جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
قد يكون إتفاق التجارة المحدود الذي توصلت إليه الولايات المتحدة والصين الأسبوع الماضي كنزا للمزارعين الأمريكيين الذين تضرروا بشدة من جراء الحرب التجارية، لكن يحد من ارتياح القطاع الزراعي حول الاتفاق تشكيكا حول الأهداف الطموحة التي حددها المفاوضون الأمريكيون.
وقال مسؤولون أمريكيون ان الصين ملتزمة بتعزيز المشتريات الزراعية إلى 40 مليار دولار على الأقل—وربما 50 مليار دولار—سنويا على مدى العامين القادمين. ومن شأن الرقم الأخير أن يضاعف تقريبا ذروة المشتريات قبل الحرب التجارية.
وقال ديف مارشال، مستشار التسويق الزراعي لدى شركة فيرست تشويس للسلع، "هم يحتاجون لحم الخنزير الأمريكي ويحتاجون الفول الصويا الأمريكية. لكن هل يحتاجون سلعا زراعية بقيمة 50 مليار دولار؟ بالقطع لا".
ولا يوجد شك ان الصين بإمكانها زيادة مشترياتها من الوتيرة الحالية البالغة حوالي 10 مليار دولار سنويا. فإنخفض بحدة إنتاجها من لحم الخنزير بفعل حمى الخنازير الأفريقية، ولا يمكن للدولة حتى الأن ان تطعم سكانها البالغ تعدادهم 1.4 مليار نسمة بالإعتماد فقط على الموردين المحليين. وستسهل العملية أيضا سيطرة الحكومة على الاقتصاد.
ومع ذلك، على مدى نحو عقدين من إنتعاش الصادرات الزراعية الأمريكية إلى الصين منذ إنضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، لم تكن هناك فترة بهذا الحجم من النمو في الصادرات الذي يتصوره الاتفاق.
والسبب الأخر للتشكيك هو غياب اتفاق مكتوب رسمي، الذي يقول المسؤولون أنه لازال في شكل مسودة وقيد المراجعة.
وفي مؤتمر صحفي في بكين الاسبوع الماضي، قال مسؤولون حكوميون ان الصين وافقت على تكثيف المشتريات الزراعية، لكن رفضوا ان يقدموا تفاصيل. ولم تقدم وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة في الصين أي إشارة إلى أهداف الشراء المحددة التي أعلنها المسؤولون الأمريكيون.
وقال دان نيرود، الذي يزرع ذرة وفول صويا مع نجله على مساحة 3 ألاف فدان قرب دورتشستر بولاية نبراسكا، "أنا يحدوني آمل كبير جدا". "لكن حتى نرى فعليا شيئا ما مكتوبا أو متفق عليه، عندئذ سيكون عندي اليقين".
وعرض مكتب الممثل التجاري الأمريكي وثيقة وقائع تقول ان الإتفاقية "ستدعم توسع كبير في صادرات المنتجات الزراعية الأمريكية".
وربما تكون عبارة توسع كبير أقل ما يمكن قوله. فعند ذروتها، وصلت قيمة الصادرات الزراعية إلى الصين نحو 25 مليار دولار في عامي 2013 و2014، وفقا لبيانات وزارة التجارة.
ولكن، يقول محللون ان السبب الرئيسي لبلوغ الصادرات هذه المستويات المرتفعة كان ارتفاع سعر السلع. وفي 2013، تداولت العقود الاجلة للفول الصويا عند مستوى مرتفع حوالي 13.50 دولار للبوشيل—أعلى 30% من المستوى الذي أنهت عليه تعاملاتها يوم الثلاثاء. وكانت أسعار العقود الاجلة للذرة والقمح في 2013 أعلى بنسبة 100% عن مستوياتها الأن.
وستكون واحدة من الطرق كي تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها هي توسيع مبيعات منتجات زراعية أخرى. ووفقا لمكتب الممثل التجاري، سيزيح الاتفاق أيضا حواجز تجارية أمام إضافات العلف الحيواني والتكنولوجيا الحيوية الزراعية التي منعت المزارعين الأمريكيين من الإستغلال الكامل للسوق الصينية.
ويبدو ان هذا يحدث بالفعل. في نوفمبر، سمحت الصين بدخول الدواجن الأمريكية إلى الدولة للمرة الأولى منذ أربع سنوات، في خطوة أشارت تقديرات هذه الصناعة ان قد تؤدي إلى مبيعات إضافية بقيمة ملياري دولار. وقالت الولايات المتحدة أن لحوم أخرى وأطعمة بحرية وأرز ومنتجات ألبان وألبان الأطفال الصناعية وحتى أطعمة الحيونات الأليفة سيسمح بدخولها السوق الصينية.
