جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
أشعل حظر طاريء فرضته منصة "روبن هود ماركتز" Robinhood Markets على تداول ثمانية أسهم الاسبوع الماضي موجة غضب عبر مختلف الأطياف السياسية مما أسفر سريعاً عن تدقيق على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات وقاد العملاء المستائين إلى أحضان المنافسين.
وكان هذا يوم الخميس. وبحلول ظهر يوم الجمعة، قيدت المنصة شراء الأسهم في 23 شركة. ثم بعدها بقليل، وصل العدد إلى 50.
وقد تطورت المسألة التي بدأت بقفزة غير مفهومة في أسهم شركة ألعاب الفيديو "جيم ستوب كورب " GameStop Corp هذا الشهر إلى تمرد شامل من المستثمرين الأفراد على الوضع القائم في وول ستريت وتركت "روبن هود"، التي لطالما كانت شركتهم المحببة للوساطة، حائرة بين إرضاء العملاء وتلبية المطالب الصارمة للأوصياء على عالم المال. واضطرت الشركة بفعل الضغوط المتزايدة لجمع أكثر من مليار دولار كتمويل جديد و مئات الملايين الإضافية من الدولارات كقروض.
وهذه الشركة الناشئة، التي سعت من البداية إلى "إضفاء طابع ديمقراطي على استثمار المال بجعله متاح للجميع"، تجد نفسها الأن في وضع حرج بإبلاغ العملاء أنه لا يمكنهم شراء كل ما يريدونه. وأشار إعلان وظيفة عبر الإنترنت إلى التعقيدات التي تواجه شركة سيليكون فالي، إذ تبحث "روبن هود" عن مسؤول علاقات لممارسة الضغط على الحكومة الاتحادية.
وقال جيمز أنجيل، الأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون: "من الواضح أن هذا ليس وضعاً جيداً لشركة وساطة". "لا تريد أي شركة أن ترفض عملاء يريدون إستخدام خدمتها. سأكون مصدوماً إذا ما إستمر ذلك لوقت طويل".
وفي منشور على مدونة ليل الجمعة، وصفت الشركة القيود بالضرورية والمؤقتة.
وعلقت "روبن هود" على قرارها بفرض قيود قائلة "لم يكن الأمر بسبب أننا أردنا منع أشخاص من شراء هذه الأسهم". "هدفنا هو تمكين شراء كل الأوراق المالية على منصتنا. لكن هذه سوق نشطة ومتقلبة، ويتعين علينا إتخاذ إجراء لضمان أننا نلبي إشتراطاتنا كوسيط حتى يمكننا مواصلة خدمة عملائنا على المدى الطويل".
ورفضت متحدثة باسم الشركة أن تعلق بأكثر مما ورد في منشور المدونة.
التداول والمكافئات
ويدخل في صميم كل هذا الجدل تطبيق متميز جدا ل"روبن هود"، الذي جذب ملايين المستثمرين بتجربة بدا أنها تتحدى قوانين الطبيعة المعتادة لوول ستريت. فمع تركيز على السرعة، تسمح الشركة للوافدين الجدد بدء التداول بمجرد القيام بتحويل بنكي. وتمنحهم سهماً مجانياً لإنشاء حساب. وبعدها هناك أكثر مصدر جذب على الإطلاق ألا وهو أن التداولات بدون رسوم.
وليس غريباً أن "روبن هود" أصبح لديها جحافل من المحبين الذين يتوقعون شراء أسهم وخيارات وحتى عملات رقمية بدون أدنى شعور بعائق. لكن هذا الأسبوع، إصطدمت هذه الثقافة بالواقع. فالتداول في وول ستريت هو نشاط يخضع لتنظيم صارم بحيث من الممكن أن يُشترط على شركات الوساطة أن يكون لديها أكوام متاحة من النقود.
وبعد أن دخل عملاء "روبن هود" في صراع مع صناديق التحوط بالصعود بأسهم جيم ستوب وشركات منبوذة أخرى إلى مستويات خرافية، إشترط المركز الرئيسي لتسوية المعاملات في السوق (المقاصة) أن تقدم الشركة ضماناً أكبر بكثير للحد من الخطر الذي تشكله هذه التقلبات على النظام المالي. وفي منشورها على المدونة، قالت "روبن هود" أن الإيداعات التي إضطرت لتقديمها من أجل الأسهم قفزت عشرة أضعاف خلال الأسبوع.
ويعني ذلك أن "روبن هود" كانت بحاجة إلى مزيد من الأموال. ولمنع عبئها من أن يصبح أكبر، بدأت الشركة—مثل بعض الشركات الأخرى—تقييد تداولات معينة. ومنعت في البداية شراء بعض الأسهم الأكثر تقلباً. ورغم أنها سمحت به في وقت لاحق بكميات محدودة، بيد أن قائمة الشركات المقيد التداول عليها طالت. وحتى ليل الجمعة، سُمح للعملاء الذين يتمنون شراء جيم ستوب بسهم واحد فقط.
وقال أنجيل من جامعة جورج تاون، الذي يتخصص في دراسة هيكليات السوق، "ما تعهدت به روبن هود هو التداول بالمجان والمكافئات عندما تتداول". "لكن قواعد النظام المالي تطبق في كل مكان. وأي مستثمرين يفكرون في مغادرة "روبن هود" لمواصلة المهمة التي بدأوها هناك "سيجدون في النهاية أن أغلب الوسطاء الأخرين مثلهم مثلها إلى حد كبير".
