
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
سجّلت مؤشرات وول ستريت مستويات قياسية جديدة يوم الجمعة، مدعومة ببيانات تضخم جاءت أقل من المتوقع، ما عزّز رهانات المستثمرين على تسارع وتيرة خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، في حين ساهمت نتائج "إنتل" الإيجابية في الحفاظ على حالة التفاؤل المرتبطة بقطاع الذكاء الاصطناعي.
وأظهرت البيانات أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفعت بدرجة أقل من المتوقع في سبتمبر، مما دفع المتداولين إلى تقديم توقعاتهم لخفض الفائدة. إذ يتوقعون الآن ثلاث مرات خفض بمقدار ربع نقطة مئوية بحلول مارس بدلاً من أبريل.
وقال إريك غيرستر، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة AlphaCore Wealth Advisory: "البيانات إيجابية للغاية، وتمهّد الطريق أمام الفيدرالي لخفض الفائدة الأسبوع المقبل، كما تعزز التوقعات بعمليتي خفض إضافيتين على الأقل بحلول مارس."
ومن المقرر أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع السياسة النقدية يوم 29 أكتوبر.
إلا أن الصورة الاقتصادية لا تزال غامضة، إذ يُظهر النشاط التجاري تعافيًا محدودًا خلال أكتوبر، بينما حذّر البيت الأبيض من احتمال عدم صدور بيانات التضخم للشهر المقبل بسبب الإغلاق الحكومي الذي دخل يومه الرابع والعشرين.
وفي تمام الساعة 9:54 صباحًا بتوقيت نيويورك (4:54 مساءً بتوقيت القاهرة)، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 366.58 نقطة (+0.78%) إلى 47101.19 نقطة، وصعد مؤشر اس آند بي 500 بمقدار 53.54 نقطة (+0.79%) إلى 6791.75 نقطة وارتفع مؤشر ناسداك المجمع بمقدار 235.12 نقطة (+1.03%) إلى 23176.92 نقطة.
كما ارتفع مؤشر راسل 2000 للأسهم الصغيرة الذي يتأثر بأسعار الفائدة بنسبة 0.9%.
وحققت أسهم إنتل قفزة بنسبة 4% بعد أن تجاوزت نتائج أرباح الربع الثالث التوقعات، ما أضاف دفعة قوية لموجة النتائج الإيجابية في السوق الأمريكية، وساهم في ارتفاع مؤشر ناسداك.
كما ارتفعت أسهم AMD بنسبة 5.7%، ومايكرون تكنولوجي بنسبة 3.4%، في حين صعدت أسهم إنفيديا بنسبة 1.9%.
وسجّل مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات ارتفاعًا بنسبة 1.8% ليبلغ أعلى مستوى له على الإطلاق.
أما شركة بروكتر آند جامبل، فقد تجاوزت أرباحها التوقعات بفضل الطلب القوي على منتجات الجمال والعناية بالشعر، لترتفع أسهمها 1.1%، كما ارتفع قطاع الما بالنسبة ذاتها تقريبًا.
وأشارت تقارير السوق إلى أن تفوق "إنتل" وضع الأساس لأسبوع حافل بالنتائج، إذ من المتوقع أن تعلن خمسة من "السبعة الكبار" في قطاع التكنولوجيا – ومن بينهم آبل ومايكروسوفت– عن نتائجها المالية قريبًا.
وكانت تسلاونتفليكس قد أعلنتا في وقت سابق من الأسبوع نتائج مخيبة للآمال أثّرت سلبًا على المعنويات مؤقتًا.
مخاوف تجارية مستمرة
شهدت الأسواق العالمية لحظة هدوء بعد أن أكّد البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيلتقي نظيره الصيني شي جين بينغ الأسبوع المقبل خلال جولته الآسيوية، وهو ما أنعش الآمال بانفراجة في التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أشهر من الرسوم الجمركية المتبادلة والقيود على الصادرات.
وفي المقابل، أنهى ترامب جميع المحادثات التجارية مع كندا بعد أن بثّت إعلانات سياسية كندية استخدمت صوت الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان لانتقاد سياسة الرسوم الجمركية.
ارتفع التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بأقل من المتوقع في شهر سبتمبر، مما يُبقي الاحتياطي الفيدرالي في طريقه نحو خفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي الصادرة يوم الجمعة أن مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي – الذي يستثني فئتي الغذاء والطاقة شديدتي التقلب – زاد بنسبة 0.2% مقارنة بشهر أغسطس، وهو أبطأ وتيرة في ثلاثة أشهر. وعلى أساس سنوي، ارتفع المؤشر بنسبة 3%.
وكان من المقرر في البداية صدور تقرير التضخم لشهر سبتمبر في 15 أكتوبر، إلا أنه تأجل بسبب الإغلاق الجزئي المستمر للحكومة الفيدرالية. ورغم أن أغلب أنشطة مكتب الإحصاءات توقفت منذ بدء الإغلاق في 1 أكتوبر، فقد استُدعي بعض الموظفين لإعداد هذا التقرير حتى تتمكن إدارة الضمان الاجتماعي من حساب الزيادة السنوية في مخصصات تكاليف المعيشة.
وأشار التقرير إلى أن موظفي مكتب الإحصاءات سيكونون متاحين فقط للرد على استفسارات الجمهور بشأن مؤشر الأسعار حتى الساعة الثانية عشرة ظهرًا بتوقيت واشنطن، وذلك بسبب الإغلاق الحكومي.
