Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

قلب الحرب الأوكرانية.. لماذا تتمسك روسيا بهذه الأراضي؟

By آب/أغسطس 15, 2025 25

تدخل حرب روسيا في أوكرانيا عامها الرابع، رغم تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء الصراع خلال 24 ساعة من عودته إلى منصبه في يناير.

وقد خفّض ترامب من سقف التوقعات بشأن تحقيق انفراجة في اجتماعه المقرر في 15 أغسطس بألاسكا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تطأ قدماه الأراضي الأمريكية لأول مرة منذ ما يقرب من عقد، في ولاية كانت يومًا ما تابعة لروسيا. وقدم ترامب القمة في مدينة أنكوراج على أنها تمهيد لاجتماع ثانٍ أكثر أهمية قد يضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

ولكي ينجح ترامب في التوصل إلى اتفاق سلام نهائي، سيتعين عليه التفاوض على تسوية بشأن مستقبل الأراضي الأوكرانية، إذ يطالب بوتين بأن تتخلى أوكرانيا عن جزء من أراضيها، بينما يصر زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون على مبدأ عدم جواز تغيير الحدود الدولية بالقوة.

ما هي الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا؟

حتى منتصف أغسطس، كانت روسيا تحتل ما يقرب من خمس أراضي أوكرانيا، ويمتد هجومها على طول خط جبهة يزيد عن 1,000 كيلومتر (621 ميلًا).

عمل بوتين لسنوات على محاولة تعديل حدود أوكرانيا. فقد ضمّ شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود بشكل غير قانوني في عام 2014. ومنذ ذلك العام، كانت أجزاء من منطقتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا – اللتين تشكلان معًا إقليم دونباس – تحت سيطرة وكلاء موالين لروسيا، بعدما حرّض الكرملين على تمرد انفصالي عقب وقت قصير من الاستيلاء على القرم.

عقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، سيطرت القوات الروسية على معظم مناطق دونيتسك ولوغانسك، واستولت أيضًا على أجزاء من مقاطعتي خيرسون وزابوريجيا جنوب أوكرانيا. كما تسيطر على محطة زابوريجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا.

أعلن بوتين في سبتمبر 2022 أن لروسيا سيادة على كامل المناطق الأربع المذكورة، لكن قواته لم تتمكن أبداً من السيطرة الكاملة على هذه المناطق رغم سنوات من المحاولات. وقد حقق الجيش الروسي مكاسب تدريجية خلال صيف هذا العام، لكنه لم ينجح في تحقيق تفوق حاسم.

ما مدى احتمال أن يتخلى بوتين عن الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها روسيا؟

صرّح بوتين أن دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون ستكون “إلى الأبد” جزءًا من روسيا، بعد إعلان ضمها. ووفق تعديل دستوري قدّمه عام 2020، يحظر الدستور الروسي التنازل عن أي أرض تم إعلان تبعيتها لروسيا.

إن التوصل إلى اتفاق سلام يعترف بالسيادة الروسية على هذه المناطق الأربع سيمنح بوتين انتصارًا لم يتمكن جيشه من تحقيقه عسكريًا. وإذا تخلّت أوكرانيا عن كامل منطقة دونيتسك، فإنها ستفقد ما وصفه معهد دراسة الحرب – وهو مركز أبحاث مقره واشنطن – بـ “حزام الحصون”، وهو خط الدفاع المحصن الرئيسي الذي حال لسنوات دون توغل روسيا أعمق داخل البلاد.

ومع ذلك، قد لا يكون مثل هذا السيناريو كافيًا لإرضاء بوتين، الذي كان يهدف في بداية الغزو إلى السيطرة على كييف وتجريد أوكرانيا من السلاح وإجبارها على التخلي عن هدفها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

موقفه المتشدد ينبع من اعتقاده بأن روسيا يجب أن تمتد إلى ما وراء حدودها الحالية. وقبل شهرين فقط من شن الهجوم الشامل على أوكرانيا عام 2022، أعرب بوتين عن أسفه لانهيار الاتحاد السوفيتي واصفًا إياه بأنه "تفكك لروسيا التاريخية".

كما قال إن الشعب الروسي تفرّق بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، زاعماً أن 25 مليونًا منهم توزعوا بين الدول المستقلة، ومعظمهم في أوكرانيا. وكرر بوتين مرارًا وصف الأوكرانيين والروس بأنهم "شعب واحد".

لكن طموحاته الأيديولوجية في السيطرة على أراضٍ أجنبية قد تصطدم بواقع اقتصادي قاسٍ في الداخل؛ إذ تتراجع إيرادات النفط الروسية مع تأثير رسوم ترامب الجمركية على أسعار النفط العالمية، ورغم أن الاقتصاد تفادى الركود حتى الآن، فإن النمو مدفوع بالإنفاق الحكومي، ولا سيما على الدفاع، بينما تتباطأ القطاعات الأخرى. وبلغ عجز الميزانية الحكومية مستوى قياسيًا في يوليو وسط تكاليف الحرب الباهظة.

