
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
قلّصت أسعار السندات الأمريكية تراجعاتها بعد أن جدّد كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي والمرشّح المحتمل لرئاسة البنك المركزي، تأكيد مواقفه الداعمة للتيسير بشأن أسعار الفائدة الأمريكية.
وتراجعت عوائد السندات قصيرة الأجل لتعود إلى مستويات شبه مستقرة، بعدما وصف والر، خلال منتدى نظمته شبكة سي إن بي سي، سوق العمل الأمريكية بأنها «ضعيفة جداً»، مشيراً إلى أن أسعار الفائدة لا تزال أعلى من المستوى المحايد بما يصل إلى نقطة مئوية كاملة.
ومن المنتظر أن يلتقي والر الرئيس دونالد ترامب يوم الأربعاء لإجراء مقابلة، في وقت يقترب فيه الرئيس من المراحل النهائية لاختيار خليفة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في شهر مايو.
وقالت جين فولي، محللة الأسواق في بنك رابوبانك بلندن، إن المقابلة المرتقبة «تشير إلى أن هوية خليفة باول لم تُحسم بعد كما كان يُعتقد»، مضيفة: «وهذا يضيف مزيداً من عدم اليقين المحيط بالاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي».
وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة، سمّى الرئيس دونالد ترامب كلاً من رئيس المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت، والعضو السابق في مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي السابق كيفن وارش كأبرز مرشحيه لقيادة البنك المركزي.
وكان صانعو السياسة في الاحتياطي الفيدرالي قد خفّضوا أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية الأسبوع الماضي، وللمرة الثالثة على التوالي، في قرار منقسم شمل اعتراضين من رئيسي بنكين فرعيين فضّلا الإبقاء على السياسة دون تغيير بسبب مخاوف من استمرار الضغوط التضخمية، واعتراضاً ثالثاً من عضو مجلس محافظي البنك ستيفن ميران — المعيَّن من قبل ترامب — دعا فيه إلى خفض أكبر.
وتتعقّد آفاق مزيد من التيسير النقدي خلال العام المقبل بسبب التباين بين توقعات المتعاملين في سوق الفائدة، الذين يسعّرون خفضين بربع نقطة في 2026، وبين متوسط تقديرات مسؤولي البنك، الذي يشير إلى خفض واحد فقط.
وكانت أسعار السندات الأمريكية قد تراجعت في وقت سابق، مع ارتداد أسعار النفط الخام من أدنى مستوياتها في عدة سنوات، ومع استعداد المستثمرين لطرح مزاد سندات لأجل 20 عاماً. وبقيت عوائد السندات طويلة الأجل مرتفعة بنحو نقطتي أساس قبيل مزاد بقيمة 13 مليار دولار عند الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت نيويورك.
وجاء ارتفاع أسعار النفط مدفوعاً بإعلان حصار أمريكي على الإمدادات الفنزويلية، ما أزال أحد عوامل الدعم التي كانت تستفيد منها سوق السندات الحكومية الأمريكية. وفي المقابل، انخفض متوسط سعر البنزين في محطات الوقود إلى أدنى مستوى في أربع سنوات هذا الأسبوع، وهو ما شكّل ضغطاً هبوطياً على التضخم وتوقعاته.
أيد كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة لإعادة معدل فائدة البنك المركزي إلى المستوى المحايد، مؤكداً في الوقت نفسه أن صناع القرار ليسوا مضطرين للتعجل في اتخاذ هذه الخطوة.
وفي عرض لسيناريو يفترض استمرار تباطؤ التضخم حتى نهاية عام 2026، قال والر يوم الأربعاء إن مستوى الفائدة لا يزال أعلى من المستوى المحايد بما يصل إلى 100 نقطة أساس — وهو المستوى الذي لا يقيّد النمو الاقتصادي ولا يغذي ضغوطاً تضخمية.
وأضاف في منتدى نظمته شبكة سي إن بي سي: "بما أن التضخم لا يزال مرتفعاً، يمكننا أن نأخذ وقتنا — فلا يوجد استعجال للخفض. يمكننا ببساطة أن نُخفّض سعر الفائدة تدريجياً باتجاه المستوى المحايد".
وتُعد هذه التصريحات الأولى لوالر منذ أن نفّذ مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي ثالث خفض متتالٍ لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي. وقد جاء القرار مصحوباً بثلاثة اعتراضات، في سابقة هي الأولى منذ عام 2019، ومن طرفي النقيض حول سياسة البنك، ما يعكس انقسامات عميقة داخل لجنة السياسة النقدية.
كما قام صانعو السياسة بتعديل صياغة بيانهم بشكل طفيف، في إشارة إلى تزايد حالة عدم اليقين بشأن توقيت الخطوة التالية لخفض أسعار الفائدة.
وقال كريستوفر والر، الذي يُعد من بين الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، إنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس دونالد ترامب في وقت لاحق من يوم الأربعاء لإجراء مقابلة، مضيفاً مازحاً عندما سُئل عن الأمر: «هذا ما سمعته».
وأكد والر أنه سيدافع عن استقلالية البنك المركزي في مواجهة أي ضغوط سياسية محتملة من البيت الأبيض.
