
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
واجه المحامي الممثل لإدارة دونالد ترامب يوم الأربعاء أسئلة صعبة من قضاة المحكمة العليا الأمريكية، سواء من التيار المحافظ أو الليبرالي، حول قانونية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الجمهوري — في قضية تحمل انعكاسات على الاقتصاد العالمي وتشكل اختبارًا رئيسيًا لصلاحيات ترامب الرئاسية.
وخلال الجلسة، ضغط القضاة على المحامي العام الأمريكي دي. جون ساور، الذي يترافع باسم الإدارة، متسائلين عما إذا كان ترامب قد تجاوز صلاحيات الكونجرس عندما فرض الرسوم استنادًا إلى قانون صدر عام 1977 مخصص لحالات الطوارئ الوطنية.
كما سأل القضاة ساور عما إذا كان تطبيق ترامب لهذا القانون لفرض رسوم مفتوحة المدة وغير محدودة يمثل إجراءً ضخمًا من السلطة التنفيذية يتطلب تفويضًا واضحًا من الكونجرس — في إشارة إلى ما يُعرف بـ مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine) الذي ينص على أن القرارات التنفيذية ذات الأثر الاقتصادي والسياسي الواسع يجب أن تستند إلى تفويض تشريعي صريح.
القضية المعروضة أمام المحكمة جاءت بعد أن أقرت محاكم أدنى بأن استخدام ترامب غير المسبوق لذلك القانون تجاوز سلطاته، ما دفع إدارته لتقديم استئناف أمام المحكمة العليا. وكانت شركات أمريكية تضررت من الرسوم إلى جانب 12 ولاية (معظمها ديمقراطية) قد رفعت الدعوى ضد تلك الإجراءات.
الرسوم — وهي بمثابة ضرائب على السلع المستوردة — يمكن أن تُدر على الولايات المتحدة تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل.
ويمارس ترامب ضغوطًا على المحكمة العليا، ذات الأغلبية المحافظة (6-3)، من أجل الإبقاء على الرسوم التي يعتبرها أداة محورية في سياساته الاقتصادية والخارجية.
حتى بعض القضاة المحافظين وجهوا أسئلة نقدية إلى نيل كاتيال، محامي الشركات التي تطعن في تلك الرسوم.
واستهل ساور مرافعته مدافعًا عن الأساس القانوني الذي اعتمد عليه الرئيس، لكنه واجه سريعًا شكوكًا من القضاة حول تفسير الإدارة للغة القانون وهدفه.
يُذكر أن ترامب استند إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لفرض الرسوم على معظم شركاء التجارة الأمريكيين. ويمنح هذا القانون الرئيس صلاحيات لتنظيم التجارة في حالات الطوارئ الوطنية.
قال ساور إن ترامب رأى أن عجز الميزان التجاري الأمريكي أوصل البلاد إلى شفا كارثة اقتصادية وأمنية وطنية. وأضاف أن فرض الرسوم الجمركية ساعد الرئيس في التفاوض على اتفاقيات تجارية، محذرًا من أن إلغاء تلك الرسوم أو الاتفاقيات “سيعرّضنا لانتقام تجاري شرس من دول أكثر عدوانية، ويدفع أمريكا من موقع القوة إلى الفشل، مع عواقب مدمّرة اقتصاديًا وأمنيًا”.
يُذكر أن الدستور الأمريكي يمنح الكونجرس، وليس الرئيس، سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية. لكن إدارة ترامب تجادل بأن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يمنح الرئيس صلاحية "تنظيم" الواردات في مواجهة حالات الطوارئ، وهو ما يبرّر، بحسبها، فرض الرسوم.
إلا أن رئيس المحكمة العليا المحافظ جون روبرتس قال لساور إن فرض الضرائب على الأمريكيين كان دائمًا من الصلاحيات الجوهرية للكونجرس، مضيفًا أن هذه الرسوم تبدو في جوهرها وسيلة لجمع الإيرادات، وهو أمر يختص به الكونغجس بموجب الدستور.
بدورها، القاضية المحافظة آمي كوني باريت تساءلت عن تفسير ساور لعبارة “تنظيم الاستيراد” في القانون، معتبرة أن من غير الواضح أن هذه العبارة تمنح الرئيس سلطة فرض رسوم جمركية. وسألته قائلة: “هل يمكنك الإشارة إلى أي موضع آخر في القانون أو في التاريخ استخدمت فيه عبارة ‘تنظيم الاستيراد’ لتفويض سلطة فرض الرسوم الجمركية؟”
ويُعد ترامب أول رئيس يستخدم قانون الصلاحيات الطارئة لفرض رسوم جمركية، وهو ما يندرج ضمن سلسلة من الإجراءات التي وسّع فيها نطاق سلطاته التنفيذية منذ عودته إلى البيت الأبيض، سواء عبر تشديد سياسات الهجرة، أو إقالة مسؤولين في الوكالات الفدرالية، أو نشر قوات داخلية.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قبل المرافعات إنه حتى لو حكمت المحكمة العليا ضد استخدام ترامب للقانون ، فمن المرجّح أن تظل الرسوم قائمة لأن الإدارة يمكنها الاعتماد على قوانين أخرى كأساس قانوني بديل.
