
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
تعافى الدولار بشكل طفيف يوم الإثنين، بعد ثلاثة أحداث محركة للأسواق يوم الجمعة والتي أبرزت هشاشة العملة الأمريكية، وهي: تقرير وظائف مخيّب للآمال، استقالة مفاجئة لأحد أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وإقالة الرئيس دونالد ترامب لمسؤولة بارزة في مكتب الإحصاء.
وقد أدّت هذه التطورات إلى ضغوط حادة على الدولار، ودَفعت المستثمرين إلى تعزيز رهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة من جانب الفيدرالي.
فقد أظهرت بيانات يوم الجمعة أن نمو التوظيف في يوليو جاء أضعف من المتوقع، كما تم خفض أرقام الوظائف للشهرين السابقين بمقدار 258 ألف وظيفة، وهو ما يشير إلى تدهور حاد في أوضاع سوق العمل.
وقال كارل شاموتا، كبير استراتيجيي السوق في شركة "كورباي" في تورونتو: "تعافي الدولار في يوليو واجه جدارًا من التحديات الأسبوع الماضي، لكن حتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة على ارتفاع كبير في علاوة المخاطر المرتبطة بالاحتفاظ بالأصول الأمريكية."
وأضاف: "ما زالت أرباح الشركات القوية - حتى الآن - تخفف من وطأة المخاوف بشأن تباطؤ سوق العمل وتأثير الرسوم الجمركية المرتفعة والتهديدات التي تطال استقلالية وكالات الإحصاء الأمريكية، وتزايد احتمالات أن يتجه رئيس الفيدرالي القادم نحو سياسة نقدية تميل إلى رفع التضخم."
وأشار إلى أن حالة الأسواق في أوائل الخريف ستعتمد إلى حد كبير على هوية الشخص الذي سيُعيّنه ترامب لرئاسة مكتب إحصاءات العمل ، ومن سيضمّه إلى مجلس الفيدرالي خلال الأسابيع المقبلة، موضحًا أن المتداولين يتريّثون حاليًا في اتخاذ مراكز كبيرة، مع استقرار الطلب على العملات الآمنة واستمرار تدفّق الأموال إلى الأسواق المالية الأمريكية.
وكان الرئيس ترامب قد أقال يوم الجمعة مفوضة مكتب إحصاءات العمل، إريكا ماكنترفر، متّهمًا إياها بتزوير بيانات التوظيف.
كما شكّلت الاستقالة المفاجئة لعضوه في مجلس محافظي الفيدرالي أدريانا كوجلر فرصة لترامب لترك بصمته على السياسة النقدية في وقت أبكر مما كان متوقعًا، لا سيّما في ظل انتقاداته المستمرة للفيدرالي بسبب عدم خفض الفائدة بالسرعة الكافية.
وقد دفعت تلك التطورات الدولار للهبوط بأكثر من 2% مقابل الين، وحوالي 1.5% مقابل اليورو يوم الجمعة.
أما يوم الإثنين، فقد استقر الدولار، وتم تداوله أخيرًا عند 147.32 ينًا، دون تغيير يُذكر.
وتراجع اليورو إلى 1.1562 دولار، في حين ظل الجنيه الإسترليني مستقرًا عند 1.3281 دولار.
وقال ترامب يوم الأحد إنه سيعلن خلال أيام عن مرشحين لتولي المنصبين الشاغرين في الفيدرالي ومكتب الإحصاء.
وارتفع الدولار مقابل سلة من العملات بنسبة 0.2% إلى 98.82، بعدما هبط بأكثر من 1.3% يوم الجمعة.
وكان الدولار قد ارتفع بنسبة 3.4% خلال يوليو، وهو أكبر مكسب شهري منذ قفزة بنسبة 5% في أبريل 2022، وأول ارتفاع شهري في العام الجاري، مع تزايد تقبّل الأسواق لسياسات ترامب التجارية واستمرار صمود البيانات الاقتصادية رغم الرسوم الجمركية.
وهبط عائد السندات الأمريكية لأجل عامين، الأكثر تأثراً بالسياسة النقدية، إلى 3.659% يوم الإثنين، وهو أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، وسط تصاعد الرهانات على خفض الفائدة في سبتمبر.
كما تراجع عائد السندات لأجل عشر سنوات إلى قرب أدنى مستوى في شهر عند 4.2257%.
وبحسب أداة سي إم إي فيدووتش، باتت الأسواق تُسعّر احتمالية بنسبة 84% لخفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر المقبل، مع تسعير إجمالي خفض يُقدّر بـ60 نقطة أساس بحلول ديسمبر، ما يعادل خفضين كاملين وفرصة بنسبة 40% لخفض ثالث.
وارتفع الدولار بأكثر من 0.6% مقابل الفرنك السويسري بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية قاسية على سويسرا ضمن ما وصفه بـ"إعادة هيكلة التجارة العالمية".
وصعد اليورو بنسبة 0.4% مقابل الفرنك ليصل إلى 0.9351 فرنك.
وقال السرّاف من بنك "دانسكا": "لاحظنا ضعفًا واضحًا في الفرنك بعد إعلان الرسوم، وإذا استمرت هذه الرسوم، فستكون التداعيات سلبية للغاية على الاقتصاد السويسري."
