
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
إكتسبت عمليات بيع الأصول الأمريكية زخماً يوم الإثنين وسط مخاوف من أن الرئيس دونالد ترمب قد يُقدم بالفعل على تنفيذ تهديده بعزل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، واتباع سياسات قد تدفع الاقتصاد الأمريكي نحو الركود.
تراجعت قيمة الدولار والعقود الآجلة لمؤشرات أسهم وول ستريت والسندات الأمريكية في تداولات هزيلة عقب عطلة، بينما ارتفع عائد السندات لأجل 30 عاماً بنحو 10 نقاط أساس. يأتي ذلك في وقت يتعامل فيه المستثمرون مع مخاطر إقالة باول — والتي قالت البيت الأبيض الأسبوع الماضي إنه بصدد دراستها — وتداعيات هذه الخطوة المحتملة على أكبر اقتصاد في العالم.
وقال إيان لينجن، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية لدى "بي إم أو كابيتال ماركتس": "في لحظة رسخت الإدارة بالفعل مستويات غير مسبوقة من عدم اليقين في المشهد الاقتصادي، أي محاولة لعزل باول ستزيد من الضغوط على الأصول الأمريكية."
ورغم أن خبراء قانونيين يرون أن الرئيس لا يمكنه إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسهولة، وأن باول نفسه صرّح بعدم نيته الاستقالة حتى لو طلب منه ترامب ذلك، فإن مجرد التكهنات توجّه ضربة جديدة للأصول الأمريكية. الرسوم الجمركية الحادة التي فرضتها واشنطن أشعلت بالفعل مخاوف من ركود وأثارت الشكوك حول مكانة سندات الخزانة الأمريكية كملاذ آمن تقليدي.
هذا المزيج من المخاطر يعمّق القلق بشأن مساري النمو والتضخم — ومدى قدرة الاحتياطي الفيدرالي على تحقيق التوازن بينهما.
ورغم أن الأسواق تسعّر احتمالات خفض الفائدة الأمريكية ثلاث مرات هذا العام، فإن الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بيل دادلي، كتب في مقال رأي على "بلومبرغ" أن صناع السياسة النقدية سيتحركون بوتيرة أبطأ مما يتوقعه المستثمرون.
تراجع مؤشر بلومبرج للدولار بما يصل إلى 1%، ليهبط إلى أدنى مستوى له منذ أواخر عام 2023، قبل أن يقلص جزءًا من خسائره. في المقابل، صعد الين الياباني إلى أعلى مستوياته منذ سبتمبر، وقفز اليورو إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وباتت العملة الأوروبية الموحدة الآن تتداول قرب 1.15 دولار، وهو مستوى يقترب من أكثر التوقعات تفاؤلاً بنهاية العام لخبراء استراتيجيين. أما الين، الذي استقر قرب 140.50 مقابل الدولار، فقد تخطى متوسط التوقعات البالغ 143، وفقًا لبيانات بلومبرج.
وقالت هيلين جيفن، متعاملة في سوق الصرف الأجنبي لدى "مونيكس": "حتى لو لم تنفّذ أفكار ترامب بشأن عزل باول، فإن مجرد طرحها في الأوساط الدولية يُعد تهديدًا جوهريًا لاستقلالية البنك المركزي الأمريكي، وبالتالي لمكانة الدولار كعملة ملاذ آمن."
وأضافت:"في حال دخل الاقتصاد الأمريكي في ركود تحت إدارة بنك مركزي مقيد أو عاجز عن التحرك بحرية، فإن هذه الأزمة قد تتفاقم، ما يزيد مخاوف الأسواق."
وزادت عمليات البيع بعد تصريحات مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، يوم الجمعة، والتي أكد فيها أن ترامب يدرس الأمر، عقب تقرير أفاد بأن الرئيس يستكشف تلك الخطوة.
وتشير مصادر مطلعة على الصفقات، طلبت عدم كشف هويتها، إلى أن عدة صناديق تحوط كانت من بين البائعين للدولار يوم الإثنين عقب تصريحات هاسيت.
وأظهرت بيانات اللجنة الأمريكية لتداول العقود الآجلة للسلع (CFTC) أن صناديق التحوط باتت الأقل تفاؤلاً تجاه الدولار منذ أكتوبر.
ورغم أن الجدل حول مصير باول لا يساعد على تحسين معنويات السوق، يرى محللون آخرون أن تفاقم الحرب التجارية العالمية سيبقى المحرك الأساسي في تعاملات الدولار.
وقال ويل كومبرنول، استراتيجي الاقتصاد الكلي لدى "إف إتش إن فاينانشال" في شيكاغو:
"استقلالية البنوك المركزية أمر ثمين للغاية — ليس من السهل استعادته إذا فُقد. تهديدات ترامب ضد باول لا تساعد في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب بالأصول الأمريكية، لكنني أعتقد أن مستجدات الحرب التجارية تبقى العامل الأهم."
ولم تقتصر التراجعات يوم الإثنين على الدولار، بل شملت أيضًا العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، في وقت اتسع فيه الفارق بين عائدات السندات قصيرة الأجل وطويلة الأجل، مع هبوط عائد السندات لأجل عامين وارتفاع نظيره لأجل 30 عامًا.
وقفز الفارق بين عائد السندات الأمريكية لأجل 30 عامًا ونظيرتها لأجل عامين لتسعة أسابيع متتالية — وهي أطول سلسلة منذ بدء بلومبرج جمع هذه البيانات عام 1992.
وفي نفس الأثناء، تتوالى تحذيرات استراتيجيي الأسهم في وول ستريت مع تصاعد تأثير الحرب التجارية على توقعات النمو والأرباح في الولايات المتحدة.
فقد خفّض محللو "سيتي جروب" الأسبوع الماضي تقييمهم للأسهم الأمريكية، قائلين أن الصدوع فيما يعرف بـ" الاستثنائية الأمريكية" ستستمر. لينضموا بذلك إلى مؤسسات مثل "بنك أوف أمريكا" و"بلاك روك" في تقليص نظرتهم للأسواق الأمريكية.
وقال جاريث بيري، استراتيجي لدى "ماكواري" في سنغافورة: "قد يكون الضغط الأخير على باول هو المحفز الأحدث على بيع الدولار، لكن الحقيقة أن ما حدث خلال الأشهر الثلاثة الماضية وحده يكفي لتبرير استمرار بيع الدولار، ربما لأشهر مقبلة."
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.