وقال "بالتأكيد. أمضيت 20 عاماً من حياتي أعمل على قضية استقلالية البنوك المركزية وأهمية ذلك. ولا شك أن لديّ سجلاً بحثياً طويلاً يوثق هذا الموقف»، على حد تعبيره.
تراجع الذهب بعد ارتفاع دام خمسة أيام، مع تقييم المستثمرين أحدث البيانات الاقتصادية التي أظهرت استمرار تباطؤ سوق العمل الأمريكي.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي الصادرة يوم الثلاثاء أن نمو الوظائف ظل ضعيفًا في نوفمبر، فيما ارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات. ومع ذلك، امتنع المتداولون عن زيادة رهاناتهم على مزيد من التيسير النقدي من قبل الاحتياطي الفيدرالي في المدى القريب، إذ يُنظر إلى أن البنك المركزي الأمريكي من غير المرجح أن يعطي وزنًا كبيرًا لهذه البيانات بسبب الاضطرابات الأخيرة.
وقد قدّر المتداولون احتمالية خفض سعر الفائدة في يناير بنسبة 20% فقط.
عادةً ما تُعد تخفيضات أسعار الفائدة إيجابية للذهب، نظرًا لأنه لا يمنح فائدة.
وسيتركز اهتمام المستثمرين الآن على بيانات التضخم المقررة يوم الخميس، إضافةً إلى تصريحات عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المتوقع أن يتحدثوا على مدار الأسبوع.
وقفز الذهب بأكثر من 60% هذا العام، فيما تضاعف سعر الفضة، مع توجّه كلا المعدنين نحو أفضل أداء سنوي لهما منذ عام 1979. وقد دعمت هذه الارتفاعات عمليات شراء البنوك المركزية المرتفعة وتدفقات الأموال إلى صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب (ETFs)، حيث ارتفعت حيازاتها كل شهر هذا العام باستثناء مايو، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.
واستقر الذهب دون تغيير يذكر عند 4305.55 دولار للأونصة حتى الساعة 12:21 ظهرًا بتوقيت نيويورك، بعد أن بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4381.52 دولار للأونصة في أكتوبر. وتراجع سعر الفضة بنسبة 0.8%، بينما صعد كل من البلاتين والبلاديوم. كما انخفض مؤشر بلومبرج للدولار بنسبة 0.2%.
تتجه البيتكوين نحو تسجيل رابع انخفاض سنوي في تاريخها، وهو الأول الذي لم يتزامن مع فضيحة كبرى أو انهيار في القطاع.
وجاء التراجع الأخير يوم الاثنين، مع موجة بيع حادة أدت إلى انخفاض العملة الرقمية الأصلية بنسبة تصل إلى 5.2%. وباتت قيمة بيتكوين منخفضة بحوالي 7% منذ بداية العام.
ورغم أن هذا التصحيح يعد أخف بكثير مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة التي شهدت تراجعًا، إلا أنه جاء في ظروف مختلفة تمامًا. فمنذ آخر انهيار كبير للعملات المشفرة في 2022، توسع التبني المؤسسي ونضجت القواعد التنظيمية، ووجد القطاع أبرز داعم له حتى الآن، وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأدى التراجع السريع في قيمة البيتكوين منذ أن سجلت مستوى قياسيًا فوق 126000 دولار في أوائل أكتوبر إلى إحباط المتفائلين، وترك الأصول المشفرة تكافح لإيجاد استقرار. فتشير البيانات إلى انخفاض أحجام التداول، وهروب المستثمرين من صناديق تداول البيتكوين (ETFs)، وضعف الرغبة في أسواق المشتقات للمراهنة على تعافي. وحتى عمليات الشراء الضخمة من الحوت المهيمن على معاملات البيتكوين — شركة استراتيجي Strategy Inc المملوكة لمايكل سايلور — لم تكن كافية لعكس المسار.
وقال براتيكا كالا، مدير المحافظ في صندوق التحوط أبولو كريبتو: "الغالبية مندهشون من عدم حدوث ارتفاعات رغم وجود العديد من المحفزات الإيجابية."
وتعني السوق الهابطة الحالية أن البيتكوين انفصلت عن الأسهم. فقد أغلق مؤشر اس آند بي 500 عند مستوى قياسي في وقت سابق من هذا الشهر، وارتفع بنسبة 16% منذ بداية العام. وأسهم التكنولوجيا، التي غالبًا ما تتحرك بالتوازي مع بيتكوين، سجلت أداءً أفضل حتى من ذلك.
وشهدت أول ثلاث انخفاضات سنوية للبيتكوين منذ بدء تداولها في البورصات عام 2010 أحداثًا هزّت الثقة في السوق، ولو لفترة وجيزة على الأقل.
ففي عام 2014، أدى اختراق ثم انهيار بورصة Mt. Gox إلى كشف ثغرات كبيرة في البنية التحتية الناشئة للعملات المشفرة، وأظهر للمتداولين الأوائل أن أموالهم ليست بالضرورة آمنة على منصة مركزية. وانخفضت قيمة بيتكوين آنذاك بنسبة 58%.