ارتفعت أسعار الذهب للجلسة الثالثة على التوالي يوم الإثنين، بعد أن عزّزت بيانات اقتصادية صدرت الأسبوع الماضي التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وسجّل الذهب في المعاملات الفورية رتفاعًا بنسبة 0.3% إلى 3373.22 دولار للأونصة بحلول الساعة 13:15 بتوقيت غرينتش، وهو أعلى مستوى له منذ 24 يوليو. كما ارتفعت العقود الآجلة الأميركية للذهب بنسبة 0.8% إلى 3427.10 دولار.
وقال دانيال بافيلونيس، كبير استراتيجيي السوق في ار.جيه.أو فيوتشرز: "الفرص باتت أقوى الآن لخفض الفائدة في سبتمبر، وأقوى حتى لخفض إضافي في ديسمبر. وعند إضافة الضغوط التضخمية إلى المعادلة، أعتقد أن التوقعات باتت إيجابية جدًا لصالح الذهب."
وكانت بيانات الأسبوع الماضي قد أظهرت أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة جاء أضعف من المتوقع في يوليو، في حين تم خفض أرقام التوظيف في الشهرين السابقين بواقع 258 ألف وظيفة، ما يشير إلى تدهور حاد في أوضاع سوق العمل.
في الوقت ذاته، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاكي الشخصي– المؤشر الذي يفضله الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم – بنسبة 0.3% في يونيو، بعد تعديل قراءة مايو بالرفع إلى 0.2%، مع بدء الرسوم الجمركية رفع تكاليف بعض السلع.
وبحسب أداة سي إم إي فيدووتش، بات المتداولون يرون احتمالًا بنسبة 85 % لخفض الفائدة في سبتمبر، ارتفاعًا من نحو 63% قبل أسبوع فقط.
ويُعرف الذهب بأدائه القوي في بيئة تتسم بانخفاض الفائدة، كما يُعد ملاذًا آمنًا في مواجهة التضخم.
وفي هذا السياق، قال جيميسون غرير، ممثل التجارة الأمريكية، في تصريحات بُثّت الأحد، إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على عشرات الدول الأسبوع الماضي من المرجح أن تظل قائمة، عن أن يتم تخفيضها في إطار مفاوضات مستمرة.
وشملت الرسوم، بموجب أمر تنفيذي رئاسي، ما يلي: 35% على العديد من السلع الكندية و50% على البرازيل و25% على الهند و20% على تايوان و39% على سويسرا.
عدل "سيتي جروب" توقعاته المتشائمة بشأن الذهب، حيث يتوقع محللوه الآن أن يرتفع المعدن النفيس إلى مستوى قياسي جديد في المدى القريب، نتيجة لتدهور الاقتصاد الأمريكي والرسوم الجمركية التي تغذي التضخم.
وتوقع البنك أن يتداول الذهب بين 3300 و3600 دولار للأونصة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وذلك جزئيًا بسبب أن رسوم الاستيراد الأمريكية جاء متوسطها أعلى من المتوقع عند 15%، وفقًا لمذكرة كتبها محللون من بينهم ماكس لايتون يوم الإثنين. ويمثل هذا تغيرًا واضحًا عن وجهة نظر "سيتي" في يونيو، حين توقع أن يتداول الذهب دون مستوى 3000 دولار للأونصة خلال الفصول المقبلة.
وكتب المحللون: "السوق ظلت قلقة من حدوث ركود في الولايات المتحدة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما دفع لشراء الذهب كتحوّط ضد المخاطر الهبوطية. ويبدو أن هذا الخوف قد تعمّق خلال الأشهر الستة الأخيرة في ظل أجندة الرسوم الجمركية التي يتبناها الرئيس ترامب، والتي تعد الأكبر منذ قرن."
وبعد صعود حاد في بداية العام وبلوغه مستوى قياسيًا تجاوز 3500 دولار للأونصة في أبريل، دخل الذهب في مرحلة تذبذب خلال الأشهر الماضية بينما يترقّب السوق محفزات جديدة. ويتماشى هذا التعديل من "سيتي" مع التوقعات الأكثر تفاؤلًا التي أعلنتها مؤسسات مالية مثل جولدمان ساكس وفيدلتي انترناشونال.
وعلى الرغم من تقعاتهم الأكثر تفاؤلًا، أشار محللو "سيتي" إلى أن توقعاتهم السابقة بسعر يتراوح بين 3150 و3500 دولار للأونصة في المدى القريب كانت "صائبة"، مستشهدين بالشهور الأخيرة من التذبذب السعري.
كما كرروا موقفًا أكثر حذرًا تجاه الذهب في عام 2026، مشيرين إلى احتمال انتهاء توقف التوظيف الأمريكي حالياً، في ظل وضوح أكبر بشأن التجارة، واحتمال تحفيز اقتصادي عبر ما يُعرف بـ"بالقانون الكبير الجميل" في إشارة إلى قانون الإنفاق والتخفيضات الضريبية الذي أقره الكونجرس.
ارتفعت أسعار الذهب بنحو 2% يوم الجمعة، مسجلة أعلى مستوى لها في أسبوع، وذلك بعد صدور بيانات وظائف أمريكية أضعف من المتوقع عززت التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إضافة إلى موجة جديدة من الرسوم الجمركية التي زادت من الإقبال على الملاذات الآمنة.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.9% إلى 3351.61 دولارًا للأونصة، بحلول الساعة 13:31 بتوقيت غرينتش، وهو أعلى مستوى منذ 25 يوليو. وارتفع الذهب بنحو 0.3% منذ بداية الأسبوع.
كما زادت العقود الآجلة الأمريكية للذهب بنسبة 1.7% إلى 3405.20 دولارًا.