وفي هذا السياق، طرح القاضي المحافظ صموئيل أليتو تساؤلًا حول المادة 338 من قانون الرسوم الجمركية لعام 1930، مشيرًا إلى أنها قد تشكل أساسًا قانونيًا بديلاً لرسوم ترامب. ويُذكر أن ترامب فرض رسومًا إضافية أخرى استنادًا إلى تشريعات مختلفة، لكنها ليست محل نزاع في هذه القضية.
وكان ترامب قد أشعل حربًا تجارية عالمية فور عودته إلى الرئاسة في يناير، ما أثار توترات مع الشركاء التجاريين، وزاد من تقلبات الأسواق المالية، وعمّق حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
مبدأ "القضايا الكبرى" (Major Questions Doctrine)
طبّقت المحكمة العليا الأمريكية مبدأ “القضايا الكبرى” في السابق لإبطال سياسات رئيسٍ ديمقراطي سابق هو جو بايدن، إذ ينص هذا المبدأ على أن أي إجراء تنفيذي له تأثير اقتصادي أو سياسي واسع النطاق يجب أن يكون مفوضًا بوضوح من الكونجرس.
وقال المحامي جون ساور، ممثل إدارة ترامب، إن إجراءات الرئيس بفرض الرسوم الجمركية لا تنتهك هذا المبدأ، معتبرًا أن القانون الذي استند إليه يمنحه الصلاحية لتنظيم الواردات في حالات الطوارئ. إلا أن محكمة أدنى درجة كانت قد رأت العكس، معتبرة أن الرسوم تتعارض مع مبدأ القضايا الكبرى وبالتالي غير مشروعة.
وخلال جلسة المرافعة، تساءل بعض القضاة عما إذا كانت رسوم ترامب ستصمد أمام هذا المبدأ، مشيرين إلى أن الكونجرس لم يذكر صراحةً كلمة “رسوم” في القانون محل النزاع.
وطلب رئيس المحكمة العليا جون روبرتس من ساور تفسير سبب عدم انطباق مبدأ القضايا الكبرى على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بموجب هذا القانون، قائلاً: “إن التبرير المستخدم يمنح سلطة فرض رسوم على أي منتج، من أي دولة، وبأي مقدار، ولأي مدة. لا أقول إن ذلك مستحيل، لكنه يبدو سلطة ضخمة، والأساس القانوني لهذا الادعاء لا يبدو مناسبًا تمامًا. فلماذا لا ينطبق المبدأ إذن؟”
ورد ساور بأن هذا المبدأ لا يُطبّق في سياق العلاقات الخارجية، لكن روبرتس شكك في ذلك، قائلاً إن صلاحيات الرئيس في السياسة الخارجية لا يمكن أن تتجاوز صلاحيات الكونجرس الجوهرية، مضيفًا: “الأداة هنا هي فرض ضرائب على الأمريكيين، وهذه كانت دائمًا من السلطات الأساسية للكونجرس.”
تاريخيًا، تميل المحكمة العليا إلى منح الرئيس هامشًا واسعًا في إدارة السياسة الخارجية، وهو ما أشار إليه روبرتس أثناء استجوابه للمحامي نيل كاتيال، الذي يمثّل الشركات المعارضة للرسوم.
وسأل روبرتس كاتيال: “صحيح أن الرسوم تُعد نوعًا من الضرائب، وهي من صلاحيات الكونجرس، لكنها ضريبة موجهة نحو الخارج، أليس كذلك؟ والسياسة الخارجية هي من صلاحيات السلطة التنفيذية.”
وأشار روبرتس إلى أن رسوم ترامب منحت إدارته بلا شك ورقة ضغط في المفاوضات التجارية الدولية، لكن كاتيال رد قائلاً إن صلاحيات الرئيس في حالات الطوارئ ليست بلا حدود، وأن الجمهور بحاجة إلى معرفة أين تنتهي هذه الحدود.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا وقفت إلى جانب ترامب في عدة قرارات طارئة هذا العام. ورغم أن المحكمة عادةً ما تستغرق أشهرًا لإصدار أحكامها بعد سماع المرافعات، فإن إدارة ترامب طلبت منها البت سريعًا في هذه القضية نظرًا لأثرها الاقتصادي الواسع.
صلاحيات الرئاسة
وجهت القاضية الليبرالية إيلينا كاغان أسئلة حادة إلى ساور بشأن ادعائه أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تستند إلى الصلاحيات الدستورية الأصيلة للرئيس.
وقالت كاغان إن سلطة فرض الضرائب وتنظيم التجارة الخارجية تُعد عادةً من السلطات الجوهرية (الأساسية) التي تعود إلى الكونجرس، لا إلى الرئيس.
من جانبها، أكدت القاضية الليبرالية كيتانجي براون جاكسون أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) كان يهدف في الأصل إلى تقييد صلاحيات الرئيس، لا إلى توسيعها.
وقالت جاكسون: "من الواضح جدًا أن الكونجرس كان يحاول تقييد سلطات الطوارئ الممنوحة للرئيس، وليس العكس."