بعد أربع سنوات، انفجرت فقاعة ما يُعرف بـ العروض الأولية للعملات (ICOs) بشكل مذهل بعد تدخل السلطات، مما دفع البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى إلى الهبوط بشكل حاد. ويظل انخفاض 2018 بنسبة 74% الأكبر في تاريخ بيتكوين حتى اليوم.
كان انهيار سوق العملات المشفرة في 2022 ربما الأكثر تأثيرًا، جزئيًا لأن السوق كانت قد توسعت كثيرًا بحلول ذلك الوقت، ولكن أيضًا لأنه أدى إلى انهيار عدة شركات كبرى، أبرزها إف.تي إكس FTX التابعة لسام بانكمان-فرايد، وأطلق حملة تضييق واسعة من إدارة الرئيس جو بايدن على القطاع.
وحتى ذروة أكتوبر، بدا أن لا شيء يمكن أن يوقف صعود البيتكوين. فقد أعلن ترامب أن العملات المشفرة أولوية وطنية، وأقرّ الكونجرس الأمريكي تشريعًا تاريخيًا للعملات المستقرة ، وجمعت صناديق تداول البيتكوين (ETFs) مليارات الدولارات. كما قفزت قيمة عمليات الاستحواذ بشكل حاد، وازداد جمع التمويلات. وحتى العديد من القضايا القضائية ضد شركات العملات المشفرة، التي بدأتها إدارة بايدن، تم سحبها.
لكن تحت السطح، كانت مواطن الضعف تتراكم، أبرزها الرفع المالي المفرط (extreme leverage). وتكشفت هشاشة الصعود يوم 10 أكتوبر، عندما تم تصفية رهانات ممولة بالدين قيمتها 19 مليار دولار، ما أدخل أسواق العملات المشفرة في دوامة هبوط حادة.
وبدأت "الحيتان" في البيتكوين — المحافظ التي تحمل كميات كبيرة من العملة — بالبيع، مما أبقى الضغط على الأسعار حتى بعد تصفية معظم الرفع المالي. وتراجع حجم التداول، حيث انخفضت الأحجام في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق بأكبر وتيرة منذ أوائل 2024، وفق بيانات CoinDesk.
وتشير مجموعة من مؤشرات السوق إلى أن المتداولين يفضلون البقاء على الهامش، على الأقل في الوقت الحالي.
وقام المستثمرون بسحب أكثر من 5.2 مليارات دولار من صناديق تداول البيتكوين الفورية المدرجة في الولايات المتحدة منذ 10 أكتوبر. كما تراجع عمق السوق — وهو مقياس لقدرة السوق على امتصاص الصفقات الكبيرة دون تقلبات سعرية كبيرة — بنحو 30% عن أعلى مستوياته خلال العام، وفقًا لبيانات كايكو ريسيرش.
وقال كالا: "بيع الحيتان القدامى خفّف الزخم بشكل كبير. لقد حصل القطاع على كل ما طلبه من الجهات التنظيمية لكن السعر لم يواكب ذلك."
لم تشهد مبيعات التجزئة الأمريكية تغيرًا يُذكر في أكتوبر، إذ أن إنفاقاً قوياً في عدة فئات قابله انخفاض المبيعات لدى وكلاء السيارات.
وأظهر تقرير صدر عن وزارة التجارة، تم تأجيله بسبب الإغلاق الحكومي، أن قيمة مشتريات التجزئة دون تعديل وفقًا لمستوى التضخم استقرت دون تغيير تقريبًا بعد زيادة معدلة بلغت 0.1% في سبتمبر. وعند استبعاد مبيعات وكلاء السيارات ومحطات الوقود، ارتفعت المبيعات بنسبة 0.5%.
وسجّلت ثماني من أصل 13 فئة من فئات التجزئة زيادات، بما في ذلك زيادات قوية في المتاجر متعددة الأقسام والتجارة الإلكترونية. في المقابل، انخفضت مبيعات السيارات بنسبة 1.6%، جزئيًا بسبب انتهاء الحوافز الضريبية الفيدرالية على السيارات الكهربائية. كما أدت انخفاضات أسعار البنزين إلى تراجع قيمة المبيعات في محطات الوقود.
وقفزت مبيعات ما يُعرف بـ “مجموعة التحكم” — التي تُستخدم في حساب الحكومة للإنفاق على السلع ضمن الناتج المحلي الإجمالي — بنسبة 0.8% في أكتوبر، وهي أكبر زيادة خلال أربعة أشهر. ويشمل هذا المقياس المبيعات باستثناء الخدمات الغذائية ووكلاء السيارات ومتاجر مواد البناء ومحطات الوقود.
وتشير الأرقام إلى أن الإنفاق الاستهلاكي تسارع خلال الأسابيع الأولى من موسم التسوّق بمناسبة الأعياد، حيث سعى المتسوقون، الذين يشعر كثيرون منهم بالقلق حيال وظائفهم ومُثقلون بتكاليف المعيشة المرتفعة، للبحث عن العروض والخصومات. وقد دفعت الأسر الأكثر ثراءً الجزء الأكبر من قوة الإنفاق الأخيرة، بينما ظل الأمريكيون ذوو الدخل المحدود أكثر حذرًا في ظل ميزانياتهم الضيقة.