وقال بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع في "تي دي سيكيوريتيز": "أرقام الوظائف جاءت دون التوقعات، لكنها لا تزال أعلى قليلًا مما كانت الأسواق تتوقعه فعليًا. وهذا يزيد احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة لاحقًا هذا العام".
وأضاف: "نحن أمام وضع يشهد ضغوطًا تضخمية مستمرة بسبب الرسوم الجمركية وارتفاع الأجور، في الوقت الذي تخيب فيه أرقام الوظائف الآمال. وفي مثل هذه الحالة، إذا أقدم الفيدرالي على خفض الفائدة، فسيكون لذلك تأثير إيجابي كبير على الذهب".
ويؤدي انخفاض أسعار الفائدة عادة إلى دعم الذهب، كونه أصلًا لا يدرّ عائدًا.
وكان نمو الوظائف في الولايات المتحدة قد تباطأ بأكثر من المتوقع في يوليو، حيث أضاف الاقتصاد 73,000 وظيفة فقط، بعد تعديل قراءة يونيو بالخفض إلى 14,000 وظيفة، وفقًا لبيانات وزارة العمل.
ويتوقع المستثمرون الآن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفضين للفائدة بحلول نهاية العام، بدءًا من سبتمبر، وفقًا لأداة "فيد ووتش".
وكان البنك المركزي الأمريكي قد أبقى هذا الأسبوع على أسعار الفائدة دون تغيير ضمن نطاق 4.25%-4.50%، وقال رئيسه جيروم باول إنه من المبكر تحديد ما إذا كان سيتم خفض الفائدة في سبتمبر.
وعلى صعيد التجارة، أدت موجة جديدة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على صادرات عشرات الدول، بما فيها كندا والبرازيل والهند وتايوان، إلى اضطراب الأسواق العالمية، وسط تحركات من جانب تلك الدول للدخول في مفاوضات لتأمين صفقات تجارية أفضل.
انكمش نشاط التصنيع الأمريكي للشهر الخامس على التوالي في يوليو، وتراجع التوظيف في المصانع إلى أدنى مستوى له منذ خمس سنوات، في ظل الرسوم الجمركية التي رفعت أسعار المواد الخام المستوردة.
وقال "معهد إدارة التوريد" يوم الجمعة إن مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع انخفض إلى 48.0 الشهر الماضي، مقارنة بـ49.0 في يونيو. وتشير القراءة دون مستوى الخمسين نقطة إلى انكماش في النشاط الصناعي، الذي يمثل 10.2% من الاقتصاد الأمريكي.
وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا ارتفاعًا طفيفًا في المؤشر إلى 49.5. وتعكس هذه القراءة الضعيفة للمؤشر توقعات الاقتصاديين بتباطؤ النشاط في الربع الثالث، مع تزايد الأثر الواضح للرسوم الجمركية على الواردات.
وسجل المؤشر الفرعي للطلبات الجديدة – الذي يُعد مقياسًا مستقبلياً ضمن مسح المعهد – ارتفاعًا إلى 47.1 مقابل 46.4 في يونيو، إلا أنه ظل في منطقة الانكماش للشهر السادس على التوالي. وارتفع مؤشر الإنتاج إلى 51.4 من 50.3 في الشهر السابق.
ورغم هذه الزيادة في الإنتاج، واصلت المصانع الاستغناء عن وظائف. فقد انخفض مؤشر التوظيف بقطاع التصنيع إلى 43.4، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو 2020، مقارنة بـ45.0 في يونيو. وأشار المعهد إلى "تسارع في تقليص أعداد العاملين نتيجة ضبابية الطلب على المدى القريب إلى المتوسط".
كما شهدت فترات تسليم الموردين تحسنًا الشهر الماضي، ما ساعد على تهدئة وتيرة ارتفاع أسعار المدخلات. وانخفض مؤشر تسليم الموردين إلى 49.3 مقابل 54.2 في يونيو. وتراجع مؤشر الأسعار المدفوعة من قبل المصانع مقابل المواد الخام إلى 64.8، رغم أنه لا يزال مرتفعًا، مقارنة بـ69.7 في الشهر السابق.
وكانت بيانات حكومية صدرت يوم الخميس قد أظهرت أن أسعار السلع ارتفعت في يونيو بأسرع وتيرة منذ خمسة أشهر، حيث يرى الاقتصاديون أن هذا الارتفاع يمثل بداية موجة تضخم في أسعار السلع مدفوعة بالرسوم الجمركية، يتوقعون استمرارها خلال النصف الثاني من العام.
تباطأ نمو الوظائف الأمريكية بشكل حاد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في إشارة إلى أن سوق العمل بدأ يفقد زخمه وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي الواسعة النطاق.
فقد أظهرت بيانات صادرة عن مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة أن عدد الوظائف ازداد بمقدار 73 ألف وظيفة فقط في يوليو، بعد أن تم تعديل أرقام الشهرين السابقين بالخفض بما يقرب من 260 ألف وظيفة. وبلغ متوسط نمو التوظيف خلال الأشهر الثلاثة الماضية 35 ألف وظيفة فقط، وهو الأضعف منذ جائحة كورونا. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.2% خلال الشهر الماضي.