جاءت القراءة الأدنى من المتوقع بمثابة مفاجأة إيجابية، خصوصًا بالنسبة لعدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين يتوخّون الحذر بشأن مواصلة خفض أسعار الفائدة.
ورغم أن البنك المركزي كان يُتوقَّع على نطاق واسع أن يُخفّض تكاليف الاقتراض في اجتماعه الأسبوع المقبل، فإن هذا التقرير قد يعزّز قناعة صُنّاع السياسة النقدية بإمكانية إجراء خفض إضافي في ديسمبر — خاصةً في حال استمرار الإغلاق الحكومي وغياب تقارير رسمية أخرى.
وبعد صدور التقرير، ارتفعت العقود الآجلة للأسهم، في حين تراجعت عوائد السندات الأمريكية والدولار.
أما على صعيد الأسعار، فقد ارتفعت أسعار السلع – باستثناء الغذاء والطاقة – بوتيرة أبطأ، متأثرة بانخفاض أسعار السيارات المستعملة. في المقابل، شهدت السلع المنكشفة على الرسوم الجمركية، مثل الأثاث المنزلي والسلع الترفيهية، ارتفاعًا في الأسعار. كما قفزت أسعار الملابس بأسرع وتيرة خلال عام.
وفي قطاع الخدمات، ارتفعت الأسعار – باستثناء الطاقة – بنسبة 0.2%، مدفوعةً بـأصغر زيادة في تكاليف السكن منذ مطلع عام 2021. كما ارتفعت أسعار تذاكر الطيران بوتيرة أبطأ، بينما تراجعت أسعار التأمين على السيارات.
الرئيس فلاديمير بوتين قال يوم الخميس إن موسكو «لن ترضخ أبدًا» أمام ضغوط الولايات المتحدة أو أي قوة أجنبية أخرى، وحذّر من أنها ستوجّه رداً «ساحقاً» على أي ضربات عسكرية تُنفّذ في عمق الأراضي الروسية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من جهته، فرض يوم الأربعاء عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين روسيتين في تحول حاد بالسياسة الأمريكية تجاه حرب موسكو في أوكرانيا، مما دفع أسعار النفط العالمية للارتفاع بنحو 5% يوم الخميس، وأدى إلى دراسة الهند خفض وارداتها من النفط الروسي.
بوتين قال للصحفيين إن العقوبات الأمريكية والغربية «عمل غير ودي» و«سيكون لها عواقب معينة، لكنها لن تؤثر بشكل كبير على سلامتنا الاقتصادية». وأضاف أن قطاع الطاقة الروسي يشعر بالثقة.
وأضاف: "هذه، بالطبع، محاولة للضغط على روسيا. ولكن لا دولة تحترم نفسها ولا شعبٌ يحترم نفسه يتخذ قرارات تحت الضغط".
وبعد أن مزح مع الصحفيين حول كيف أن العقوبات قد تمنع الغرب من استيراد المراحيض الروسية، تذكّر أن ترامب في ولايته الأولى فرض عقوبات صارمة على روسيا.
وحذّر من أن تعطيل صادرات روسيا ــ التي تُعد ثاني أكبر مُصدِّر للنفط في العالم ــ سيؤدّي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط، بما في ذلك أسعار البنزين في الولايات المتحدة. وأضاف أن ذلك قد يضع واشنطن في وضع سياسي غير مريح.
وبينما قد يكون مدى الضرر المالي على روسيا محدوداً على المدى القصير، فإن العقوبات الجديدة تُعد إشارة قوية إلى نية ترامب تضييق الخناق على مواردها المالية ومحاولة دفع الكرملين نحو اتفاق سلام، مع بقاء حالة عدم الوضوح بشأن ما إذا كانت الهند ستتوقف فعلاً عن شراء الخام الروسي.
وقال ترامب خلال حملته الانتخابية إنه سينهي حرب أوكرانيا بسرعة، والتي تصرّ إدارة بلاده على أنها «حرب بالوكالة» بين واشنطن وموسكو. وبعد أن ضغط بقوة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أعرب مؤخراً عن خيبة أمل وغضب تجاه بوتين.
و يوم الأربعاء قال ترامب الذي وصف روسيا بأنها «نمر من ورق»، إنه ألغى قمة كان مخططاً عقدها مع بوتين. وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أكبر شركتين نفطيتين روسيتين.
قال بوتين إن القمة والمكان المقترَحَين — بودابست — كانا من اقتراح ترامب.
وأضاف: "ماذا أقول؟ الحوار دائماً أفضل من نوع من المواجهة، من نزاع أو، والأكثر من ذلك، الحرب".
وعند سؤاله عن تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال يفيد بأن إدارة ترامب رفعت قيداً أساسياً على استخدام أوكرانيا لبعض الصواريخ طويلة المدى التي زودها بها حلفاء غربيون، وبخصوص تصريحات زيلينسكي عن صواريخ محلية مداها بطول 3000 كم (1900 ميل)، قال بوتين: "هذه محاولة للتصعيد".
وأضاف: "ولكن إذا استُخدمت مثل هذه الأسلحة لضرب الأراضي الروسية، فسيكون الردّ جدياً جداً، إن لم يكن ساحقاً. فليعدّوا لذلك".
قفزت أسعار النفط بعد أن أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على أكبر شركتي النفط في روسيا، مما يهدد الإمدادات من أحد أكبر البلدان المنتجة في العالم.