ولكن ليس واضحا كيف قد يؤدي ذلك إلى رفع حجم مشتريات الصين إلى 40 مليار أو 50 مليار دولار سنويا.
وصرح الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر الاسبوع الماضي أنه على الرغم من ان الأهداف يمكن تفصيلها بحسب كل منتج، فإن بعض الأهداف ستكون سرية لتفادي تشويه السوق. وفي غياب تفاصيل، يبقى محللون كثيرون متشككين.
وقال رايلاند مالتسباجر، مساعد مدير تسعير وشراء المنتجات الزراعية في مؤسسة اي.اتش.اس ماركت، "نحن نصل إلى نقطة فيها نتحدث عن حجم أكبر مما تصدره الولايات المتحدة سنويا". "الوصول إلى 40 مليار دولار يبدو مبالغا فيه".
ولكن قال ديريك سيسورز، الباحث لدى معهد إنتربريز الأمريكي، أن الوصول إلى المشتريات الزراعية ربما يكون الجزء السهل.
فضمن الاتفاق التجاري، قالت الولايات المتحدة أن الصين وافقت على زيادة وارداتها الإجمالية من واشنطن بمقدار 200 مليار دولار، مقسمة على عامين، مع كميات مستهدفة محددة لكل عام.
وقال لايتهايزر أيضا أن التجارة في الخدمات جزء من الإتفاق. وبما يشمل الخدمات، إستوردت الصين بحوالي 186 مليار دولار سنويا من الولايات المتحدة في عام 2017، قبل عام من بدء الحرب التجارية.
وتشير تقديرات سيسورز انه بدلا من إضافة 100 مليار دولار إلى الإجمالي البالغ 186 مليار دولار لكل من العامين، قد تزيد صادرات السلع والخدمات تدريجيا إلى 246 مليار دولار العام القادم و326 مليار دولار في 2021—بمعدل نمو سنوي يزيد عن 30% للعاميين المتتاليين، وهو ما يتجاوز أ ي شيء حققه من قبل المصدرون الأمريكيون.
وبعد الزراعة، كانت السلعة التصديرية الأمريكية الأكبر للصين هي الطائرات المدنية، وهي فئة ستتأثر سلبا لبعض الوقت على الأقل من تعليق إنتاج طائرات بوينج من طراز 737 ماكس.
وأضاف سيسورز "لكن حتى إذا وصلت المشتريات الزراعية إلى هذه الأهداف، التي هي مبالغ فيها، وحتى إذا حصلت على مشتريات ضخمة من الطائرات، لازال سيكون هناك عجز 130 أو 140 مليار دولار". "كل شيء أخر (تصدره الولايات المتحدة للصين) حجمه التصديري صغير".
وقال كريس روجرز، محلل البحوث لدى بانجيفا وهي وحدة بحوث متخصة في سلاسل الإمداد تابعة لمؤسسة اس اند بي جلوبال ماركت انتليجنس، إن هدف الإدارة "يتطلب بعض الإفتراضات البطولية حول تصدير الطاقة وفتح سوق الخدمات في الصين".
وأشار روجرز ان المستوى المستهدف قد يمكن تحقيقه من الناحية النظرية بإرسال 100% من صادرات الفول الصويا الأمريكية على مدى الاثنى عشر شهرا الماضية إلى الصين، و100% من صادرات النفط الأمريكية و100% من الغاز الطبيعي المسال.
وسيكون السبيل الوحيد لبلوغ تلك الأهداف هو تحويل كميات كبيرة من الصادرات الأمريكية والواردات الصينية بعيدا عن دول أخرى، الذي قد يشعل شكاوي وإحتجاجات من الدول الأخرى.
ولأن الأهداف محددة على مدى فترة عامين، لن يتضح قبل وقت طويل بعد انتخابات الرئاسة العام القادم إذا كانت الصين قد فشلت في الوفاء بالإتفاق.
وقال توم بفيدزين ماير، المؤسس والشريك في شركة Summit Commdodity Brokerage، "بمقدوري الاتفاق شفهيا على شراء سلع بقيمة 40 مليار دولار، لكن هذا لا يعني أني سأفعل ذلك".
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.