أما القاضي المحافظ بريت كافانو، فقد أبدى ميلًا نسبيًا لتأييد موقف ترامب، مشيرًا إلى أن الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون كان قد فرض رسومًا جمركية عالمية في سبعينيات القرن الماضي استنادًا إلى قانون سابق لقانون الصلاحيات الطارئة IEEPA يحتوي على لغة مشابهة لعبارة “تنظيم الاستيراد".
وقال كافانو لساور: "هذا مثال جيد يمكنك الاستناد إليه."
“غير معقول إطلاقًا”
قال المحامي نيل كاتيال أمام قضاة المحكمة العليا إن التفسير الذي تقدّمه إدارة ترامب لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) يفتقر إلى المنطق السليم، مؤكدًا: “من غير المعقول إطلاقًا أن يكون الكونجرس، عند إقراره لقانون IEEPA، قد منح الرئيس سلطة لإعادة هيكلة النظام الجمركي الأمريكي بأكمله — وبالتالي الاقتصاد الأمريكي برمّته.”
وأشار القاضي المحافظ نيل غورساتش في أسئلته إلى أنه يرى أن ادعاءات ساور بشأن اتساع صلاحيات الرئيس في الشؤون الخارجية قد تهدد مبدأ الفصل بين السلطات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وسأل غورساتش متعجبًا: "ما الذي سيمنع الكونجرس من التنازل عن كامل مسؤوليته في تنظيم التجارة الخارجية — أو حتى في إعلان الحرب — للرئيس؟”
وأضاف غورساتش أن الكونجرس لن يتمكن عمليًا من استعادة سلطته على الرسوم الجمركية إذا تم تفسير القانون على أنه يمنح تلك السلطة للرئيس، معتبرًا أن هذا التوجه سيكون بمثابة: "مسار أحادي باتجاه تركيز تدريجي ودائم للسلطة في يد السلطة التنفيذية، على حساب الممثلين المنتخبين للشعب."
ووفقًا لبيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، فقد جمعت الرسوم المفروضة بموجب قانون IEEPA نحو 89 مليار دولار بين 4 فبراير و23 سبتمبر، وهو أحدث تاريخ تتوفر له البيانات.
وكان ترامب قد استند إلى القانون لفرض رسوم جمركية على واردات من دول عدة، مبررًا ذلك بأنه يتعامل مع “حالة طوارئ وطنية” ناجمة عن العجز التجاري الأمريكي. كما استخدم القانون في فبراير كوسيلة ضغط اقتصادية على الصين وكندا والمكسيك للحد من تهريب مسكن الألم فنتانيل والمخدرات غير المشروعة إلى الولايات المتحدة. وقد استخدم ترامب الرسوم الجمركية كورقة تفاوضية لانتزاع تنازلات وإعادة التفاوض على اتفاقيات تجارية، وأيضًا كأداة لمعاقبة دول أثارت غضبه حتى في قضايا غير تجارية.
يُذكر أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة يمنح الرئيس سلطة التعامل مع “تهديد غير عادي واستثنائي” في حال إعلان حالة طوارئ وطنية، لكنه استُخدم تاريخيًا لفرض عقوبات على أعداء الولايات المتحدة أو لتجميد أصولهم، لا لفرض رسوم جمركية.
وعند إقراره، حرص الكونجرس على تقييد سلطات الرئيس أكثر مما كانت عليه في القانون السابق له، وليس توسيعها.
توسع نشاط قطاع الخدمات في الولايات المتحدة في أكتوبر بأسرع وتيرة منذ ثمانية أشهر، مدفوعًا بزيادة سريعة في نمو الطلبيات الجديدة.
وارتفع مؤشر الخدمات الذي يعده معهد إدارة التوريد بمقدار 2.4 نقطة ليصل إلى 52.4 نقطة في الشهر الماضي. وتشير القراءات التي تتجاوز مستوى الخمسين نقطة إلى توسع الجزء الأكبر من الاقتصاد الأمريكي، كما تجاوزت القراءة الأخيرة جميع توقعات الاقتصاديين في استطلاع بلومبرج.
وارتفع مؤشر الطلبيات الجديدة بمقدار 5.8 نقاط ليبلغ أعلى مستوى له في عام عند 56.2 نقطة، بينما صعد مؤشر نشاط الأعمال – الذي يوازي مؤشر الإنتاج الصناعي لدى المعهد – إلى 54.3 نقطة، عائدًا بذلك إلى منطقة التوسع بعد ارتفاعه بـ 4.4 نقاط.
وقد تزامن هذا الانتعاش في الطلب مع تصاعد الضغوط التضخمية؛ إذ ارتفع مؤشر الأسعار المدفوعة إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند 70 نقطة، مما يشير إلى أن قطاع الخدمات يتحمل الآن العبء الأكبر من ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال ستيف ميلر، رئيس لجنة مسح أعمال قطاع الخدمات في المعهد، في بيان: "استمر المشاركون في الإشارة إلى تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار المدفوعة. ولم تظهر دلائل على وجود عمليات تسريح واسعة للعمالة، لكن تم ذكر الإغلاق الحكومي الفيدرالي عدة مرات باعتباره عاملًا يؤثر في النشاط التجاري ويثير القلق بشأن تسريحات محتملة مستقبلًا."
