
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
ارتفعت بشكل طفيف أسعار الذهب يوم الخميس بدعم من تراجع الدولار وعودة الطلب على الملاذات الآمنة وسط مخاوف بشأن إغلاق للحكومة الأمريكية طال أمده وعدم يقين بشأن قانونية الرسوم الجمركية.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1% إلى 3984.48 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 16:07 بتوقيت جرينتش، فيما استقرت عقود الذهب الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر عند 3992.10 دولارًا للأونصة.
وتراجع مؤشر الدولار بنسبة 0.4% بعد أن سجل أعلى مستوى في أربعة أشهر خلال الجلسة السابقة، ما جعل الذهب أرخص لحائزي العملات الأخرى. كما انخفضت عوائد السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة 1.6%.
وقال بيتر غرانت، نائب الرئيس وكبير محللي المعادن في شركة زانر ميتالز: "مع الإغلاق الحكومي الأمريكي والشكوك التي أبدتها المحكمة العليا بشأن قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نشهد عودة قوية للطلب على الملاذات الآمنة."
وأضاف: "الذهب في طريقه لإنهاء العام بأداء جيد نسبيًا... وأعتقد أن هدف نهاية العام في نطاق 4300 إلى 4400 دولار للأونصة يبدو منطقيًا."
ويُنظر إلى الذهب على أنه أداة تحوط في أوقات عدم اليقين، كما يستفيد من بيئات أسعار الفائدة المنخفضة نظرًا لكونه أصلًا لا يدرّ عائدًا.
وكان الاحتياطي الفدرالي الأمريكي قد خفّض أسعار الفائدة للمرة الثانية الأسبوع الماضي، فيما تتوقع الأسواق احتمالًا بنسبة 69% لخفض آخر في ديسمبر، وفق أداة فيدووتش التابعة لمجموعة سي إم إي.
ومن المقرر أن يتحدث عدد من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي في وقت لاحق اليوم، وقد يقدمون إشارات حول توقعات السياسة النقدية.
وأظهر تقرير ADP يوم الأربعاء أن القطاع الخاص الأمريكي أضاف 42 ألف وظيفة في أكتوبر، متجاوزًا توقعات وكالة رويترز التي رجّحت زيادة قدرها 28 ألف وظيفة فقط.
قالت وزيرة المالية السويسرية كارين كيلر-سوتر يوم الخميس إنّ الجهود السويسرية لتأمين علاقة تجارية أفضل مع الولايات المتحدة ما تزال مستمرة، وذلك بعد لقاء جمع عددًا من رؤساء الشركات السويسرية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من الأسبوع.
وكانت سويسرا قد تلقت ضربة قوية بعد أن فرض ترامب في أغسطس رسومًا جمركية بنسبة 39% على الواردات السويسرية، وهي من أعلى الرسوم التي فُرضت ضمن إعادة تشكيله للنظام التجاري العالمي.
وقالت كيلر-سوتر، التي تتعرض لانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع الخلاف، إنها أدّت واجباتها كرئيسة لسويسرا عندما تحدثت إلى ترامب قبل إعلان الرسوم.
وأضافت في مقابلة مع صحيفة بليك نُشرت يوم الخميس: "لم يوافق على الاتفاق الذي تم التفاوض عليه. هذه هي الحقيقة ببساطة."
وتابعت: "علينا أن نتعايش مع ذلك. والمحادثات ما تزال جارية."
ورفضت كيلر-سوتر الخوض في تفاصيل المفاوضات أو ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق خلال هذا العام.
وقالت: "في نهاية المطاف، القرار يعود للرئيس الأمريكي في ما إذا كان سيوافق على الصفقة أم لا."
وفي موازاة الجهود الحكومية، تسعى الشركات السويسرية أيضًا إلى إقناع ترامب بتخفيف الرسوم، حيث التقى وفد من قادة الأعمال بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء.
وضمّ الوفد رؤساء شركات من بينها شركة الشحن MSC، وصانعة الساعات رولكس، وشركة الاستثمار بارتنرز جروبPartners Group ، وشركة تجارة السلع ميركوريا، ومالكة علامة كارتييه مجموعة ريشمونت، وشركة المعادن الثمينة MKS، بحسب بيان لوزارة الاقتصاد السويسرية التي أوضحت أن هدف الزيارة كان تسليط الضوء على آثار الرسوم الأمريكية على شركاتهم.
ورحبت الحكومة بالمبادرة، مؤكدة في بيانها أن "الاتصالات الدبلوماسية والسياسية مستمرة بهدف تحقيق خفض سريع في الرسوم الإضافية."
قال جوردان بارديلا، زعيم اليمين المتشدد في فرنسا، إن حزبه سيدفع باتجاه إقناع البنك المركزي الأوروبي بإعادة إطلاق برنامج التيسير الكمي إذا وصل إلى السلطة.
وفي مقابلة مع مجلة الإيكونوميست نُشرت هذا الأسبوع، أشار إلى أن صنّاع السياسة في فرانكفورت سيُطلب منهم مساعدة ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو على مواجهة تحدياته المالية العامة.