وفي حال التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، سيواجه بوتين مهمة إعادة هيكلة اقتصاد أصبح معتمدًا على الحرب، مما قد يؤدي إلى إفلاس المتعاقدين المثقلين بالديون.

ما هو موقف أوكرانيا من أراضيها التي تحتلها روسيا؟

قال زيلينسكي في وقت سابق إن هدف حكومته هو استعادة السيطرة على كامل أراضي أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. وأكد مجددًا أن أوكرانيا لن تعترف أبدًا بأراضيها المحتلة كأراضٍ روسية، ولن توافق على التخلي عن هذه الأراضي مقابل إبرام اتفاق سلام.

وأشار الرئيس إلى دستور أوكرانيا الذي تم اعتماده عام 1996، وينص على أن أراضي الدولة "غير قابلة للتجزئة ولا للمساس بها"، ويعرّف القرم تحديدًا على أنها جمهورية ذات حكم ذاتي تشكل "جزءًا لا يتجزأ من أوكرانيا".

رفض زيلينسكي التخلي عن أي جزء من الأراضي هو موقف يشترك فيه مع غالبية الأوكرانيين. لكن مستوى الدعم لهذا الموقف تراجع مع طول أمد القتال، وتعثّر الهجمات المضادة، وارتفاع أعداد الضحايا.

في مايو 2022، قال نحو 82% من الأوكرانيين إنهم لا ينبغي أن يتخلوا عن أي جزء من أراضيهم، حتى لو أدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب وتهديد استقلال البلاد، وفقًا لاستطلاع أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع. وبحلول أوائل يونيو من هذا العام، تراجعت هذه النسبة إلى 52%.

وفي استطلاع أجراه المعهد نفسه بين أواخر يوليو وأوائل أغسطس، أيد 54% من الأوكرانيين خطة يتم بموجبها تجميد خط المواجهة دون اعتراف رسمي بالسيادة الروسية على الأراضي المحتلة، على أن تحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وأوروبا، ويتم رفع العقوبات عن روسيا تدريجيًا.

كيف يتعامل ترامب مع مسألة ترسيم الأراضي الأوكرانية؟

رغم أن ترامب أبدى في الأشهر الأخيرة إحباطه من بوتين بسبب رفضه وقف القتال في أوكرانيا، فإن لا توجد مؤشرات كبيرة على أن ذلك قد يؤدي إلى نتيجة مواتية لزيلينسكي، الذي كانت علاقته مع الرئيس الأمريكي متقلبة. كما أن المفاوضات الثنائية بين ترامب وبوتين تنطوي على خطر تقديم عرض لزيلينسكي بصيغة "خذ أو اترك"، يتضمن خسارة أوكرانيا لأراضٍ.

وقال ترامب لزعماء أوروبيين إنه لن يتفاوض بشأن الأراضي خلال قمته مع بوتين في ألاسكا، لكنه قبل أيام فقط ألمح إلى أن التنازلات قد تكون جزءًا من تسوية نهائية، مشيرًا إلى احتمال وجود "تبادل لبعض الأراضي بما يصب في مصلحة الطرفين".

سبق لإدارة ترامب أن طرحت فكرة اعتراف الولايات المتحدة بالسيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم كجزء من اتفاق سلام. وحتى الآن، لم تعترف رسميًا بضمّ شبه الجزيرة – الذي أقدم عليه بوتين بشكل غير قانوني – سوى دول قليلة، من بينها كوريا الشمالية وفنزويلا.

قد يتمكن زيلينسكي من استغلال الطابع البراجماتي لسياسة ترامب الخارجية لتقليل حجم أي تنازلات محتملة. فصفقة المعادن التي وُقّعت في أبريل تمنح الولايات المتحدة حصة في أرباح الموارد الطبيعية الأوكرانية، وهو ما قد يمنح ترامب حافزًا اقتصاديًا للتفاوض على تسوية تعيد مزيدًا من الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الروسي إلى السيطرة الأوكرانية.

مع ذلك، قد تنتهج روسيا استراتيجية مشابهة. فقد قال يوري أوشاكوف، مستشار الكرملين، إن ترامب وبوتين سيناقشان خلال اجتماعهما المغلق “الإمكانات الهائلة وغير المستغلة” للتعاون الاقتصادي بين بلديهما، وذلك وفقًا لوكالة الأنباء الروسية الحكومية "تاس".

ما هو موقف الحلفاء الأوروبيين لأوكرانيا؟

أعرب قادة الاتحاد الأوروبي عن التزامهم بوحدة أراضي أوكرانيا. وفي بيان مشترك أقرّه جميع أعضاء الاتحاد باستثناء المجر — التي يعارض زعيمها فيكتور أوربان المساعدات العسكرية الأوروبية لأوكرانيا ويحافظ على علاقات وثيقة مع بوتين — جاء أن “الحدود الدولية يجب ألا تُغيَّر بالقوة.”

ومع ذلك، قال الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، في مقابلة مع شبكة ايه بي سي نيوزأوائل أغسطس إن مسألة الأراضي “ستكون على الطاولة” خلال المفاوضات، إلى جانب الضمانات الأمنية. وأشار إلى أن عملية السلام قد تتضمن إقرار أوكرانيا بفقدانها السيطرة على بعض أراضيها دون أن تتخلى رسميًا عن السيادة عليها.