ارتفع خام برنت بأكثر من 5% ليتداول قرب 66 دولارًا للبرميل، متجهًا نحو أكبر قفزة منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو. وجاء هذا الارتفاع بعد أن أدرجت واشنطن شركتي النفط الروسيتين العملاقتين "روسنفت" (Rosneft PJSC) و**"لوك أويل" (Lukoil PJSC)** على القائمة السوداء، الأمر الذي أثار مخاوف من أن الهند — أحد أبرز المشترين — قد تنسحب من التعاملات مع موسكو.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تبدو فيه الإمدادات العالمية وفيرة، إذ تقوم الدول الأعضاء في تحالف أوبكبلس وخارجه بزيادة الإنتاج وسط مؤشرات على تباطؤ نمو الطلب. وإذا ما قررت الهند تقليص مشترياتها بشكل كبير — حيث قال مسؤولون كبار في قطاع التكرير أن القيود ستجعل استمرار التدفقات "شبه مستحيل" — فإن السؤال المطروح سيكون ما إذا كانت الصين مستعدة لملء هذا الفراغ.
قال خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة Rystad Energy: "تمثل العقوبات الأمريكية الأخيرة على أكبر منتجي النفط في روسيا تصعيدًا كبيرًا وغير مسبوق في حملة الضغط التي تشنها واشنطن على موسكو. فعند دمجها مع الموجة الأخيرة من الهجمات التي استهدفت البنية التحتية النفطية الروسية، تثير هذه العقوبات احتمال حدوث اضطرابات واسعة في إنتاج وصادرات النفط الخام الروسي، مما يزيد من مخاطر توقف الإنتاج القسري."
وفي الوقت نفسه، كثّف الاتحاد الأوروبي ضغوطه على الكرملين، باعتماد حزمة جديدة من العقوبات تستهدف قطاع الطاقة الروسي، تشمل حظرًا كاملاً على التعاملات التجارية مع شركتي "روسنفت" و"غازبروم نفط".
كان سوق النفط قد أظهر مؤشرات على وجود فائض في المعروض، حيث بلغ حجم النفط المخزن على الناقلات في البحار مستوى قياسيًا، فيما تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتجاوز المعروض العالمي الطلب بنحو 4 ملايين برميل يوميًا العام المقبل. وقد أدى ذلك مؤخرًا إلى إشارة منحنى الأسعار الآجلة إلى تزايد ضعف السوق.
ومع أن وفرة الإمدادات قد تساعد في التخفيف من أثر العقوبات الجديدة، إلا أن تأثيرها لا ينبغي التقليل منه. فإعادة ترتيب واردات الهند — التي يعتمد أكثر من ثلثها على النفط الروسي — ستكون مهمة ضخمة. كما أن هذه التطورات تُحدث صدمة في صناعة النفط الصينية، إذ تستورد الصين ما يصل إلى 20% من احتياجاتها النفطية من روسيا.
ومع ذلك، تمتلك روسيا خبرة واسعة في التحايل على العقوبات، ولا يزال التأثير النهائي لهذه الإجراءات غير واضح. فقد بلغت شحنات النفط الخام الروسي المنقولة بحرًا مؤخرًا أعلى مستوى لها منذ 29 شهرًا على الرغم من سلسلة القيود الغربية. وقد تظل شركة نايارا انيرجي Nayara Energy الهندية، المدعومة من "روسنفت"، منفذًا لتصريف النفط الروسي.
ورغم ذلك، فإن العقوبات الجديدة تمثل تحولًا في نهج الرئيس دونالد ترامب تجاه روسيا، وتفتح الباب أمام عقوبات أكثر صرامة في المستقبل قد تؤثر في نهاية المطاف على تدفقات النفط الروسي، وفقًا لما قاله وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في بنك ING Groep NV في سنغافورة. وأضاف: "الشك يكمن في مدى فعالية هذه العقوبات، وما الأثر الحقيقي الذي ستتركه على الصادرات."
وتُعد رسالة شركات التكرير الهندية أنها على الأرجح لن تتمكن من شراء النفط الروسي بعد الآن تحولًا كبيرًا عن موقفها الأخير الذي كانت تشير فيه إلى استمرار الاستيراد ولكن بكميات أقل. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع إن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكد له أن بلاده ستبدأ في تقليص مشترياتها تدريجيًا.
عقب هذه الإجراءات، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يخطط للتحدث مع الرئيس الصيني شي جين بينغ بشأن مشتريات الصين من النفط الروسي، وذلك خلال اجتماع مقرر عقده الأسبوع المقبل في كوريا الجنوبية.
وتُعد شركة "روسنفت"، التي يرأسها إيغور سيتشين المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب شركة "لوك أويل" المملوكة للقطاع الخاص، أكبر منتجين للنفط في روسيا، إذ يشكل إنتاجهما مجتمعين ما يقرب من نصف الصادرات النفطية الروسية، وفق تقديرات بلومبرج. كما تشكل الضرائب القادمة من قطاعي النفط والغاز نحو ربع الميزانية الفيدرالية الروسية.
وتُعد الإجراءات الأمريكية الجديدة تحولًا جذريًا في السياسة المتبعة، إذ كانت الجهود السابقة — مثل آلية تحديد سقف الأسعار التي فرضتها مجموعة السبع على النفط الروسي — تهدف إلى تقييد عائدات الكرملين دون الإضرار بالإمدادات أو التسبب في ارتفاع حاد في الأسعار العالمية.
ويتعافى خام برنت من أدنى مستوى له في خمسة أشهر والذي سجّله يوم الاثنين. كما ارتفعت العقود الآجلة يوم الأربعاء وسط مؤشرات على أن موجة البيع الأخيرة كانت مبالغًا فيها، إضافة إلى تراجع المخزونات الأمريكية.
