Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

المحكمة العليا تُخضع محامي ترامب لاستجواب قاسٍ حول قانونية الرسوم الجمركية

By تشرين2/نوفمبر 05, 2025 20

واجه المحامي الممثل لإدارة دونالد ترامب يوم الأربعاء أسئلة صعبة من قضاة المحكمة العليا الأمريكية، سواء من التيار المحافظ أو الليبرالي، حول قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الجمهوري — في قضية تحمل انعكاسات على الاقتصاد العالمي وتشكل اختبارًا رئيسيًا لصلاحيات ترامب الرئاسية.

وخلال الجلسة، ضغط القضاة على المحامي العام الأمريكي دي. جون ساور، الذي يترافع باسم الإدارة، متسائلين عما إذا كان ترامب قد تجاوز صلاحيات الكونجرس عندما فرض الرسوم استنادًا إلى قانون صدر عام 1977 مخصص لحالات الطوارئ الوطنية.

كما سأل القضاة ساور عما إذا كان تطبيق ترامب لهذا القانون لفرض رسوم مفتوحة المدة وغير محدودة يمثل إجراءً ضخمًا من السلطة التنفيذية يتطلب تفويضًا واضحًا من الكونجرس — في إشارة إلى ما يُعرف بـ مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine) الذي ينص على أن القرارات التنفيذية ذات الأثر الاقتصادي والسياسي الواسع يجب أن تستند إلى تفويض تشريعي صريح.

القضية المعروضة أمام المحكمة جاءت بعد أن أقرت محاكم أدنى بأن استخدام ترامب غير المسبوق لذلك القانون تجاوز سلطاته، ما دفع إدارته لتقديم استئناف أمام المحكمة العليا. وكانت شركات أمريكية تضررت من الرسوم إلى جانب 12 ولاية (معظمها ديمقراطية) قد رفعت الدعوى ضد تلك الإجراءات.

الرسوم — وهي بمثابة ضرائب على السلع المستوردة — يمكن أن تُدر على الولايات المتحدة تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل.

ويمارس ترامب ضغوطًا على المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة (6-3)، من أجل الإبقاء على الرسوم التي يعتبرها أداة محورية في سياساته الاقتصادية والخارجية.

حتى بعض القضاة المحافظين وجهوا أسئلة نقدية إلى نيل كاتيال، محامي الشركات التي تطعن في تلك الرسوم.

واستهل ساور مرافعته مدافعًا عن الأساس القانوني الذي اعتمد عليه الرئيس، لكنه واجه سريعًا شكوكًا من القضاة حول تفسير الإدارة للغة القانون وهدفه.

يُذكر أن ترامب استند إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لفرض الرسوم على معظم شركاء التجارة الأمريكيين. ويمنح هذا القانون الرئيس صلاحيات لتنظيم التجارة في حالات الطوارئ الوطنية.

قال ساور إن ترامب رأى أن عجز الميزان التجاري الأمريكي أوصل البلاد إلى شفا كارثة اقتصادية وأمنية وطنية. وأضاف أن فرض الرسوم الجمركية ساعد الرئيس في التفاوض على اتفاقيات تجارية، محذرًا من أن إلغاء تلك الرسوم أو الاتفاقيات “سيعرّضنا لانتقام تجاري شرس من دول أكثر عدوانية، ويدفع أمريكا من موقع القوة إلى الفشل، مع عواقب مدمّرة اقتصاديًا وأمنيًا”.

يُذكر أن الدستور الأمريكي يمنح الكونجرس، وليس الرئيس، سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية. لكن إدارة ترامب تجادل بأن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يمنح الرئيس صلاحية "تنظيم" الواردات في مواجهة حالات الطوارئ، وهو ما يبرّر، بحسبها، فرض الرسوم.

إلا أن رئيس المحكمة العليا المحافظ جون روبرتس قال لساور إن فرض الضرائب على الأمريكيين كان دائمًا من الصلاحيات الجوهرية للكونجرس، مضيفًا أن هذه الرسوم تبدو في جوهرها وسيلة لجمع الإيرادات، وهو أمر يختص به الكونغجس بموجب الدستور.

