
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
ارتفع الذهب لليوم الخامس على التوالي، مقترباً من تسجيل مستوى قياسي جديد، في ظل الشكوك حول تقييمات أسهم التكنولوجيا وتوقعات تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة، التي تستحوذ على اهتمام المستثمرين.
وصعد المعدن بنسبة تصل إلى 1.2%، في أطول سلسلة مكاسب منذ الارتفاعات التي سبقت تسجيل أعلى مستوى له على الإطلاق في أكتوبر. وفي يوم الجمعة، تعرّض الذهب والفضة لتراجع مفاجئ عن أعلى مستويات الجلسة ضمن موجة عامة من العزوف عن المخاطر، حيث قام متداولو وول ستريت بجني أرباحهم من أكبر الرابحين في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العام. وغالباً ما يُنظر إلى الذهب كأداة تحوط ضد انخفاضات الأسهم، رغم أن ارتباطه في المدى القصير بالأسهم ارتفع خلال الأشهر الأخيرة.
كما ستتأثر توقعات أسعار الذهب بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في العام المقبل. فضعف بيانات وظائف غير الزراعيين في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء قد يزيد من احتمال المزيد من التخفيضات، وهو ما يشكّل دعماً للذهب الذي لا يدر عائداً.
وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة، دعا الرئيس دونالد ترامب إلى خفض أسعار الفائدة بشكل عاجل، وقال إنه يتوقع من رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل التشاور معه بشأن السياسة النقدية. وذكر كيفن هاسيت وكيفن وارش كأفضل خيارين لديه لخلافة جيروم باول.
وقفز الذهب هذا العام بنحو 65%، بينما زاد سعر الفضة بأكثر من الضعف، مع استعدادهما لتحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979. كما ارتفعت الحيازات في صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالذهب كل شهر هذا العام باستثناء مايو، وفقاً لمجلس الذهب العالمي.
وقالت مجموعة جولدمان ساكس في مذكرة أصدرها محللون من بينهم لينا توماس: "نتوقع استمرار مشتريات البنوك المركزية، إلى جانب تدفقات المستثمرين في القطاع الخاص وسط تيسير نقدي للاحتياطي الفيدرالي، في دفع أسعار الذهب إلى 4900 دولار بنهاية 2026». وأوضحوا أن الزيادة الكبيرة في مشتريات البنوك المركزية تمثل «اتجاهاً مستمراً لعدة سنوات»، مؤكدين توقعهم لمعدل شراء شهري يبلغ في المتوسط 70 طناً في عام 2026.
ويتوقع محللو ANZ Group Holdings Ltd.، سوني كوماري ودانيال هاينز، أن يشهد الذهب في 2026 ما يمكن وصفه بعام من نصفين، حيث يصل إلى ذروة قرب 4800 دولار للأونصة قبل نهاية الربع الثاني، قبل أن يتراجع لاحقاً. وأشاروا في مذكرتهم إلى أن تدفقات الاستثمار المستمرة وشراء البنوك المركزية ستظل عوامل داعمة للذهب.
أما الفضة، فقد دعمتها في الأسابيع الأخيرة رهانات مضاربية على استمرار ضيق المعروض بعد نقص تاريخي في أكتوبر. وقال ANZ إن المعدن الأبيض — الذي سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 64.6573 دولار للأونصة يوم الجمعة — سيستمر في العثور على دعم من العجز في السوق، والطلب الصناعي المستقر، وعدم اليقين بشأن سياسات الاستيراد الأمريكية.
وأضافت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية الشهر الماضي الفضة إلى قائمتها للمعادن الحرجة، مما جعل التجار حذرين من تصدير الفضة من الولايات المتحدة في حال فرضت الرسوم الجمركية لاحقاً. وتوقع محللو ANZ استبعاد الفضة من الرسوم الجمركية، مؤكدين أن تأكيد هذا القرار سيؤدي إلى تدفقات خارجة من المعدن وتخفيف ضيق المعروض.
وعند الساعة 10:46 صباحاً بتوقيت لندن، ارتفع الذهب بنسبة 0.9% إلى 4339.22 دولار للأونصة، مقترباً من الرقم القياسي لشهر أكتوبر البالغ 4381.52 دولار. في حين صعدت الفضة 2.8% إلى 63.7102 دولار، مستردة خسائرها يوم الجمعة. كما قفز البلاتين بنسبة تصل إلى 3.2% ليصل إلى أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2011، وارتفع البلاديوم أيضاً، في حين تراجع مؤشر الدولار بلومبرغ بنسبة 0.1%.
تعمّق انكماش الاستثمار في الصين، فيما سجّلت مبيعات التجزئة أضعف نمو لها منذ الانهيار الذي تسبب فيه تفشي كوفيد، في شهر جديد من النمو غير المتوازن الذي يزيد من حدّة التوترات التجارية مع بقية دول العالم.
وبينما يظهر إنتاج المصانع تراجعاً محدوداً، زادت مبيعات التجزئة بنسبة 1.3% فقط في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وهو أبطأ معدل نمو على الإطلاق خارج فترة الجائحة. وجاءت هذه القراءة أسوأ من جميع التوقعات في استطلاع بلومبرج للمحللين، حيث كان متوسط التقديرات يشير إلى بقاء وتيرة النمو عند 2.9% للشهر الثاني على التوالي.