وقال بارديلا في التصريحات التي نُقلت عنه: "لن نتمكن من تجنّب مناقشة مسألة الدين الفرنسي مع البنك المركزي الأوروبي، فقد يتمكن البنك من تنفيذ التيسير الكمي كما فعل قبل 12 إلى 15 عامًا."
تستخدم البنوك المركزية هذه السياسة لضخ السيولة في الاقتصاد عبر شراء الأصول مثل السندات الحكومية. وكان البنك المركزي الأوروبي قد بدأ تطبيق برنامج التيسير الكمي في عام 2015 بهدف تحفيز أسعار المستهلكين وتجنب خطر الانكماش في الأسعار في منطقة اليورو.
وخلال فترة الجائحة، لجأ البنك أيضًا إلى شراء الديون للحد من ارتفاع عوائد السندات، غير أن معاهدات الاتحاد الأوروبي تحظر على البنك المركزي تمويل الحكومات بشكل مباشر.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها ساسة حزب التجمع الوطني الفرنسي فكرة الاستعانة بدعم فرانكفورت. فقد دعت مارين لوبان، التي سبقت بارديلا في رئاسة الحزب، والتي تقود حاليًا كتلة الحزب في البرلمان، العام الماضي إلى أن يستأنف البنك المركزي الأوروبي عمليات شراء الأصول لتمويل الاستثمارات في جهود مكافحة تغير المناخ.
ومنذ ذلك الحين، صعد اليمين المتشدد في استطلاعات الرأي، حيث تُظهر أحدث المسوح أن لوبان أو بارديلا قد يفوزان بسهولة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2027، وقد صرّح بارديلا بأنه سيكون مرشح حزب التجمع الوطني إذا ظلت لوبان ممنوعة من الترشح.
رفض كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك فرنسا التعليق على تصريحات جوردان بارديلا.
وتواجه فرنسا صعوبات في كبح العجز المالي الذي أصبح الأكبر في منطقة اليورو. وتحاول حكومة الأقلية الحالية تمرير ميزانية تبقي خطط تحقيق استقرار الدين قائمة بحلول 2029، لكنها تواجه معارضة في البرلمان لخطط خفض الإنفاق وزيادة الضرائب المطلوبة لتحقيق ذلك.
وفي مقابلة الإيكونوميست، قال بارديلا إن برنامج التيسير الكمي يمكن أن يترافق مع خطة خمسية لتعزيز النمو الاقتصادي في فرنسا.
وأضاف قائلًا: "إذا انهار الاقتصاد الفرنسي، فسينهار اقتصاد منطقة اليورو بأكملها."
أعلنت الشركات الأمريكية عن الاستغناء عن أكبر عدد من الوظائف لأي شهر أكتوبر منذ أكثر من عقدين، مع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الصناعات وتسارع جهود خفض التكاليف، وذلك وفقًا لبيانات شركة تشالنجر غراي آند كريسماس Challenger, Gray & Christmas Inc. المتخصصة في خدمات التوظيف.
فقد أعلنت الشركات الشهر الماضي عن تسريح 153,074 وظيفة، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف العدد المسجل في الشهر نفسه من العام الماضي، وجاءت هذه الموجة مدفوعة بقطاعي التكنولوجيا والتخزين. ويُعد هذا العدد الأعلى لأي شهر أكتوبر منذ عام 2003، عندما كان ظهور الهواتف الخلوية عاملًا مسببًا لتغيرات مماثلة، بحسب آندي تشالينجر، كبير مسؤولي الإيرادات في الشركة.
وقال تشالينجر في التقرير: "بعض الصناعات تشهد تصحيحًا بعد طفرة التوظيف التي أعقبت الجائحة، لكن هذا يحدث في وقت تدفع فيه وتيرة تبني الذكاء الاصطناعي وتباطؤ إنفاق المستهلكين والشركات وارتفاع التكاليف، الشركات إلى شد الأحزمة وتجميد التوظيف. وتابع "إن من يفقدون وظائفهم الآن يجدون صعوبة متزايدة في الحصول على وظائف جديدة بسرعة، ما قد يؤدي إلى مزيد من ضعف في سوق العمل."
الأرقام تبدو ضعيفة مهما تم تحليلها. فقد تجاوز عدد الوظائف التي تم الاستغناء عنها منذ بداية العام مليون وظيفة، وهو أعلى مستوى منذ جائحة كورونا. وفي الفترة نفسها، أعلنت الشركات الأمريكية عن أقل خطط توظيف منذ عام 2011، بينما كانت خطط التوظيف الموسمية (بمناسبة الأعياد) حتى أكتوبر الأدنى منذ أن بدأت شركة تشالينجر تتبعها في عام 2012.
وقال آندي تشالينجر: "من الممكن أنه مع خفض أسعار الفائدة وظهور أداء قوي في نوفمبر، قد تقدم الشركات على طلب موسمي متأخر على عاملين، لكن في هذه المرحلة لا نتوقع موسم توظيف موسمي قوي خلال عام 2025."