بدورها، القاضية المحافظة آمي كوني باريت تساءلت عن تفسير ساور لعبارة “تنظيم الاستيراد” في القانون، معتبرة أن من غير الواضح أن هذه العبارة تمنح الرئيس سلطة فرض رسوم جمركية. وسألته قائلة: “هل يمكنك الإشارة إلى أي موضع آخر في القانون أو في التاريخ استخدمت فيه عبارة ‘تنظيم الاستيراد’ لتفويض سلطة فرض الرسوم الجمركية؟”

ويُعد ترامب أول رئيس يستخدم قانون الصلاحيات الطارئة  لفرض رسوم جمركية، وهو ما يندرج ضمن سلسلة من الإجراءات التي وسّع فيها نطاق سلطاته التنفيذية منذ عودته إلى البيت الأبيض، سواء عبر تشديد سياسات الهجرة، أو إقالة مسؤولين في الوكالات الفدرالية، أو نشر قوات داخلية.

وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قبل المرافعات إنه حتى لو حكمت المحكمة العليا ضد استخدام ترامب للقانون ، فمن المرجّح أن تظل الرسوم قائمة لأن الإدارة يمكنها الاعتماد على قوانين أخرى كأساس قانوني بديل.

وفي هذا السياق، طرح القاضي المحافظ صموئيل أليتو تساؤلًا حول المادة 338 من قانون الرسوم الجمركية لعام 1930، مشيرًا إلى أنها قد تشكل أساسًا قانونيًا بديلاً لرسوم ترامب. ويُذكر أن ترامب فرض رسومًا إضافية أخرى استنادًا إلى تشريعات مختلفة، لكنها ليست محل نزاع في هذه القضية.

وكان ترامب قد أشعل حربًا تجارية عالمية فور عودته إلى الرئاسة في يناير، ما أثار توترات مع الشركاء التجاريين، وزاد من تقلبات الأسواق المالية، وعمّق حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.

مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine)

طبّقت المحكمة العليا الأمريكية مبدأ “القضايا الكبرى” في السابق لإبطال سياسات رئيسٍ ديمقراطي سابق هو جو بايدن، إذ ينص هذا المبدأ على أن أي إجراء تنفيذي له تأثير اقتصادي أو سياسي واسع النطاق يجب أن يكون مفوضًا بوضوح من الكونجرس.

وقال المحامي جون ساور، ممثل إدارة ترامب، إن إجراءات الرئيس بفرض الرسوم الجمركية لا تنتهك هذا المبدأ، معتبرًا أن القانون الذي استند إليه  يمنحه الصلاحية لتنظيم الواردات في حالات الطوارئ. إلا أن محكمة أدنى درجة كانت قد رأت العكس، معتبرة أن الرسوم تتعارض مع مبدأ القضايا الكبرى وبالتالي غير مشروعة.

وخلال جلسة المرافعة، تساءل بعض القضاة عما إذا كانت رسوم ترامب ستصمد أمام هذا المبدأ، مشيرين إلى أن الكونجرس لم يذكر صراحةً كلمة “رسوم” في القانون محل النزاع.

وطلب رئيس المحكمة العليا جون روبرتس من ساور تفسير سبب عدم انطباق مبدأ القضايا الكبرى على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بموجب هذا القانون، قائلاً: “إن التبرير المستخدم يمنح سلطة فرض رسوم على أي منتج، من أي دولة، وبأي مقدار، ولأي مدة. لا أقول إن ذلك مستحيل، لكنه يبدو سلطة ضخمة، والأساس القانوني لهذا الادعاء لا يبدو مناسبًا تمامًا. فلماذا لا ينطبق المبدأ إذن؟”

ورد ساور بأن هذا المبدأ لا يُطبّق في سياق العلاقات الخارجية، لكن روبرتس شكك في ذلك، قائلاً إن صلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية لا يمكن أن تتجاوز صلاحيات الكونجرس الجوهرية، مضيفًا: “الأداة هنا هي فرض ضرائب على الأمريكيين، وهذه كانت دائمًا من السلطات الأساسية للكونجرس.”

تاريخيًا، تميل المحكمة العليا إلى منح الرئيس هامشًا واسعًا في إدارة السياسة الخارجية، وهو ما أشار إليه روبرتس أثناء استجوابه للمحامي نيل كاتيال، الذي يمثّل الشركات المعارضة للرسوم.

وسأل روبرتس كاتيال: “صحيح أن الرسوم تُعد نوعًا من الضرائب، وهي من صلاحيات الكونجرس، لكنها ضريبة موجهة نحو الخارج، أليس كذلك؟ والسياسة الخارجية هي من صلاحيات السلطة التنفيذية.”

وأشار روبرتس إلى أن رسوم ترامب منحت إدارته بلا شك ورقة ضغط في المفاوضات التجارية الدولية، لكن كاتيال رد قائلاً إن صلاحيات الرئيس في حالات الطوارئ ليست بلا حدود، وأن الجمهور بحاجة إلى معرفة أين تنتهي هذه الحدود.