كما خيّب استثمار الأصول الثابتة الآمال، إذ انكمش بنسبة 2.6% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام، ما يبقيه بصدد تسجيل أول انكماش سنوي منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1998.
كما جاء الإنتاج الصناعي دون التوقعات، لكنه حقق مع ذلك نمواً بنسبة 4.8% على أساس سنوي، في إشارة إلى أن الطفرة في الصادرات لا تزال تُبقي جانب الإنتاج في الاقتصاد في حالة نشاط. غير أن هذا الأمر يعمّق في الوقت نفسه الاختلالات القائمة ويضغط على الأسعار، في ظل ضعف الطلب المحلي.
وقال اقتصاديون في بنك باركليز، من بينهم يينغكه تشو، في مذكرة بحثية: "مع استمرار تجاوز مؤشرات المعروض لمؤشرات الطلب، نعتقد أن الضغوط الانكماشية في الصين قد تستمر، وأن نموذج النمو الذي تقوده الصادرات سيظل قائماً، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية والاستثمارية بين الصين والاقتصادات الأخرى".
وواصلت الأسهم الصينية خسائرها، إذ هبط مؤشر «هانغ سنغ للشركات الصينية» في هونج كونج إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر، فيما أنهى مؤشر «سي إس آي 300» المحلي التعاملات منخفضاً بنسبة 0.6%. أما اليوان فبقي شبه مستقر في التعاملات داخل الصين وفي التداولات الخارجية.
ويجعل عجز الصين عن إنعاش إنفاق المستهلكين اقتصادها أكثر عرضة للمخاطر الخارجية، بعدما اعتمدت على الطلب الأجنبي لدفع عجلة النمو خلال معظم هذا العام، رغم حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تتباطأ الصادرات في الأشهر المقبلة، بعد أداء قوي بشكل مفاجئ في 2025، مع اتساع موجة الحمائية التجارية واحتدام التوترات التجارية مع دول تتجاوز الولايات المتحدة.
ومع بدء الزخم الاقتصادي في التراجع نحو نهاية العام، أرسل الرئيس شي جين بينغ إشارات تفيد باستعداده لتقبّل نمو أبطأ في بعض المناطق، بل قال مؤخراً إن على الصين منع «الاستثمار غير الكفوء». ومع ذلك، فإنه يحث المسؤولين على إبداء اهتمام وثيق للانخفاض في الإنفاق الرأسمالي.
وفي تأكيد على تركيز جديد على ضعف الاقتصاد المحلي، أعلنت الصين أن الحزب الشيوعي سيصدر يوم الثلاثاء مجموعة من تصريحات شي خلال العقد الماضي، تتناول مسألة توسيع الطلب المحلي.
وتدهور قطاع العقارات مجدداً، مع اقتراب شركة «تشاينا فانكي» التي تدعمها الدولة من حافة التعثّر عن السداد. وبلغت وتيرة الهبوط في الاستثمار العقاري 16% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
كما تسارع تراجع أسعار المنازل على أساس سنوي في نوفمبر، بما يعكس الاتجاه السابق الذي شهد تقلصاً في وتيرة الانخفاض خلال الأشهر الماضية.
وقالت الهيئة الوطنية للإحصاء الصينية في بيان إن "الاقتصاد واجه عدداً من التحديات" في نوفمبر، مضيفة أن "البيئة الخارجية اتسمت بكثير من عدم الاستقرار وعدم اليقين، فيما كان الطلب المحلي غير كافٍ".
وأوضحت أن تباطؤ نمو الاستهلاك في نوفمبر يُرجّح أن يكون ناجماً جزئياً عن عوامل إحصائية غير مواتية، إذ بدأت الصين في أواخر عام 2024 تطبيق إعانات حكومية لدعم مشتريات الأسر من السلع الاستهلاكية، ما خلق قاعدة مقارنة مرتفعة.
كما أسهم البدء المبكر على غير العادة لعروض «يوم العُزّاب» الترويجية في دفع المستهلكين إلى تقديم بعض مشترياتهم إلى شهر أكتوبر.
وكان تلاشي أثر إعانات الاستبدال واضحاً في تفاصيل بيانات الإنفاق لشهر نوفمبر، إذ هبطت مبيعات الأجهزة المنزلية بنسبة 19% على أساس سنوي، وهو أسوأ أداء منذ أوائل 2020. كما تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 8%، مسجّلة أكبر انخفاض منذ مايو 2022.
وتشير بيانات الاستثمار بدورها إلى ضعف الطلب، إذ توحي بانكماش يقارب 11% في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وفق تقديرات صادرة عن "جولدمان ساكس" و"كابيتال إيكونوميكس".
وبدأ التراجع في الإنفاق الرأسمالي منذ يونيو، ما حيّر الاقتصاديين نظراً لعدم اتساقه مع مؤشرات أخرى، ودفع بعضهم إلى طرح احتمال أن تكون السلطات قد شرعت مؤخراً في تصحيح مبالغات سابقة في البيانات الإحصائية.
