
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
قفزت أسعار النفط بعد أن أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على أكبر شركتي النفط في روسيا، مما يهدد الإمدادات من أحد أكبر البلدان المنتجة في العالم.
ارتفع خام برنت بأكثر من 5% ليتداول قرب 66 دولارًا للبرميل، متجهًا نحو أكبر قفزة منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو. وجاء هذا الارتفاع بعد أن أدرجت واشنطن شركتي النفط الروسيتين العملاقتين "روسنفت" (Rosneft PJSC) و**"لوك أويل" (Lukoil PJSC)** على القائمة السوداء، الأمر الذي أثار مخاوف من أن الهند — أحد أبرز المشترين — قد تنسحب من التعاملات مع موسكو.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تبدو فيه الإمدادات العالمية وفيرة، إذ تقوم الدول الأعضاء في تحالف أوبكبلس وخارجه بزيادة الإنتاج وسط مؤشرات على تباطؤ نمو الطلب. وإذا ما قررت الهند تقليص مشترياتها بشكل كبير — حيث قال مسؤولون كبار في قطاع التكرير أن القيود ستجعل استمرار التدفقات "شبه مستحيل" — فإن السؤال المطروح سيكون ما إذا كانت الصين مستعدة لملء هذا الفراغ.
قال خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة Rystad Energy: "تمثل العقوبات الأمريكية الأخيرة على أكبر منتجي النفط في روسيا تصعيدًا كبيرًا وغير مسبوق في حملة الضغط التي تشنها واشنطن على موسكو. فعند دمجها مع الموجة الأخيرة من الهجمات التي استهدفت البنية التحتية النفطية الروسية، تثير هذه العقوبات احتمال حدوث اضطرابات واسعة في إنتاج وصادرات النفط الخام الروسي، مما يزيد من مخاطر توقف الإنتاج القسري."
وفي الوقت نفسه، كثّف الاتحاد الأوروبي ضغوطه على الكرملين، باعتماد حزمة جديدة من العقوبات تستهدف قطاع الطاقة الروسي، تشمل حظرًا كاملاً على التعاملات التجارية مع شركتي "روسنفت" و"غازبروم نفط".
كان سوق النفط قد أظهر مؤشرات على وجود فائض في المعروض، حيث بلغ حجم النفط المخزن على الناقلات في البحار مستوى قياسيًا، فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز المعروض العالمي الطلب بنحو 4 ملايين برميل يوميًا العام المقبل. وقد أدى ذلك مؤخرًا إلى إشارة منحنى الأسعار الآجلة إلى تزايد ضعف السوق.
ومع أن وفرة الإمدادات قد تساعد في التخفيف من أثر العقوبات الجديدة، إلا أن تأثيرها لا ينبغي التقليل منه. فإعادة ترتيب واردات الهند — التي يعتمد أكثر من ثلثها على النفط الروسي — ستكون مهمة ضخمة. كما أن هذه التطورات تُحدث صدمة في صناعة النفط الصينية، إذ تستورد الصين ما يصل إلى 20% من احتياجاتها النفطية من روسيا.
ومع ذلك، تمتلك روسيا خبرة واسعة في التحايل على العقوبات، ولا يزال التأثير النهائي لهذه الإجراءات غير واضح. فقد بلغت شحنات النفط الخام الروسي المنقولة بحرًا مؤخرًا أعلى مستوى لها منذ 29 شهرًا على الرغم من سلسلة القيود الغربية. وقد تظل شركة نايارا انيرجي Nayara Energy الهندية، المدعومة من "روسنفت"، منفذًا لتصريف النفط الروسي.
ورغم ذلك، فإن العقوبات الجديدة تمثل تحولًا في نهج الرئيس دونالد ترامب تجاه روسيا، وتفتح الباب أمام عقوبات أكثر صرامة في المستقبل قد تؤثر في نهاية المطاف على تدفقات النفط الروسي، وفقًا لما قاله وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في بنك ING Groep NV في سنغافورة. وأضاف: "الشك يكمن في مدى فعالية هذه العقوبات، وما الأثر الحقيقي الذي ستتركه على الصادرات."
وتُعد رسالة شركات التكرير الهندية أنها على الأرجح لن تتمكن من شراء النفط الروسي بعد الآن تحولًا كبيرًا عن موقفها الأخير الذي كانت تشير فيه إلى استمرار الاستيراد ولكن بكميات أقل. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع إن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكد له أن بلاده ستبدأ في تقليص مشترياتها تدريجيًا.
عقب هذه الإجراءات، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يخطط للتحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن مشتريات الصين من النفط الروسي، وذلك خلال اجتماع مقرر عقده الأسبوع المقبل في كوريا الجنوبية.
وتُعد شركة "روسنفت"، التي يرأسها إيغور سيتشين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب شركة "لوك أويل" المملوكة للقطاع الخاص، أكبر منتجين للنفط في روسيا، إذ يشكل إنتاجهما مجتمعين ما يقرب من نصف الصادرات النفطية الروسية، وفق تقديرات بلومبرج. كما تشكل الضرائب القادمة من قطاعي النفط والغاز نحو ربع الميزانية الفيدرالية الروسية.
وتُعد الإجراءات الأمريكية الجديدة تحولًا جذريًا في السياسة المتبعة، إذ كانت الجهود السابقة — مثل آلية تحديد سقف الأسعار التي فرضتها مجموعة السبع على النفط الروسي — تهدف إلى تقييد عائدات الكرملين دون الإضرار بالإمدادات أو التسبب في ارتفاع حاد في الأسعار العالمية.
ويتعافى خام برنت من أدنى مستوى له في خمسة أشهر والذي سجّله يوم الاثنين. كما ارتفعت العقود الآجلة يوم الأربعاء وسط مؤشرات على أن موجة البيع الأخيرة كانت مبالغًا فيها، إضافة إلى تراجع المخزونات الأمريكية.
الهامش السعري لعقود خام برنت للتسليم الفوري مقارنة بالعقد التالي، والمعروف باسم فارق التسليم الفوري (prompt spread)، كان قد تضاءل خلال الأشهر الماضية وسط مخاوف متزايدة من تخمة في الإمدادات. إلا أن هذا الفارق تضاعف تقريبًا ليصل إلى 67 سنتًا للبرميل يوم الخميس، مما عزز هيكل السوق المعروفة باسم (backwardation) — وهي إشارة إلى سوق يعاني من شحّ في المعروض.
وفي عقود خيارات خام برنت، تحوّل مقياس يُعرف باسم "الانحراف السعري" (skew) إلى اتجاه صعودي لصالح عقود الشراء (call bias)، ما يعكس ميلاً متزايدًا نحو الصعود.
وقال جيوفاني ستاونوفو، محلل السلع في بنك UBS Group AG: "ما زلت أتوقع تداول خام برنت في نطاق يتراوح بين 60 و70 دولارًا للبرميل. وبينما بدأ المشاركون في السوق يحوّلون مخاوفهم من تخمة الإمدادات إلى مخاطر تعطل الإمداد، إلا أننا ما زلنا نرى نموًا قويًا في المعروض من الأميركيتين، ويمكن لتحالف أوبك+ أن يتراجع تدريجيًا عن تخفيضاته إذا دعت الحاجة."
ارتفع خام برنت تسليم ديسمبر بنسبة 5.2% إلى 65.85 دولارًا للبرميل بحلول الساعة 12:08 ظهرًا بتوقيت لندن. أما خام غرب تكساس الوسيط لتسليم ديسمبر فقد قفز بنسبة 5.6% ليُتداول عند 61.79 دولارًا للبرميل.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.