صعوبات البداية
إستقطبت "روبن هود"، التي تأسست في 2013، المستثمرين الصغار والمبتدئين الذين طال تجاهلهم بابتكارات من بينها تعهدها بأن تكون التداولات عليها بدون عمولة. وقدمت على سبيل المثال أسهم كسرية (جزء من السهم) للسماح للأفراد الذين ليس بمقدورهم دفع حوالي 800 دولار لشراء سهم واحد من تسلاأن يشتروا في المقابل جزءً من سهم. وأصبحت هذه السمات معياراً في الصناعة بحيث بات التداول بالمجان هو التقليد السائد، وتسمح شركتا "شارلز شواب" Charles Schwab و"فيدلتي إنفيسمنتز" Fidelty Investments للعملاء شراء السهم على "أجزاء" أيضا.
وبينما تفشت جائحة فيروس كورونا العام الماضي، أقبل المستثمرون الأفراد على السوق متطلعين إلى جمع نقود إضافية وتسلية وقتهم خلال الإغلاقات. وقفزت قاعدة عملاء "روبن هود" لأكثر من 13 مليون. وحتى في ظل اضطرابات هذا الأسبوع، هيمن تطبيقها على ترتيب التحميلات عبر الإنترنت.
وعانت الشركة مراراً من تعطلات بعدما تفشت جائحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة العام الماضي وقلبت حال الأسواق رأسا على عقب. وفي وقت لاحق من العام، عندما دخل مخترقون إلى ألاف الحسابات، إكتشف المستخدمون المذعورون أن الشركة ليس لديها رقم هاتف لخدمة العملاء.
وقال جيم توس، رئيس رابطة المتداولين في الأوراق المالية، أن مبتكري التكنولوجيا المالية يجب أن يتعلموا تعقيدات أليات وول ستريت وأنظمة الإمتثال بشكل أسرع.
وقال توس في مقابلة يوم الجمعة: "علينا أن نجد وسيلة لجعل صعوبات البداية تحدث في فترة زمنية أقصر بكثير". "لدينا العديد من شركات التقنية المالية تأتي إلى سوقنا الذي فيه الخبرة ترتبط بشكل أكبر بالتكنولوجيا".
حملة العملاء
وفي الأشهر الأخيرة، تستعين "روبن هود" بمساعدة قانونية بتوظيف محامين من بنك جولدمان ساكس Goldman Sachs وويلز فارجو Wells Fargo وشوابس تي دي أميراتريد Schwab’s TD Ameritrade وويلمر هيل WilmerHale، وهي شركة محاماة معهود عنها خبرتها في قانون الأوراق المالية.
لكن تناقض تدافع هذا الأسبوع على جمع تمويل مع أوضاع في الماضي تبرهن على السلامة المالية للشركة.
فأعلن الفرع التابع ل"روبن هود" الذي يتعامل مع التداولات عن سيولة مالية وافرة في بيان مالي صدر في منتصف العام. وفي نهاية يونيو، كان لدى هذه الوحدة 14 ضعف الحد الأدنى الذي تشترطه قواعد لجنة الأوراق المالية والبورصات من رأس المال مقارنة بما يدين به العملاء المتداولون. وتجاوز هذا المستوى منافسين أكبر. فكان لدى وحدة التداول التابعة ل Charles Schwab’s TD Ameritrade ، على سبيل المثال، ستة أضعاف الحد الأدنى للجنة الأوراق المالية والبورصات يوم 30 سبتمبر.
وقبل أشهر قليلة، بدأت مجموعات من المتحمسين على موقع التواصل الاجتماعي "ريدت" Reddit وضع الأساس لحمى تداولات إجتاحت "روبن هود" هذا الأسبوع. وفي تدوينات عبر الإنترنت، حددوا مراكز البيع المفضلة لصناديق التحوط، وفي النهاية أجبروا هذه الصناديق على تصفية قسرية لمراكز البيع من خلال شراء محموم لأسهم جيم ستوب GameStop وشركة ايه.ام.سي إنترتينمنت AMC Entertainment Holdings لإلحاق خسائر بمليارات الدولارات بمديري الأموال.
مطالب مؤسسة الإيداع والمقاصة DTCC
لكن كان لتحركات الأسهم تداعيات أخرى. بحلول الساعة 10 صباحا (بالتوقيت المحلي) يوم الخميس، طلبت مؤسسة الإيداع والمقاصة الأمريكية ضماناً أكبر بكثير من شركات الوساطة، مما دفع "روبن هود" ومنافسين لكبح تداولات معينة. وبنهاية اليوم، قفزت اشتراطات الضمان إلى 33.5 مليار دولار من 26 مليار دولار—الذي هو مستوى مرتفع بالفعل.
وسحبت "روبن هود" مئات الملايين من الدولارات على الاقل من خطوط ائتمان بنكية، بحسب ما قاله شخص مطلع في ذلك اليوم. كما شارك عدد من المستثمرين المغامرين في جولة تمويل. وقالت "روبن هود" أنها جمعت أكثر من مليار دولار، الذي وصفته "بعلامة قوية على الثقة من المستثمرين التي ستساعدنا على مواصلة خدمة عملائنا".
وبينما تعمل "روبن هود" على تدعيم مالياتها، إلا أن العملاء غاضبون.
وأقيمت 18 دعوة قضائية على الأقل ضد الشركة في ولايات كاليفورنيا وكونكتيكت وفلوريدا وإلينوي ونيو جيرسي وأوريجون وبنسلفانيا وتكساس، أغلبها يزعم أن قيود التداول ترتقي إلى الإخلال بالعقد.
وتسلط الوظيفة الشاغرة في روبن هود لمسؤول علاقات للضغط على الحكومة الاتحادية، الضوء على حجم العمل الكبير الذي ينتظرها لإصلاح الأمور مع عملائها والسلطات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.