وقال مايكل بيرس، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في «أوكسفورد إيكونوميكس»، في مذكرة: «من الممكن أن يعكس بعض من قوة المبيعات في أكتوبر تحوّل المستهلكين للتعجيل بمشتريات الأعياد ، مع ارتفاع المبيعات الإلكترونية في أكتوبر».
ويُعتبر أكتوبر الآن بداية غير رسمية لموسم التسوّق بمناسبة الأعياد، مع انطلاقه بعروض تنافسية. كما أن إنفاق «البلاك فرايداي» في نوفمبر كان قويًا أيضًا، ما يشير إلى وجود طلب صامد نسبياً رغم المخاوف الاقتصادية.
وأظهرت بيانات منفصلة صدرت يوم الثلاثاء أن نمو الوظائف ظل ضعيفًا في نوفمبر، فيما ارتفع معدل البطالة إلى 4.6% — وهو الأعلى منذ عام 2021.
كما أظهرت بيانات التجزئة ارتفاع المبيعات في متاجر الإلكترونيات والأجهزة المنزلية، ومتاجر الأثاث، ومتاجر المعدات الرياضية. في المقابل، تراجع الإنفاق في المطاعم والحانات، وهي الفئة الوحيدة من قطاع الخدمات المدرجة في تقرير التجزئة، بنسبة 0.4%.
ويتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ الإنفاق الشخصي على السلع والخدمات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، بعد ما كان على الأرجح ارتفاعاً قويًا في الربع الثالث.
ونظرًا لأن بيانات مبيعات التجزئة لا تُعدَّل وفق التضخم، فقد يعكس الارتفاع الشهري ارتفاع الأسعار وليس بالضرورة زيادة في الطلب الفعلي. كما أن الأرقام تركز بشكل كبير على مشتريات السلع، التي تشكّل نحو ثلث إجمالي إنفاق الأسر فقط.
وكان من المقرر أصلاً صدور تقرير مبيعات التجزئة لشهر أكتوبر في 14 نوفمبر، لكنه تأخر بسبب الإغلاق الحكومي.
ظلّ نمو الوظائف في الولايات المتحدة ضعيفًا في شهر نوفمبر، فيما ارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، في إشارة إلى استمرار تباطؤ سوق العمل عقب أداء ضعيف في أكتوبر.
وأظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، الصادرة يوم الثلاثاء، أن عدد وظائف غير الزراعيين ارتفع بمقدار 64 ألف وظيفة في نوفمبر، بعد أن كان قد تراجع بمقدار 105 آلاف وظيفة في أكتوبر. كما بلغ معدل البطالة 4.6% الشهر الماضي، مرتفعًا من 4.4% في سبتمبر. وكان المكتب قد اضطر إلى عدم نشر معدل البطالة لشهر أكتوبر، بسبب تعذّر جمع البيانات بأثر رجعي في أعقاب إغلاق الحكومة الفيدرالية.
جاء انخفاض الوظائف في أكتوبر، وهو الأكبر منذ نهاية عام 2020، نتيجة انكماش أعداد العاملين في الحكومة الفيدرالية بمقدار 162 ألف وظيفة، بعدما خرج الموظفون الذين قبلوا عروض الاستقالة الطوعية المؤجَّلة التي قدّمتها إدارة ترامب رسميًا من كشوف الرواتب.
أضاف الارتفاع في الوظائف خلال نوفمبر، بعد تراجع أكتوبر، مزيدًا من التذبذب الذي اتسم به سوق العمل في الأشهر الأخيرة. غير أن معدل البطالة واصل مساره الصعودي، في ظل معاناة عدد كبير من الأمريكيين العاطلين عن العمل في العثور على وظائف جديدة. ورغم التحفظات المحيطة بالبيانات، فإن التقرير سيسهم في تشكيل توقعات المستثمرين بشأن مسار أسعار الفائدة خلال العام المقبل.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفّض أسعار الفائدة للاجتماع الثالث على التوالي الأسبوع الماضي، دعمًا لما وصفه رئيسه جيروم باول بسوق عمل «يتباطأ تدريجيًا»، مع وجود مخاطر «كبيرة» لمزيد من التباطؤ. ومع ذلك، لا يزال مسؤولو الفيدرالي منقسمين حول الحاجة إلى مزيد من التخفيضات خلال العام المقبل.
ووفقًا لتوقعات أسعار الفائدة الصادرة بالتزامن مع القرار، رجّح متوسط تقديرات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إجراء خفض واحد فقط في عام 2026، في حين يرى بعض صانعي السياسات عدم الحاجة إلى أي تخفيضات إضافية. في المقابل، يراهن المتداولون على خفضين.
وقال صامويل تومبس، كبير الاقتصاديين الأميركيين في «بانثيون ماكروإيكونوميكس»: «لا يزال سوق العمل ضعيفًا، لكن وتيرة التدهور على الأرجح بطيئة جدًا بحيث لا تدفع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة إلى التيسير مجددًا في يناير»، في إشارة إلى لجنة تحديد السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي.
وافتتح مؤشر اس آند بي 500 التداولات على انخفاض، في حين شهد عائد سندات الأمريكية لأجل عامين تذبذبًا، واستمر الدولار في التراجع. وأظهر تقرير منفصل صدر يوم الثلاثاء أن مبيعات التجزئة بالكاد تغيّرت في أكتوبر، إذ عوّض التراجع لدى وكلاء السيارات وضعف إيرادات الوقود الارتفاعَ في الإنفاق ببقية القطاعات.