تبعث البيانات بإشارة أقوى على أن سوق العمل يضعف بشكل ملحوظ. فبالإضافة إلى التباطؤ الحاد في نمو الوظائف وارتفاع معدل البطالة، بات من الصعب على الأمريكيين العاطلين عن العمل العثور على وظائف، كما أن نمو الأجور توقف إلى حدّ كبير. وهذا يعزز المخاطر المرتبطة بتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وإنفاق الشركات، وهو تباطؤ بدأ بالفعل.
اختتم هذا التقرير أسبوعًا حافلًا ببيانات اقتصادية بارزة أظهرت أن الزخم الأساسي للاقتصاد يتراجع، في حين أن التقدم في كبح التضخم تعثر — وهما سببان رئيسيان وراء قرار الاحتياطي الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى، في قرار شهد انقسامًا داخل اللجنة. وقد أصرّ رئيس البنك، جيروم باول، على أن سوق العمل لا يزال قوياً، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة الحذر من مخاطر التضخم، خاصةً في ظل الجولة الأخيرة من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب.
انخفضت العقود الآجلة للأسهم، كما تراجعت عوائد السندات الأمريكية والدولار. وسيحصل مسؤولو الفيدرالي على تقرير وظائف آخر وعدد من بيانات التضخم قبل اجتماعهم المقبل في سبتمبر. من جانبه، جدد ترامب دعوته للبنك لخفض أسعار الفائدة، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي عقب صدور التقرير.
يعكس تباطؤ نمو الوظائف تراجعات في قطاعات التصنيع والخدمات المهنية وخدمات الأعمال، إضافة إلى التوظيف الحكومي. كما ساهمت المراجعات بالخفض في وظائف التعليم على مستوى الحكومات المحلية في خفض أرقام الشهرين السابقين. أما الوظائف في القطاع الخاص فقد شهدت تعافيًا طفيفًا بعد أن ارتفعت بالكاد في يونيو، مدفوعةً بشكل رئيسي بقطاعي الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية.
ولا تزال جهود ترامب لخفض الإنفاق الحكومي تترك آثارها على سوق العمل. فقد خسرت الحكومة الفيدرالية وظائف للشهر السادس على التوالي في يوليو، كما بدأ معدل البطالة في الارتفاع ببعض المناطق التي تُعد مراكز للوظائف الحكومية، بما في ذلك العاصمة واشنطن. وقد امتدت هذه التخفيضات لتشمل حالات تسريح في الجامعات والمنظمات غير الربحية التي تعتمد على التمويل الفيدرالي.
وعلى الجانب الآخر، لا يزال الطلب على العمالة متماسكًا إلى حدٍّ كبير. إذ لا تزال الوظائف الشاغرة أعلى من مستويات ما قبل الجائحة، وتراجعت طلبات إعانات البطالة الأولية خلال الأسابيع الأخيرة، في إشارة إلى أن الشركات ما زالت تحافظ على موظفيها. كما أن معدلات التسريح لا تزال منخفضة بشكل عام، وإن كانت ترتفع في قطاع التكنولوجيا، جزئيًا بسبب التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي.
المشاركة والبطالة
يعتمد تقرير الوظائف على مسحين: أحدهما يُجرى على الشركات ويوفر بيانات التوظيف، والآخر يُجرى على الأسر ويقدّم مؤشرات مثل البطالة ومعدل المشاركة في القوى العاملة، إلى جانب مقاييس أخرى.
تراجع معدل المشاركة في القوى العاملة — أي نسبة السكان الذين يعملون أو يبحثون عن عمل — إلى 62.2%، وهو أدنى مستوى له منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. كما انخفض معدل المشاركة بين الفئة العمرية من 25 إلى 54 عامًا، المعروفة باسم "قوة العمل الرئيسية". ويُرجع بعض الاقتصاديين هذا التراجع جزئيًا إلى حملة الرئيس ترامب على الهجرة، والتي أدت إلى إخراج عدد من العمال الأجانب من سوق العمل، ما ألقى بظلاله على معدل المشاركة وساهم في الحد من ارتفاع البطالة.
ويُعزى جزء من ارتفاع معدل البطالة إلى ازدياد عدد الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم بشكل كامل. فقد ارتفع عدد العاطلين عن العمل لمدة 27 أسبوعًا أو أكثر إلى 1.83 مليون شخص، وهو أعلى مستوى منذ نهاية عام 2021. كما ارتفع معدل البطالة بين الأمريكيين من أصل إفريقي بشكل حاد، ليصل هو الآخر إلى أعلى مستوى له منذ أواخر عام 2021.
يولي صناع السياسة النقدية اهتمامًا كبيرًا بكيفية تأثير ديناميكيات العرض والطلب في سوق العمل على نمو الأجور — خاصةً في ظل استمرار مخاطر التضخم بالاتجاه الصعودي. وقد أظهر التقرير أن متوسط الأجور بالساعة ارتفع بنسبة 3.9% مقارنة بالعام الماضي.
سجل المؤشر الذي يفضله الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم الأساسي في يونيو أحد أسرع الزيادات لهذا العام، في حين ارتفع بالكاد إنفاق المستهلكين، ما يعكس القوى المتضاربة التي تُقسّم صانعي السياسة بشأن مسار أسعار الفائدة.
فقد سجّل ما يُعرف بالمؤشر الأساسي لأسعار نفقات الاستهلاك الشخصي— الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة — ارتفاعًا بنسبة 0.3% مقارنة بشهر مايو، وفقًا لبيانات صدرت الخميس عن مكتب التحليل الاقتصادي. وعلى أساس سنوي، ارتفع المؤشر بنسبة 2.8%، وهي وتيرة أسرع من يونيو 2024، ما يشير إلى التقدّم المحدود في كبح جماح التضخم خلال العام الماضي.