تزايد إعلانات تسريح العمال يثير المخاوف بشأن صحة سوق العمل الأمريكي، في وقت يواجه فيه الأمريكيون الذين فقدوا وظائفهم بيئة توظيف ضعيفة. وقد تُعتبر هذه الأرقام متناقضة مع توصيف رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي قال مؤخرًا إن هناك "تباطؤًا تدريجيًا جدًا" فقط في سوق العمل.
ويعطي التقرير أرقامًا ملموسة للأدلة المتناقلة على موجة تسريح تمتد عبر الاقتصاد. فقد كانت أمازون، وميتا بلاتفورمز، وتارجت، وباراماونت سكاي دانس من بين الشركات التي تصدّرت عناوين الأخبار بقراراتها الأخيرة لتقليص العمالة، فيما ظلّ التوظيف ضعيفًا في العديد من القطاعات.
ووفقًا لبيانات شركة ADP Research الصادرة الأربعاء، زادت وظائف الشركات بمقدار 42 ألف وظيفة في أكتوبر بعد شهرين متتاليين من الانكماش، ما يشير إلى بعض الاستقرار، لكنه لا يزال متوافقًا مع ضعف عام في الطلب على العمالة. ومن المقرر أن تصدر شركة Revelio Labs تقريرًا آخر عن سوق العمل في وقت لاحق من يوم الخميس، في وقت يتزايد اعتماد الاقتصاديين على بيانات القطاع الخاص في ظل إغلاق الحكومة الأمريكية.
واجه المحامي الممثل لإدارة دونالد ترامب يوم الأربعاء أسئلة صعبة من قضاة المحكمة العليا الأمريكية، سواء من التيار المحافظ أو الليبرالي، حول قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الجمهوري — في قضية تحمل انعكاسات على الاقتصاد العالمي وتشكل اختبارًا رئيسيًا لصلاحيات ترامب الرئاسية.
وخلال الجلسة، ضغط القضاة على المحامي العام الأمريكي دي. جون ساور، الذي يترافع باسم الإدارة، متسائلين عما إذا كان ترامب قد تجاوز صلاحيات الكونجرس عندما فرض الرسوم استنادًا إلى قانون صدر عام 1977 مخصص لحالات الطوارئ الوطنية.
كما سأل القضاة ساور عما إذا كان تطبيق ترامب لهذا القانون لفرض رسوم مفتوحة المدة وغير محدودة يمثل إجراءً ضخمًا من السلطة التنفيذية يتطلب تفويضًا واضحًا من الكونجرس — في إشارة إلى ما يُعرف بـ مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine) الذي ينص على أن القرارات التنفيذية ذات الأثر الاقتصادي والسياسي الواسع يجب أن تستند إلى تفويض تشريعي صريح.
القضية المعروضة أمام المحكمة جاءت بعد أن أقرت محاكم أدنى بأن استخدام ترامب غير المسبوق لذلك القانون تجاوز سلطاته، ما دفع إدارته لتقديم استئناف أمام المحكمة العليا. وكانت شركات أمريكية تضررت من الرسوم إلى جانب 12 ولاية (معظمها ديمقراطية) قد رفعت الدعوى ضد تلك الإجراءات.
الرسوم — وهي بمثابة ضرائب على السلع المستوردة — يمكن أن تُدر على الولايات المتحدة تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل.
ويمارس ترامب ضغوطًا على المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة (6-3)، من أجل الإبقاء على الرسوم التي يعتبرها أداة محورية في سياساته الاقتصادية والخارجية.
حتى بعض القضاة المحافظين وجهوا أسئلة نقدية إلى نيل كاتيال، محامي الشركات التي تطعن في تلك الرسوم.
واستهل ساور مرافعته مدافعًا عن الأساس القانوني الذي اعتمد عليه الرئيس، لكنه واجه سريعًا شكوكًا من القضاة حول تفسير الإدارة للغة القانون وهدفه.
يُذكر أن ترامب استند إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لفرض الرسوم على معظم شركاء التجارة الأمريكيين. ويمنح هذا القانون الرئيس صلاحيات لتنظيم التجارة في حالات الطوارئ الوطنية.
قال ساور إن ترامب رأى أن عجز الميزان التجاري الأمريكي أوصل البلاد إلى شفا كارثة اقتصادية وأمنية وطنية. وأضاف أن فرض الرسوم الجمركية ساعد الرئيس في التفاوض على اتفاقيات تجارية، محذرًا من أن إلغاء تلك الرسوم أو الاتفاقيات “سيعرّضنا لانتقام تجاري شرس من دول أكثر عدوانية، ويدفع أمريكا من موقع القوة إلى الفشل، مع عواقب مدمّرة اقتصاديًا وأمنيًا”.
يُذكر أن الدستور الأمريكي يمنح الكونجرس، وليس الرئيس، سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية. لكن إدارة ترامب تجادل بأن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يمنح الرئيس صلاحية "تنظيم" الواردات في مواجهة حالات الطوارئ، وهو ما يبرّر، بحسبها، فرض الرسوم.
