جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
توصلت بريطانيا إلى اتفاق تجاري تاريخي مع الاتحاد الأوروبي تتفادى به خطر حدوث انفصال مرير وتضع الأسس لعلاقة جديدة مع أكبر وأقرب شريك تجاري لها.
وووضع المفاوضات اللمسات الأخيرة على الاتفاق، الذي سيُكمل انفصال بريطانيا عن التكتل، عشية عيد الميلاد، قبل أيام من الموعد المقرر لمغادرة الدولة السوق المشتركة والاتحاد الجمركي للتكتل.
وسيسمح الاتفاق بتجارة دون تعريفات جمركية أو نظام حصص في السلع بعد يوم 31 ديسمبر، لكن هذا لن يسري على صناعة الخدمات—التي تمثل حوالي 80% من الاقتصاد البريطاني—أو قطاع الخدمات المالية.
وستواجه أيضا الشركات التي تصدر السلع سباقاً مع الزمن للاستعداد لعودة أعمال الفحص الجمركي على الحدود في نهاية العام وسط تحذيرات من حدوث اضطراب في موانيء بريطانيا. ويأتي الاتفاق بعد ثلاثة أيام من فوضى عند المعبر الرئيسي بين بريطانيا وفرنسا والذي أعطى تذكيراً بمدى السرعة التي يمكن أن تخنق بها التعطلات على الحدود التجارة الدولية.
وبعد مرور أكثر من خمس سنوات مضطربة على انتخابات عامة أطلقت سلسلة من الأحداث المتعاقبة التي ستحول شكل السياسة البريطانية وصلات الدولة ببقية أوروبا، يقيم الاتفاق إطار عمل جديد للشركات على جانبي القنال الانجليزي ويحرر البرلمان البريطاني من قيود كثيرة تفرضها العضوية بالاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لبوريس جونسون، مهندس حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وثالث رئيس وزراء منذ تصويت 2016 على مغادرة الاتحاد، يمثل الاتفاق علامة فارقة جديدة بعد أكثر قليلا من 12 شهر على نيله تفويض حاسم من الناخبين على تعهد "بإتمام البريكست".
وفي ظل انقسام الناخبين وتضرر الماليات العامة من جائحة كوفيد-19 ومطالبة الاسكتلنديين بانفصال عن بقية المملكة المتحدة، سيكون التحدي القادم لرئيس الوزراء إثبات أن بريطانيا يمكن لها أن تزدهر خارج السوق المشتركة والاتحاد الجمركي للتكتل الأوروبي، وهو وضع يضعها خلف دول غير عضوه أخرى مثل النرويج وسويسرا عندما يتعلق الامر بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي.
ولازال ستواجه الشركات أعمال فحص جمركي على الحدود والذي أظهرت استطلاعات للرأي أنها غير مستعدة له، فيما يواجه المستهلكون في أيرلندا الشمالية احتمال حدوث نقص في بعض السلع إذ تتكيف الشركات مع أوراق رسمية جديدة مطلوبة.
وفي أسوأ سيناريو تخيلي، حذرت حكومة جونسون نفسها من طابور طويل ل7000شاحنة، وهو ما يكفي أن يمتد من ميناء دوفر إلى قصر ويستمنستر.
وتذوقت بريطانيا مذاق الفوضى المحتملة هذا الأسبوع بعد أن اغلقت فرنسا حدودها رداً على تفشي سلالة جديدة لفيروس كورونا في بريطانيا، تاركة مئات الشاحنات المتجهة إلى ميناء دوفر متكدسة على الطرق المحلية. ولتخفيف هذا الخطر، شيدت الحكومة باحات انتظار للشاحنات وسيكون مطلوباً من السائقين الذين يدخلون مدينة كينت تصريحاً و إلا يتعرضون للغرامة.
وخارج السوق المشتركة للاتحاد الأوروبي، ستُحرم شركات الخدمات المالية البريطانية من جواز مرور يسمح لها بتقديم خدماتها عبر التكتل وستواجه انتظاراً لترى ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيمنح هذا الدخول—وهو شيء لازال غير مضمون إلى حد بعيد ، وحتى إذا تم السماح به فإنه يمكن سحبه في أي وقت.
وهذا سمح لدبلن وفرانكفورت وأمستردام وباريس أن تبدأ تقويض هيمنة لندن كمركز مالي لأوروبا. وتعد بنوك مثل جي بي مورجان تشيس وجولدمان ساكس من بين مؤسسات نقلت بالفعل حوالي 7500 موظفاً وأصولاً بقيمة 1.6 تريليون دولار خارج بريطانيا بسبب البريكست.
ويخفف الاتفاق بعض التكاليف الاقتصادية العاجلة لمغادرة الاتحاد الأوروبي. فمن شأن البريكست بدون اتفاق أن يقطتع 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021، بحسب بلومبرج ايكونوميكس. لكن لازال النمو سيكون أقل 0.5% في كل عام على مدار السنوات العشر القادمة مقارنة به لو كانت ظلت بريطانيا داخل التكتل.
ومقابل الدولار، لا يزال يتداول الاسترليني دون مستواه قبل تصويت البريكست. ويعد مؤشر الأسهم الرئيسي لبريطاني فوتسي 100 من بين المؤشرات الأسوأ أداءً في غرب أوروبا هذا العام.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، يجنب التوصل إلى اتفاق تسميم أجواء العلاقات مع جارة مهمة من الناحية الدبلوماسية والتجارية لسنوات، ويقدم أساساً لتعاون أكبر في المستقبل.
وعلى خلاف اتفاقيات تجارية مشابهة أخرى، سيقيم الاتفاق أُطر عمل لمعايير مشتركة في الطيران ودعم الشركات وحقوق العاملين والبيئة بالإضافة إلى إنفاذ القانون.
وجعل النطاق الواسع للاتفاقية التفاوض عليها أكثر تعقيداً: فقاومت بريطانيا دعوات الاتحاد الأوروبي بأن تجعل قواعدها بشأن دعم الشركات متماشية مع قواعد التكتل، فيما ضغطت فرنسا من أجل دخول مستمر إلى مياه الصيد البريطانية.
وفي ظل خلاف الجانبين حول القضيتين—الذي جعل أي اتفاق مستحيل دون حلهما—أصبحت سريعاً المفاوضات متعثرة.
وبعد أن تسبب فيروس كورونا في توقف المفاوضين عن الاجتماع وجهاً لوجه، رفض جونسون تمديد فترة انتقالية بعد البريكست لما بعد نهاية العام. وهذا فرض ضغوطاً على الفرق التفاوضية، مع عمل المسؤولين على مدار الساعة وتم تفويت مواعيد نهائية عديدة. وفي وقت ما في أكتوبر، هدد رئيس الوزراء بالانسحاب بدون اتفاق.
والأن بعد أن توصل لاتفاق، يواجه جونسون تحدي الحكم بدون بُعبع بروكسل الذي كان يلقي بالائمة عليه في الانتكاسات، مدركاً أنه وحزب المحافظين الذي يتزعمه ستصدر الأحكام عليهما بناء على أداء الدولة كبلد مستقل.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.