Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

"تحليل - ترامب و"اقتصاد الشعوذة

By تشرين2/نوفمبر 13, 2017 1301

يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالتعاون مع الجمهوريين في الكونجرس، لتطبيق تخفيضات ضريبية ستضخم العجز المالي وتضيف للدين العام وفي نفس الوقت ستصب في صالح الأغنياء على حساب الأمريكيين المنتمين للطبقتين المتوسطة والعاملة. لمرة أخرى، لن يتردد ترامب في خيانة الشعب المخدوع الذي صوت لصالحه.

بعد محاولات عديدة فاشلة لإلغاء واستبدال "قانون الرعاية الصحية بكلفة معقولة" الذي تم إقراره في عام 2010 والمعروف باسم (أوباما كير)، تأمل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الآن تحقيق أول انتصار تشريعي لها من خلال تقديم اعفاءات ضريبية ضخمة اسمتها "الإصلاح الضريبي". ولتحقيق هذه الغاية، كشف الجمهوريون في الكونجرس الأميركي النقاب عن مشروع قانون إذا تم إقراره قد يتسبب في توسيع العجز بشكل هائل وزيادة الدين العام بنحو 4 تريليون دولار على مدار العقد المقبل. 

الأسوأ من هذا هو أن خطة الجمهوريين صُممت لتوجيه أغلب الفوائد إلى الأثرياء. فهي تخفض معدل الضريبة على الشركات من 35% إلى 20%، وخفض الضريبة على المكاسب الرأسمالية (أرباح الاستثمار)، وإلغاء ضريبة التركات، وتقديم تغييرات أخرى تعود بالنفع على الأثرياء.

وعلى غرار مقترحات الرعاية الصحية من جانب الجمهوريون، لا تقدم خطتهم الضريبية سوى أقل القليل للأسر المكافحة من الطبقتين المتوسطة والعاملة. ولا يزال ترمب يحكم بوصفه زعيما شعبويا ثريا ــ أو بالأحرى حاكم ثري يتظاهر أنه شعبوي ــ والذي لم يتردد في خيانة الشعب الذي خدعه بالتصويت لصالحه.

قبل إطلاق الخطة الحالية، مرر الجمهوريون في الكونجرس قرارات لخفض الضرائب بواقع 1.5 تريليون دولار على مدار العقد المقبل. إلا أن التخفيض الضريبي الفعلي من المرجح أن يكون أكبر بكثير. على سبيل المثال، يعني اقتراح خفض معدل الضريبة على الشركات إلى 20% خفضا ضريبيا يعادل 2.5 تريليون دولار، بمجرد الوضع في الاعتبار تخفيضات ضريبية أخرى تشتمل عليها الخطة. وللإبقاء على التخفيضات الضريبية عند مستوى أقل من 1.5 تريليون دولار، لابد من الإبقاء على معدل الضريبة على الشركات عند مستوى أعلى من 28% وتوسيع القاعدة الضريبية.

ولتغطية هذا الفارق، يقترح مشروع القانون تحديد سقف لخصم على فوائد الرهون العقارية ، وأيضا  سقف على خصم للضريبة العقارية، فضلا عن إلغاء مزايا ضريبية أخرى يحظى بها أبناء الطبقة المتوسطة. كما تعتزم الخطة إلغاء أو تحديد سقف لخصم الضريبة على الدخل على مستوى الولايات والمحليات ــ أي لمرة أخرى الضغط على الطبقة المتوسطة لتغطية تكاليف التخفيضات الضريبية لصالح الأثرياء.

المشكلة هي أن إلغاء خصم الضرائب على مستوى الولايات والمحليات لن يوفر سوى 1.3 تريليون دولار من الإيرادات على مدار العقد المقبل. ولأن هذا التغيير من شأنه أن يلحق الضرر بالأسر ذات الدخل المتوسط، فسوف يعارضه العديد من الجمهوريين في الولايات التي تفرض ضرائب مرتفعة مثل نيويورك، ونيوجيرسي، وكاليفورنيا. وإذا انتهى الجمهوريون في الكونجرس وإدارة ترمب إلى الإبقاء على الخصم الضريبي على مستوى الولايات والمحليات، فإن تخفيضاتهم الضريبية سوف تضيف 3.8 تريليون دولار إلى الدين العام على مدار العقد المقبل.

علاوة على ذلك، يريد الجمهوريون أن تكون تخفيضاتهم الضريبية دائمة. لكنهم يحاولون سن مشروع قانونهم من خلال عملية توفيق الميزانية في الكونجرس، والتي تستلزم أن تكون أي تخفيضات ضريبية تضيف إلى العجز بعد عشر سنوات مؤقتة. وحتى إذا أبقت خطة الجمهوريين حقا على التخفيضات عند مستوى 1.5 تريليون دولار، فإنها تظل غير متوافقة مع هذه القاعدة.

