جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
كان من بين أكثر ردود الأفعال المفاجئة من الصين تجاه الحرب التجارية هو إحجامها عن إستغلال إمبراطوريتها الضخمة من إعلام الدولة في حشد تأييد الجبهة الداخية. وهذا تغير منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيادة رسوم على سلع صينية بقيمة مائتي مليار دولار بأكثر من الضعف.
وفي الأيام الأخيرة، عادت العبارة المحظورة في السابق "الحرب التجارية" إلى إستخدام واسع الإنتشار في وسائل الإعلام الصينية. وفي نفس الأثناء، عرضت منافذ إخبارية رسمية بشكل بارز تعليقات تدعو إلى مقاومة موحدة للضغط الأجنبي، بما في ذلك مقالة إفتتاحية في صحيفة جلوبال تايمز القومية تصف فيه الخلاف التجاري "بحرب شعبية" وتهديد لكل الصين.
ولاقت هذه المشاعر جمهورا متحمسا حيث جذب مقطع فيديو بثه تلفزيون الدولة يتعهد "بالقتال حتى النهاية" أكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة منذ يوم الاثنين. وكان هذا المقطع المصور الأكثر تداولا على وايبو منصة الإعلام الاجتماعي للصين المشابهة لتويتر في وقت سابق من اليوم الثلاثاء.
ويسلط هذا التحول في اللهجة الضوء على مخاطر بأن الحزب الشيوعي الصيني يتجه نحو موقف أكثر نزعة للقومية حيث تستمر الحرب التجارية وتلقي بثقلها على النمو الاقتصادي. وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ، مثل ترامب، بإنعاش اقتصاد دولته ولا يمكنه ان يتحمل ان يبدو ضعيفا في وجه قوة خارجية.
وحتى الأن، سعت وسائل إعلام الدولة الصينية إلى منع وصول المشاعر القومية إلى الحد الذي غذى ردة فعل غاضبة ضد المصالح اليابانية عندما إندلع خلاف حول سيادة أراضي في 2012. وحتى الأن، ركزت تعليقات وسائل الإعلام اللوم على الحكومة الأمريكية، وليس الدولة ككل.
على سبيل المثال، يتجنب تعليق تم نشره في صحيفة الشعب الصينية التابعة للحزب الشيوعي أي إشارة لاسم ترامب وتشير فقط إلى "أشخاص معينين في أمريكا مشغولين أكثر من اللازم بما يعرف بالعجز التجاري الضخم"، حسبما قال ديفيد باندورسكي من تشينل ميديا بروجيكت، وهو برنامج بحوث مستقل تابع لجماعة هونج كونج.
وقال باندورسكي إن المقالة "تحاول تجنب أي شعور بالعداء العام تجاه الولايات المتحدة، وتشدد على ان الشعب الأمريكي والشركات الأمريكية تخسر نتيجة الرسوم". وتابع "الأن الرسائل من القيادة إلى إعلام الدولة كلها حول السير بحذر".
وعلى الرغم من أن استخدام عبارة "الحرب التجارية" في وسائل الإعلام الرسمية يشير إلى تصاعد حدة اللهجة، إلا ان بعض المنافذ الإعلامية لازال محظور عليها إستخدام تلك العبارة، وفقا لشخص مطلع على الأمر. وأشار هذا الشخص إن البديل المقترح"هو بيئة خارجية غير واضحة"، مضيفا ان سلطات الدعاية وجهت المنافذ الإعلامية للتشديد على استقرار وصلابة الاقتصاد الصيني.
ويعد صعبا الحفاظ على هذا التوازن في دولة فيها كل أطفال المدارس يتعلمون عن "قرن الإذلال" الذي مرت به الدولة على يد القوى الإستعمارية. ووجد نائب رئيس الوزراء ليو هي نفسه بالفعل يواجه مقارنات صريحة بمسؤول في أسرة تشينغ الذي وقع على معاهدة في 1895 مع اليابان للتنازل عن جزيرة تايوان.
ولذلك شدد ليو في تعليقات لوسائل إعلام الدولة بعد ان فشلت محادثات تجارية يوم الجمعة في واشنطن ان أي اتفاق يجب ان يكون "متوازنا" لضمان "كرامة" الدولتين.
وجاءت تغريدات ترامب لإعلام الرسوم في وقت حرج بشكل خاص—غداة إحياء الصين الذكرى المئة على ثورة شعبية ضد قادة الدولة. وتعد حركة الرابع من مايو، التي أدت إلى تأسيس الحزب الشيوعي، تذكيرا بمخاطر الفشل في الوقوف في وجه القوى الخارجية.
وكان الثلاثاء الماضي أيضا الذكرى العشرين لتفجير الولايات المتحدة السفارة الصينية في بلجراد. وبينما وصف الجانب الأمريكي الحادث بالخطأ، إحتج متظاهرون صينيون خارج السفارة وتدهورت العلاقات وقتها إلى مستوى متدن.
وكان ماو تسي دونغ الأب الروحي للحزب الشيوعي هو من إستخدم عبارة "الحرب الشعبية" المذكورة في المقالة الإفتتاحية لجلوبال تايمز وذلك في خطاب يستشهد به كثيرا عام 1938 والذي قال فيه ان الصين ستطرد في النهاية الغزاة اليابانيين. ومن المأثور في هذا الخطاب قول ماو ان بينما يتأثر الصراع بعناصر سياسية واقتصادية وعسكرية وجغرافية، إلا ان الشعب هو العامل الحاسم.
وفي وقت سابق يوم الثلاثاء، نشرت صحيفة الشعب، بوق الحزب الشيوعي، صورة على حسابها بتطبيق "وي تشات" للعلم الصيني مع كلمات "تتباحث—حسنا!...تقاتل—سنكون حاضرين". وحملت الصورة عبارة "تريد إرهابنا فأنت واهم".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.