كما أظهرت البيانات أن إنفاق المستهلك المعدل حسب التضخم ارتفع قليلًا الشهر الماضي، بعد أن سجّل تراجعًا في مايو.
تعكس هذه البيانات حالة الشد والجذب في الاقتصاد، والتي تؤدي إلى انقسام مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن الاتجاه الذي ينبغي أن تسلكه السياسة النقدية.
من جهة، فإن التقدّم في كبح التضخم قد توقّف فعليًا، ويخشى صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي من أن رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية — والتي بدأ بعضها يُحمَّل فعليًا على المستهلكين — ستزيد من الضغوط التضخمية. ومن جهة أخرى، فإن تراجع الإنفاق الاستهلاكي نتيجة ضعف سوق العمل يهدّد بحدوث تباطؤ اقتصادي أوسع نطاقًا.
وقد أبقى الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير للاجتماع الخامس على التوالي يوم الأربعاء، رغم معارضة اثنين من أعضاء مجلس محافظي البنك اللذين فضّلا خفضًا بمقدار ربع نقطة مئوية. وأكد رئيس البنك جيروم باول بقوة على صمود سوق العمل والمخاطر الصعودية للتضخم، كعاملين يدعمان الإبقاء على الفائدة كما هي في الوقت الراهن.
وقال سال غواتييري، كبير الاقتصاديين في "بي إم أو كابيتال ماركتس"، في مذكرة: "ضعف الإنفاق الاستهلاكي، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع بسبب الرسوم الجمركية، قد يزيد من تعقيد موقف السياسة النقدية للفيدرالي."
وأضاف: "سنحتاج إلى رؤية أرقام تضخم أقل حدة، أو تراجع في النمو وسوق العمل، لتحفيز خفض للفائدة في اجتماع 17 سبتمبر."
وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وتراجعت عوائد السندات الأمريكية، فيما سجّل الدولار ارتفاعًا بعد صدور التقرير.
وتُكمل هذه البيانات أضعف فصلين متتاليين من نمو الإنفاق الاستهلاكي منذ جائحة كورونا. وقد عكس الارتفاع في إنفاق يونيو تعافيًا في الإنفاق على السلع غير المعمرة، في حين تراجعت مشتريات السلع المعمرة للشهر الثالث على التوالي — وهو أطول تراجع من نوعه منذ عام 2021. أما الإنفاق على الخدمات فبقي ضعيفًا، ما يشير إلى ضعف في الإنفاق غير الأساسي.
يكمن خلف ضعف الإنفاق تراجع زخم سوق العمل. فقد بقي الدخل الحقيقي المتاح للإنفاق دون تغيير بعد أن انخفض في مايو، في حين لم تسجّل الأجور والرواتب سوى ارتفاع طفيف.
ومن المقرر أن يصدر تقرير الوظائف لشهر يوليو يوم الجمعة، ويتوقّع أن يُظهر استمرار التباطؤ في وتيرة التوظيف، إلى جانب ارتفاع طفيف في معدل البطالة. أما معدل الادخار، فقد استقر عند 4.5%، مما يشير إلى أن المستهلكين لا يزالون حذرين في إنفاقهم وسط الضبابية الاقتصادية المتزايدة.
أظهرت بيانات منفصلة نُشرت يوم الخميس أن طلبات إعانة البطالة الأولية لم تشهد تغيرًا يُذكر خلال الأسبوع الماضي. كما أشار تقرير آخر إلى أن نمو تكاليف العمالة ارتفع بنسبة 3.6% مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعادل أدنى مستوى منذ عام 2021، ما طمأن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى أن سوق العمل لا يشكل مصدرًا رئيسيًا للضغوط التضخمية حاليًا.
جاء ارتفاع التضخم في يونيو مدفوعًا بزيادة في أسعار السلع، بما في ذلك الأثاث المنزلي، والمعدات الرياضية، والملابس — وهو ما يشير إلى أن جزءًا من الرسوم الجمركية على الواردات بدأ يُمرَّر إلى المستهلكين. كما أظهر مؤشر أسعار المستهلكين الصادر الشهر الماضي أن أسعار سلع مستوردة شائعة مثل الألعاب والأجهزة المنزلية سجّلت ارتفاعًا ملموسًا.
وسجّل مقياس رئيسي لتضخم الخدمات — يستثني الطاقة والسكن — ارتفاعًا بنسبة 0.2% للشهر الثاني على التوالي.
وقد كانت أرقام التضخم بمقياس نفقات الاستهلاك الشخصي معروفة إلى حد كبير قبل صدور هذا التقرير، بفضل بيانات سابقة من مؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر أسعار المنتجين، بالإضافة إلى أرقام الناتج المحلي الإجمالي الفصلية التي نُشرت يوم الأربعاء.
وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع اقتصاديون أن يواجه التضخم مزيدًا من الضغوط الصعودية، في ظل استعداد ترامب للإعلان عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية يوم الجمعة، واستمرار ارتفاع سوق الأسهم، مما يُبقي أحد المكونات الرئيسية في مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي عند مستويات مرتفعة.
أطلق دونالد ترامب سلسلة من الاتفاقات الجمركية والمطالب عشية الموعد النهائي الذي حدده يوم الجمعة، شملت مفاجآت تتعلق بالهند والنحاس، حيث يحاول الرئيس الأمريكي إرساء نظام تجاري عالمي جديد.
