
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
تنذر موجة بيع الدولار في آسيا بمؤشرات خطيرة على مستقبل العملة الخضراء، في ظل تزايد تساؤلات القوى التصديرية الكبرى في العالم حول جدوى استمرار الاتجاه السائد منذ عقود من استثمار فوائضها التجارية الهائلة في الأصول الأمريكية.
وقد امتدت تداعيات الارتفاع القياسي في الدولار التايواني يومي الجمعة والإثنين إلى عملات كل من سنغافورة وكوريا الجنوبية وماليزيا والصين وهونج كونج، في تحركات تشير إلى دخول تدفقات مالية ضخمة إلى آسيا، مما يزعزع أحد الركائز التقليدية لدعم الدولار.
ورغم أن الثلاثاء شهد بعض الاستقرار بعد قفزة بنسبة 10% في عملة تايوان خلال يومين، إلا أن دولار هونج كونج لامس الحد الأقصى في نطاقه المحدد، بينما اقترب الدولار السنغافوري من أعلى مستوياته منذ أكثر من عشر سنوات.
وصف لويس-فنسنت غاف، الشريك المؤسس لشركة Gavekal Research، هذه التحركات السريعة بأنها تذكّر بأزمة آسيا المالية ولكن “بالعكس”، حيث كانت الأزمة السابقة في 1997-1998 قد شهدت نزوح رؤوس الأموال من المنطقة، ما دفع الدول الآسيوية إلى تكديس الدولارات. أما الآن، فيبدو أن هذا النمط قد بدأ بالانعكاس.
وأشار غاف إلى أن سياسة التوجه الآسيوي لشراء سندات الخزانة الأمريكية بدت لسنوات كرهان رابح لا يخسر، لكن هذا الرهان بدأ يفقد بريقه فجأة.
تُشير تقارير من تايوان إلى صعوبات في تنفيذ الصفقات نتيجة الضغط الهائل لبيع الدولار، وسط تكهنات بأن البنك المركزي قد يكون سمح بذلك بشكل ضمني، فيما أفاد متعاملون بوجود نشاط قوي في بقية الأسواق الآسيوية.
جذور هذه التحركات تعود إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، لا سيما فرضه لرسوم جمركية عدائية أثارت شكوكاً حول جاذبية الأصول الأمريكية، وأدت إلى تراجع ثقة المصدرين — خاصة في الصين — بشأن تدفق العوائد بالدولار، وزادت المخاوف من ركود اقتصادي أميركي.
قال غاري نغ، كبير اقتصاديي بنك ناتيكسيس، إن سياسات ترامب أضعفت الثقة في أداء الدولار، فيما أشار إلى تكهنات بشأن اتفاق غير معلن، أطلق عليه السوق "اتفاق مارالاجو" — نسبة إلى منتجع ترامب — يهدف لإضعاف الدولار.
ورغم نفي مكتب التفاوض التجاري التايواني أن تكون محادثات الرسوم الأخيرة في واشنطن قد تطرقت إلى موضوع العملات، فإن ما كان مجرد "حديث سوق" بدأ يتحول إلى واقع ملموس.
آسيا تحتفظ بأكبر مخزونات من الدولار في العالم، تتصدرها الصين وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، بمجموع يُقدّر بالتريليونات. ففي الصين وحدها، بلغت ودائع العملات الأجنبية في البنوك — أغلبها دولارات يحتفظ بها المصدرون — نحو 959.8 مليار دولار بنهاية مارس، وهو أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات.
وتفاقم التوجه نحو بيع الدولار مع بدء صناديق التقاعد وشركات التأمين — التي كانت تتجنب التحوط بسبب تكلفته — بإعادة النظر في استراتيجياتها. وفي تحول لافت، قال بنك جولدمان ساكس إن عملاءه أصبحوا يميلون إلى التخلص من الدولار وشراء اليوان الصيني.
واعتبر روبن شينغ، كبير اقتصاديي الصين لدى مورجان ستانلي، أن إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل كان بمثابة جرس إنذار للمستثمرين الذين بدأوا فعلاً في التحوط، إن لم يكونوا قد باعوا الأصول الأميركية فعلاً.
حتى سلطة النقد في هونج كونج أعلنت يوم الإثنين أنها خفّضت من حجم استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية وبدأت بتنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار.
ويرى محللون أن عوائد السندات في آسيا بدأت بالارتفاع نتيجة عودة أموال الشركات والمستثمرين المحليين، وهو ما أكّدته باريسا سايمبي، محللة أسعار الصرف في BNP Paribas، التي قالت: "الحديث عن إعادة الأموال إلى الوطن يتحول الآن إلى واقع... وهذا يرسل إشارة واضحة: دعم الدولار يتآكل وهناك حركة حقيقية نحو فك الارتباط به."
وقدر بنك يو.بي.إس أن قيام شركات التأمين التايوانية فقط برفع نسبة التحوط لديها إلى متوسط الفترة 2017-2021 قد يؤدي إلى بيع ما يصل إلى 70 مليار دولار من الأصول الأمريكية.
وتعهد البنك المركزي التايواني بالحفاظ على استقرار العملة، بل وتدخل رئيس الجزيرة بنفسه بفيديو يوضح أن موضوع سعر الصرف لم يكن جزءاً من المفاوضات التجارية، إلا أن السوق يبدو وقد قال كلمته بالفعل.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.