توزيع الأداء القطاعي
وجاء نمو الوظائف في نوفمبر مدفوعًا بقطاعي الرعاية الصحية والمساعدة الاجتماعية، إلى جانب قطاع البناء. وارتفعت وظائف القطاع الخاص بمقدار 69 ألف وظيفة في نوفمبر، بعد إضافة 52 ألف وظيفة في الشهر السابق. في المقابل، تراجع التوظيف في قطاعي النقل والتخزين، وكذلك في الترفيه والضيافة.
عكس ارتفاع معدل البطالة من سبتمبر إلى نوفمبر زيادةً ملحوظة في أعداد العائدين إلى سوق العمل. كما سجّل معدل المشاركة — أي نسبة السكان الذين يعملون أو يبحثون عن عمل — ارتفاعًا طفيفًا، وارتفع كذلك معدل المشاركة بين الفئة العمرية 25–54 عامًا، المعروفة بسنّ العمل الأساسية، مقارنةً بشهر سبتمبر.
في الوقت نفسه، ارتفع عدد العاطلين عن العمل لفترات طويلة — أي الذين بقوا بلا عمل لمدة 27 أسبوعًا أو أكثر — إلى أحد أعلى مستوياته منذ نهاية عام 2021. كما قفز عدد العاملين بدوام جزئي لأسباب اقتصادية بأكبر وتيرة منذ بداية جائحة كورونا.
وقفز معدل البطالة بين الأمريكيين من أصول أفريقية إلى 8.3%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى ارتفاع معدل المشاركة في سوق العمل. كما سجّل معدل البطالة بين المراهقين من الأمريكيين السود زيادة حادة.
تشير بيانات أخرى أيضًا إلى أن سوق العمل لا يزال بطيئًا. فعلى الرغم من ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة خلال أكتوبر، فإن وتيرة التوظيف تراجعت، في مقابل زيادة في عمليات التسريح. وقد ظلت خطط تسريح العمال مرتفعة في الأشهر الأخيرة، على خلفية إعلانات من شركات أمريكية كبرى مثل «فيرايزون كوميونيكيشنز» و«أمازون دوت كوم»، ما ألقى بظلاله على ثقة المستهلكين.
تأثير الإغلاق الحكومي
ألغى مكتب إحصاءات العمل تقرير الوظائف لشهر أكتوبر ودمج بيانات ذلك الشهر مع إصدار نوفمبر، وذلك بسبب الإغلاق الحكومي الأطول على الإطلاق. ورغم عدم قدرته على إجراء مسح الأسر بأثر رجعي لإعداد معدل بطالة لشهر أكتوبر، فإن بيانات الوظائف مستمدة من مسح منفصل للشركات، تقوم العديد من المؤسسات بالإبلاغ عنه إلكترونيًا بشكل مستقل.
كما أثّر الإغلاق الحكومي في الأرقام بطرق أخرى أيضًا.
فقد تراجعت الوظائف الفيدرالية بنحو 6 آلاف وظيفة إضافية في نوفمبر، بعد أكبر هبوط شهري منذ عام 2010. وذكرت إدارة شؤون الموظفين الأمريكية الأسبوع الماضي أن نحو 144 ألف موظف فيدرالي قبلوا عرض الاستقالة المؤجَّلة الذي قدّمته الإدارة، والذي أتاح لهم المغادرة في وقت مبكر من العام مع الاستمرار في تقاضي رواتبهم حتى نهاية سبتمبر.
كذلك مدّد المكتب فترات جمع البيانات لكلٍّ من مسحي الأسر والمنشآت لشهر نوفمبر، علمًا بأن تقرير نوفمبر كان من المقرر صدوره في الأصل في 5 ديسمبر.
وأفاد مكتب إحصاءات العمل بأن بيانات مسح الأسر لشهر نوفمبر تتسم بتقلبات أعلى قليلًا من المعتاد، نتيجة انخفاض معدل الاستجابة وإجراء التحليل على فترة تمتد لشهرين بدلًا من شهر واحد كما هو متّبع عادة. وبما أن الحكومة أعادت فتح أبوابها قبل نهاية الأسبوع المرجعي لشهر نوفمبر، فقد جرى احتساب موظفي الحكومة الفيدرالية ضمن فئة العاملين.
وأضافت الوكالة: «لا يمكن قياس الأثر الناتج عن الإغلاق الحكومي الفيدرالي بدقة على تقديرات مسح الأسر لشهر نوفمبر».
وفي سياق منفصل، أظهر تقرير التوظيف أن متوسط الأجور بالساعة ارتفع بنسبة 0.1% في نوفمبر، بعد قفزة بلغت 0.4% في الشهر السابق. ويولي الاقتصاديون اهتمامًا بالغًا بهذا المؤشر لكونه محرّكًا أساسيًا لإنفاق الأسر، الذي بات يشهد انقساماً متزايدًا مع اعتماد النمو الاستهلاكي بشكل غير متكافئ على الأمريكيين الأكثر ثراءً.