ورغم ذلك، قد تكون هناك بوادر ارتياح خلال الأشهر المقبلة؛ إذ أظهر تقرير القطاع الصناعي الصادر عن المعهد يوم الاثنين أن الضغوط السعرية على المنتجين ما زالت تتراجع، وهو اتجاه قد يمتد لاحقًا إلى قطاع الخدمات.
وشهدت 11 صناعة خدمية توسعًا في نشاطها الشهر الماضي، تتصدرها الخدمات الفندقية والغذائية، وتجارة التجزئة، وتجارة الجملة، في حين انكمشت ست صناعات أخرى.
كما أظهر التقرير أن التوظيف في قطاع الخدمات بدأ يستقر، حيث ارتفع المؤشر الفرعي للتوظيف إلى أعلى مستوى في خمسة أشهر عند 48.2 نقطة — ما يشير إلى استمرار الانكماش في فرص العمل، ولكن بوتيرة أبطأ.
ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات معهد ايه.دي.بي ADP للأبحاث الصادرة يوم الأربعاء أن التوظيف في الشركات الأمريكية ارتفع في أكتوبر للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. ورغم أن هذا الارتفاع الطفيف يخفف من المخاوف بشأن تدهور أسرع في سوق العمل، إلا أنه يتماشى مع تباطؤ عام في الطلب على العمالة.
زاد التوظيف لدى الشركات الأمريكية في أكتوبر، في إشارة إلى بعض الاستقرار في سوق العمل بعد شهرين متتاليين من الانكماش.
فقد ارتفعت وظائف القطاع الخاص بمقدار 42 ألف وظيفة بعد انخفاض معدّل قدره 29 ألف وظيفة في الشهر السابق، وفقًا لبيانات معهد ايه.دي.بي ADP للأبحاث الصادرة يوم الأربعاء. وكان متوسط تقديرات الاقتصاديين في استطلاع أجرته بلومبرج يشير إلى زيادة قدرها 30 ألف وظيفة.
ويُعدّ تقرير ADP أحد المؤشرات القليلة المتاحة شهريًا عن سوق العمل، في ظل أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الذي أدى إلى تأخير صدور البيانات الاقتصادية الرسمية. وبينما تساعد هذه الأرقام على تهدئة المخاوف من تدهور أسرع في سوق العمل، فإن الزيادة الطفيفة في الوظائف الشهر الماضي تتماشى مع تباطؤ عام في الطلب على العمالة.
وقالت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في "ايه.دي.بي "والمساهمة في قناة بلومبرج، في بيان: "التوظيف كان متواضعًا مقارنة بما سجلناه في وقت سابق من هذا العام، بينما ظل نمو الأجور شبه ثابت لأكثر من عام، مما يشير إلى توازن بين المعروض والطلب."
ومع ذلك، فإن الإعلانات الأخيرة عن عمليات تسريح واسعة من شركات كبرى مثل أمازون وستاربكس وتارجت، زادت من القلق بشأن وضع سوق العمل. وعلى الرغم من أن طلبات إعانات البطالة ما زالت منخفضة نسبيًا، فإن بيئة العمل التي تتسم بانخفاض معدلات التسريح قد تتحول إلى موجة فصل أوسع ترفع معدلات البطالة في الأشهر المقبلة.
وبعد أن خفّض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي للمرة الثانية على التوالي، قال رئيسه جيروم باول إنه يرى "تباطؤًا تدريجيًا جدًا" في سوق العمل، "لا أكثر من ذلك". وأضاف أن خفضًا جديدًا للفائدة في اجتماع ديسمبر ليس أمرًا مؤكدًا.
ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر أمام اليورو يوم الثلاثاء، حيث أثارت انقسامات داخل الاحتياطي الفيدرالي الشكوك بشأن احتمال خفض جديد لأسعار الفائدة هذا العام، فيما دفع العزوف عن المخاطر المستثمرين نحو الطلب على العملة الأمريكية.
في المقابل، هبط الجنيه الإسترليني بعدما أشارت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز إلى "خيارات صعبة" في موازنتها المقبلة.
وكانت معنويات الأسواق أكثر قتامة، إذ تراجعت الأسهم، وارتفع الطلب على السندات الحكومية، بينما صعدت العملات الآمنة مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
وقال مايكل براون، كبير استراتيجيي الأبحاث في شركة Pepperstone: "يبدو أن ما نشهده هو ببساطة اندفاع كلاسيكي نحو الملاذات الآمنة"، مشيرًا إلى قوة الدولار والين في الوقت نفسه.
وتراجع اليورو للجلسة الخامسة على التوالي بنسبة 0.3% إلى 1.148 دولار، وهو أضعف مستوى منذ الأول من أغسطس. أما مقابل الين، فانخفض الدولار بنسبة 0.5%، في حين ظلّت العملة اليابانية قريبة من أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر ونصف.