كما يُظهر التفصيل الأحدث للبيانات تراجعاً نادراً في الاستثمار في البنية التحتية.
وتقلّصت قدرة الحكومات المحلية على الاستثمار بفعل تشديد بكين قبضتها على عمليات الاقتراض، في إطار مساعٍ لخفض المخاطر المالية. وفي الوقت نفسه، استحوذت حملة إعادة تمويل ما يُعرف بـ«الديون الخفية» على جزء كبير من الأموال المحصّلة من مبيعات السندات، إذ ارتفع إصدار السندات المحلية الخاصة الجديدة المخصّصة لبرنامج المبادلة بنحو 70% مقارنة بما كان مخططاً له في وقت سابق من هذا العام.
ويبدو أن ركود الاستثمار أطلق ناقوس الخطر لدى كبار القادة.
وخلال اجتماع سنوي محوري عُقد الأسبوع الماضي، تعهّد صانعو السياسات بوقف هذا التدهور، فيما دعا الرئيس شي جين بينغ أيضاً إلى إيلاء اهتمام أكبر بهذه المسألة. وقد تدفع السلطات باتجاه إطلاق مزيد من مشاريع البنية التحتية الكبرى العام المقبل في محاولة لتحقيق الاستقرار للنمو الاقتصادي.
في الاجتماعات المعنية بالسياسات التي عُقدت الأسبوع الماضي، وضع كبار القادة في الصين تعزيز الطلب المحلي على رأس أولوياتهم للعام الجديد، في إشارة إلى توخّي الحذر إزاء حالة عدم اليقين التي تكتنف التجارة الخارجية. ورغم التعهّد بمواصلة سياسات داعمة للنمو، لا يبدو أن إجراءات قوية أو غير تقليدية مطروحة في الوقت الراهن.
ويتوقع كثير من الاقتصاديين أن تحدد الحكومة هدف النمو السنوي عند نحو 5% في عام 2026 — وهو المستوى نفسه المسجل في 2025 — مع إطلاق حزمة تحفيز مالي بحجم مقارب لما تم تطبيقه هذا العام، وبعجز موازنة اسمي يبلغ 4%.
كما يُرجَّح أن يقدم بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة بوتيرة معتدلة العام المقبل، بعد اتباعه نهجاً حذراً في التيسير النقدي خلال معظم عام 2025، في وقت شهدت فيه أسواق الأسهم ارتفاعاً قوياً وازدهاراً في الصادرات.
ويرى غاري نغ، كبير الاقتصاديين في بنك «ناتيكسيس»، أن الخلاصة هي أن «سياسات الحكومة الداعمة للاستهلاك وسوق العقارات لا تزال بعيدة عن أن تكون كافية»، وذلك رغم أن الهدف الرسمي للاقتصاد يبدو في متناول اليد هذا العام.
وأضاف نغ: "في حين أن تحقيق هدف نمو حقيقي عند 5% يبدو شبه محسوم، فإن عام 2026 سيكون أكثر صعوبة بكثير إذا استمرت الضغوط الحالية".
انكمش نشاط المصانع في ولاية نيويورك على غير المتوقَّع في ديسمبر، بعد شهرين متتاليين من النمو القوي، في ظل تعثّر الطلبات وتراجع الشحنات.
وأظهرت بيانات صادرة يوم الاثنين عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن مؤشر الأوضاع العامة للأعمال تراجع بنحو 23 نقطة ليصل إلى سالب 3.9. وتشير القراءات دون الصفر إلى حالة انكماش، في حين كان متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج يشير إلى قراءة عند 10.
ورغم هذه الانتكاسة، تحسّنت التوقعات العامة للأشهر الستة المقبلة، إذ ارتفعت بمقدار 16.6 نقطة إلى أعلى مستوى لها منذ بداية العام، مدعومة بتفاؤل أكبر حيال الطلبات والشحنات. كما قفزت توقعات حجوزات الشراء إلى أعلى مستوى منذ عام 2022.
ويُعد هذا التحسّن في النظرة المستقبلية خبراً إيجابياً لقطاع التصنيع، الذي يعاني منذ فترة من ضعف الزخم نتيجة ارتفاع أسعار المدخلات، وتقلب الطلب، وعدم اليقين المرتبط بالسياسات التجارية.
كما أظهر تقرير الفيدرالي تراجع مؤشرات الأسعار الحالية للمواد الخام، إضافة إلى انخفاض مقياس الأسعار التي تتلقاها المصانع، ما يشير إلى تراجع الضغوط التضخمية. وهبط مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أدنى مستوى له منذ يناير، فيما سجّل مقياس التوظيف في المصانع تحسناً طفيفاً.
وجُمعت ردود الاستطلاع خلال الفترة من 2 إلى 9 ديسمبر.
قالت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، يوم الجمعة، إن الرسوم الجمركية يمكن أن ترفع بعض تكاليف المدخلات ولكنها لا تؤدي إلى تضخم واسع النطاق.