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا وقفت إلى جانب ترامب في عدة قرارات طارئة هذا العام. ورغم أن المحكمة عادةً ما تستغرق أشهرًا لإصدار أحكامها بعد سماع المرافعات، فإن إدارة ترامب طلبت منها البت سريعًا في هذه القضية نظرًا لأثرها الاقتصادي الواسع.

صلاحيات الرئاسة

 وجهت القاضية الليبرالية إيلينا كاغان أسئلة حادة إلى ساور بشأن ادعائه أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تستند إلى الصلاحيات الدستورية الأصيلة للرئيس.

وقالت كاغان إن سلطة فرض الضرائب وتنظيم التجارة الخارجية تُعد عادةً من السلطات الجوهرية (الأساسية) التي تعود إلى الكونجرس، لا إلى الرئيس.

 من جانبها، أكدت القاضية الليبرالية كيتانجي براون جاكسون أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) كان يهدف في الأصل إلى تقييد صلاحيات الرئيس، لا إلى توسيعها.

وقالت جاكسون: "من الواضح جدًا أن الكونجرس كان يحاول تقييد سلطات الطوارئ الممنوحة للرئيس، وليس العكس."

  أما القاضي المحافظ بريت كافانو، فقد أبدى ميلًا نسبيًا لتأييد موقف ترامب، مشيرًا إلى أن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون كان قد فرض رسومًا جمركية عالمية في سبعينيات القرن الماضي استنادًا إلى قانون سابق لقانون الصلاحيات الطارئة IEEPA يحتوي على لغة مشابهة لعبارة “تنظيم الاستيراد".

وقال كافانو لساور: "هذا مثال جيد يمكنك الاستناد إليه."

 “غير معقول إطلاقًا”

قال المحامي نيل كاتيال أمام قضاة المحكمة العليا إن التفسير الذي تقدّمه إدارة ترامب لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يفتقر إلى المنطق السليم، مؤكدًا: “من غير المعقول إطلاقًا أن يكون الكونجرس، عند إقراره لقانون IEEPA، قد منح الرئيس سلطة لإعادة هيكلة النظام الجمركي الأمريكي بأكمله — وبالتالي الاقتصاد الأمريكي برمّته.”

 وأشار القاضي المحافظ نيل غورساتش في أسئلته إلى أنه يرى أن ادعاءات ساور بشأن اتساع صلاحيات الرئيس في الشؤون الخارجية قد تهدد مبدأ الفصل بين السلطات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وسأل غورساتش متعجبًا: "ما الذي سيمنع الكونجرس من التنازل عن كامل مسؤوليته في تنظيم التجارة الخارجية — أو حتى في إعلان الحرب — للرئيس؟”

 وأضاف غورساتش أن الكونجرس لن يتمكن عمليًا من استعادة سلطته على الرسوم الجمركية إذا تم تفسير القانون على أنه يمنح تلك السلطة للرئيس، معتبرًا أن هذا التوجه سيكون بمثابة: "مسار أحادي باتجاه تركيز تدريجي ودائم للسلطة في يد السلطة التنفيذية، على حساب الممثلين المنتخبين للشعب."

ووفقًا لبيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، فقد جمعت الرسوم المفروضة بموجب قانون IEEPA نحو 89 مليار دولار بين 4 فبراير و23 سبتمبر، وهو أحدث تاريخ تتوفر له البيانات.

وكان ترامب قد استند إلى القانون لفرض رسوم جمركية على واردات من دول عدة، مبررًا ذلك بأنه يتعامل مع “حالة طوارئ وطنية” ناجمة عن العجز التجاري الأمريكي. كما استخدم القانون في فبراير كوسيلة ضغط اقتصادية على الصين وكندا والمكسيك للحد من تهريب مسكن الألم فنتانيل والمخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة. وقد استخدم ترامب الرسوم الجمركية كورقة تفاوضية لانتزاع تنازلات وإعادة التفاوض على اتفاقيات تجارية، وأيضًا كأداة لمعاقبة دول أثارت غضبه حتى في قضايا غير تجارية.

  يُذكر أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة يمنح الرئيس سلطة التعامل مع “تهديد غير عادي واستثنائي” في حال إعلان حالة طوارئ وطنية، لكنه استُخدم تاريخيًا لفرض عقوبات على أعداء الولايات المتحدة أو لتجميد أصولهم، لا لفرض رسوم جمركية.

وعند إقراره، حرص الكونجرس على تقييد سلطات الرئيس أكثر مما كانت عليه في القانون السابق له، وليس توسيعها.

 

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.