وأضاف براون: "رغم كل الحديث عن 'موت الدولار'، فإنه لا يزال يُعتبر أفضل ملاذ آمن في نظر المشاركين في الأسواق."
كما تراجع الدولار الأسترالي بنسبة 0.7% إلى 0.6496 دولار أمريكي، بعدما أبقى البنك المركزي الأسترالي سعر الفائدة دون تغيير عند 3.60% وأبدى حذرًا بشأن أي تيسير إضافي.
وانخفضت العملة المشفّرة البيتكوين بنسبة 2% إلى 107,486 دولارًا، وهو أدنى مستوى منذ يونيو.
انقسامات داخل الفيدرالي
واصل الدولار مكاسبه التي بدأها بعد اجتماع الفيدرالي الأسبوع الماضي، حيث خفّض البنك أسعار الفائدة كما كان متوقعًا، لكن جيروم باول أوضح أن خفضًا آخر في ديسمبر ليس مضمونًا.
ومنذ ذلك الحين، قدّم مسؤولو الفيدرالي آراء متباينة بشأن وضع الاقتصاد والمخاطر المحيطة به، في ظل غياب البيانات الاقتصادية نتيجة إغلاق الحكومة الأمريكية.
وبحسب أداة فيدووتش التابعة لمجموعة سي إم إي، فإن الأسواق تسعّر احتمال خفض الفائدة في ديسمبر بنسبة 65%، مقارنة بـ94% قبل أسبوع فقط — وهو ما عزز قوة الدولار.
وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام ست عملات رئيسية فوق مستوى 100 للمرة الأولى منذ أوائل أغسطس، ليستقر عند 100.17.
وتراجع الإسترليني بنسبة 0.7% إلى 1.3057 دولار بعد أن كشفت ريفز عن خلفية اقتصادية صعبة تواجهها، في ظل ديون مرتفعة وإنتاجية ضعيفة وتضخم مرتفع بعناد.
وقالت جين فولي، رئيسة استراتيجية العملات في Rabobank، إن تصريحات ريفز بأن خيارات ميزانيتها ستركز على خفض التضخم للتمهيد لتخفيضات في الفائدة قد تحرك النقاش حول إمكانية خفض الفائدة في بنك إنجلترا قبل نهاية العام، ما يبقي الاسترليني تحت ضغط حتى اجتماع السياسة النقدية في 4 نوفمبر.
الين يستعيد بعض الدعم
وقرار بنك اليابان الأسبوع الماضي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير قدم دعمًا محدودًا للين، لكن ضعف العملة الأخير دفع وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما لتجديد التأكيد على مراقبة تحركات العملة عن كثب.
ويقترب الين من المستويات التي شهدت تدخلات حكومية لدعمه في عامي 2022 و2024.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي زار اليابان مؤخرًا، فقد انتقد مرارًا الدول التي تسمح بضعف عملاتها معتبرًا أن ذلك يمنحها ميزة تجارية غير عادلة — ما يعني، بحسب المحللين، أن كاتاياما ستتحرك بحذر في أي تدخل محتمل.
يتدافع المستثمرون نحو تمويل حزم ديون ضخمة لبناء مراكز البيانات التي تُشكّل العمود الفقري لبنية الذكاء الاصطناعي، لكن غياب الوضوح حول الطلب المستقبلي طويل الأمد على القدرة الحاسوبية قد يُنذر بـ ضغوط مالية قادمة لبعض الشركات، وفقًا لمسح أجرته شركة AlixPartners الاستشارية العالمية.
وأجرت الشركة استطلاعًا شمل نحو 400 مدير تنفيذي كبير في صناعة مراكز البيانات، طُلب منهم تحديد نقاط القوة والضعف في هذا القطاع. وجاء في مقدمة المخاوف، بحسب التقرير الصادر الثلاثاء، أن الطلب المفرط الحالي على مراكز البيانات قد لا يتماشى مع قدراتها المستقبلية ووظائفها، ما قد يؤدي إلى اضطرابات وعمليات اندماج واستحواذ في القطاع.
وشهدت الآونة الأخيرة طفرة في صفقات التمويل من عمالقة التكنولوجيا، مع تسابق الشركات لبناء البنية التحتية اللازمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وقد تم إنفاق مليارات الدولارات بالفعل على مزارع الخوادم (مراكز البيانات)، مما أثار مخاوف بشأن التقييمات المتضخمة في منظومة الذكاء الاصطناعي. في الوقت نفسه، تحطم موجة الاقتراض في قطاع الذكاء الاصطناعي أرقامًا قياسية في الطلب من المستثمرين.
ففي الأسبوع الماضي، تلقت شركة ميتا بلاتفورمز طلبات شراء بقيمة 125 مليار دولار — وهو أكبر طلب في التاريخ على إصدار سندات شركة — مقابل طرح بقيمة 30 مليار دولار، وهو أضخم إصدار سندات من الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة منذ عام 2023، وفقًا لتقرير بلومبرج.