الهامش السعري لعقود خام برنت للتسليم الفوري مقارنة بالعقد التالي، والمعروف باسم فارق التسليم الفوري (prompt spread)، كان قد تضاءل خلال الأشهر الماضية وسط مخاوف متزايدة من تخمة في الإمدادات. إلا أن هذا الفارق تضاعف تقريبًا ليصل إلى 67 سنتًا للبرميل يوم الخميس، مما عزز هيكل السوق المعروفة باسم (backwardation) — وهي إشارة إلى سوق يعاني من شحّ في المعروض.
وفي عقود خيارات خام برنت، تحوّل مقياس يُعرف باسم "الانحراف السعري" (skew) إلى اتجاه صعودي لصالح عقود الشراء (call bias)، ما يعكس ميلاً متزايدًا نحو الصعود.
وقال جيوفاني ستاونوفو، محلل السلع في بنك UBS Group AG: "ما زلت أتوقع تداول خام برنت في نطاق يتراوح بين 60 و70 دولارًا للبرميل. وبينما بدأ المشاركون في السوق يحوّلون مخاوفهم من تخمة الإمدادات إلى مخاطر تعطل الإمداد، إلا أننا ما زلنا نرى نموًا قويًا في المعروض من الأميركيتين، ويمكن لتحالف أوبك+ أن يتراجع تدريجيًا عن تخفيضاته إذا دعت الحاجة."
ارتفع خام برنت تسليم ديسمبر بنسبة 5.2% إلى 65.85 دولارًا للبرميل بحلول الساعة 12:08 ظهرًا بتوقيت لندن. أما خام غرب تكساس الوسيط لتسليم ديسمبر فقد قفز بنسبة 5.6% ليُتداول عند 61.79 دولارًا للبرميل.
المستثمرون الذين سحبوا 669 مليون دولار الشهر الماضي من أكبر صندوق مؤشرات يتتبع شركات تعدين الذهب بدوا وكأنهم اتخذوا القرار الصائب بعد تداولات يوم الثلاثاء.
فقد هوى صندوق VanEck Gold Miners ETF بنسبة 9.4% في أسوأ موجة بيع له منذ مارس 2020، بالتزامن مع تسجيل الذهب الفوري أكبر انهيار له منذ أكثر من عقد. وتراجعت أسهم شركات التعدين الكبرى مثل نيومونت (Newmont Corp.) وأغنيكو إيغل (Agnico Eagle Mines Ltd.) وباريك (Barrick Mining Corp.) بنحو 9% لكل منها، حيث محَت نيوماونت وأغنيكو مكاسب أسبوع كامل، في حين خسرت باريك مكاسب امتدت لأكثر من شهر.
وتنامت التحذيرات من أن صعود الذهب — الذي ارتفع بنحو 60% منذ بداية عام 2025 ليتجاوز 4,000 دولار للأونصة — أصبح منفصلًا عن الواقع الاقتصادي. وكانت المخاوف أشدّ بالنسبة لشركات تعدين الذهب، التي تضاعفت مكاسب أسهمها هذا العام مقارنة بارتفاع المعدن نفسه.
وقالت كانديس بانغسوند، مديرة المحافظ في شركة Fiera Capital Corp.: "المكاسب التي حققها قطاع الذهب، وخصوصًا الشركات الكبرى، ربما تجاوزت الحدود المعقولة وسارت بسرعة مفرطة، خاصةً وأن الذهب نفسه لم يرتفع سوى بنصف تلك النسبة."
ذلك الرأي كان واسع الانتشار بين المحللين، رغم أن تنبؤ موعد لهبوط حاد بعد موجة صعود قوية يحمل بدوره مخاطره الخاصة. ويتحدث خبراء وول ستريت عن ما يُعرف بـ “القمة الانفجارية” (Blow-off Top) في الأسواق الصاعدة — وهي المرحلة التي تُسجَّل فيها أكبر المكاسب قبل هبوط حاد ومفاجئ.
ولا أحد يستطيع الجزم ما إذا كان يوم الثلاثاء يمثل بداية موجة بيع مطوّلة في الذهب وأسهم شركات التعدين، أم مجرد انتكاسة ليوم واحد.
قال جاي كابل، كبير محللي الأبحاث في شركة SentimentTrader: "أنا الآن متشبّث بجانب الصاروخ، وآمل أن أجد طريقة للقفز منه قبل أن ينعكس اتجاهه."
وأضاف عبر الهاتف: "لقد رأيت هذه السيناريوهات من قبل — إنها لا تدوم إلى الأبد."
وسحب المستثمرون من صندوق VanEck Gold Miners ETF نحو 668.6 مليون دولار في سبتمبر، في أكبر تدفّق خارجي خلال خمسة أشهر، ما يشير إلى أن بعضهم بدأ يفقد الثقة في استمرارية الصعود.
ورغم ذلك، لا يزال الصندوق مرتفعًا بنسبة 115% منذ بداية العام، بينما قفزت أسهم شركة نيومونت، أكبر منتج للذهب في الولايات المتحدة، بنسبة 131% خلال نفس الفترة.
وقالت نانسي تنغلر، الرئيسة التنفيذية ومديرة الاستثمار في Laffer Tengler Investments، إن ما يحدث قد يكون له ما يبرّره: "لطالما كنت متفائلة بشأن الذهب، لكن ما أراه الآن يجعلني أسهر ليلًا قلقًا. الذهب أصبح بمثابة ’الصفقة الخالية من المخاطر‘ — لا أحد يتساءل إن كان مبالغًا في قيمته."
