جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
بعد أكثر من عامين على تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، صدقت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وزعماء الدول الأعضاء ال27 المتبقيين بالاتحاد الأوروبي على معاهدة مؤلفة من 585 صفحة تم التوصل ليها بشق الأنفس تحدد شروط إنفصال بريطانيا عن التكتل.
والأن يبدأ الجزء الأصعب.
أولا، تواجه ماي أكبر معركة سياسية في حياتها لكسب تأييد لإتفاقها في البرلمان البريطاني، الذي من المتوقع ان يصوت على الاتفاق في أوائل ديسمبر.
ويهدد العشرات من رفاقها في حزب المحافظين الذي تتزعمه، بالإضافة لحزب العمال المعارض، برفض الاتفاق. وإذا خسرت ماي، ستسابق الزمن لإعادة التفاوض على الاتفاق—وضمان الموافقة عليه—قبل ان تغادر بريطانيا رسميا التكتل يوم 29 مارس.
وحذر زعماء الاتحاد الأوروبي إنه إذا صوت البرلمان البريطاني برفض الاتفاق، لن يتم تقديم شروط أفضل.
وحثت ماي المشرعين على تأييد اتفاق الإنسحاب. وقالت في مؤتمر صحفي "إن كان أناس يعتقدون إنه سيكون هناك تفاوض أخر، فهذا غر صحيح". "هذا هو الاتفاق الممكن الوحيد".
وكرر هذه الرسالة رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر حيث قال "هذا أفضل اتفاق ممكن لبريطانيا. هذا أفضل اتفاق ممكن لأوروبا. هذا الاتفاق الممكن الوحيد".
وحتى إذا نال اتفاق الإنسحاب موافقة البرلمان، ستطلق بريطانيا الربيع القادم مفاوضات—من المتوقع ان تستمر لسنوات—لصياغة علاقات تجارية وأمنية شاملة جديدة مع الاتحاد الأوروبي. وهذا لأنه عندما صوتت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، قررت فعليا إنهاء أربعة عقود من القرارات المشتركة—حول قواعد تنظيمية تغطي كل شيء من تبادل المعلومات حول المجرمين إلى قواعد الأغذية وضرائب القيمة المضافة—التي تحكم علاقة بريطانيا بأكبر شريك تجاري لها.
وكنتيجة لذلك، قبل أقل من أربعة أشهر على رحيل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، يبقى الخروج من الاتحاد الأوروبي قفزة إلى المجهول حيث لا تعرف الشركات والبنوك والأسر كيف تستعد.
وبدأت ماي حملة سياسية لإقناع المشرعين المعترضين بالاتفاق. ونشرت ماي يوم الأحد "خطابا للأمة" في مسعى لحشد الشعب البريطاني خلفها. وفي نفس الأثناء، يخطط مسؤولون بالحكومة البريطانية لحملة علاقات عامة في الايام القادمة للتحذير من الضرر الاقتصادي حال مغادرة بريطانيا التكتل دون اتفاق على الإطلاق.
ومع ذلك، يتوقع محللون ان ماي ستعود إلى بروكسل لطلب تنازلات أكثر إذا صوت البرلمان برفض اتفاق الإنسحاب.
وقال مسؤولون أوروبيون في أحاديثهم الخاصة إن إمكانية محادثات جديدة ليست مستبعدة ويعتقد البعض ان فترة التفاوض ممكن تمديدها لما بعد مارس.
ويوم الأحد، وقعت رئيسة الوزراء البريطانية وزعماء الاتحاد الأوروبي على اتفاق الإنسحاب، الذي يتناول عدد من شروط الإنفصال.
ووافقت بريطانيا على دفع حوالي 50 مليار ولار للاتحاد الأوروبي من أجل تغطية إلتزامات كانت تعهدت بها لميزانية التكتل. وستضمن بريطانيا مجموعة واسعة من الحقوق القانونية لنحو 3 مليون مواطنا بالاتحاد الأوروبي يعيشون في بريطانيا، وسيرد الاتحاد بالمثل تجاه ما يقدر 1.3 مليون مواطنا بريطانيا يعيشون في دوله الأعضاء.
