Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

الإيكونوميست: لماذا إضطر الفيدرالي إلى التدخل في سوق الريبو

By أيلول/سبتمبر 21, 2019 588

كانت أمور كثيرة تثير قلق بنك الاحتياطي الفيدرالي بينما كان يستعد لمناقشة سياسة أسعار الفائدة يومي 17 و18 سبتمبر. فقد أدت التوترات التجارية وتباطؤ النمو العالمي إلى قيام الشركات بتقليص إستثمارها في الربع الثاني من العام. وفي  قطاع التصنيع، ينخفض الإنتاج منذ نهاية 2018 . ورغم ان الاحتياطي الفيدرالي وصف نمو الوظائف "بالقوي" إلا ان بعض المحللين يشعرون بالقلق من تباطؤ تشهده سوق العمل. وكالمتوقع، دفعت هذه المخاوف البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة للمرة الثانية هذا العام، بمقدار 0.25%، إلى نطاق 1.75%-2%. ولكن خيمت اضطرابات في أسواق النقد بظلالها على الاجتماع.

ويوم 17 سبتمبر، لأول مرة منذ عشر سنوات، ضخ الفيدرالي سيولة في سوق النقد قصيرة الآجل. وكان التدخل مطلوبا بعد ان ارتفع سعر فائدة الأموال الاتحادية، الذي به يمكن للبنوك ان تقترض من بعضها البعض، فوق المستوى المستهدف من الاحتياطي الفيدرالي. وارتفع حيث ان سعر فائدة "الريبو"—السعر الذي عنده من الممكن إستبدال أوراق مالية عالية الجودة مثل السندات الحكومية الأمريكية بسيولة نقدية بشكل مؤقت—قفز فوق 10%.  ويوم 17 سبتمبر عرض الفيدرالي تمويلا لآجل ليلة واحدة بقيمة 75 مليار دولار، منه حصلت البنوك على 53 مليار دولار. وفي اليومين التاليين عرض مجددا ما قيمته 75 مليار دولار وهو ما لاقى إقبالا كثيفا من البنوك.

وهذا أثار حالة من القلق. فقد كانت قفزة في سعر فائدة الريبو علامة تحذيرية مبكرة قبل الأزمة المالية العالمية. وفي 2007، حينما بدأ المشاركون في السوق يشككون في جودة الضمان المدعوم بقروض الرهن العقاري، قفزت أسعار فائدة الريبو مع إكتناز المقرضين للنقود.

ومن المستبعد ان تكون القفزة الأحدث بسبب مثل تلك الشكوك. فأغلب الضمان الأن سندات أو أذون خزانة أمريكية عالية الجودة. وعلى الرغم من ذلك، توجد أسباب تدعو للقلق. فيبدو ان البنوك والشركات في الولايات المتحدة تعاني نقصا في السيولة.وخلال الاضطرابات توقف إرتباط سعر الريبو بسعر فائدة الأموال الاتحادية. وهذا الارتباط هو السبيل الرئيسي لتأثير السياسة النقدية على الاقتصاد. وتحرم فجوة  بين الفائدتين الاحتياطي الفيدرالي من أهم أداة سياسة نقدية.

ولحسن الظن، بدا ان تدخلات الفيدرالي تجدي نفعا. فعادت فائدة الريبو إلى مستواها المعتاد، قرب سعر فائدة الأموال الاتحادية، الذي هو بدوره داخل النطاق الذي يستهدفه الفيدرالي. وعلى الرغم من ذلك، أثارت الإضطرابات شكوكا حول كيف يخطط البنك للتعامل مع حالات نقص سيولة في المستقبل. ويمثل مجرد إحتمال حدوثها تحولا هاما للنظام المالي الأمريكي. وقبل الأزمة المالية سيطر الفيدرالي على سعر فائدة الأموال الاتحادية بإستخدام "نطاق"، له حد أقصى وحد أدنى. فكان يمكن للبنوك التي ليس لديها سيولة كافية ان تقترض بسعر فائدة الحد الأقصى. ولكن لم يكن هناك تعويضا على السيولة الإضافية المودعة لدى الفيدرالي (كان الحد الأدنى لسعر الفائدة صفرا). وللحفاظ على أسعار الفائدة بالضبط عند المستوى المستهدف إستخدم الفيدرالي "عمليات السوق المفتوحة"، مستبدلا السندات الأمريكية والنقود للسيطرة على السيولة في القطاع المصرفي.