ولم تكن هذه الصورة وردية قبل سنوات قليلة، فقبل الهوس الحالي بالذكاء الاصطناعي، كانت مراكز البيانات تُعتبر عبئًا ماليًا بسبب استنزافها الكبير للنقد وارتفاع مستويات مديونيتها. على سبيل المثال، شركة Cyxtera Technologies تقدمت بطلب للحماية من الإفلاس (بموجب الفصل 11) في عام 2023 بعد أزمة سيولة حادة.
وكشف مسح AlixPartners أن 86٪ من المشاركين يتوقعون بقاء تقييمات أصول مراكز البيانات مرتفعة، مدعومة بعوامل مثل كفاءة الطاقة والموقع الجغرافي. ومع ذلك، 61٪ منهم يتوقعون ضغوطًا مستقبلية على الصناعة نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة والمنافسة الشديدة والتطور التكنولوجي السريع.
كما حذر التقرير من مخاطر متعددة لا تزال تواجه القطاع، منها قيود الطاقة وسلاسل التوريد، وعدم اليقين الجيوسياسي، والعقبات التنظيمية.
وقال أندريه دانيس، الشريك والمدير العام في AlixPartners: "سيكون هناك رابحون في هذا السباق، لكن سيكون هناك أيضًا من ينهار تحت عبء التكاليف. فمراكز البيانات تتطلب استثمارات ضخمة، وفي مرحلة ما سيرغب المستثمرون في رؤية عائدات حقيقية على أموالهم."
انخفضت عوائد السندات الأمريكية يوم الثلاثاء وسط أجواء من العزوف عن المخاطر في الأسواق المالية، نتيجة القلق من التقييمات المبالغ فيها في الأسهم وسندات الشركات، والتي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تصحيح في الأسواق.
فقدت موجة الصعود المدفوعة بأسهم التكنولوجيا زخمها، بعدما حذر عدد من كبار التنفيذيين في وول ستريت — من بينهم الرؤساء التنفيذيون لـ مورجان ستانلي وجولدمان ساكس — من أن أسواق الأسهم قد تكون بصدد تراجع تصحيحي. وتراجع مؤشر اس آند بي 500 بنسبة 1.2% في التعاملات المبكرة.
وفي ظل إغلاق الحكومة الأمريكية الذي دخل يومه الـ 35 يوم الثلاثاء — ليعادل أطول إغلاق في التاريخ الأمريكي المسجل خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب — خلت الأجندة الاقتصادية من البيانات، ما ترك سوق السندات دون اتجاه واضح، باستثناء الطلب على الملاذات الآمنة نتيجة المخاوف من فقاعة محتملة في الأسهم.
وقال جاي مينوتزي، كبير مسؤولي الاستثمار ومدير المحافظ في شركة Easterly Orange: "إذا حدثت موجة بيع كبيرة في سوق الأسهم، إلى أين ستتجه تلك الأموال؟ من الواضح أنها قد تتجه إلى سندات الخزانة الأمريكية، على الأقل في البداية."
وأضاف: "سوق الأسهم تبدو في يوم مفعمة بالنشوة وفي اليوم التالي مليئة بالخوف، وهذا بحد ذاته مؤشر على أنها تزداد هشاشة وعدم استقرار من حيث التوقعات المستقبلية."
وسجل عائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 4.091%، منخفضًا بنحو نقطتين أساس خلال اليوم، في حين بلغ عائد السندات لأجل عامين حوالي 3.579%، بانخفاض ثلاث نقاط أساس. أما عائد السندات لأجل 30 عامًا فقد تراجع إلى 4.679% من 4.694% يوم الاثنين.
وبسبب الإغلاق الحكومي، لن يصدر التقرير الشهري المهم للوظائف من مكتب إحصاءات العمل الأمريكي يوم الجمعة كما كان مقررًا.
وبذلك، سيعتمد المستثمرون على تقرير التوظيف الصادر عن معهد ايه.دي.بي ADP، وهو مسح مستقل سيُنشر يوم الأربعاء، لتقييم قوة سوق العمل وإمكانية إجراء مزيد من خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه القادم في ديسمبر.
كما ستصدر وزارة الخزانة الأمريكية يوم الأربعاء تفاصيل خططها التمويلية ربع السنوية، والتي سيراقبها المستثمرون عن كثب لمعرفة كيفية تمويل العجز الحكومي في الفترة المقبلة.
انخفض النفط بعد أربعة أيام من المكاسب، تحت ضغط من تراجعات أوسع في الأسواق العالمية وفي ظل وفرة في الإمدادات.
وتداول خام برنت تسليم يناير بالقرب من 64 دولارًا للبرميل، بعدما تعثرت موجة الصعود العالمية في الأسهم، حيث تراجعت العقود الآجلة للمؤشرات الأمريكية والأسواق الآسيوية والأوروبية يوم الثلاثاء، في حين صعد الدولار، مما زاد الضغوط على أسعار الخام.
وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها خلال عطلة نهاية الأسبوع إنهم يعتزمون الإبقاء على حصص الإنتاج دون تغيير خلال الربع الأول من العام المقبل، وجاء هذا القرار قبل تخمة معروضة متوقعة على نطاق واسع.