ففي يوم الأربعاء، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الواردات من كوريا الجنوبية، لتتساوى مع المعدل المفروض على جارتها اليابان، إلى جانب فرض ضريبة مؤلمة بنسبة 25% على الواردات من الهند، ترافق ذلك مع انتقادات لنيودلهي بسبب مشترياتها من الطاقة والأسلحة الروسية، ما يشكّل ضغطًا على رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
وتلوح في الأفق اتفاقات مع كل من تايلاند وكمبوديا بعد موافقتهما على وقف إطلاق النار يوم الاثنين، وهو ما يدعم هدف ترامب في الظهور كـ"صانع سلام" عالمي. كما يجري إعداد اتفاق مع تايوان، حيث قال متحدث باسم الحكومة في تايبيه إن الجانبين "توصلا إلى درجة معينة من التوافق". من جهته، قال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم إن ترامب أبلغه بنيته الإعلان عن تعريفة جمركية يوم الجمعة.
وقال أنور أمام البرلمان: "نأمل أن تساعد هذه الإجراءات اقتصادنا، وألا تثقل كاهله كثيرًا".
وفي خطوة صدمت الأسواق، فرض ترامب قواعد جمركية جديدة على النحاس، ما أدى إلى هبوط قياسي في الأسعار في بورصة نيويورك، وذلك بعد استثناء أكثر أشكال المعدن تداولًا من رسوم قدرها 50%.
وتأتي هذه الحملة عشية الموعد النهائي في الأول من أغسطس، الذي هدّد فيه البيت الأبيض بفرض رسوم جمركية متبادلة على الدول التي لا تربطها اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة — وهي الغالبية. وقد صرّح ترامب بأن المعدلات الجمركية عالميًا ستتراوح ما بين 15% و50%، وهي سياسات يرى أنها ستُعيد التصنيع إلى الداخل الأمريكي وتزيد من إيرادات الحكومة وتمنحه في الوقت نفسه نفوذًا هائلًا على الدول التي تعتمد صادراتها على المستهلكين الأمريكيين.
قال روب سبارامان، كبير الاقتصاديين في شركة نومورا هولدينغز: "اليوم تلقينا سيلًا من التفاصيل، وينطبق علينا القول المأثور: 'لا ترى الغابة من كثرة الأشجار'". وأضاف: "عند النظر إلى الصورة الكاملة، نرى أن ترامب نفّذ إلى حدّ كبير تهديداته بشأن الرسوم الجمركية. ما يحدث الآن هو مجرد ضجيج كثير".
ارتفعت الأسهم الأوروبية مدعومة بنتائج إيجابية لشركات التكنولوجيا، إضافة إلى التفاؤل الذي دعم العقود الآجلة للأسهم الأمريكية. في المقابل، تراجعت الأسهم الآسيوية، وانخفضت عملات المنطقة إلى أدنى مستوياتها في شهرين.
ولا تزال معظم الدول دون اتفاق تجاري، وحتى الدول التي أبرمت اتفاقات تفتقر إلى التفاصيل الأساسية — مثل الإعفاءات المحتملة والوعود الاستثمارية والتعديلات الممكنة على قواعد المنشأ. وقد أدى هذا الغموض والتخبّط وسط عملية طرح طويلة لنظام ترامب التجاري الجديد إلى إضعاف النمو الاقتصادي العالمي والضغط على الاستثمارات، رغم استمرار حالة التفاؤل في الأسواق.
وقالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في "ناتيكسيس": "هذه الاتفاقات التي تُمرّر تحت ضغط الوقت ليست مؤشرًا جيدًا". وأضافت أن "الاندفاع نحو اتفاقات لتجنّب رسوم أعلى قد يكلّف هذه الاقتصادات أكثر على المدى الطويل".
وفي الوقت ذاته، لا تزال الأجواء بين الولايات المتحدة والصين إيجابية حتى الآن. إذ قال ترامب، في كلمة من البيت الأبيض يوم الأربعاء، إن بلاده ستبرم "اتفاقًا عادلًا جدًا مع الصين". وأفادت صحيفة الحزب الشيوعي الرسمية أن محادثات هذا الأسبوع في السويد عزّزت الثقة بين الطرفين، وأعطت دفعة لاحتمال تسوية النزاعات الاقتصادية عبر الحوار.
ولم تقتصر أخبار التجارة على الخارج، إذ أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية ستُطبَّق بدءًا من 29 أغسطس على الشحنات منخفضة القيمة (أقل من 800 دولار)، المعروفة باسم de minimis، والتي استفاد منها المستهلكون ومتاجر التجزئة، كثير منها في الصين، التي تشحن المنتجات بشكل مباشر.
في المقابل، تلقّت البرازيل مفاجأة سارّة بعدما استُثني عدد كبير من سلعها من الرسوم الجديدة، ما عزّز أداء عملتها وأسهمها. كما أفادت وكالة "بلومبرج" أن ترامب سيجري محادثة هاتفية صباح الخميس مع نظيرته المكسيكية كلاوديا شينباوم، ما دفع البيزو المكسيكي إلى الارتفاع.
في حين، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، يوم الأربعاء، إن المحادثات مع الولايات المتحدة قد لا تُستكمل بحلول الموعد النهائي الذي حدده ترامب يوم الجمعة. وتضاءلت آمال التوصّل إلى اتفاق أفضل أكثر، بعد أن نشر ترامب على منصة "تروث سوشيال" منشورًا قال فيه إن قرار كندا بدعم إقامة دولة فلسطينية "سيجعل من الصعب جدًا إبرام اتفاق تجاري معها".