إلا أن رئيس المحكمة العليا المحافظ جون روبرتس قال لساور إن فرض الضرائب على الأمريكيين كان دائمًا من الصلاحيات الجوهرية للكونجرس، مضيفًا أن هذه الرسوم تبدو في جوهرها وسيلة لجمع الإيرادات، وهو أمر يختص به الكونغجس بموجب الدستور.
بدورها، القاضية المحافظة آمي كوني باريت تساءلت عن تفسير ساور لعبارة “تنظيم الاستيراد” في القانون، معتبرة أن من غير الواضح أن هذه العبارة تمنح الرئيس سلطة فرض رسوم جمركية. وسألته قائلة: “هل يمكنك الإشارة إلى أي موضع آخر في القانون أو في التاريخ استخدمت فيه عبارة ‘تنظيم الاستيراد’ لتفويض سلطة فرض الرسوم الجمركية؟”
ويُعد ترامب أول رئيس يستخدم قانون الصلاحيات الطارئة لفرض رسوم جمركية، وهو ما يندرج ضمن سلسلة من الإجراءات التي وسّع فيها نطاق سلطاته التنفيذية منذ عودته إلى البيت الأبيض، سواء عبر تشديد سياسات الهجرة، أو إقالة مسؤولين في الوكالات الفدرالية، أو نشر قوات داخلية.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قبل المرافعات إنه حتى لو حكمت المحكمة العليا ضد استخدام ترامب للقانون ، فمن المرجّح أن تظل الرسوم قائمة لأن الإدارة يمكنها الاعتماد على قوانين أخرى كأساس قانوني بديل.
وفي هذا السياق، طرح القاضي المحافظ صموئيل أليتو تساؤلًا حول المادة 338 من قانون الرسوم الجمركية لعام 1930، مشيرًا إلى أنها قد تشكل أساسًا قانونيًا بديلاً لرسوم ترامب. ويُذكر أن ترامب فرض رسومًا إضافية أخرى استنادًا إلى تشريعات مختلفة، لكنها ليست محل نزاع في هذه القضية.
وكان ترامب قد أشعل حربًا تجارية عالمية فور عودته إلى الرئاسة في يناير، ما أثار توترات مع الشركاء التجاريين، وزاد من تقلبات الأسواق المالية، وعمّق حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine)
طبّقت المحكمة العليا الأمريكية مبدأ “القضايا الكبرى” في السابق لإبطال سياسات رئيسٍ ديمقراطي سابق هو جو بايدن، إذ ينص هذا المبدأ على أن أي إجراء تنفيذي له تأثير اقتصادي أو سياسي واسع النطاق يجب أن يكون مفوضًا بوضوح من الكونجرس.
وقال المحامي جون ساور، ممثل إدارة ترامب، إن إجراءات الرئيس بفرض الرسوم الجمركية لا تنتهك هذا المبدأ، معتبرًا أن القانون الذي استند إليه يمنحه الصلاحية لتنظيم الواردات في حالات الطوارئ. إلا أن محكمة أدنى درجة كانت قد رأت العكس، معتبرة أن الرسوم تتعارض مع مبدأ القضايا الكبرى وبالتالي غير مشروعة.
وخلال جلسة المرافعة، تساءل بعض القضاة عما إذا كانت رسوم ترامب ستصمد أمام هذا المبدأ، مشيرين إلى أن الكونجرس لم يذكر صراحةً كلمة “رسوم” في القانون محل النزاع.
وطلب رئيس المحكمة العليا جون روبرتس من ساور تفسير سبب عدم انطباق مبدأ القضايا الكبرى على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بموجب هذا القانون، قائلاً: “إن التبرير المستخدم يمنح سلطة فرض رسوم على أي منتج، من أي دولة، وبأي مقدار، ولأي مدة. لا أقول إن ذلك مستحيل، لكنه يبدو سلطة ضخمة، والأساس القانوني لهذا الادعاء لا يبدو مناسبًا تمامًا. فلماذا لا ينطبق المبدأ إذن؟”
ورد ساور بأن هذا المبدأ لا يُطبّق في سياق العلاقات الخارجية، لكن روبرتس شكك في ذلك، قائلاً إن صلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية لا يمكن أن تتجاوز صلاحيات الكونجرس الجوهرية، مضيفًا: “الأداة هنا هي فرض ضرائب على الأمريكيين، وهذه كانت دائمًا من السلطات الأساسية للكونجرس.”
تاريخيًا، تميل المحكمة العليا إلى منح الرئيس هامشًا واسعًا في إدارة السياسة الخارجية، وهو ما أشار إليه روبرتس أثناء استجوابه للمحامي نيل كاتيال، الذي يمثّل الشركات المعارضة للرسوم.
وسأل روبرتس كاتيال: “صحيح أن الرسوم تُعد نوعًا من الضرائب، وهي من صلاحيات الكونجرس، لكنها ضريبة موجهة نحو الخارج، أليس كذلك؟ والسياسة الخارجية هي من صلاحيات السلطة التنفيذية.”