أما كانديس بانغسوند من Fiera Capital، فتوقعت أن تستقر أسعار الذهب وأسهم شركات التعدين خلال الأشهر المقبلة، لا سيما إذا لم يقدِم الاحتياطي الفيدرالي على تنفيذ خفضين في الفائدة كما تتوقع الأسواق.
لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو التقلبات الحادة التي بدأت تظهر في أسعار المعادن النفيسة — وهي سوق طالما عُرفت بالثبات واعتبارها ملاذًا آمنًا. فقد بلغت التقلبات المحققة في أسعار الذهب مقارنة بمؤشر S&P 500 يوم الثلاثاء أعلى مستوياتها منذ عام 2020.
قال جون تشيامباليا، الرئيس التنفيذي والمدير العام لشركة Sprott Asset Management LP: "التقلبات اليومية ستكون حادّة للغاية في هذه المرحلة، مع شروع المستثمرين في جني الأرباح وإخراج السيولة من السوق."
وأضاف أنه طالما لم تؤدِّ هذه التقلبات السريعة إلى موجة بيع قسرية تتسبب في انهيار أوسع، فإنه يرى أساسًا قويًا على المدى الطويل لأسهم شركات تعدين الذهب. وأوضح أن هذه الشركات "ستطبع الأموال" هذا الربع، في إشارة إلى أرباحها القياسية المحتملة، إذ تراجعت تكاليفها التشغيلية في الوقت الذي سجّل فيه المعدن مستويات قياسية.
ومن المقرر أن تُعلن شركة نيومونت (Newmont) نتائجها للربع الثالث يوم الخميس، تليها أغنيكو إيغل (Agnico Eagle) الأسبوع المقبل، بينما ستصدر باريك (Barrick) نتائجها في نوفمبر.
ورغم موجة الهبوط، لا يزال متداولو المشتقات المالية يراهنون على ارتفاع الذهب وأسهم شركات التعدين. فقد قفزت أحجام تداول الخيارات إلى مستوى قياسي الأسبوع الماضي على صندوق SPDR Gold Shares، وجاءت معظم الطلبات من المستثمرين المتفائلين (المضاربين على الصعود)، وفقًا لما قالته ماندي شو، نائبة الرئيس ورئيسة قسم معلومات سوق المشتقات في بورصة Cboe: "يستخدم المستثمرون الخيارات لمطاردة موجة صعود الذهب."
لكن تلك الرهانات بدت الآن متسرّعة.
ويتوقع جاي كابل من SentimentTrader أنه رغم إمكانية استمرار استفادة أسهم شركات التعدين من ارتفاع أسعار الذهب، فإنها تبقى شديدة المضاربة، وبالتالي فإن أي ارتفاع في قيمة الدولار الأمريكي قد يشعل موجة بيع عنيفة.
وأضاف: "عندما تحدث موجة بيع، أعتقد أن مكاسب شهر أو شهرين قد تتبخر في غضون يومين فقط، وبعدها يقرر السوق إلى أين يتجه."
واصل الذهب خسائره في جلسة متقلبة، بعدما تكبّد يوم الثلاثاء أسوأ هبوط له منذ أكثر من 12 عامًا، وسط مخاوف من أن ارتفاعه الأخير كان سريعًا ومبالغًا فيه.
هبط الذهب في المعاملات الفورية إلى ما دون 4020 دولارًا للأونصة مع بدء التداولات الأمريكية، بعد تقلّبات شهدت هبوطه بنحو 3% قبل أن يتعافى جزئيًا. جاء ذلك بعد يوم واحد فقط من تراجعه الحاد بنسبة 6.3%، في ظل مؤشرات فنية أظهرت أن موجة الصعود التي حطّمت أرقامًا قياسية متتالية هذا العام كانت مفرطة.
وقالت سوكي كوبر، رئيسة أبحاث السلع في بنك ستاندرد تشارترد: "البيع لعوامل فنية هو المتهم الرئيسي وراء الهبوط، إذ تتداول الأسعار في منطقة تشبّع شرائي منذ بداية سبتمبر". وأضافت أن البنك يتوقع أن يستعيد الذهب زخمه خلال العام المقبل.
وجاء هذا التراجع ليوقف فجأة الارتفاع السريع الذي بدأ منذ منتصف أغسطس. ويُعرف هذا الاتجاه بـ"تجارة التحوط من تآكل قيمة العملات" (debasement trade)، حيث يتجنّب المستثمرون الديون السيادية والعملات لحماية ثرواتهم من العجوزات المالية المتزايدة، إلى جانب الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي سيقدم على خفض واحد كبير على الأقل في أسعار الفائدة قبل نهاية العام — وهي العوامل التي غذّت صعود الذهب في الأشهر الأخيرة. ورغم التراجع، لا يزال الذهب مرتفعًا بنحو 55% منذ بداية العام.
وبعد أن التزم المستثمرون الأفراد الحذر في الفترة الأولى لموجة الصعود، لعبوا مؤخرًا دوراً في الأشهر الأخيرة، متحمسين لفكرة "تدهور العملات". وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي صور لطوابير من المشترين أمام متاجر بيع الذهب. كما قفزت أحجام التداول في عقود خيار صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب والعقود الآجلة، وهي أدوات يفضّلها المستثمرون الأفراد للمضاربة على أسعار المعدن النفيس.