يزعم ترمب والجمهوريون في الكونجرس أن التخفيضات الضريبية ستعزز النمو الاقتصادي، وبالتالي الإيرادات. ولكن نماذج القياس تُظهِر أن زيادة النمو ستغطي التكلفة بنحو الثلث فقط على الأكثر: فسوف تواجه الولايات المتحدة خسارة في الإيرادات بنحو تريليون دولار وليست 1.5 تريليون دولار.

كيف يعتزم الجمهوريون إذاً التحايل على هذه القواعد المالية؟ في البداية، سوف يفرض الجمهوريون التخفيضات على ضريبة الدخل الشخصي بحيث تنتهي بعد عشر سنوات، كما فعلت إدارة الرئيس جورج دبليو بوش. وهذا من شأنه أن يعطيهم متسعا من الوقت للاستمتاع بالمكاسب السياسية المترتبة على التخفيضات الضريبية ــ بدءا بانتخابات التجديد النصفي للكونجرس في عام 2018 ــ قبل فترة طويلة من بدء سريان القانون.

غير أن التخفيضات الضريبية لصالح الشركات مسألة أخرى، لأن جعلها مؤقتة من شأنه أن يفسد الغرض منها. فالشركات تعمل وفقا لأفق زمني أطول كثيرا مقارنة بالأسر، ومن غير المرجح أن تعزز استثماراتها في الاستجابة لتخفيضات تستمر لعشر سنوات فقط.

وفي محاولة للتغلب على هذه المشكلة، قد يقرر ترامب والجمهوريون تحدي القواعد المعمول بها في الكونجرس أو التلاعب بها. أو ربما يعتمدون على نماذج اقتصادية غير تقليدية وغير مختبرة للزعم بأن تخفيضاتهم محايدة التأثير فيما يتصل بالإيرادات، وأنها ستحدث تأثيرا أكبر كثيرا على النمو مقارنة بما تشير إليه النماذج القياسية.

وتشير تقديرات أغلب خبراء الاقتصاد المنتمين إلى التيار الرئيسي إلى أن التخفيضات الضريبية بالحجم المقترح من شأنها أن تزيد النمو المحتمل في الولايات المتحدة بنحو 20 نقطة أساس على الأكثر، لكي يرتفع معدل النمو من نحو 2% إلى 2.2% بمرور الوقت. غير أن ترمب ومستشاريه يتشبثون بزعم زائف أن النمو سوف يرتفع إلى 3% أو حتى 4%.

وإذا كان هذا التخطيط البعيد المنال يبدو أشبه "باقتصاد الشعوذة" من جديد، فإن هذا لأنه حقا كذلك. ظهر مصطلح "اقتصاد الشعوذة" في الانتخابات الرئاسية عام 1980 ، عندما انتقد الرئيس جورج بوش الأب رونالد ريجان لزعمه أن تخفيضاته الضريبية المقترحة تغطي تكاليفها. ثم ثبتت صحة رأي بوش بعد بضع سنوات فقط، عندما أحدثت تخفيضات إدارة ريجان الضريبية فجوة ضخمة في الماليات العامة الأمريكية.

ومع ذلك دأبت الإدارات الجمهورية على مواصلة التخفيضات الضريبية غير محتملة الاستمرار وغير المطلوبة التي تعود بالفائدة على الأثرياء في الأساس ، والتي أفضت إلى مستويات عجز متزايد الحجم فضلا عن تريليونات من الدولارات في صورة دين عام إضافي. ومن الواضح أن إصرار الجمهوريين على التخفيضات الضريبية المتهورة بمجرد توليهم السلطة يكذب مزاعم الانضباط المالي التي يدعونها لأنفسهم.

وما يزيد الأمور سوءا أن الرئيس الشعبوي الثري الذي يحكم أميركا الآن يروج لخطة ضريبية ستزيد عدوة المساواة الاقتصادية في وقت تزداد تتسع فيه بالفعل فجوات الدخل والثروة، نظرا لأثار العولمة، والتجارة، والهجرة، والتقنيات الجديدة الموفرة للعمالة، ودمج الأسواق في قطاعات كثيرة.

ولأن الأثرياء يميلون إلى الادخار أكثر من أبناء الطبقتين المتوسطة والعاملة الذين يضطرون إلى إنفاق نسبة أكبر من دخلهم على الاحتياجات الأساسية، فإن خطة ترمب لن تعود بفائدة تُذكر على النمو الاقتصادي؛ بل إنها قد تؤدي حتى إلى تراجعه. وسوف تضيف المزيد إلى أعباء الدين العام المرتفعة بشكل مفرط في الولايات المتحدة. إنه إصلاح زائف، تقدمه إدارة "الحقائق المتبدلة" وحزب فقد توجهه الاقتصادي.

 

بقلم الخبير الاقتصادي البارز "نوريل روبيني"

 

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.