قالت بولسون في فعالية أقيمت في ويلمنجتون بولاية ديلاوير: "يشير التحليل الاقتصادي التقليدي إلى أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى انخفاض طفيف في النمو، وسترفع الأسعار، ولكن على الأرجح ليس بشكل مستدام يؤدي إلى تضخم متفاقم. إنه تغيير في تكلفة المدخلات يظهر في نهاية المطاف على الأسعار، ولكنه ليس بالضرورة أن يتسبب في تضخم واسع النطاق، وهذا ليس ما أراه يحدث الآن".
قفزت أسعار الفضة لليوم الرابع على التوالي، مدفوعة بتدفقات إلى الصناديق المتداولة ETFs، وسلوك المتداولين القائم على إتباع الزخم وضيق المعروض في السوق الفعلية، ما دفع المعدن الأبيض نحو أفضل أداء له منذ عام 1979.
ارتفعت الفضة إلى مستوى تاريخي فوق 64 دولاراً للأونصة صباح يوم الجمعة، مع تقلب الأسعار بشكل كبير. وقد سجلت الفضة مكاسب تقارب 10% هذا الأسبوع، مدعومة بإشارات تميل للتيسير النقدي من بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي قام بخفض الفائدة كما كان متوقعاً وأشار إلى علامات على ضعف في سوق العمل الأمريكي. وتعد أسعار الفائدة المنخفضة عاملاً مساعداً للمعدن الثمين الذي لا يدر فائدة مثل الفضة.
ورأى معظم المحللين أن حجم هذا الصعود يصعب ربطه بعامل واحد فقط. فقد تغذي زيادات الأسعار في الفضة أحياناً مزيداً من الارتفاع، إذ ينجذب المستثمرون الأفراد والمتداولون القائمون على إتباع الزخم إلى هذا المعدن المعروف بتقلباته الكبيرة.
يأتي ارتفاع أسعار هذا الأسبوع بعد شهرين فقط من دخول سوق الفضة في لندن في أزمة معروض حادة، حيث أدت التدفقات إلى الصناديق المتداولة وصادرات الفضة إلى الهند إلى تآكل المخزونات التي كانت منخفضة بالفعل بشكل حرج. ومنذ ذلك الحين، استقبلت خزائن لندن تدفقات كبيرة، لكن جزءًا كبيرًا من الفضة المتاحة عالميًا ما زال موجودًا في نيويورك، في انتظار نتائج تحقيق المادة 232 (من قانون التوسيع التجاري) في الولايات المتحدة، والذي قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية أو قيود تجارية على المعدن.
وكتب دانيال غالي من TD Securities في مذكرة يوم الخميس: "حتى تتضح الأمور، تواصل الفضة تشكيل قمة محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد. لا نتوقع رسوماً جمركية على الفضة بما يؤدي إلى إعادة إشعال ديناميكيات السيولة لصالح انخفاض حاد في الأسعار."
كما انخفضت نسبة الذهب إلى الفضة، التي يستخدمها المتداولون أحيانًا لتقييم مدى رخص المعدن الأبيض نسبيًا، إلى أدنى مستوى منذ عام 2021 يوم الخميس، عند حوالي 1 إلى 67.
أحد المؤشرات على الحماسة المضاربية كان مستوى شراء عقود خيارات الشراء (Call Options)، سواء على عقود الفضة الآجلة أو على الصناديق المتداولة (ETFs) التي تتبع حجم المعدن. وتمنح خيارات الشراء المشتري القدرة على شراء أصل مالي عند سعر محدد مسبقًا، وهي طريقة منخفضة التكلفة للمراهنة على ارتفاع الأسعار.
في صندوق iShares Silver Trust، أكبر صندوق تداول للفضة، وصل إجمالي المراكز المفتوحة من خيارات الشراء هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى له منذ عام 2020. كما ارتفعت تكلفة شراء خيارات الشراء مقارنة بتكلفة شراء خيارات البيع المكافئة، التي تحمي من انخفاض الأسعار، إلى أعلى مستوى لها منذ سنوات في الأسابيع الأخيرة.
وقد ساهمت المراكز الكبيرة في الخيارات على الفضة في تسريع الارتفاع. ففي يوم الخميس، كان هناك أكثر من 21,000 عقد شراء بسعر 57 دولارًا تنتهي آجلها في اليوم التالي.
رغم أن حركة أسعار الفضة قصيرة الأجل كانت "مبالغًا فيها"، فإن النظرة الأساسية طويلة الأجل تظل إيجابية، وفقًا لكارستن فريتش، محلل السلع في Commerzbank AG. وفي وقت سابق من الأسبوع، أصدر معهد الفضة — وهو جهة تجارية تمثل صناعة الفضة — تقريرًا أشار إلى نمو الاستهلاك في التطبيقات الصناعية، متوقعًا ارتفاعًا حادًا في الطلب على الخلايا الشمسية الكهروضوئية والسيارات الكهربائية.
عادةً ما تشجع الأسعار المرتفعة لمدخلات الإنتاج الشركات المصنعة على تحسين الكفاءة أو استبدال المواد، ويشير دانيال غالي من TD إلى أن القفزة الكبيرة في أسعار الفضة قد تؤثر بالفعل على الطلب الصناعي، مشيرًا إلى أن الفضة تمثل الآن نحو ربع تكلفة تركيب الخلايا الشمسية الكهروضوئية.
ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 120% هذا العام، متفوقة على مكاسب الذهب التي بلغت 65%. وكان من العوامل الرئيسية في صعود الفضة الأخير التدفقات إلى الصناديق المتداولة، التي أضافت نحو 35 مليون أونصة من الفضة خلال الشهر الماضي، وفقًا لحسابات بلومبرج.
وزادت الفضة بنسبة 0.8% لتصل إلى 64.05 دولارًا للأونصة حتى الساعة 12:59 ظهرًا بتوقيت لندن، بينما ارتفع الذهب بنسبة 1.1%. كما صعد كل من البلاتين والبلاديوم، فيما سجل مؤشر بلومبرج للدولار ارتفاعًا طفيفًا.
سجلت طلبات الحصول على إعانات البطالة في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أكبر زيادة منذ بداية جائحة كوفيد-19، بعد انخفاض كبير خلال أسبوع عطلة عيد الشكر.
فقد زادت الطلبات الأولية بمقدار 44,000 لتصل إلى 236,000 في الأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر، وفق بيانات وزارة العمل الأمريكية الصادرة يوم الخميس. وكانت هذه أكبر زيادة منذ مارس 2020، وجاءت بعد تسجيل أدنى مستوى للطلبات في أكثر من ثلاث سنوات في الأسبوع السابق. وتجاوز الرقم توقعات جميع الاقتصاديين تقريبًا في استطلاع بلومبرج باستثناء تقدير واحد.
وعادةً ما تكون الطلبات الأولية الأسبوعية متقلبة حول فترة العطلات، ومن المرجح أن تستمر هذه التقلبات حتى نهاية العام، إلا أن أرقام يوم الخميس تقع قرب الحد الأعلى من القراءات المسجلة خلال عام 2025. وقد أعلنت شركات مثل بيبسي واتش بي في الأسابيع الأخيرة عن خطط لتقليص عدد الموظفين، وكانت عمليات التسريح على الصعيد الوطني في أكتوبر الأعلى منذ أوائل 2023.
أما متوسط الطلبات الأولية على مدى أربعة أسابيع، وهو مقياس يساعد على تخفيف التقلبات، فقد ارتفع إلى 216,750 الأسبوع الماضي.
وقد ألقت المخاوف بشأن سوق العمل بثقلها على ثقة المستهلكين خلال الأشهر الأخيرة، حيث توقّع غالبية المشاركين في استطلاع أولي لشهر ديسمبر أجرته جامعة ميشيغان ارتفاع البطالة في العام المقبل.
وفي سياق متصل، خفّض مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في اجتماعهم الثالث على التوالي يوم الأربعاء لدعم ما وصفه الرئيس جيروم باول بسوق عمل "يتباطأ تدريجيًا". ورغم أن المسؤولين لم يتوقعوا ارتفاع البطالة في العام المقبل مقارنة بتوقعاتهم في سبتمبر، إلا أن باول حذر من أن سوق العمل يواجه “مخاطر هبوطية كبيرة”.
أما الطلبات المستمرة، وهي مقياس لعدد الأشخاص الذين يتلقون الإعانات، فقد انخفضت إلى 1.84 مليون في الأسبوع المنتهي في 29 نوفمبر، والذي شمل عطلة عيد الشكر.
انكمش العجز التجاري الأمريكي بشكل غير متوقع في سبتمبر ليصل إلى أدنى مستوى له منذ منتصف عام 2020، مع ارتفاع قوي في الصادرات.
فقد تقلص عجز الميزان التجاري للسلع والخدمات بنحو 11% مقارنة بالشهر السابق إلى 52.8 مليار دولار، وفق بيانات وزارة التجارة الصادرة يوم الخميس. وكان متوسط توقعات خبراء اقتصاديين استطلعت بلومبرج آرائهم يشير إلى عجز قدره 63.1 مليار دولار.
وارتفعت قيمة الصادرات الأمريكية بنسبة 3% لتسجّل ثاني أعلى مستوى لها على الإطلاق، مدفوعة بارتفاع شحنات الذهب غير النقدي والمستحضرات الدوائية. في المقابل، زادت الواردات بوتيرة أبطأ بلغت 0.6%. ويُذكر أن هذه الأرقام غير معدلة حسب التضخم.
وقد أدّت التقلبات الكبيرة في التجارة هذا العام، المرتبطة بتطبيق الرسوم الجمركية الأمريكية، إلى تقلبات مماثلة في مقياس النشاط الاقتصادي للحكومة — الناتج المحلي الإجمالي. وستساعد بيانات التجارة لشهر سبتمبر الاقتصاديين على تعديل تقديراتهم لنمو الناتج المحلي في الربع الثالث.
وقبل صدور التقرير الشهري، كان نموذج GDPNow التابع لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا يتوقع أن يساهم صافي الصادرات بنحو 0.86 نقطة مئوية في نمو الربع الثالث.
أجرى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي ثالث خفض على التوالي لأسعار الفائدة، مع الإبقاء على توقعاتهم بإجراء خفض واحد فقط خلال عام 2026.
وصوّتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، بأغلبية 9 أصوات مقابل 3 يوم الأربعاء، على خفض سعر الفائدة الرئيسي على الأموال الفيدرالية إلى نطاق 3.5% – 3.75%. كما عدّلت اللجنة بشكل طفيف صياغة بيانها، في إشارة إلى قدر أكبر من عدم اليقين بشأن توقيت أي خفض جديد محتمل للفائدة.
وتسلّط الأصوات المعارضة وتوقعات أسعار الفائدة الضوء على انقسامات بين صانعي السياسة النقدية حول ما إذا كان ضعف سوق العمل أو استمرار الضغوط التضخمية هو الخطر الأكبر الذي يواجه الاقتصاد الأمريكي.
وفي بيان أكتوبر، أوضحت اللجنة العوامل التي ستأخذها في الاعتبار «عند النظر في تعديلات إضافية» على سعر الفائدة القياسي. أما في بيان الأربعاء، فقد عادت إلى الصياغة التي استُخدمت في ديسمبر الماضي — قبيل وقف خفض الفائدة — بالإشارة إلى "النظر في مدى وتوقيت أي تعديلات إضافية".
ويمثل هذا القرار المرة الأولى منذ عام 2019 التي يصوّت فيها ثلاثة مسؤولين ضد قرار السياسة النقدية، مع اعتراضات جاءت من طرفي النقيض داخل اللجنة. وقد ارتفع مؤشر إس آند بي 500 عقب القرار، في حين تراجعت عوائد السندات الأمريكية والدولار.
وصوّت اثنان من رؤساء فروع الاحتياطي الفيدرالي— أوستن غولسبي من شيكاغو وجيف شميد من كانساس سيتي — ضد القرار، مفضلَين الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. في المقابل، جدّد العضو في مجلس محافظي البنك ستيفن ميران، الذي عيّنه الرئيس ترامب في سبتمبر، اعتراضه داعيًا إلى خفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية.
كما وافق مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على تنفيذ مشتريات جديدة من أذون الخزانة قصيرة الأجل للحفاظ على مستوى «وافٍ» من احتياطيات البنوك.
ومن المقرر أن يعقد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مؤتمرًا صحفيًا في الساعة 2:30 ظهرًا بتوقيت واشنطن.
وجاء قرار خفض الفائدة في ظل احتدام الخلافات داخل اللجنة خلال الأسابيع الأخيرة. فبعد خفض أكتوبر، حذر عدد من المسؤولين من استمرار الضغوط التضخمية، ما عكس ترددهم في دعم خفض إضافي، بينما ركز آخرون على ضعف سوق العمل مطالبين بخفض آخر على الأقل.
وتساعد البيانات المتضاربة في تفسير غياب الإجماع داخل اللجنة منذ يونيو. فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.4% في سبتمبر مقارنة بـ 4.1% في يونيو، في حين ارتفعت الأسعار — وفق مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي — بنسبة 2.8% خلال الاثني عشر شهرًا حتى سبتمبر، وهو مستوى لا يزال أعلى بوضوح من هدف البنك البالغ 2%.
كما زاد الإغلاق الحكومي من تعقيد المشهد، بعدما أدى إلى تأخير نشر بيانات اقتصادية رئيسية.
ورغم الانقسامات والضبابية الاقتصادية، كان المستثمرون يتوقعون خفضًا للفائدة يوم الأربعاء، لا سيما بعد أن أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز، المقرب من باول، إلى دعمه خفض الفائدة في ديسمبر خلال خطاب ألقاه في 21 نوفمبر.
توقعات جديدة
أشارت التوقعات الاقتصادية الجديدة إلى أن متوسط آراء المسؤولين يرجّح خفضًا واحدًا في 2026 وآخر في 2027، غير أن الانقسام حول مسار الفائدة لا يزال حادًا. إذ أبدى سبعة مسؤولين تفضيلهم الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير طوال عام 2026، بينما أشار ثمانية إلى دعمهم لخفضين على الأقل.
وفي الوقت ذاته، رفع المسؤولون متوسط تقديراتهم لنمو الاقتصاد في 2026 إلى 2.3% مقارنة بـ 1.8% في توقعات سبتمبر، كما توقعوا تراجع التضخم إلى 2.4% العام المقبل، انخفاضًا من 2.6% في التقديرات السابقة.
ويأتي القرار أيضًا بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه حسم قراره بشأن مرشحه لخلافة باول عند انتهاء ولايته في مايو، مشيرًا إلى أن الإعلان سيتم مطلع العام المقبل. وقد كثف البيت الأبيض انتقاداته للاحتياطي الفيدرالي بسبب ما يعتبره تباطؤًا في خفض أسعار الفائدة، ما أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي.
ووافق مسؤولو الفيدرالي على بدء مشتريات أذون الخزانة الجديدة اعتبارًا من 12 ديسمبر، وهي خطوة توقعتها العديد من بنوك وول ستريت لدعم السيولة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
ومنذ عام 2022 وحتى هذا الشهر، كان الاحتياطي الفيدرالي يعمل على تقليص حيازته من السندات بهدف الوصول إلى أصغر حجم ممكن دون التسبب في اضطرابات بأسواق النقد.