وقد ساهمت تحركات الرئيس دونالد ترامب العنيفة لإعادة تشكيل التجارة العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، في دعم الطلب على المعادن الثمينة هذا العام. وواصلت البنوك المركزية شراء الذهب بهدف تنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، في حين شهدت صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) تدفقات قوية من المستثمرين الباحثين عن نصيب من الارتفاع.
لكن سيتي جروب خفّضت توصيتها بشراء الذهب بعد انهيار الثلاثاء، محذّرة من أن الأسواق وصلت إلى مستويات "مبالغ فيها". وتوقّع محللو البنك، ومن بينهم تشارلي ماسي-كولير، أن يشهد الذهب مرحلة تذبذب حول مستوى 4,000 دولار للأونصة خلال الأسابيع المقبلة.
وجاء في مذكرة البنك: "ربما تعود القصة القديمة وراء صعود الذهب — والمتمثلة في استمرار الطلب من البنوك المركزية لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي — لاحقًا، لكن عند المستويات الحالية لا يوجد ما يستدعي التسرّع في بناء مراكز جديدة." وأضافوا أن الأسعار "تمادت في التفاعل مع قصة تدهور العملات".
وجاءت هذه التراجعات أيضًا مع ترقب المستثمرين لأي تقدّم محتمل في المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، بعد عودة التوترات التي كانت قد عزّزت الإقبال على الأصول الآمنة. وكان ترامب قد توقّع يوم الثلاثاء أن الاجتماع المرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ سيُفضي إلى "صفقة جيدة" بشأن التجارة — مع إقراره في الوقت نفسه بأن الاجتماع قد لا يحدث أصلًا.
كما أدى إغلاق الحكومة الأمريكية إلى حرمان المتداولين من أحد أهم أدواتهم التحليلية: التقرير الأسبوعي الصادر عن لجنة تداول العقود الآجللة للسلع (CFTC)، والذي يكشف عن مراكز صناديق التحوّط ومديري الأموال في العقود الآجلة الأمريكية للذهب والفضة.
ومن دون هذه البيانات، قد يُقدم المضاربون على بناء مراكز غير اعتيادية — كبيرة جدًا في أحد الاتجاهين — سواء نحو الشراء أو البيع، في ظل غياب الرؤية الواضحة لاتجاهات السوق الفعلية.
تراجع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.5% ليصل إلى 4,063.63 دولارًا للأونصة عند الساعة 9:15 صباحًا في نيويورك. ونزلت الفضة بنسبة 0.6% بعد تقلّبها بين المكاسب والخسائر، وذلك عقب هبوطها الحاد بنسبة 7.1% يوم الثلاثاء. في المقابل، ارتفع كل من البلاتين والبلاديوم، بينما سجل مؤشر بلومبرغ للدولار ارتفاعًا طفيفًا.
تراجع الين الياباني إلى أدنى مستوى له في أسبوع، يوم الثلاثاء، بعد فوز سناي تاكايتشي — وهي محافظة متشددة وأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان — برئاسة الحكومة، إذ راهن المتداولون على أن إدارتها قد تُربك توقعات أسعار الفائدة وتتبنى سياسة مالية أكثر سخاءً.
فازت تاكايتشي، زعيمة الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، في تصويت مجلس النواب لاختيار رئيس الوزراء الجديد، في خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع من المستثمرين بعد حصولها على دعم حزب المعارضة اليميني “إيشين”.
وتراجع الين بنسبة 0.57% إلى 151.62 مقابل الدولار، بعدما لامس في وقت سابق أدنى مستوياته منذ 14 أكتوبر، مسجلاً أكبر هبوط يومي له في أسبوعين. كما ضعف الين أمام اليورو والجنيه الإسترليني.
وأفادت وسائل إعلام محلية أن تاكايتشي استقرت على تعيين ساتسوكي كاتاياما، وزيرة الإنعاش الإقليمي السابقة، وزيرةً للمالية. وكانت كاتاياما قد عبّرت في مقابلة مع رويترز في مارس عن تفضيلها لعملة يابانية أقوى، ما قد يدفع الأسواق إلى إعادة التفكير في دفع الين نحو مزيد من الانخفاض.
وقال فولكمار باور، محلل العملات والسلع في كومرتس بنك: "نتوقع أن تظل قضايا التضخم وقوة القدرة الشرائية للأسر من أولويات الحكومة الجديدة لتحسين شعبيتها العامة، وبالتالي من غير المرجح أن تدعم الحكومة الجديدة مزيداً من تدهور الين."
ومع ذلك، فإن ميل تاكايتشي نحو التحفيز المالي والسياسة النقدية التيسيرية أبقى المستثمرين في حالة ترقب وحذر، إذ قد يعقّد ذلك مسار بنك اليابان نحو رفع أسعار الفائدة.
وقال فريد نيومان، كبير الاقتصاديين في آسيا لدى إتش إس بي سي: "من المنظور السياسي، قد تكون هناك اعتبارات لتأجيل تشديد السياسة النقدية إلى أن تُؤتي السياسة المالية ثمارها، وهو ما يضع بنك اليابان بين المطرقة والسندان."
قوة الدولار
في الأسواق الأوسع، تحركت العملات في نطاق ضيق رغم المزاج الإيجابي العام، بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين إنه يتوقع التوصل إلى اتفاق تجاري مع نظيره الصيني شي جين بينغ، بينما أشار المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت إلى أن إغلاق الحكومة الأمريكية المستمر منذ 20 يوماً قد ينتهي هذا الأسبوع.