ولكن  سياسة التيسير الكمي على مدى ست سنوات غيرت كل شيء. فمن أجل تخفيض أسعار الفائدة طويلة الآجل، إشترى الفيدرالي  كميات ضخمة من السندات الأمريكية طويلة الآجل. وتضخمت محفظته من الأصول إلى 4.5 تريليون دولار. وإنتهى الحال بالحائزين—الذين أغلبهم بنوك--بأموال طائلة. وللحفاظ على أسعار فائدة السوق عند سعر الفائدة الرئيسي أو أعلى منه، أجاز الكونجرس للفيدرالي ان يزيد الحد الأدنى لسعر الفائدة من صفر، معوضا البنوك على السيولة النقدية التي تحتفظ بها. وأصبح الحد الأقصى لا داعي منه مثله مثل عمليات السوق المفتوحة. فقط ظل الحد الأدنى مهما.

ولكن تضاءلت السيولة لدى البنوك مؤخرا. ومنذ أواخر 2017 يخفض الاحتياطي الفيدرالي محفظته من الأصول بعدم استثمار كافة الحصيلة عندما يحل آجل أصوله. وإنكمشت محفظة الأصول من 4.5 تريليون دولار في 2017 إلى 3.8 تريليون دولار هذا العام. وعلاوة على ذلك، يعني عجز أكبر في الميزانية ان وزارة الخزانة يتعين عليها إصدار مزيد من أذون الخزانة والسندات. وحتى الأن هذا العام أصدرت في المتوسط ما قيمته 63.9 مليار دولار شهريا. وخلال نفس الفترة في 2017 بلغ المتوسط الشهري 19.6 مليار دولار فقط. وبينما تشتري البنوك سندات حكومية،  تتناقص حيازاتها من النقود. وتراجع الاحتياطي الفائض الذي تحتفظ به البنوك في حسابات ودائعها لدى الاحتياطي الفيدرالي من 2.2 تريليون دولار في 2017 إلى 1.4 تريليون دولار الأن.

ولا يعلم أحد حجم الفائض الذي تحتاجه البنوك للشعور بارتياح. ويعتمد هذا جزئيا على القواعد التنظيمية، التي زادت حجم السيولة التي لابد ان تحتفظ بها البنوك كاحتياطي، لكن أيضا على ثقة الشركات. وأصبحت البنوك بعد تجربة 2008-2009 أكثر رغبة في الاحتفاظ بوفرة من السيولة الفائضة. وحاول خبراء اقتصاديون تقدير المستوى الذي عنده ستبدأ البنوك تشعر بالقلق، أغلبهم قدم تقديرات في حدود 1.2 تريليون-1.5 تريليون دولار.

وعادة البنوك يكون في متناولها هذا المبلغ على الأقل. ولكن ربما لم تكن تملك هذا يوم 16 سبتمبر، لأسباب حميدة. فقد كان الموعد النهائي لتقديم المدفوعات الفصلية لضريبة الشركات. وكانت وزارة الخزانة أصدرت أذون خزانة بقيمة 77 مليار دولار في الاسبوع السابق. وتعين أيضا على المشترين، أغلبهم بنوك، الدفع يوم 16 سبتمبر.  وقال جيروم باويل رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن الفيدرالي توقع هذه الأحداث، لكن ليس تلك ردة الفعل المبالغ فيها. وبينما إنكمشت السيولة النقدية لدى البنوك، زاد ترددهم في الإقراض للشركات وأطراف أخرى. وقفز سعر فائدة الريبو. وتدخلت بعض البنوك مقرضة الشركات بأسعار فائدة مرتفعة. ولكن بعدها حاولت هذه البنوك الإقتراض من بنوك أخرى في سوق الأموال الاتحادية مما رفع سعر الفائدة. وهذا دفع الفيدرالي للتدخل.

وستصبح السيولة شحيحة عاجلا أم آجلا، حسبما قال بيل إنجليش من جامعة ييل. ففي اقتصاد يشهد نموا—خاصة اقتصاد لديه عجز حكومي متزايد—يزيد الطلب على سيولة البنوك بمرور الوقت.

ويواجه الفيدرالي الأن اختيارا. فقد يعود إلى إجراء عمليات السوق المفتوحة بشكل متكرر لتخفيض أسعار الفائدة، كما كان قبل الأزمة العالمية. أو قد يحتفظ بالنظام الحالي ويتفادى حالات نقص سيولة في المستقبل بتوسيع محفظته من الأصول لإبقاء القطاع المصرفي متشبعا دائما بالسيولة، في وقت يزداد فيه الطلب على النقود. ويوم 18 سبتمبر، أشار باويل إن الفيدرالي سيفضل الاختيار الثاني، قائلا إنه يريد ان تكون الاحتياطيات وافرة لتفادي عمليات من النوع الذي جرى تنفيذه في الأيام الأخيرة. وأعلن أيضا تعديلات فنية ستعني تعويض البنوك بمعدل أقل سخاءا بعض الشيء على السيولة المودعة لدى الفيدرالي، الذي ربما يشجعها على تعزيز الإقراض قليلا في سوق الريبو في المقابل.  

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.