أبقى البنك المركزي الكندي أسعار الفائدة دون تغيير، مشيرًا إلى أنه رغم أن الاقتصاد يبدو أكثر صلابة مما كان متوقعًا في السابق، فإن إبقاء تكلفة الاقتراض عند المستوى الحالي لا يزال مناسبًا للتخفيف من آثار الحرب التجارية.
حافظ صناع السياسة بقيادة المحافظ تيف ماكليم على معدل الفائدة الرئيسي عند 2.25% يوم الأربعاء، كما كان متوقعًا على نطاق واسع من قبل الأسواق واستطلاع بلومبرج للاقتصاديين.
وقال ماكليم إنه على الرغم من أن البيانات الأخيرة تُظهر أن الاقتصاد الكندي "يثبت صموده بشكل عام" في مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية، إلا أن البنك لا يزال يرى "قدرة اقتصادية غير مستغلة" تبقي التضخم قريبًا من مستهدف البنك البالغ 2%.
وفي البيان، أكد البنك أن معدل الفائدة الحالي "في المستوى المناسب تقريبًا" إذا ما تحقق توقعه لشهر أكتوبر، وقال إنه يعتقد أن إبقاء تكلفة الاقتراض "في الحد الأدنى من النطاق المحايد كان مناسبًا".
كما كرر البنك أنه "مستعد للرد" إذا تغيرت توقعات الاقتصاد.
تشير البيانات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الكندي كان أقوى مما كان متوقعًا، حيث أضاف سوق العمل 181,000 وظيفة خلال ثلاثة أشهر، ونما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الربع الثالث بنسبة 2.6% سنويًا بشكل مفاجئ.
وفي تصريحاته للصحفيين، قال ماكليم إن التعديلات الأخيرة على الناتج المحلي الإجمالي لكندا للأعوام 2022 و2023 و2024 قد تفسر "بعض المرونة" التي يلاحظها البنك، وتُشير إلى أن الاقتصاد الكندي "كان أكثر صحة مما كنا نعتقد قبل أن نتأثر بصراع التجارة مع الولايات المتحدة".
وفي الوقت نفسه، تجنب ماكليم القول ما إذا كان البنك يرى أن فجوة الإنتاج أصبحت أضيق نتيجة هذه التعديلات، موضحًا بدلًا من ذلك أن التغيرات "تشير إلى أن كلًا من الطلب والقدرة الاقتصادية كانا أعلى مع بداية هذا العام".
وأضاف ماكليم: "بينما أثرت المعلومات الجديدة منذ القرار الأخير على ديناميكيات نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير، إلا أنها لم تغير وجهة نظرنا بأن الناتج المحلي الإجمالي سيتوسع بوتيرة معتدلة في 2026 وأن التضخم سيظل قريبًا من الهدف".
تشير سلسلة التصريحات المحايدة إلى أن البنك المركزي مرتاح للحفاظ على تكلفة الاقتراض عند المستوى الحالي ما لم تحدث تغييرات كبيرة في التضخم والنمو. ورغم الاعتراف بأن الاقتصاد قد يكون أكثر صلابة مما كان يعتقد سابقًا، فإن تصريحات المحافظ تشير إلى أن البنك يرى تغيّرًا طفيفًا في فجوة الإنتاج.
وأشار ماكليم إلى أن البنك سيأخذ أيضًا الميزانية الفيدرالية الأولى لرئيس الوزراء مارك كارني في الاعتبار ضمن توقعاته الجديدة في يناير، لكنه قال أيضًا إن تعزيز الحكومة للإنفاق الدفاعي وإجراءات الاستثمار سيساهم في "كل من الطلب والعرض في الاقتصاد".
ويرى البنك أن المراجعة المقبلة لاتفاقية التجارة لأمريكا الشمالية وتكيف الاقتصاد مع الرسوم الجمركية الأعلى تضيف إلى حالة عدم اليقين، مشيرًا إلى أن التقلبات الأخيرة في البيانات الاقتصادية تعقد الصورة أيضًا.
وقال: "التقلب الذي نشهده في التجارة والناتج المحلي الإجمالي ربع السنوي يجعل من الصعب تقييم الزخم الأساسي للاقتصاد".
وفي البيان، أشار البنك إلى أن سوق العمل يظهر "بعض علامات التحسن"، مشيدًا بالقوة التي سجلتها الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وانخفاض معدل البطالة، لكنه لاحظ أيضًا تراجع نوايا التوظيف وضعف القطاعات الحساسة للتجارة.
ارتفعت عوائد السندات العالمية إلى مستويات لم تُسجَّل منذ عام 2009، قبيل اجتماع مهم لبنك الاحتياطي الفيدرالي، في إشارة إلى تنامي المخاوف من أن دورات خفض أسعار الفائدة ـ من الولايات المتحدة إلى أستراليا ـ قد تكون شارفت على نهايتها.
وقد عادت العوائد على مؤشر بلومبرج للسندات الحكومية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها في 16 عاماً، وهو ما تعكسه أيضاً رهانات أسواق النقد. إذ بات المتعاملون يستبعدون عملياً أي تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، في حين يراهنون على رفع شبه أكيد للفائدة في اليابان خلال هذا الشهر، إلى جانب زيادتين بمقدار ربع نقطة مئوية في أستراليا خلال العام المقبل.