وأشار روبرتس إلى أن رسوم ترامب منحت إدارته بلا شك ورقة ضغط في المفاوضات التجارية الدولية، لكن كاتيال رد قائلاً إن صلاحيات الرئيس في حالات الطوارئ ليست بلا حدود، وأن الجمهور بحاجة إلى معرفة أين تنتهي هذه الحدود.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا وقفت إلى جانب ترامب في عدة قرارات طارئة هذا العام. ورغم أن المحكمة عادةً ما تستغرق أشهرًا لإصدار أحكامها بعد سماع المرافعات، فإن إدارة ترامب طلبت منها البت سريعًا في هذه القضية نظرًا لأثرها الاقتصادي الواسع.
صلاحيات الرئاسة
وجهت القاضية الليبرالية إيلينا كاغان أسئلة حادة إلى ساور بشأن ادعائه أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تستند إلى الصلاحيات الدستورية الأصيلة للرئيس.
وقالت كاغان إن سلطة فرض الضرائب وتنظيم التجارة الخارجية تُعد عادةً من السلطات الجوهرية (الأساسية) التي تعود إلى الكونجرس، لا إلى الرئيس.
من جانبها، أكدت القاضية الليبرالية كيتانجي براون جاكسون أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) كان يهدف في الأصل إلى تقييد صلاحيات الرئيس، لا إلى توسيعها.
وقالت جاكسون: "من الواضح جدًا أن الكونجرس كان يحاول تقييد سلطات الطوارئ الممنوحة للرئيس، وليس العكس."
أما القاضي المحافظ بريت كافانو، فقد أبدى ميلًا نسبيًا لتأييد موقف ترامب، مشيرًا إلى أن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون كان قد فرض رسومًا جمركية عالمية في سبعينيات القرن الماضي استنادًا إلى قانون سابق لقانون الصلاحيات الطارئة IEEPA يحتوي على لغة مشابهة لعبارة “تنظيم الاستيراد".
وقال كافانو لساور: "هذا مثال جيد يمكنك الاستناد إليه."
“غير معقول إطلاقًا”
قال المحامي نيل كاتيال أمام قضاة المحكمة العليا إن التفسير الذي تقدّمه إدارة ترامب لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يفتقر إلى المنطق السليم، مؤكدًا: “من غير المعقول إطلاقًا أن يكون الكونجرس، عند إقراره لقانون IEEPA، قد منح الرئيس سلطة لإعادة هيكلة النظام الجمركي الأمريكي بأكمله — وبالتالي الاقتصاد الأمريكي برمّته.”
وأشار القاضي المحافظ نيل غورساتش في أسئلته إلى أنه يرى أن ادعاءات ساور بشأن اتساع صلاحيات الرئيس في الشؤون الخارجية قد تهدد مبدأ الفصل بين السلطات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وسأل غورساتش متعجبًا: "ما الذي سيمنع الكونجرس من التنازل عن كامل مسؤوليته في تنظيم التجارة الخارجية — أو حتى في إعلان الحرب — للرئيس؟”
وأضاف غورساتش أن الكونجرس لن يتمكن عمليًا من استعادة سلطته على الرسوم الجمركية إذا تم تفسير القانون على أنه يمنح تلك السلطة للرئيس، معتبرًا أن هذا التوجه سيكون بمثابة: "مسار أحادي باتجاه تركيز تدريجي ودائم للسلطة في يد السلطة التنفيذية، على حساب الممثلين المنتخبين للشعب."
ووفقًا لبيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، فقد جمعت الرسوم المفروضة بموجب قانون IEEPA نحو 89 مليار دولار بين 4 فبراير و23 سبتمبر، وهو أحدث تاريخ تتوفر له البيانات.
وكان ترامب قد استند إلى القانون لفرض رسوم جمركية على واردات من دول عدة، مبررًا ذلك بأنه يتعامل مع “حالة طوارئ وطنية” ناجمة عن العجز التجاري الأمريكي. كما استخدم القانون في فبراير كوسيلة ضغط اقتصادية على الصين وكندا والمكسيك للحد من تهريب مسكن الألم فنتانيل والمخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة. وقد استخدم ترامب الرسوم الجمركية كورقة تفاوضية لانتزاع تنازلات وإعادة التفاوض على اتفاقيات تجارية، وأيضًا كأداة لمعاقبة دول أثارت غضبه حتى في قضايا غير تجارية.
يُذكر أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة يمنح الرئيس سلطة التعامل مع “تهديد غير عادي واستثنائي” في حال إعلان حالة طوارئ وطنية، لكنه استُخدم تاريخيًا لفرض عقوبات على أعداء الولايات المتحدة أو لتجميد أصولهم، لا لفرض رسوم جمركية.
وعند إقراره، حرص الكونجرس على تقييد سلطات الرئيس أكثر مما كانت عليه في القانون السابق له، وليس توسيعها.
توسع نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة في أكتوبر بأسرع وتيرة منذ ثمانية أشهر، مدفوعًا بزيادة سريعة في نمو الطلبيات الجديدة.
وارتفع مؤشر الخدمات الذي يعده معهد إدارة التوريد بمقدار 2.4 نقطة ليصل إلى 52.4 نقطة في الشهر الماضي. وتشير القراءات التي تتجاوز مستوى الخمسين نقطة إلى توسع الجزء الأكبر من الاقتصاد الأمريكي، كما تجاوزت القراءة الأخيرة جميع توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج.