وكتب محللون في شركة الوساطة PVM في تقرير: "لا تزال أنشطة التصنيع في آسيا والولايات المتحدة تنكمش، مما يثير المخاوف من تحديات على جانب الطلب، كما أن قوة الدولار لا تساعد هي الأخرى."
وتراجع خام القياس العالمي بنسبة 14% منذ بداية العام، مع قيام أوبك+ ودول أخرى خارج التحالف بزيادة الإنتاج. وكانت الأسعار قد تعافت من أدنى مستوياتها في خمسة أشهر بعد أن أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا فرض عقوبات على شركتي روسنفت ولوك أويل، وهما أكبر شركتي نفط في روسيا، لكنها فقدت جزءًا من مكاسبها منذ ذلك الحين.
وأعرب توربيورن تورنكفيست، الرئيس التنفيذي لشركة غونفور جروب، وهي من كبرى شركات تجارة النفط في العالم، عن شكوكه في أن تؤدي القيود إلى منع النفط الروسي من إيجاد مشترين، قائلًا في مقابلة يوم الثلاثاء: "مع مرور الوقت، سترى أن المزيد من النفط الروسي المتأثر بالعقوبات، بطريقة أو بأخرى، يجد طريقه إلى السوق — وهذا ما يحدث دائمًا."
في المقابل، قال كلاوديو ديسكالزي، الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية، يوم الاثنين، إن أي مخاوف بشأن فائض المعروض ستكون مؤقتة — ليكون بذلك أحدث مسؤول في القطاع يحاول تهدئة القلق بشأن ضعف الطلب.
وفي الوقت نفسه، حذر عدد من رؤساء كبرى شركات النفط من أن السوق لا تُقدّر بما يكفي تأثير القيود الأمريكية المفروضة على منتجي النفط الروس.
وتراجع خام برنت تسليم يناير بنسبة 1.4% إلى 64.01 دولارًا للبرميل بحلول الساعة 8:43 صباحًا في نيويورك (3:43 مساءً بتوقيت القاهرة). ونزل خام غرب تكساس الوسيط تسليم ديسمبر بنسبة 1.5% إلى 60.11 دولارًا للبرميل.
قبل وقت قصير من لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، برزت قضية عاجلة على الطاولة — فقد أراد ترامب مناقشة طلب قدّمه جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، للسماح ببيع جيل جديد من الرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعي إلى الصين، بحسب ما قاله مسؤولون حاليون وسابقون في الإدارة الأمريكية.
الموافقة على تصدير رقائق "بلاك ويل" (Blackwell) من إنفيديا كانت ستمثل تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية، إذ قد تمنح الصين — المنافس الجيوسياسي الأكبر لواشنطن — دفعة تكنولوجية هائلة.
وقد كثّف هوانغ، الذي يتواصل مع ترامب بشكل متكرر، جهوده للضغط من أجل الإبقاء على وصول شركته إلى السوق الصينية.
ومع التحضير للقاء "شي"، حذر مسؤولون كبار — من بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو — من أن السماح بتلك الصادرات سيهدد الأمن القومي الأمريكي، لأنه سيعزز قدرات مراكز البيانات الصينية في الذكاء الاصطناعي، وقد ينعكس ذلك سلبًا على مصالح الولايات المتحدة، وفقًا للمسؤولين.
كانت واشنطن، في الوقت نفسه، تستعد لتقديم تنازلات أخرى لبكين خلال الاجتماع، مقابل سماح الصين بتصدير المغناطيسات الأرضية النادرة. كما عارض الموافقة أيضًا كل من الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك، اللذين شاركا في قيادة المفاوضات التجارية.
وبعد مواجهة معارضة شبه موحّدة من كبار مستشاريه، قرّر ترامب عدم التطرق إلى موضوع رقائق إنفيديا المتقدمة خلال لقائه مع شي جين بينغ في بوسان، كوريا الجنوبية، بتاريخ 30 أكتوبر، بحسب المصادر.
ويمثل القرار انتصارًا لروبيو ومستشاري ترامب على حساب هوانغ، الرئيس التنفيذي لأكبر شركة مدرجة في العالم من حيث القيمة السوقية. فقد تبلغ قيمة صادرات رقائق "بلاك ويل" إلى الصين عشرات المليارات من الدولارات، وكان من شأنها مساعدة إنفيديا على إبقاء شركات الذكاء الاصطناعي الصينية معتمدة على تقنياتها.
تنتظر إنفيديا موافقة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمضي قدمًا في بيع نسخة أقل قوة من رقاقة "بلاك ويل" المخصصة للسوق الصينية، وهي أحدث جيل من معالجات الذكاء الاصطناعي التي تطورها الشركة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي: “الرئيس ترامب يستمع إلى مجموعة متنوعة من الآراء حول السياسات، بما في ذلك من كبار قادة الأعمال، إلا أن اجتماعه التاريخي مع الرئيس شي يثبت أن العامل الوحيد الذي يوجّه قراراته هو مصلحة الشعب الأمريكي.”