ارتفع الذهب لليوم الخامس على التوالي، مقترباً من تسجيل مستوى قياسي جديد، في ظل الشكوك حول تقييمات أسهم التكنولوجيا وتوقعات تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة، التي تستحوذ على اهتمام المستثمرين.
وصعد المعدن بنسبة تصل إلى 1.2%، في أطول سلسلة مكاسب منذ الارتفاعات التي سبقت تسجيل أعلى مستوى له على الإطلاق في أكتوبر. وفي يوم الجمعة، تعرّض الذهب والفضة لتراجع مفاجئ عن أعلى مستويات الجلسة ضمن موجة عامة من العزوف عن المخاطر، حيث قام متداولو وول ستريت بجني أرباحهم من أكبر الرابحين في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العام. وغالباً ما يُنظر إلى الذهب كأداة تحوط ضد انخفاضات الأسهم، رغم أن ارتباطه في المدى القصير بالأسهم ارتفع خلال الأشهر الأخيرة.
كما ستتأثر توقعات أسعار الذهب بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل. فضعف بيانات وظائف غير الزراعيين في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء قد يزيد من احتمال المزيد من التخفيضات، وهو ما يشكّل دعماً للذهب الذي لا يدر عائداً.
وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة، دعا الرئيس دونالد ترامب إلى خفض أسعار الفائدة بشكل عاجل، وقال إنه يتوقع من رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل التشاور معه بشأن السياسة النقدية. وذكر كيفن هاسيت وكيفن وارش كأفضل خيارين لديه لخلافة جيروم باول.
وقفز الذهب هذا العام بنحو 65%، بينما زاد سعر الفضة بأكثر من الضعف، مع استعدادهما لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979. كما ارتفعت الحيازات في صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب كل شهر هذا العام باستثناء مايو، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.
وقالت مجموعة جولدمان ساكس في مذكرة أصدرها محللون من بينهم لينا توماس: "نتوقع استمرار مشتريات البنوك المركزية، إلى جانب تدفقات المستثمرين في القطاع الخاص وسط تيسير نقدي للاحتياطي الفيدرالي، في دفع أسعار الذهب إلى 4900 دولار بنهاية 2026». وأوضحوا أن الزيادة الكبيرة في مشتريات البنوك المركزية تمثل «اتجاهاً مستمراً لعدة سنوات»، مؤكدين توقعهم لمعدل شراء شهري يبلغ في المتوسط 70 طناً في عام 2026.
ويتوقع محللو ANZ Group Holdings Ltd.، سوني كوماري ودانيال هاينز، أن يشهد الذهب في 2026 ما يمكن وصفه بعام من نصفين، حيث يصل إلى ذروة قرب 4800 دولار للأونصة قبل نهاية الربع الثاني، قبل أن يتراجع لاحقاً. وأشاروا في مذكرتهم إلى أن تدفقات الاستثمار المستمرة وشراء البنوك المركزية ستظل عوامل داعمة للذهب.
أما الفضة، فقد دعمتها في الأسابيع الأخيرة رهانات مضاربية على استمرار ضيق المعروض بعد نقص تاريخي في أكتوبر. وقال ANZ إن المعدن الأبيض — الذي سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 64.6573 دولار للأونصة يوم الجمعة — سيستمر في العثور على دعم من العجز في السوق، والطلب الصناعي المستقر، وعدم اليقين بشأن سياسات الاستيراد الأمريكية.
وأضافت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية الشهر الماضي الفضة إلى قائمتها للمعادن الحرجة، مما جعل التجار حذرين من تصدير الفضة من الولايات المتحدة في حال فرضت الرسوم الجمركية لاحقاً. وتوقع محللو ANZ استبعاد الفضة من الرسوم الجمركية، مؤكدين أن تأكيد هذا القرار سيؤدي إلى تدفقات خارجة من المعدن وتخفيف ضيق المعروض.
وعند الساعة 10:46 صباحاً بتوقيت لندن، ارتفع الذهب بنسبة 0.9% إلى 4339.22 دولار للأونصة، مقترباً من الرقم القياسي لشهر أكتوبر البالغ 4381.52 دولار. في حين صعدت الفضة 2.8% إلى 63.7102 دولار، مستردة خسائرها يوم الجمعة. كما قفز البلاتين بنسبة تصل إلى 3.2% ليصل إلى أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2011، وارتفع البلاديوم أيضاً، في حين تراجع مؤشر الدولار بلومبرغ بنسبة 0.1%.
تعمّق انكماش الاستثمار في الصين، فيما سجّلت مبيعات التجزئة أضعف نمو لها منذ الانهيار الذي تسبب فيه تفشي كوفيد، في شهر جديد من النمو غير المتوازن الذي يزيد من حدّة التوترات التجارية مع بقية دول العالم.
وبينما يظهر إنتاج المصانع تراجعاً محدوداً، زادت مبيعات التجزئة بنسبة 1.3% فقط في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وهو أبطأ معدل نمو على الإطلاق خارج فترة الجائحة. وجاءت هذه القراءة أسوأ من جميع التوقعات في استطلاع بلومبرج للمحللين، حيث كان متوسط التقديرات يشير إلى بقاء وتيرة النمو عند 2.9% للشهر الثاني على التوالي.