وارتفع مؤشر الطلبيات الجديدة بمقدار 5.8 نقاط ليبلغ أعلى مستوى له في عام عند 56.2 نقطة، بينما صعد مؤشر نشاط الأعمال – الذي يوازي مؤشر الإنتاج الصناعي لدى المعهد – إلى 54.3 نقطة، عائدًا بذلك إلى منطقة التوسع بعد ارتفاعه بـ 4.4 نقاط.
وقد تزامن هذا الانتعاش في الطلب مع تصاعد الضغوط التضخمية؛ إذ ارتفع مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند 70 نقطة، مما يشير إلى أن قطاع الخدمات يتحمل الآن العبء الأكبر من ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال ستيف ميلر، رئيس لجنة مسح أعمال قطاع الخدمات في المعهد، في بيان: "استمر المشاركون في الإشارة إلى تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار المدفوعة. ولم تظهر دلائل على وجود عمليات تسريح واسعة للعمالة، لكن تم ذكر الإغلاق الحكومي الفيدرالي عدة مرات باعتباره عاملًا يؤثر في النشاط التجاري ويثير القلق بشأن تسريحات محتملة مستقبلًا."
ورغم ذلك، قد تكون هناك بوادر ارتياح خلال الأشهر المقبلة؛ إذ أظهر تقرير القطاع الصناعي الصادر عن المعهد يوم الاثنين أن الضغوط السعرية على المنتجين ما زالت تتراجع، وهو اتجاه قد يمتد لاحقًا إلى قطاع الخدمات.
وشهدت 11 صناعة خدمية توسعًا في نشاطها الشهر الماضي، تتصدرها الخدمات الفندقية والغذائية، وتجارة التجزئة، وتجارة الجملة، في حين انكمشت ست صناعات أخرى.
كما أظهر التقرير أن التوظيف في قطاع الخدمات بدأ يستقر، حيث ارتفع المؤشر الفرعي للتوظيف إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر عند 48.2 نقطة — ما يشير إلى استمرار الانكماش في فرص العمل، ولكن بوتيرة أبطأ.
ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات معهد ايه.دي.بي ADP للأبحاث الصادرة يوم الأربعاء أن التوظيف في الشركات الأمريكية ارتفع في أكتوبر للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. ورغم أن هذا الارتفاع الطفيف يخفف من المخاوف بشأن تدهور أسرع في سوق العمل، إلا أنه يتماشى مع تباطؤ عام في الطلب على العمالة.
زاد التوظيف لدى الشركات الأمريكية في أكتوبر، في إشارة إلى بعض الاستقرار في سوق العمل بعد شهرين متتاليين من الانكماش.
فقد ارتفعت وظائف القطاع الخاص بمقدار 42 ألف وظيفة بعد انخفاض معدّل قدره 29 ألف وظيفة في الشهر السابق، وفقًا لبيانات معهد ايه.دي.بي ADP للأبحاث الصادرة يوم الأربعاء. وكان متوسط تقديرات الاقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبرج يشير إلى زيادة قدرها 30 ألف وظيفة.
ويُعدّ تقرير ADP أحد المؤشرات القليلة المتاحة شهريًا عن سوق العمل، في ظل أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الذي أدى إلى تأخير صدور البيانات الاقتصادية الرسمية. وبينما تساعد هذه الأرقام على تهدئة المخاوف من تدهور أسرع في سوق العمل، فإن الزيادة الطفيفة في الوظائف الشهر الماضي تتماشى مع تباطؤ عام في الطلب على العمالة.
وقالت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في "ايه.دي.بي "والمساهمة في قناة بلومبرج، في بيان: "التوظيف كان متواضعًا مقارنة بما سجلناه في وقت سابق من هذا العام، بينما ظل نمو الأجور شبه ثابت لأكثر من عام، مما يشير إلى توازن بين المعروض والطلب."
ومع ذلك، فإن الإعلانات الأخيرة عن عمليات تسريح واسعة من شركات كبرى مثل أمازون وستاربكس وتارجت، زادت من القلق بشأن وضع سوق العمل. وعلى الرغم من أن طلبات إعانات البطالة ما زالت منخفضة نسبيًا، فإن بيئة العمل التي تتسم بانخفاض معدلات التسريح قد تتحول إلى موجة فصل أوسع ترفع معدلات البطالة في الأشهر المقبلة.
وبعد أن خفّض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الثانية على التوالي، قال رئيسه جيروم باول إنه يرى "تباطؤًا تدريجيًا جدًا" في سوق العمل، "لا أكثر من ذلك". وأضاف أن خفضًا جديدًا للفائدة في اجتماع ديسمبر ليس أمرًا مؤكدًا.
ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر أمام اليورو يوم الثلاثاء، حيث أثارت انقسامات داخل الاحتياطي الفيدرالي الشكوك بشأن احتمال خفض جديد لأسعار الفائدة هذا العام، فيما دفع العزوف عن المخاطر المستثمرين نحو الطلب على العملة الأمريكية.
