جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
يا له من اختلاف الذي يحدث من عام لأخر. يوم السادس من مارس 2020 فشلت السعودية وروسيا في التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج. وتلا ذلك حرب أسعار مع ضخ العملاقين الاثنين ملايين البراميل من الخام في وقت تسببت فيه جائحة كوفيد-19 في إغلاقات ونضّوب الطلب على النفط. والأن تكبح السعودية ومنتجون أخرون الإنتاج في وقت يرتفع فيه الطلب. وقفز لوقت وجيز سعر خام برنت، خام القياس الدولي، فوق 70 دولار للبرميل يوم الثامن من مارس للمرة الأولى منذ مايو 2019.
وتأتي هذه القفزة وسط طفرة أوسع نطاقاً في السلع من النحاس إلى الذرة مع ارتفاع الواردات الصينية واستمرار تقييد المعروض. لكن كان صعود النفط حاداً بصورة استثنائية. في أبريل من العام الماضي نزل سعر برنت دون 20 دولار للبرميل وأصبحت لوقت وجيز العقود الاجلة للخام الأمريكي دون الصفر. ولكن منذ أواخر أكتوبر، ارتفعت قيمة برنت بحوالي 100%. وبحلول الربع الثالث، يتنبأ محللون لدى بنك جولدمان ساكس أن يصل إلى 80 دولار للبرميل.
وساعدت ثلاثة أحداث متعاقبة في دفع أسعار النفط للصعود هذا الشهر. يوم الرابع من مارس فاجئت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها السوق بالاتفاق على تمديد تخفيضات الإنتاج إلى أبريل. ثم يوم السادس من مارس، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار، الذي من المتوقع أن يعزز النشاط الاقتصادي في الدولة التي تبقى أكبر مستهلك للنفط في العالم. كما أدت مخاوف من تعطل الإمدادات إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار. ففي عطلة نهاية الاسبوع، هاجم الحوثيون (المتمردون الشيعة الذين يقاتلون الحكومة التي تدعمها السعودية في اليمن) ميناء رأس تانورة في السعودية، الذي هو ميناء عملاق لتصدير النفط ويضم مصفاة تزود ربع احتياجات المملكة من الوقود.
ولم يقع ضرر برأس تانورة، لكن كان الهجوم هو الأخطر منذ سبتمبر 2019، عندما تسببت ضربات جوية في توقف نصف الإنتاج السعودي. وأثار إستهداف رأس تانورة اضطرابات في الأسواق القلقة بالفعل من غارات جوية شنتها أمريكا مؤخراً في سوريا.وبالإضافة لارتفاع خطر حدوث تعطلات للإنتاج السعودي، يبدو من غير المحتمل أن ترفع أمريكا سريعاً العقوبات عن إيران، المنتج العملاق للخام الذي صادراته تقلصت بشدة والتي يتم تهريبها على متن سفن فيها أجهزة الاستقبال والإرسال يتم إطفائها لتفادي الرصد.
وأشار محللون في "رويال بنك اوف كندا" أنه بعد هجمات 2019 قفزت أسعار النفط لوقت وجيز، قبل أن تتراجع وسط ثقة في وفرة المعروض. لكن يبدو الأن أن السوق تواجه معروضاً أضيق. وأعلن وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، الاسبوع الماضي أن شعار "نقب، يا عزيزي، نقب ولى للأبد"، مشيراً إلى صناعة النفط الصخري الأمريكية. وربما يشعر مستخرجوا النفط بولاية تكساس بالغضب من هذا الإستهزاء، لكن سيستمر المستثمرون في كبح إنفاقهم الرأسمالي. وربما لن تصل أمريكا إلى مستويات ما قبل الوباء من الإنتاج قبل أواخر 2023، بحسب شركة الأبحاث ريستاد إنيرجي.
وفي الوقت الحالي، تبدو أوبك وحلفاؤها متحفظين على حد سواء. فيبقى الأمير عبد العزيز قلقاً بصورة خاصة من زيادة الإنتاج مبكراً. وبالإضافة للتوسط في الاتفاق الأوسع مع أوبك وحلفائها، قالت المملكة أنها ستمدد تخفيضاً طوعياً إضافياً مليون برميل يومياً لبقاء الاسعار مرتفعة. هذا ويعني ارتفاع الإنفاق الاجتماعي في روسيا أن الأخيرة تحتاج الأن إلى سعر نفط 64 دولار للبرميل لموازنة ميزانيتها، في زيادة من متوسط 51 دولار في 2018 و2019، بحسب تقديرات اس اند بي جلوبال بلاتس.
وبالنسبة للدول البترولية، هناك خطر من مواصلة تقييد المعروض. فتريد تلك الدول أن تبقى الأسعار مرتفعة بالقدر الكافي لموازنة ميزانياتها، لكن ليس بالارتفاع الزائد الذي يؤدي إلى تعثر تعافي الطلب. ولم يكن توزيع اللقاحات سلساً (لكن توجد علامات على تقدم، فيوم الرابع من مارس جرى تقديم أكثر من 2.4 مليون جرعة في أمريكا). وطلب وزير النفط الهندي، دارمندار برادان، من أوبك وحلفائها زيادة المعروض لخفض الأسعار ودعم التعافي الاقتصادي، وهي مناشدة لم تجد حتى الأن تعاطفاً يذكر. وسيجتمع التحالف المعروف بأوبك+ مرة أخرى يوم الأول من أبريل.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.