كما خيّب استثمار الأصول الثابتة الآمال، إذ انكمش بنسبة 2.6% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام، ما يبقيه بصدد تسجيل أول انكماش سنوي منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1998.
كما جاء الإنتاج الصناعي دون التوقعات، لكنه حقق مع ذلك نمواً بنسبة 4.8% على أساس سنوي، في إشارة إلى أن الطفرة في الصادرات لا تزال تُبقي جانب الإنتاج في الاقتصاد في حالة نشاط. غير أن هذا الأمر يعمّق في الوقت نفسه الاختلالات القائمة ويضغط على الأسعار، في ظل ضعف الطلب المحلي.
وقال اقتصاديون في بنك باركليز، من بينهم يينغكه تشو، في مذكرة بحثية: "مع استمرار تجاوز مؤشرات المعروض لمؤشرات الطلب، نعتقد أن الضغوط الانكماشية في الصين قد تستمر، وأن نموذج النمو الذي تقوده الصادرات سيظل قائماً، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية والاستثمارية بين الصين والاقتصادات الأخرى".
وواصلت الأسهم الصينية خسائرها، إذ هبط مؤشر «هانغ سنغ للشركات الصينية» في هونج كونج إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر، فيما أنهى مؤشر «سي إس آي 300» المحلي التعاملات منخفضاً بنسبة 0.6%. أما اليوان فبقي شبه مستقر في التعاملات داخل الصين وفي التداولات الخارجية.
ويجعل عجز الصين عن إنعاش إنفاق المستهلكين اقتصادها أكثر عرضة للمخاطر الخارجية، بعدما اعتمدت على الطلب الأجنبي لدفع عجلة النمو خلال معظم هذا العام، رغم حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تتباطأ الصادرات في الأشهر المقبلة، بعد أداء قوي بشكل مفاجئ في 2025، مع اتساع موجة الحمائية التجارية واحتدام التوترات التجارية مع دول تتجاوز الولايات المتحدة.
ومع بدء الزخم الاقتصادي في التراجع نحو نهاية العام، أرسل الرئيس شي جين بينغ إشارات تفيد باستعداده لتقبّل نمو أبطأ في بعض المناطق، بل قال مؤخراً إن على الصين منع «الاستثمار غير الكفوء». ومع ذلك، فإنه يحث المسؤولين على إبداء اهتمام وثيق للانخفاض في الإنفاق الرأسمالي.
وفي تأكيد على تركيز جديد على ضعف الاقتصاد المحلي، أعلنت الصين أن الحزب الشيوعي سيصدر يوم الثلاثاء مجموعة من تصريحات شي خلال العقد الماضي، تتناول مسألة توسيع الطلب المحلي.
وتدهور قطاع العقارات مجدداً، مع اقتراب شركة «تشاينا فانكي» التي تدعمها الدولة من حافة التعثّر عن السداد. وبلغت وتيرة الهبوط في الاستثمار العقاري 16% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما تسارع تراجع أسعار المنازل على أساس سنوي في نوفمبر، بما يعكس الاتجاه السابق الذي شهد تقلصاً في وتيرة الانخفاض خلال الأشهر الماضية.
وقالت الهيئة الوطنية للإحصاء الصينية في بيان إن "الاقتصاد واجه عدداً من التحديات" في نوفمبر، مضيفة أن "البيئة الخارجية اتسمت بكثير من عدم الاستقرار وعدم اليقين، فيما كان الطلب المحلي غير كافٍ".
وأوضحت أن تباطؤ نمو الاستهلاك في نوفمبر يُرجّح أن يكون ناجماً جزئياً عن عوامل إحصائية غير مواتية، إذ بدأت الصين في أواخر عام 2024 تطبيق إعانات حكومية لدعم مشتريات الأسر من السلع الاستهلاكية، ما خلق قاعدة مقارنة مرتفعة.
كما أسهم البدء المبكر على غير العادة لعروض «يوم العُزّاب» الترويجية في دفع المستهلكين إلى تقديم بعض مشترياتهم إلى شهر أكتوبر.
وكان تلاشي أثر إعانات الاستبدال واضحاً في تفاصيل بيانات الإنفاق لشهر نوفمبر، إذ هبطت مبيعات الأجهزة المنزلية بنسبة 19% على أساس سنوي، وهو أسوأ أداء منذ أوائل 2020. كما تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 8%، مسجّلة أكبر انخفاض منذ مايو 2022.
وتشير بيانات الاستثمار بدورها إلى ضعف الطلب، إذ توحي بانكماش يقارب 11% في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وفق تقديرات صادرة عن "جولدمان ساكس" و"كابيتال إيكونوميكس".
وبدأ التراجع في الإنفاق الرأسمالي منذ يونيو، ما حيّر الاقتصاديين نظراً لعدم اتساقه مع مؤشرات أخرى، ودفع بعضهم إلى طرح احتمال أن تكون السلطات قد شرعت مؤخراً في تصحيح مبالغات سابقة في البيانات الإحصائية.
كما يُظهر التفصيل الأحدث للبيانات تراجعاً نادراً في الاستثمار في البنية التحتية.
