
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
أشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن البنك المركزي الأمريكي قد يوقف عملية تقليص ميزانيته العمومية خلال الأشهر المقبلة، في خطوة تعكس حذرًا متزايدًا إزاء استقرار النظام المالي وتدهور سوق العمل.
وقال باول في تصريحات أُعدّت مسبقًا لفعالية نظّمتها الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال في فيلادلفيا: “خطتنا المعلنة منذ فترة طويلة هي التوقف عن تقليص الميزانية عندما تصبح الاحتياطيات أعلى قليلًا من المستوى الذي نعتبره كافيًا لتوفير سيولة وافرة. ربما نقترب من هذه النقطة خلال الأشهر المقبلة، ونحن نراقب عن كثب مجموعة واسعة من المؤشرات لاتخاذ القرار المناسب.”
ومنذ عام 2022، شرع الاحتياطي الفيدرالي في تقليص ميزانيته— وهي عملية تُعرف باسم التشديد الكمي — بعد أن ضخّ تريليونات الدولارات في الأسواق لتحفيز الاقتصاد خلال جائحة كورونا. وفي وقت سابق من هذا العام، خفّض البنك وتيرة هذا التشديد عبر تقليل حجم السندات التي يسمح بأن يحل أجلها شهريًا دون إعادة استثمارها.
ومع تراجع احتياطيات البنوك، بدأت تظهر ضغوط تمويلية مطوّلة في أسواق النقد الأمريكية، ما يشير إلى أن الفيدرالي قد يكون بات قريبًا من التوقف عن تقليص الميزانية. وأقرّ باول بوجود “بعض العلامات على تقييد (نقدي) تدريجي”، مؤكدًا أن اللجنة تتّبع “نهجًا حذرًا متعمّدًا لتجنّب تكرار ضغوط الأسواق النقدية التي شهدناها في سبتمبر 2019”، في إشارة إلى اضطرابات عرفت ب“الذعر من خفض التحفيز”.
ويبدو أن مسؤولي الفيدرالي منقسمون حول مستوى الاحتياطيات المثالي لتجنّب تقلبات الأسواق.
فقد دعت ميشيل بومان، نائبة رئيس الفيدرالي للإشراف، إلى تقليص الميزانية إلى أدنى حد ممكن، بحيث تكون الاحتياطيات “قريبة من الندرة أكثر من الوفرة”، بينما يرى كريستوفر والر أن المستوى الأمثل للاحتياطيات يجب أن يبلغ نحو 2.7 تريليون دولار.
الفائدة على الاحتياطيات
دافع باول أيضًا عن أداة رئيسية يستخدمها البنك لتنفيذ سياسته النقدية، وهي دفع فائدة على احتياطيات البنوك التجارية المودعة لديه، مؤكداً أنها تعمل “بكفاءة عالية” لضبط السياسة النقدية.
وأشار إلى أن هذه الأداة، التي أقرها المشرّعون قبل نحو عقدين ودخلت حيّز الاستخدام أثناء الأزمة المالية العالمية، أصبحت “عنصرًا أساسيًا” في قدرة الفيدرالي على التحكم بأسعار الفائدة قصيرة الأجل.
وقال باول محذّرًا: “إذا تم إلغاء قدرتنا على دفع الفائدة على الاحتياطيات أو الالتزامات الأخرى، فسيفقد الاحتياطي الفيدرالي السيطرة على أسعار الفائدة. نظام الاحتياطيات الوفيرة أثبت فعاليته البارزة في تنفيذ السياسة النقدية ودعم الاستقرار الاقتصادي والمالي.”
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي قد رفض الأسبوع الماضي بأغلبية ساحقة تعديلًا كان سيمنع الفيدرالي من دفع الفائدة على احتياطيات البنوك، إذ صوّت ضده 83 عضوًا مقابل 14 فقط.
توقعات السياسة النقدية
وبالتحول إلى الاقتصاد، قال باول إن آفاق التضخم والتوظيف لم تتغير كثيرًا منذ اجتماع الفيدرالي في سبتمبر، لكنه شدد على أن مؤشرات الضعف في سوق العمل تتزايد.
وكان صانعو السياسة قد خفّضوا أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الشهر الماضي — وهو أول خفض في عام 2025 — في خطوة وُصفت بأنها “إدارة للمخاطر” تهدف إلى دعم سوق العمل المتباطئ. ويشير متوسط التقديرات للمسؤولين إلى عمليتي خفض إضافيتين للفائدة خلال العام الجاري.
وجدد باول تحذيره قائلًا: “المخاطر السلبية على التوظيف ازدادت.”
وأوضح أنه رغم غياب البيانات الحكومية الرسمية بسبب إغلاق الحكومة الفيدرالية، فإن المؤشرات المتاحة تُظهر أن “معدلات التسريح والتوظيف ما زالت منخفضة، لكن نظرة الأسر لتوافر الوظائف ونظرة الشركات لصعوبة التوظيف تواصل تدهورها”.
ولا يزال الفيدرالي منقسمًا بشأن المسار المقبل للفائدة: بعض المسؤولين، مثل كريستوفر والر، يدعمون المزيد من التخفيضات التدريجية لدعم سوق العمل. فيما دعا ستيفن ميران، العضو الجديد المعيّن من قبل الرئيس دونالد ترامب، إلى خفض حاد وسريع، معتبرًا أن معدلات الفائدة الحالية تُكبّل الاقتصاد الأميركي بشدة. في المقابل، يفضّل فريق آخر نهجًا أكثر تحفظًا، محذرًا من أن رسوم ترامب الجمركية الجديدة قد تُبقي على ضغوط تضخمية فوق هدف الفيدرالي البالغ 2%.
واختتم باول كلمته بالقول: “لا توجد مسارات خالية من المخاطر أمام السياسة النقدية، ونحن نسعى بحذر للموازنة بين هدفينا المتعارضين: دعم التوظيف وتحقيق استقرار الأسعار.”
موعد الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي: 28-29 أكتوبر.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.