كما تراجعت المخاوف بشأن المخاطر الائتمانية في البنوك الأمريكية بعض الشيء، مما دعم مؤشر الدولار أمام سلة من ست عملات رئيسية، ليرتفع إلى أعلى مستوى في ستة أيام عند 98.855 (+0.245%)، مستفيداً من ضعف الين.
وقال فيليب لين، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، إن البنوك في منطقة اليورو قد تواجه ضغوطاً إذا شحّت السيولة الدولارية — التي تُعد "شريان الحياة" للأسواق المالية — وسط القلق من سياسات ترامب.
وتراجع اليورو بنسبة 0.23% إلى 1.1613 دولار، رغم تراجع حدة الاضطرابات السياسية في فرنسا، فيما استقر الجنيه الإسترليني أمام اليورو رغم بيانات أظهرت أن اقتراض بريطانيا في النصف الأول من العام المالي بلغ أعلى مستوى منذ جائحة كورونا، وهو ما يتوقع المستثمرون أن يقود إلى موازنة تقشفية صعبة الشهر المقبل.
تراجع الذهب بأكبر قدر منذ أربع سنوات، مع وصول المؤشرات الفنية إلى مستويات مبالغ فيها في الوقت الذي بدأت فيه التوترات بين الولايات المتحدة والصين بالانحسار.
وانخفض المعدن النفيس بنسبة وصلت إلى 3.8%، بعد أن سجّل ذروة جديدة عند 4381.52 دولار للأونصة يوم الإثنين. ويشير عدد من المؤشرات، مثل مؤشر القوة النسبية، إلى أن الأسعار تجاوزت بالفعل منطقة التشّبع بالشراء. كما أن قوة الدولار الأمريكي جعلت المعادن النفيسة أكثر كلفة لأغلب المشترين.
وتراجع بعض الشيء الطلب على المعادن النفيسة كملاذ آمن، مع استعداد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ للاجتماع الأسبوع المقبل لتسوية خلافاتهما التجارية، إضافة إلى انتهاء موسم الشراء الموسمي في الهند.
انخفض الذهب بنسبة 3.6% ليصل إلى 4201.12 دولار للأونصة عند الساعة2:09 بعد الظهر بتوقيت لندن.
بدأت إثيوبيا محادثات مع الصين لتحويل جزء من ديونها البالغة 5.38 مليار دولار المستحقة لبكين إلى قروض مقوّمة باليوان الصيني، على خُطى كينيا التي اتخذت خطوة مشابهة، في تحرك يعزّز جهود بكين لتدويل عملتها.
وقال إيّوب تيكالينغ، محافظ البنك المركزي الإثيوبي، إنه بدأ مناقشات حول مبادلة عملات محتملة مع بنك التصدير والاستيراد الصيني وبنك الشعب الصيني خلال زيارته إلى بكين الشهر الماضي، وذلك في مقابلة أُجريت معه في 17 أكتوبر بواشنطن، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي السنوية.
وأوضح تيكالينغ قائلاً: "الصين شريك بالغ الأهمية بالنسبة لنا في الوقت الحالي، وحجم التجارة والاستثمار بيننا يتزايد باستمرار، لذا من المنطقي تمامًا ترتيب اتفاق مبادلة عملات، وكذلك تحويل جزء من الديون إلى اليوان. لقد قدّمنا طلبًا رسميًا بهذا الشأن ونحن نعمل عليه بالفعل."
وامتنع بنك الشعب الصيني عن التعليق على الطلب، بعد أن تم توجيهه خارج ساعات العمل الرسمية.
تضيف الخطوة الإثيوبية المقترحة إلى قائمة متزايدة من الدول التي تتجه نحو اليوان الصيني للحصول على تمويل أرخص، وتشمل هذه الدول سريلانكا والمجر وكينيا. ورغم أن الوقت ما يزال مبكرًا، وأن أسواق الديون المقوّمة بالدولار لا تزال مهيمنة، فإن اليوان يكتسب دورًا متناميًا في التجارة الدولية مع سعي الصين إلى توسيع استخدام عملتها عالميًا، في وقت تثير فيه السياسات التجارية الأمريكية المتقلبة شكوك المستثمرين تجاه احتياطياتهم الدولارية.
وتُعد إثيوبيا عضوًا في مجموعة "بريكس"، التي تضم عشر دول من بينها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وقد ناقشت المجموعة سابقًا فكرة تقليص الاعتماد على الدولار كوسيلة للحد من هيمنة العملة الأمريكية، وهي خطوة أثارت انتقادات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لوّح بإجراءات انتقامية ضدها.
وقال ليستجا كغانياغو، محافظ البنك المركزي في جنوب إفريقيا، في مقابلة أُجريت في واشنطن في 16 أكتوبر، إن تحويل الديون المقوّمة بالدولار إلى التزامات مقوّمة بالرنمينبي (اليوان) وبفائدة أقل "جزء من الاستراتيجية الصينية الأوسع لتدويل عملتها".
وتجدر الإشارة إلى أن سعر الفائدة الأساسي لمدة عام في الصين يبلغ حاليًا 3%، مقارنةً بـ 7.25% في الولايات المتحدة.
أما زامبيا، التي تدين هي الأخرى بمليارات الدولارات للصين، فهي تراقب عن كثب تجربة كينيا، بحسب ما قاله وزير المالية الزامبي سيتومبيكو موسوكوتواني في مقابلة الأسبوع الماضي.