في المقابل، هبط الجنيه الإسترليني بعدما أشارت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز إلى "خيارات صعبة" في موازنتها المقبلة.
وكانت معنويات الأسواق أكثر قتامة، إذ تراجعت الأسهم، وارتفع الطلب على السندات الحكومية، بينما صعدت العملات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
وقال مايكل براون، كبير استراتيجيي الأبحاث في شركة Pepperstone: "يبدو أن ما نشهده هو ببساطة اندفاع كلاسيكي نحو الملاذات الآمنة"، مشيرًا إلى قوة الدولار والين في الوقت نفسه.
وتراجع اليورو للجلسة الخامسة على التوالي بنسبة 0.3% إلى 1.148 دولار، وهو أضعف مستوى منذ الأول من أغسطس. أما مقابل الين، فانخفض الدولار بنسبة 0.5%، في حين ظلّت العملة اليابانية قريبة من أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر ونصف.
وأضاف براون: "رغم كل الحديث عن 'موت الدولار'، فإنه لا يزال يُعتبر أفضل ملاذ آمن في نظر المشاركين في الأسواق."
كما تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.7% إلى 0.6496 دولار أمريكي، بعدما أبقى البنك المركزي الأسترالي سعر الفائدة دون تغيير عند 3.60% وأبدى حذرًا بشأن أي تيسير إضافي.
وانخفضت العملة المشفّرة البيتكوين بنسبة 2% إلى 107,486 دولارًا، وهو أدنى مستوى منذ يونيو.
انقسامات داخل الفيدرالي
واصل الدولار مكاسبه التي بدأها بعد اجتماع الفيدرالي الأسبوع الماضي، حيث خفّض البنك أسعار الفائدة كما كان متوقعًا، لكن جيروم باول أوضح أن خفضًا آخر في ديسمبر ليس مضمونًا.
ومنذ ذلك الحين، قدّم مسؤولو الفيدرالي آراء متباينة بشأن وضع الاقتصاد والمخاطر المحيطة به، في ظل غياب البيانات الاقتصادية نتيجة إغلاق الحكومة الأمريكية.
وبحسب أداة فيدووتش التابعة لمجموعة سي إم إي، فإن الأسواق تسعّر احتمال خفض الفائدة في ديسمبر بنسبة 65%، مقارنة بـ94% قبل أسبوع فقط — وهو ما عزز قوة الدولار.
وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام ست عملات رئيسية فوق مستوى 100 للمرة الأولى منذ أوائل أغسطس، ليستقر عند 100.17.
وتراجع الإسترليني بنسبة 0.7% إلى 1.3057 دولار بعد أن كشفت ريفز عن خلفية اقتصادية صعبة تواجهها، في ظل ديون مرتفعة وإنتاجية ضعيفة وتضخم مرتفع بعناد.
وقالت جين فولي، رئيسة استراتيجية العملات في Rabobank، إن تصريحات ريفز بأن خيارات ميزانيتها ستركز على خفض التضخم للتمهيد لتخفيضات في الفائدة قد تحرك النقاش حول إمكانية خفض الفائدة في بنك إنجلترا قبل نهاية العام، ما يبقي الاسترليني تحت ضغط حتى اجتماع السياسة النقدية في 4 نوفمبر.
الين يستعيد بعض الدعم
وقرار بنك اليابان الأسبوع الماضي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير قدم دعمًا محدودًا للين، لكن ضعف العملة الأخير دفع وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما لتجديد التأكيد على مراقبة تحركات العملة عن كثب.
ويقترب الين من المستويات التي شهدت تدخلات حكومية لدعمه في عامي 2022 و2024.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي زار اليابان مؤخرًا، فقد انتقد مرارًا الدول التي تسمح بضعف عملاتها معتبرًا أن ذلك يمنحها ميزة تجارية غير عادلة — ما يعني، بحسب المحللين، أن كاتاياما ستتحرك بحذر في أي تدخل محتمل.
يتدافع المستثمرون نحو تمويل حزم ديون ضخمة لبناء مراكز البيانات التي تُشكّل العمود الفقري لبنية الذكاء الاصطناعي، لكن غياب الوضوح حول الطلب المستقبلي طويل الأمد على القدرة الحاسوبية قد يُنذر بـ ضغوط مالية قادمة لبعض الشركات، وفقًا لمسح أجرته شركة AlixPartners الاستشارية العالمية.
وأجرت الشركة استطلاعًا شمل نحو 400 مدير تنفيذي كبير في صناعة مراكز البيانات، طُلب منهم تحديد نقاط القوة والضعف في هذا القطاع. وجاء في مقدمة المخاوف، بحسب التقرير الصادر الثلاثاء، أن الطلب المفرط الحالي على مراكز البيانات قد لا يتماشى مع قدراتها المستقبلية ووظائفها، ما قد يؤدي إلى اضطرابات وعمليات اندماج واستحواذ في القطاع.