أما في ما يخص كوريا الجنوبية، فإن نسبة الـ15% من الرسوم تشمل السيارات، إلى جانب صندوق كوري جنوبي بقيمة 350 مليار دولار مخصص للاستثمار في الولايات المتحدة، بما يشمل قطاعي الطاقة وبناء السفن. ووفقًا لترامب، فإن هذه الاستثمارات، كما هو الحال مع اليابان، ستكون بإشراف مباشر منه. وأوضح وزير التجارة هوارد لوتنيك، في منشور على منصة "إكس"، أن 90% من أرباح كلا الصندوقين ستتدفق عائداتها إلى الولايات المتحدة.
أما الهند، فواجهت تهديدًا بفرض عقوبة إضافية لم تُحدَّد بعد، بسبب مشترياتها من الطاقة الروسية، وذلك فوق ضريبة جمركية بنسبة 25% على وارداتها إلى الولايات المتحدة. وهذا يعرّض مجموعة من الصناعات الهندية للخطر، بما في ذلك مصنّعو الملابس والمجوهرات.
ومن المرجّح أن يُطرح موضوع النفط الروسي خلال المحادثات المقبلة مع الصين، خاصة أن بكين أيضًا تستورد كميات كبيرة من الخام الروسي، الذي أصبح هدفًا للعقوبات الأمريكية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. ويُذكر أن أسعار النفط ظلت، يوم الخميس، قرب أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من ستة أشهر.
تراجعت وتيرة شراء الذهب من قبل البنوك المركزية وصانعي الحُلي الذهبية خلال الربع الثاني من العام، بعدما دفعت المستويات القياسية المتتالية في الأسعار الجهات التي كانت تقود موجة الصعود السريع إلى تخفيف وتيرة الشراء.
فقد اشترت البنوك المركزية 166.5 طنًا من الذهب خلال فترة الأشهر الثلاثة، أي أقل بمقدار الثلث مقارنةً بالربع الأول، ليبلغ إجمالي مشترياتها في النصف الأول من العام أدنى مستوى منذ عام 2022، وذلك وفقًا لبيانات أُعدّت لصالح مجلس الذهب العالمي، وهو جهة تجارية. ومن المتوقع الآن أن يبلغ الطلب من البنوك المركزية لهذا العام نحو 815 طنًا.
وتُعد هذه المؤسسات من بين أبرز المحرّكات لصعود أسعار الذهب، التي قفزت بأكثر من 25% هذا العام مع تراجع الدولار أمام العملات الأخرى، وسعي المستثمرين إلى التحوّط من الحروب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبعد أن لامس الذهب مستوى قياسيًا بلغ 3500 دولار في أبريل، أصبح يتحرّك ضمن نطاق ضيّق، في ظل انتظار المتعاملين لمحفّزات جديدة تدفع الأسعار إلى مزيد من الصعود.
وقال جون ريد، الخبير الاستراتيجي في مجلس الذهب العالمي: "إذا كنت تستهدف تخصيص نسبة معينة من احتياطياتك من النقد الأجنبي في الذهب، فإن ارتفاع سعر الذهب بشكل كبير يقلل من الحافز على الشراء"، مضيفًا أن هذا الصعود السريع للأسعار ربما كبَحَ شهية بعض المسؤولين الذين يخشون من احتمالية تراجع الأسعار لاحقًا.
ومع ذلك، تُظهر استطلاعات رأي أُجريت بين البنوك المركزية أن وتيرة اكتناز الذهب مرشّحة للاستمرار. ففي أحد الاستطلاعات الأخيرة، قال 95% من هذه المؤسسات إنهم يتوقعون زيادة احتياطياتهم من الذهب خلال عام من الآن. وقد تضاعفت وتيرة الشراء بعد غزو أوكرانيا، بعدما سلط تجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية الضوء على مزايا الذهب كأداة للتحوّط من المخاطر السياسية.
وقال ريد: "لا أعتقد أن السردية الأساسية والدوافع التي تدفع البنوك المركزية لشراء الذهب قد تغيّرت".
لا يزال الطلب الإجمالي على الذهب مرتفعًا خلال الربع السنوي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عمليات شراء غير مرصودة في الأسواق خارج البورصة (OTC) . ومن حيث القيمة، لا يزال المستثمرون يشترون كميات أكبر من أي وقت مضى، نتيجة لارتفاع الأسعار. فقد قفز إجمالي مشتريات الذهب بنسبة 45% على أساس سنوي إلى 132 مليار دولار، وفقًا لحسابات مجلس الذهب العالمي.
وقد أدت تداعيات الحرب التجارية، وخصوصًا على الصين، إلى إعادة تشكيل عميق في ملامح أهم سوق للذهب في العالم. فقد انخفض الطلب على الحُلي الذهبية في البر الرئيسي للصين بنسبة 45% مقارنةً بالربع السابق، في حين ظل الطلب على سبائك الذهب والعملات الذهبية للاستثمار متماسكًا نسبيًا.
وتراجع الطلب العالمي على المجوهرات الذهبية في الربع الثاني إلى أدنى مستوياته منذ عام 2020، وذلك مع دفع الأسعار المرتفعة المستهلكين إلى الإحجام عن الشراء أو التوجّه نحو قطع أخف وزنًا. ومع ذلك، وبفضل الارتفاع الحاد في الأسعار، بلغت القيمة الإجمالية للمجوهرات الذهبية المُشتراة خلال الفترة مستوى أعلى بنسبة الخُمس مقارنةً بالعام السابق.