وحتى في الولايات المتحدة، حيث يُتوقَّع أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الفائدة يوم الأربعاء، فإن الصورة المستقبلية للسياسة النقدية تشهد تغيراً سريعاً. فقد ارتفعت عوائد السندات الأميركية لأجل 30 عاماً مجدداً إلى أعلى مستوياتها منذ عدة أشهر، في ظل تزايد قلق المستثمرين حيال توقعات السياسة النقدية والتضخم والانضباط المالي.
وارتفع مقياس للأسعار يراقبه الاحتياطي الفيدرالي إلى 2.8% في سبتمبر، أي أعلى بنحو نقطة مئوية كاملة تقريباً من مستهدف البنك المركزي. كما أن مخاوف تتعلق باستقلالية رئيس الاحتياطي الفيدرالي المقبل تدفع بعض المستثمرين إلى بناء علاوة مخاطرة عبر منحنى السندات الأمريكية، في وقت تفرض فيه عمليات الاقتراض اللازمة لسد عجز في الميزانية قدره 1.8 تريليون دولار ضغوطاً على سوق السندات.
وكتب روبرت تيب، كبير استراتيجيي الاستثمار ورئيس قطاع السندات العالمية في PGIM لإدارة الدخل الثابت، أن «معاملات خيبة الأمل» تتكشف عبر عدد من الأسواق المتقدمة، مع إدراك المستثمرين أن دورات خفض الفائدة التي أطلقتها البنوك المركزية قد تكون على وشك الانتهاء. وأضاف أن أسعار الفائدة الأمريكية طويلة الأجل تواجه بدورها ظروفاً صعبة، مع احتمال اقتراب نهاية دورة التيسير النقدي للاحتياطي الفيدرالي.
ويعكس هذا التحول في الأسواق قناعة متزايدة بأن دورة خفض الفائدة — التي أُطلقت العام الماضي لتحفيز النمو وأسهمت في دفع أسواق الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية وتعزيز أسعار السندات — تقترب من نهايتها. ويعيد مستثمرو السندات تقييم آفاق النمو العالمي، ويدرسون مخاطر التضخم في ظل الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، إلى جانب الارتفاع الحاد في الديون الحكومية من طوكيو إلى لندن.
كما ارتفعت عوائد السندات من اليابان إلى ألمانيا إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، مع تعرض الديون طويلة الأجل لأكبر الضغوط بسبب توقعات زيادة إصدارات الدين. واستجابة لتغير طلب المستثمرين، تتجه كل من اليابان والمملكة المتحدة إلى تعزيز الاقتراض قصير الأجل.
ضغوط متزايدة
تتجه الأنظار إلى السندات الأمريكية قبل ساعات فقط من اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، حيث يُتوقع أن يقر صانعو السياسة ثالث خفض متتالٍ للفائدة. وتحوم عوائد السندات لأجل 10 سنوات حول أعلى مستوياتها منذ سبتمبر، في ظاهرة غير معتادة تعكس مخاوف متزايدة بشأن حجم الدين الأمريكي والاسم الذي قد يخلف جيروم باول عند انتهاء ولايته في مايو.
وقد برز مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، كيفن هاسيت، بوصفه المرشح الأوفر حظاً، وهو يُعد على نطاق واسع من الداعمين لتوجه ترامب نحو أسعار فائدة أقل.
وكتب غوردون شانون، مدير المحافظ الاستثمارية في شركة TwentyFour لإدارة الأصول: «شهدنا في الأيام الأخيرة ما يمكن وصفه بـ(رهان هاسيت)، حيث جرى تسعير توقعات تيسير السياسة النقدية مع ضعف الدولار، وانحدار أكثر حدة في منحنى العائد، وارتفاع الأصول التي تنطوي على مخاطر». لكنه أضاف: "مع ذلك، تبدو الأسواق مترددة في الذهاب بعيداً في هذا الاتجاه — فحتى احتياطي فيدرالي بقيادة هاسيت قد يكون مقيداً باستمرار الضغوط التضخمية".
في الوقت الراهن، ترسل أسواق السندات العالمية إشارات واضحة إلى أن ضغوط تكاليف الاقتراض ستظل قائمة.
ففي ألمانيا، يستعد المشرّعون للموافقة الأسبوع المقبل على طلبات إنفاق عسكري قياسية بقيمة 52 مليار يورو (نحو 61 مليار دولار)، بينما لا يزال المستثمرون يستوعبون أكبر دفعة إنفاق في اليابان منذ تخفيف قيود الجائحة. أما في سيدني، فقد استبعدت عملياً محافظة البنك المركزي الأسترالي، ميشيل بولوك، أي خفض لأسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى تحول سريع في التوقعات ودفع عوائد السندات الأسترالية إلى الأعلى بين نظرائها في الاقتصادات المتقدمة.
وقالت إيمي شي باتريك، رئيسة استراتيجيات الدخل في شركة إدارة الأصول «بندال غروب»: "هذا الارتفاع في العوائد يعكس توقعات بنمو أقوى، لأن العالم على الأرجح سيتجه إلى سياسة مالية أكثر توسعاً خلال العام المقبل".