وشهدت الآونة الأخيرة طفرة في صفقات التمويل من عمالقة التكنولوجيا، مع تسابق الشركات لبناء البنية التحتية اللازمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وقد تم إنفاق مليارات الدولارات بالفعل على مزارع الخوادم (مراكز البيانات)، مما أثار مخاوف بشأن التقييمات المتضخمة في منظومة الذكاء الاصطناعي. في الوقت نفسه، تحطم موجة الاقتراض في قطاع الذكاء الاصطناعي أرقامًا قياسية في الطلب من المستثمرين.
ففي الأسبوع الماضي، تلقت شركة ميتا بلاتفورمز طلبات شراء بقيمة 125 مليار دولار — وهو أكبر طلب في التاريخ على إصدار سندات شركة — مقابل طرح بقيمة 30 مليار دولار، وهو أضخم إصدار سندات من الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة منذ عام 2023، وفقًا لتقرير بلومبرج.
ولم تكن هذه الصورة وردية قبل سنوات قليلة، فقبل الهوس الحالي بالذكاء الاصطناعي، كانت مراكز البيانات تُعتبر عبئًا ماليًا بسبب استنزافها الكبير للنقد وارتفاع مستويات مديونيتها. على سبيل المثال، شركة Cyxtera Technologies تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس (بموجب الفصل 11) في عام 2023 بعد أزمة سيولة حادة.
وكشف مسح AlixPartners أن 86٪ من المشاركين يتوقعون بقاء تقييمات أصول مراكز البيانات مرتفعة، مدعومة بعوامل مثل كفاءة الطاقة والموقع الجغرافي. ومع ذلك، 61٪ منهم يتوقعون ضغوطًا مستقبلية على الصناعة نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة والمنافسة الشديدة والتطور التكنولوجي السريع.
كما حذر التقرير من مخاطر متعددة لا تزال تواجه القطاع، منها قيود الطاقة وسلاسل التوريد، وعدم اليقين الجيوسياسي، والعقبات التنظيمية.
وقال أندريه دانيس، الشريك والمدير العام في AlixPartners: "سيكون هناك رابحون في هذا السباق، لكن سيكون هناك أيضًا من ينهار تحت عبء التكاليف. فمراكز البيانات تتطلب استثمارات ضخمة، وفي مرحلة ما سيرغب المستثمرون في رؤية عائدات حقيقية على أموالهم."
انخفضت عوائد السندات الأمريكية يوم الثلاثاء وسط أجواء من العزوف عن المخاطر في الأسواق المالية، نتيجة القلق من التقييمات المبالغ فيها في الأسهم وسندات الشركات، والتي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تصحيح في الأسواق.
فقدت موجة الصعود المدفوعة بأسهم التكنولوجيا زخمها، بعدما حذر عدد من كبار التنفيذيين في وول ستريت — من بينهم الرؤساء التنفيذيون لـ مورجان ستانلي وجولدمان ساكس — من أن أسواق الأسهم قد تكون بصدد تراجع تصحيحي. وتراجع مؤشر اس آند بي 500 بنسبة 1.2% في التعاملات المبكرة.
وفي ظل إغلاق الحكومة الأمريكية الذي دخل يومه الـ 35 يوم الثلاثاء — ليعادل أطول إغلاق في التاريخ الأمريكي المسجل خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب — خلت الأجندة الاقتصادية من البيانات، ما ترك سوق السندات دون اتجاه واضح، باستثناء الطلب على الملاذات الآمنة نتيجة المخاوف من فقاعة محتملة في الأسهم.
وقال جاي مينوتزي، كبير مسؤولي الاستثمار ومدير المحافظ في شركة Easterly Orange: "إذا حدثت موجة بيع كبيرة في سوق الأسهم، إلى أين ستتجه تلك الأموال؟ من الواضح أنها قد تتجه إلى سندات الخزانة الأمريكية، على الأقل في البداية."
وأضاف: "سوق الأسهم تبدو في يوم مفعمة بالنشوة وفي اليوم التالي مليئة بالخوف، وهذا بحد ذاته مؤشر على أنها تزداد هشاشة وعدم استقرار من حيث التوقعات المستقبلية."
وسجل عائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 4.091%، منخفضًا بنحو نقطتين أساس خلال اليوم، في حين بلغ عائد السندات لأجل عامين حوالي 3.579%، بانخفاض ثلاث نقاط أساس. أما عائد السندات لأجل 30 عامًا فقد تراجع إلى 4.679% من 4.694% يوم الاثنين.
وبسبب الإغلاق الحكومي، لن يصدر التقرير الشهري المهم للوظائف من مكتب إحصاءات العمل الأمريكي يوم الجمعة كما كان مقررًا.
وبذلك، سيعتمد المستثمرون على تقرير التوظيف الصادر عن معهد ايه.دي.بي ADP، وهو مسح مستقل سيُنشر يوم الأربعاء، لتقييم قوة سوق العمل وإمكانية إجراء مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه القادم في ديسمبر.
كما ستصدر وزارة الخزانة الأمريكية يوم الأربعاء تفاصيل خططها التمويلية ربع السنوية، والتي سيراقبها المستثمرون عن كثب لمعرفة كيفية تمويل العجز الحكومي في الفترة المقبلة.