أبقى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة دون تغيير، لكنهم خفّضوا تقييمهم للاقتصاد الأمريكي، في إشارة إلى أن صانعي السياسات قد يقتربون من خفض تكاليف الاقتراض.
وقال المسؤولون في بيان عقب الاجتماع: "رغم أن تقلبات صافي الصادرات لا تزال تؤثر على البيانات، تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن نمو النشاط الاقتصادي تباطأ في النصف الأول من العام". وكان الاحتياطي الفيدرالي قد وصف النمو سابقًا بأنه "يتوسع بوتيرة قوية".
وصوّتت اللجنة الاتحادية للسوق المفتوحة (الفومك) بأغلبية 9 مقابل 2 يوم الأربعاء للإبقاء على سعر الفائدة القياسي في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%، وهو ما فعلته في جميع اجتماعاتها هذا العام. وقد صوّت العضوان كريستوفر والر وميشيل بومان ضد القرار، لصالح خفض بمقدار ربع نقطة مئوية.
وقلصت عوائد السندات الأمريكية مكاسبها، بينما حافظ مؤشرا "اس آند بي 500" والدولار على ارتفاعهما بعد القرار.
رأى معظم صانعي السياسة بضرورة تأجيل الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة لتقييم تأثير الرسوم الجمركية على التضخم. وقد شدد عدد منهم أيضًا على أن قوة سوق العمل أتاحت لهم التحلي بالصبر.
قرار اللجنة بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى يُعد تحديًا صريحًا للضغوط المكثفة التي يمارسها الرئيس دونالد ترامب من أجل خفضها. فقبل لحظات من صدور القرار، توقّع ترامب أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة في سبتمبر، ووجّه مجددًا انتقادات للبنك المركزي بسبب ما اعتبره تأخّرًا في التحرك.
وسيعقد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤتمرًا صحفيًا في الساعة 2:30 ظهرًا بتوقيت واشنطن (9:30 مساءً).
وفي بيانهم، كرر مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تأكيدهم على أن سوق العمل لا يزال "قويًا" وأن التضخم "لا يزال مرتفعًا بعض الشيء".
وقد حذف البيان الملاحظة السابقة التي أشارت إلى تراجع حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية، وإنما أعاد التأكيد على أن حالة عدم اليقين "لا تزال مرتفعة".
ويُعد رفض والر وبومان لهذا القرار أول مرة منذ عام 1993 يُسجَّل فيها اعتراض اثنين من أعضاء مجلس محافظي البنك على قرار للجنة. وتتكوّن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة من سبعة محافظين وخمسة من رؤساء البنوك الفرعية للفيدرالي البالغ عددها اثني عشر.
وكان والر قد اعترض في مارس الماضي على قرار اللجنة بإبطاء وتيرة تقليص ميزانية للبنك، فيما عارضت بومان في سبتمبر الماضي خفضًا بمقدار نصف نقطة مئوية، مفضّلةً خفضًا أقل بمقدار ربع نقطة.
تأثير الرسوم الجمركية
منذ شهور، يستعد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي لاحتمال ارتفاع البطالة والتضخم نتيجة سلسلة من الرسوم الجمركية المرتفعة للغاية التي فرضتها إدارة ترامب.
وقد أظهرت بيانات نُشرت يوم الأربعاء أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة سنوية قدرها 3% في الربع الثاني، بعد انكماش بمعدل 0.5% في الفترة السابقة. وجاء هذا التحوّل الكبير إلى حدٍّ بعيد نتيجة تسريع عمليات الاستيراد في الربع الأول، تحسّبًا للرسوم. وسجّل الإنفاق الاستهلاكي أبطأ وتيرة نمو لفصلين متتاليين منذ بداية جائحة كورونا.
لكن حتى الآن، لم تُظهر الرسوم الجمركية تأثيرًا ملموسًا على بيانات التضخم أو التوظيف.
فقد جاء التضخم في يونيو دون التوقعات للشهر الخامس على التوالي، رغم ارتفاع أسعار بعض السلع الخاضعة مباشرة للرسوم، مثل الألعاب والملابس والإلكترونيات. وفي المقابل، تراجع معدل البطالة إلى 4.1%، مدفوعًا بتراجع المعروض من اليد العاملة نتيجة حملة الإدارة على الهجرة.
ومع ذلك، حذّر والر من أن بيانات التوظيف في القطاع الخاص تُظهر مؤشرات على الضعف، وهو ما شكّل أحد دوافع اعتراضه على قرار اللجنة.
ورغم تصويتهما ضد قرار اللجنة يوم الأربعاء، فإن والر وبومان قد لا يكونان بعيدين كثيرًا عن توجهات عدد من المسؤولين الآخرين. ففي يونيو، أظهرت توقعات أسعار الفائدة أن اثنين من صناع السياسات توقّعا ثلاث عمليات خفض هذا العام، بينما رجّح ثمانية آخرون حدوث خفضين.
وكانت توقعات المستثمرين لخفض الفائدة في هذا الاجتماع منخفضة للغاية، لكن العقود الآجلة لأسعار الفائدة تُظهر أن الأسواق ترى احتمالًا بنحو 60% لخفض الفائدة في سبتمبر.