ويسعى الاتفاق أيضا إلى ضمان عدم ظهور حدود من جديد بين أيرلندا الشمالية، التي هي جزء من المملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، البلد العضو بالاتحاد الأوروبي.
وبجانب اتفاق الإنسحاب، الملزم قانونيا، صدق الزعماء على بيان يحدد ملامح العلاقات التجارية والاقتصادية والأمنية في المستقبل بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
ولكن هذه الوثيقة غير الملزمة، المؤلفة من 36 صفحة فقط، ليست أكثر من بيان مباديء.
وكان الجانبان يآملان بإطلاق محادثات حول العلاقات المستقبلية بتحديد إطار واضح للروابط التجارية والأمنية في هذه الوثيقة. لكن في ظل ضعف قبضة ماي على السلطة، فضل الزعماء ان يبقوا مبهمين، تاركين الجانبين يواجهان رحلة شاقة أخرى من المفاوضات في الفترة القادمة.
ويوم 30 مارس، ستدخل بريطانيا في فترة إنتقالية حتى ديسمبر 2020 خلالها سيستمر تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي. وتهدف هذه الفترة إلى إمهال الجانبين وقتا لصياغة علاقات تجارية وأمنية جديدة. ويشمل الاتفاق، الذي يعترف بصعوبات التوصل لاتفاقيات في مثل تلك الفترة القصيرة، إمكانية تمديد الفترة الإنتقالية حتى ديسمبر 2022.
وقد يعني التعهد بتجنب حدود فاصلة مع جهورية أيرلندا إنه بعد الفترة الإنتقالية، ستبقى بريطانيا دخل المنطقة الجمركية للاتحاد الأوروبي لآجل غير مسمى مما يلغي الحاجة إلى تحصيل رسوم جمركية على التجارة العابرة للحدود في السلع. وهذا سيكون خبرا سارا للشركات حيث ان البقاء في اتحاد جمركي مطلب بديهي لقطاع الأعمال.
وبالنسبة للمستقبل، لابد ان يملء مسؤولو بريطانيا والاتحاد الأوروبي فجوات عديدة عبر نطاق واسع من القضايا، تغطي شؤون مثل التجارة لكن أيضا قضايا مثل دخول بريطانيا إلى قواعد البيانات الأوروبية للمجرمين وما إن كانت بيانات عميل بريطاني يمكن تبادلها في الاتحاد الأوروبي وقدرة مصرفي في لندن على التسويق لسندات حكومية فرنسية.
وسيكمن في صميم المحادثات مقايضة تتمثل في مدى رغبة بريطانيا في التخلي عن سيادة للاتحاد الأوروبي مقابل الوصول إلى زبائن في دوله الأعضاء السبع والعشرين.
وكلما إتبعت بريطانيا بشكل أوثق قواعد الاتحاد الأوروبي كلما كانت الشركات ستواجه عقبات أقل في التصدير للشريك التجاري الرئيسي للدولة.
ولكن من شأن إستمرار عضوية بريطانيا في المنطقة الجمركية للاتحاد الأوروبي وأي قرارات مستقبلية بإتباع قواعد الاتحاد لتسهيل التجارة مع التكتل ان يعقد رغبة بريطانيا في بناء مستقبل خارج التكتل، على سبيل المثال بإبرام اتفاقياتها التجارية مع دول مثل الولايات المتحدة—وهي أولوية لمؤيدي الإنفصال عن الاتحاد الأوروبي.
وإستبعد الاتحاد الأوروبي دخولا "سلسا" إلى سوقه الموحدة، الذي يتضمن إتباع قواعد التكتل في مجالات مثل سلامة الغذاء ومعايير المنتجات والسماح بحرية تنقل العمالة من الاتحاد الأوروبي، الذي سيتوقف بمجرد ان تنتهي الفترة الإنتقالية.
وفي حقيقة الأمر، أبلغت بروكسل حكومة ماي إنه أثناء بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي—وإن أرادت علاقة تجارية وثيقة في المستقبل—لابد ان تستمر في إتباع قواعد التكتل حول المعايير البيئية والعمالية والاجتماعية، وهو شيء مرفوض تماما من المتشددين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.