جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
أعطى إكتشاف حقول غاز طبيعي ضخمة في شرق البحر المتوسط على مدى العقد الماضي رؤية لتعاون بين الدول المنقسمة غالبا في المنطقة على إستغلال هذه الثروات. فيمكن لهم ان ينعموا برخاء وفي نفس الأثناء تساعد صادراتهم أوروبا على الحد من إعتمادها على الغاز الروسي. ولكن التعقيد ان تركيا لم تكن جزءا من هذه الرؤية، ومع سلاح بحرية نشط في المنطقة، تلعب أنقرة دور مفسد الحفل. وأضاف إتفاقها البحري مؤخرا مع ليبيا عقبة جديدة.
الإكتشافات الكبيرة هي حقل أفروديت قبالة قبرص (يُعتقد انه يحتوي على 8 تريليون قدم مكعب من الغاز) وحقلا تمار وليفيثان قبالة سواحل إسرائيل (11 و22 تريليون قدم مكعب على الترتيب) وحقل ظُهر المصري (30 تريليون قدم مكعب). ويحتل حقل ظهر الترتيب ال20 بين أكبر حقول الغاز في العالم، لكنه نذر يسير من حجم الحقول العملاقة المدرجة على القائمة، والتي تتركز في روسيا. ورغم ذلك، أشارت تقديرات المسح الجيولوجي الأمريكي في 2010 أنه توجد 122 تريليون قدم مكعب غاز قابل للإستخراج في حوض الشام و223 تريليون قدم مكعب في حوض دلتا النيل مما يثير احتمال ان هناك كميات أكبر يمكن إكتشافها.
في أوائل 2019، أسست قبرص وإسرائيل ومصر إلى جانب الدول الجارة اليونان والأردن والسلطة الفلسطينية وإيطاليا منتدى غاز شرق المتوسط. وفي مسعى لإقامة سوق إقليمية للغاز ومركز تصدير إلى أوروبا، التي ترغب في تنويع مصادرها للتحوط من تعطلات محتملة في الإمدادات من روسيا. ويعد التعاون ضرورة ملحة جزئيا بسبب انه توجد حاجة لخطوط أنابيب تربط المنتجين بالمستهلكين. ويتصور أحد المشاريع خط أنابيب تحت البحر يحمل الغاز من الاحتياطيات الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان ثم إلى خارجها.
لأن جمهورية قبرص مشمولة، والدولتان عدوان لدودان. إنقسمت قبرص فعليا في 1963 عندما إندلع قتال بين القبارصة الأتراك في الشمال والقبارصة اليونانيين في الجنوب. وإنقسمت بالكامل في 1974 بعد ان إستولت تركيا على الثلث الشمالي من الجزيرة بعد إنقلاب قام به أنصار الوحدة مع اليونان. ولا يعترف بدولة قبرص التركية في الشمال سوى تركيا، التي تواصل الإحتفاظ بجنود هناك. أما الحكومة الواقعة في الجنوب معترف بها دوليا.
يعارض المسؤولون الأتراك إستغلال موارد الغاز من جمهورية قبرص بدون إتفاق على تقاسم الإيرادات مع القبارصة الأتراك. وبعيدا عن ذلك، يقولون أنه لا توجد فرصة لنجاح مشروع طاقة في المنطقة بدون مشاركة تركيا. ويزعمون ان الطريق الأقصر لخط أنابيب غاز من المنطقة إلى أوروبا يمر عبر المياه الخاضعة لسيادة تركيا.
إستخدمت سفنا حربية للتدخل في إستكشاف الغاز. منعت سفن تركية في 2018 سفينة متعاقدة مع شركة النفط الإيطالية إيني من الإقتراب من موقع عمل قبالة قبرص. ونشرت تركيا سفن تنقيب إشترتها حديثا للبحث عن الغاز في المنطقة. وتنقب سفينة تسمى الفاتح في مياه أسفل شبه جزيرة كارباس في قبرص والتي تشبه على الخارطة إصبع اليد بموجب إتفاق مع القبارصة الأتراك. وتنقب سفينة بارباروسا عن الطاقة في المياه الواقعة جنوب الجزيرة. وتعمل سفينة يافوز في منطقة قبالة الركن الجنوبي الغربي من الجزيرة المسمى البلوك 7، الذي حوله تدعي كل من تركيا وقبرص أحقيتها بحقوق التنقيب فيه. ولدى قبرص إتفاق مع شركة إيني وشركة توتال الفرنسية للتنقيب عن النفط والغاز هناك.
بموجب إتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار، تحتفظ الدول الساحلية بمنطقة اقتصادية حصرية تصل إلى بعد 20 ميل بحري من ساحلها فيها يحق لها الصيد والتعدين والتنقيب. وأينما تتقاطع منطقتان، كما هو في حالة تركيا وقبرص، تكون الدولتان ملتزمتين بالتوصل إلى تسوية. ولكن لم تصادق تركيا على الاتفاقية. وتتخذ موقفا غير تقليديا بأن الدول الجزر مثل قبرص يحق لها فقط حقوق داخل مياها الإقليمية الشرعية، التي تمتد إلى 12 ميلا بحريا فقط. وتقدمت قبرص بإلتماس لمحكمة العدل الدولية للتدخل.
أقرت تركيا وليبيا في ديسمبر إتفاقا يرسم خط بطول 18.6 ميل بحري (35 كم) سيشكل الحدود البحرية التي تفصل بين منطقتهما الاقتصاديتين. وتنظر اليونان وقبرص ومصر للإتفاق كمحاولة تركية سافرة للهيمنة في شرق البحر المتوسط. وتدخل ليبيا في صراع أيضا مع اليونان حول تراخيص إسكشاف بحري أصدرتها أثينا للتنقيب في مياه جنوب جزيرة كريت اليونانية، الواقعة بين تركيا وليبيا. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان ان الاتفاقية مع ليبيا ستمكن من أنشطة إستكشاف مشتركة في البحر المتوسط.
قالت الولايات المتحدة أنها قلقة للغاية من أنشطة إسكشاف تركيا للغاز في المياه قبالة قبرص وحثت تركيا على وقف هذه الأنشطة. ورد الاتحاد الأوروبي على هذه الأنشطة بتجميد أغلب الاتصالات رفيعة المستوى مع تركيا وقطعت تدفق أموال إلى تركيا كانت تهدف إلى تسهيل إندماج تركيا مع التكتل. ويدرس الاتحاد أيضا فرض عقوبات. ومن جانبها، إتهمت تركيا حلفائها الغربيين بالإنحياز إلى قبرص وتعهدت بمواصلة أنشطة إستكشافها معربة عن رغبتها في لعب دور مستقل بشكل متزايد في سياسات المنطقة.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.