زيلينسكي أكد أن أي اتفاق سلام يجب أن يتضمن ضمانات أمنية من حلفاء أوكرانيا لمنع أي عدوان روسي جديد. ومع تراجع استعداد الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب للقيام بدورها التاريخي كضامن أمني، يخشى القادة الأوروبيون من أن تترك قواتهم لحراسة هدنة قد يستغلها بوتين لإعادة بناء قواته، وشن هجوم جديد، وربما توسيع نفوذه العسكري إلى عمق القارة.

لماذا يريد بوتين الاحتفاظ بالسيطرة على القرم؟

تتمتع القرم بأهمية تاريخية بالنسبة لروسيا، إذ ضمّتها الإمبراطورية الروسية عام 1783 في عهد كاثرين الكبرى.

بقيت شبه جزيرة القرم جزءًا من روسيا حتى عام 1954، حين سلّمها زعيم الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشوف إلى أوكرانيا، التي كانت حينها لا تزال جزءًا من الاتحاد السوفيتي. في ذلك الوقت، كانت القرم تعاني الخراب في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وكان الزعيم السوفيتي السابق جوزيف ستالين قد رحّل السكان التتار الأصليين للقرم بعد اتهامهم بالتعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وشجّع الروس على الانتقال إلى شبه الجزيرة، ما أسفر عن أن أصبح غالبية سكان القرم من العرق الروسي. وعندما ضمّ فلاديمير بوتين القرم عام 2014، برّر قراره بأنه جاء لمساعدة السكان الناطقين بالروسية المقيمين هناك.

ويجعل موقع شبه الجزيرة الذي يأخذ شكل الماسة منطقة ذات أهمية استراتيجية للتجارة وإبراز النفوذ العسكري. فالقرم مفتاح للتحكم في أنشطة الشحن في البحر الأسود، وهو ممر حيوي لنقل الحبوب وغيرها من السلع. وفي الوقت نفسه، ظل ميناء سيفاستوبول تاريخيًا موطنًا لأسطول البحر الأسود الروسي، وهو ميناء عميق ودافئ المياه، ويقع على مقربة من عضوين في حلف شمال الأطلسي: رومانيا وتركيا. وبعد استقلال أوكرانيا عام 1991، قامت بتأجير القاعدة البحرية لروسيا.

مكّن استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم من استخدامها كمنصة انطلاق لغزو أوكرانيا على نطاق واسع. وقد شكّل جسر كيرتش، الذي افتُتح عام 2018 ليربط القرم بالبر الرئيسي الروسي، شريانًا لوجستيًا حيويًا لروسيا في إمداد جبهات القتال. وقد شنّت القوات الأوكرانية عدة هجمات لمحاولة قطع هذا الرابط.

ما هو اهتمام بوتين بمنطقة دونباس؟

سُمّيت دونباس نسبة إلى حوض دونيتس للفحم، وقد كانت تاريخيًا مركز صناعة الفحم والصلب في أوكرانيا، وقبل ذلك أحد معاقل الصناعة في الاتحاد السوفيتي. وكانت الدعاية السوفيتية تطلق على المنطقة لقب "قلب روسيا".

تعطل النشاط الصناعي في دونباس بسبب القتال المستمر والدموي منذ عام 2014، ودُمّرت العديد من المنشآت مع اندلاع الحرب الشاملة لاحقًا. ومع ذلك، لا تزال المنطقة تحتوي على احتياطيات كبيرة من الفحم يمكن لروسيا استغلالها. ووفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كانت أوكرانيا تمتلك ثامن أكبر احتياطي فحم في العالم عام 2023، ويقع معظمه في منطقة دونباس.

كما تحتوي المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا، بما في ذلك دونباس، على موارد طبيعية أخرى مثل الليثيوم والتيتانيوم والجرافيت — رغم أن حجم الكميات القابلة للاستخراج التجاري منها غير واضح. وهناك أيضًا حقل للغاز الصخري في منطقة دونيتسك، كانت شركة شل (Shell Plc) قد وقّعت اتفاقًا في عام 2013 لاستغلاله بالشراكة مع شركة أوكرانية مملوكة للدولة، قبل أن تنسحب لاحقًا من الاتفاق.

تضم منطقة دونيتسك أيضًا مدينة ماريوبول، وقد مكّن السيطرة الروسية عليها بوتين من إنشاء ممر بري يمتد من الحدود الروسية على طول ساحل بحر آزوف وصولًا إلى شبه جزيرة القرم، مما يقلل من الاعتماد على جسر كيرتش.

وبعيدًا عن دونباس، تحتوي منطقتا خيرسون وزابوريجيا على أراضٍ زراعية خصبة، وقد شكّلتا جزءًا أساسيًا من الإنتاج الزراعي الأوكراني ودوره التاريخي كـ "سلة خبز أوروبا". ووفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية، فقد مثّل هذان الإقليمان معًا ما لا يقل عن 10% من متوسط إنتاج القمح والشعير وبذور اللفت وبذور عباد الشمس في أوكرانيا بين عامي 2016 و2020.

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.