بحلول 2035 وإن الدولة ستخسر 20 مليار يورو (22.4 مليار دولار)من ناتجها، أو 0.6% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي و13% من قوتها العاملة الحالية في صناعة السيارات.
وتوظف الصناعة الأن حوالي 870 ألف على مستوى الدولة، تقريبا نصفهم في شتوتغارت. وهم يعملون في شركات من بينها روبرت بوش وشركة تصنيع المكابس Mahle AG ومئات من الشركات الأخرى.
والأمر لا يقتصر فقط على ألمانيا.
فيوجد 309 مصنعا لإنتاج وتجميع السيارات عبر أوروبا، منهم 72 مصنعا للمحركات. وسويا، يدعم القطاع 13.8 مليون وظيفة في أوروبا، أو 6.1% من إجمالي القوة العاملة بالاتحاد الأوروبي و11.4% من كافة وظائف قطاع التصنيع.
وهذا حوالي ضعف عدد الوظائف الأمريكية التي تعتمد على شركات تصنيع السيارات. وأغلب هذه الوظائف عالية الأجر ويشغلها أبناء الطبقة المتوسطة.
وفي شتوتغارت، التي فيها تسطع لافتة ميرسيدس بينز من أعلى المباني، تسود أجواء متشائمة حيث يعلن الموردون وشركات التصنيع هبوطا في المبيعات والأرباح في أعقاب إضطرابات ألمت بالاقتصاد العالمي، ويعد ملموسا الخوف من تخفيضات في الوظائف.
وقال ستيفان فولف، المدير التنفيذي لشركة "إلرينغ كلينغر"، وهي شركة صغيرة مقيدة بالبورصة تورد مواد عزل المحركات، "المعنويات سيئة. هذا مزيج من تطورات السوق والصين وعواقب السياسات التجارية لترامب".
وتعتمد جدا أوروبا—خاصة ألمانيا—على صناعة السيارات من أجل الوظائف والإيرادات الضريبية والناتج الاقتصادي بحيث ان أقل صدمة للقطاع من الممكن ان تكون ملموسة عبر الاقتصاد بأسره.
وأواخر العام الماضي، عندما إضطرت شركات تصنيع السيارات إلى تخفيض الإنتاج بسبب صعوبات في تطبيق إشتراطات جديدة للحد من الإنبعاثات الكربونية، كان فقدان الإيرادات مساهما كبيرا في إنكماش لربع سنوي في الاقتصاد الألماني، الذي هو الاقتصاد الأكبر إلى حد بعيد في أوروبا. وقالت الحكومة هذا الأسبوع إنه إنكمش مجددا في الربع الثاني.
ومن الجدير بالذكر إن اقتصاد ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية قام على ألاف من شركات الأعمال الهندسية الصغيرة التي تتقن صناعة منتجات تتفرد بها—أغلبها سلع رأسمالية وكثيرا ما ارتبطت بصناعة السيارات—وتبيعها عالميا مما خلق وظائف وثروة في الداخل.
ولكن الأن، يحاول موردو السيارات في شتوتغارت وعبر الدولة ان يبقى لهم مكان في هذه الصناعة.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.