وكانت كينيا قد أبرمت اتفاق المبادلة الشهر الماضي، الأمر الذي سيوفّر على الدولة الواقعة في شرق إفريقيا نحو 215 مليون دولار سنويًا من تكاليف الفائدة، وفق ما أعلنت الحكومة.
وقال محافظ البنك المركزي الإثيوبي إيّوب تيكالينغ: "هناك وفورات حقيقية يمكن تحقيقها من خلال هذا الترتيب"، رافضًا الإفصاح عن قيمة الديون التي قد تُحوّل إلى قروض باليوان، مضيفًا: "نحن متحمسون جدًا لهذه المحادثات، لكنها لا تزال في مراحلها المبكرة."
أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي الصادرة في يوليو أن ديون إثيوبيا للصين بلغت 5.38 مليارات دولار حتى يونيو 2024. وكانت البلاد قد تخلّفت عن سداد ديونها في عام 2023، ومنذ ذلك الحين تجري مفاوضات مع الدائنين لإعادة هيكلة نحو 15 مليار دولار من الديون.
وفي يوليو، توصلت الحكومة الإثيوبية إلى مذكرة تفاهم مع لجنة الدائنين الرسميين التي تتشارك رئاستها كل من الصين وفرنسا، إلا أن المحادثات مع حاملي السندات الدولية "اليوروبوند" البالغة قيمتها مليار دولار كانت أكثر تعقيدًا.
وقالت لجنة حاملي السندات في بيان بتاريخ 14 أكتوبر إن المفاوضات انتهت إلى طريق مسدود بعد فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق بشأن دفعات إضافية للمستثمرين في حال أداء الاقتصاد بشكل يفوق التوقعات.
لكن إيّوب تيكالينغ، محافظ البنك المركزي الإثيوبي، علّق قائلاً: "كانت محادثة صعبة جدًا، لكنني لا أصفها بالجمود، بل أراها تقدّمًا في حد ذاته. أنا متفائل جدًا، وأعتقد أنه عندما نستأنف المحادثات في المرة المقبلة، سنتمكّن من إبرام الاتفاق."
وأضاف أن الحكومة تسعى لتوقيع الاتفاقات الثنائية النهائية مع كل دائن رسمي قبل نهاية العام، مشيرًا إلى أنها تبادلت بالفعل مسودات اتفاقات مع بعضهم.
أما بالنسبة إلى الدائنين التجاريين من خارج سوق السندات، فأوضح تيكالينغ أن الهدف هو التوصل إلى اتفاق معهم بحلول شهر مارس المقبل.
صعدت أسعار الذهب بأكثر من 1% يوم الاثنين، مدعومة بتوقعات مزيد من خفض أسعار الفائدة الأمريكية واستمرار الطلب على الملاذات الآمنة، في وقت يترقّب فيه المستثمرون محادثات التجارة الأمريكية–الصينية وبيانات التضخم المرتقبة هذا الأسبوع في الولايات المتحدة.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 1.6% إلى 4318.50 دولاراً للأونصة بحلول الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش، بينما صعدت عقود الذهب الأمريكية الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 2.8% إلى 4333.10 دولاراً للأونصة.
وكانت أسعار الذهب قد سجّلت مستوى قياسياً عند 4378.69 دولاراً يوم الجمعة، لكنها أغلقت منخفضة بنسبة %1.8 - وهو أكبر تراجع منذ منتصف مايو — بعد تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدّأت بعض المخاوف بشأن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين.
وقال جيفري كريستيان، الشريك الإداري في مجموعة CPM Group، إن الاعتبارات السياسية والاقتصادية تدفع الأسعار للصعود بعد موجة البيع الحادة يوم الجمعة، مضيفاً: "نتوقع أن تواصل الأسعار الارتفاع خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ولن نفاجأ إذا بلغ الذهب مستوى 4500 دولار للأونصة قريباً."
وامتد الإغلاق الحكومي الأمريكي إلى يومه العشرين يوم الاثنين، بعد أن فشل مجلس الشيوخ للمرة العاشرة الأسبوع الماضي في كسر الجمود السياسي، ما أدى إلى تأجيل نشر بيانات اقتصادية رئيسية، وترك المستثمرين وصنّاع القرار في فراغ معلوماتي قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل.
ومن المقرر أن تُصدر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي، التي تأجلت بسبب الإغلاق، يوم الجمعة المقبل.
وفي هذه الأثناء، يُسعّر المتعاملون في الأسواق احتمالاً بنسبة 99% لقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل، مع خفض إضافي محتمل في ديسمبر. ويُذكر أن الذهب — كأصل لا يدرّ عائداً — عادةً ما يستفيد من بيئات الفائدة المنخفضة.
كما يترقّب المستثمرون تحديثات جديدة بشأن المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بعدما قال ترامب يوم الجمعة إن الاجتماع المقرّر مع الرئيس الصيني شي جين بينغ سيمضي قدماً كما هو مخطط.
وأضاف كريستيان: "لن أُفاجأ إذا وصل الذهب إلى 5000 دولار للأونصة في وقت ما من العام المقبل، إذ يعتمد ذلك على استمرار المشكلات السياسية وتفاقمها — وهو تماماً ما نشهده حالياً."
أما الفضة في المعاملات الفورية فقد ارتفعت بنسبة 1.3% إلى 52.53 دولاراً للأونصة، بعد أن هبطت 4.4% يوم الجمعة، عقب تسجيلها مستوى قياسياً بلغ 54.47 دولاراً في وقت سابق من اليوم نفسه.