وتقلّصت قدرة الحكومات المحلية على الاستثمار بفعل تشديد بكين قبضتها على عمليات الاقتراض، في إطار مساعٍ لخفض المخاطر المالية. وفي الوقت نفسه، استحوذت حملة إعادة تمويل ما يُعرف بـ«الديون الخفية» على جزء كبير من الأموال المحصّلة من مبيعات السندات، إذ ارتفع إصدار السندات المحلية الخاصة الجديدة المخصّصة لبرنامج المبادلة بنحو 70% مقارنة بما كان مخططاً له في وقت سابق من هذا العام.
ويبدو أن ركود الاستثمار أطلق ناقوس الخطر لدى كبار القادة.
وخلال اجتماع سنوي محوري عُقد الأسبوع الماضي، تعهّد صانعو السياسات بوقف هذا التدهور، فيما دعا الرئيس شي جين بينغ أيضاً إلى إيلاء اهتمام أكبر بهذه المسألة. وقد تدفع السلطات باتجاه إطلاق مزيد من مشاريع البنية التحتية الكبرى العام المقبل في محاولة لتحقيق الاستقرار للنمو الاقتصادي.
في الاجتماعات المعنية بالسياسات التي عُقدت الأسبوع الماضي، وضع كبار القادة في الصين تعزيز الطلب المحلي على رأس أولوياتهم للعام الجديد، في إشارة إلى توخّي الحذر إزاء حالة عدم اليقين التي تكتنف التجارة الخارجية. ورغم التعهّد بمواصلة سياسات داعمة للنمو، لا يبدو أن إجراءات قوية أو غير تقليدية مطروحة في الوقت الراهن.
ويتوقع كثير من الاقتصاديين أن تحدد الحكومة هدف النمو السنوي عند نحو 5% في عام 2026 — وهو المستوى نفسه المسجل في 2025 — مع إطلاق حزمة تحفيز مالي بحجم مقارب لما تم تطبيقه هذا العام، وبعجز موازنة اسمي يبلغ 4%.
كما يُرجَّح أن يقدم بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة بوتيرة معتدلة العام المقبل، بعد اتباعه نهجاً حذراً في التيسير النقدي خلال معظم عام 2025، في وقت شهدت فيه أسواق الأسهم ارتفاعاً قوياً وازدهاراً في الصادرات.
ويرى غاري نغ، كبير الاقتصاديين في بنك «ناتيكسيس»، أن الخلاصة هي أن «سياسات الحكومة الداعمة للاستهلاك وسوق العقارات لا تزال بعيدة عن أن تكون كافية»، وذلك رغم أن الهدف الرسمي للاقتصاد يبدو في متناول اليد هذا العام.
وأضاف نغ: "في حين أن تحقيق هدف نمو حقيقي عند 5% يبدو شبه محسوم، فإن عام 2026 سيكون أكثر صعوبة بكثير إذا استمرت الضغوط الحالية".
انكمش نشاط المصانع في ولاية نيويورك على غير المتوقَّع في ديسمبر، بعد شهرين متتاليين من النمو القوي، في ظل تعثّر الطلبات وتراجع الشحنات.
وأظهرت بيانات صادرة يوم الاثنين عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن مؤشر الأوضاع العامة للأعمال تراجع بنحو 23 نقطة ليصل إلى سالب 3.9. وتشير القراءات دون الصفر إلى حالة انكماش، في حين كان متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج يشير إلى قراءة عند 10.
ورغم هذه الانتكاسة، تحسّنت التوقعات العامة للأشهر الستة المقبلة، إذ ارتفعت بمقدار 16.6 نقطة إلى أعلى مستوى لها منذ بداية العام، مدعومة بتفاؤل أكبر حيال الطلبات والشحنات. كما قفزت توقعات حجوزات الشراء إلى أعلى مستوى منذ عام 2022.
ويُعد هذا التحسّن في النظرة المستقبلية خبراً إيجابياً لقطاع التصنيع، الذي يعاني منذ فترة من ضعف الزخم نتيجة ارتفاع أسعار المدخلات، وتقلب الطلب، وعدم اليقين المرتبط بالسياسات التجارية.
كما أظهر تقرير الفيدرالي تراجع مؤشرات الأسعار الحالية للمواد الخام، إضافة إلى انخفاض مقياس الأسعار التي تتلقاها المصانع، ما يشير إلى تراجع الضغوط التضخمية. وهبط مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أدنى مستوى له منذ يناير، فيما سجّل مقياس التوظيف في المصانع تحسناً طفيفاً.
وجُمعت ردود الاستطلاع خلال الفترة من 2 إلى 9 ديسمبر.
قالت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، يوم الجمعة، إن الرسوم الجمركية يمكن أن ترفع بعض تكاليف المدخلات ولكنها لا تؤدي إلى تضخم واسع النطاق.
قالت بولسون في فعالية أقيمت في ويلمنجتون بولاية ديلاوير: "يشير التحليل الاقتصادي التقليدي إلى أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى انخفاض طفيف في النمو، وسترفع الأسعار، ولكن على الأرجح ليس بشكل مستدام يؤدي إلى تضخم متفاقم. إنه تغيير في تكلفة المدخلات يظهر في نهاية المطاف على الأسعار، ولكنه ليس بالضرورة أن يتسبب في تضخم واسع النطاق، وهذا ليس ما أراه يحدث الآن".