وخلال فعالية لإنفيديا في واشنطن سبقت لقاء ترامب وشي، شدّد الرئيس التنفيذي جنسن هوانغ على أهمية الاقتصاد الصيني، الذي قال إنه يضم نحو نصف عدد الباحثين في الذكاء الاصطناعي في العالم، محذرًا من أن الولايات المتحدة قد تخسر السوق الصينية بشكل دائم. وأضاف: "آمل حقًا أن يساعدنا الرئيس ترامب في إيجاد حل، فنحن الآن في وضع حرج للغاية."
كانت جولة ترامب الآسيوية لحظة حاسمة بالنسبة لمستقبل أعمال إنفيديا في الصين، إذ ساهمت قمة ترامب–شي في تحديد ملامح سياسة التجارة وسباق الذكاء الاصطناعي. فقبل القمة بأشهر، كان ترامب قد أشار إلى استعداده للسماح بتصدير نسخة ذات أداء أقل من رقاقة بلاك ويل، لكنه غيّر موقفه بعد عودته من آسيا.
وفي مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” بُثت الأحد، قال ترامب إن الولايات المتحدة ستسمح للصين بالتعامل مع إنفيديا ولكن ليس حول الرقائق الأكثر تقدمًا. كما قال للصحفيين: "نحن لا نعطي تلك الرقاقة للآخرين”، دون أن يوضح ما إذا كان يقصد النسخة الأعلى أداءً أم تلك المصممة خصيصًا للسوق الصينية.
انتهت قمة ترامب وشي دون التوصل إلى اتفاق كبير، لكنها خففت التوترات، إذ خفضت واشنطن بعض الرسوم الجمركية على الصين، مقابل استئناف بكين بعض المشتريات من فول الصويا الأمريكية. ويتيح ذلك للطرفين وقتًا أطول لتعزيز الاكتفاء الذاتي في الصناعات الحساسة مثل أشباه الموصلات والمعادن النادرة.
أما بالنسبة لبكين، فقد خرجت القمة دون تحقيق هدفها القريب المتمثل في انتزاع تنازل بشأن الحظر الأمريكي على الرقائق، وهو ما يُبطئ جدولها الزمني لتحقيق الاكتفاء التكنولوجي.
تخضع إنفيديا منذ عام 2022 لضوابط تصدير تمنعها من بيع رقائقها المتقدمة إلى الصين، ويُنظر إلى مرونة إدارة ترامب في التعامل مع تلك القيود كمصدر لعدم اليقين في صناعة التكنولوجيا.
ومن المتوقع أن يواصل هوانغ محاولاته لتمرير صفقة بلاك ويل في الصين، خصوصًا مع اقتراب زيارة ترامب المرتقبة إلى بكين في أبريل، حيث أشار إلى أن ترامب يتصل به بشكل متكرر ليلًا، وقد أصبح أحد المديرين التنفيذيين المفضلين لديه.
تُعد رقائق بلاك ويل — وهي من فئة وحدات معالجة الرسومات (GPUs) — الأكثر تطورًا في تاريخ إنفيديا، إذ تقول الشركة إن الخوادم المزودة بمعالج B200 أقوى بنحو 3 مرات من تلك التي تستخدم الجيل السابق H100 في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وبنحو 15 مرة في مهام التشغيل والتحليل (inference) التي تتيح للنماذج العمل فعليًا.
لم تُكشف بعد المواصفات الخاصة بنسخة رقاقة “بلاك ويل” التي تطوّرها إنفيديا للسوق الصينية.
وفي أغسطس الماضي، قال الرئيس دونالد ترامب إنه قد يكون مستعدًا للموافقة على نسخة من الرقاقة تقلّ قدراتها بنسبة تتراوح بين 30% و50% عن النسخة الأصلية. وبحسب مصادر مطلعة، فإنه في حال حصول إنفيديا على الضوء الأخضر، فستحتاج إلى ما بين شهرين وثلاثة أشهر لتصميم الرقاقة المعدّلة.
ومع ذلك، حتى لو تمت الموافقة على تصدير نسخة “بلاك ويل” إلى الصين، تبقى تساؤلات حول جدواها الاقتصادية. ففي أغسطس أيضًا، تراجعت إدارة البيت الأبيض عن حظر تصدير أحد الرقائق الأقدم من إنفيديا، بشرط أن تتقاسم الشركة 15% من إيراداتها من الصين مع الحكومة الأمريكية — وهو ترتيب اعتبره بعض القانونيين “ضريبة تصدير غير دستورية”.
لكن السلطات الصينية ردّت سريعًا بإبلاغ الشركات المحلية بعدم شراء تلك الرقاقة، ووفقًا لإنفيديا، لم تبع أيًّا من شرائحها القديمة من طراز H20 في الصين منذ أبريل الماضي، ما جعلها تخسر مليارات الدولارات من الإيرادات المحتملة.
في المقابل، كثّف معارضو إنفيديا في الكونجرس ومراكز الأبحاث حملتهم المضادة لجهود الشركة في الضغط على الحكومة. فقد وزّع بعضهم مقطع فيديو على مسؤولين في الإدارة قبل اجتماع ترامب وشي، يُظهر جنسن هوانغ في مقابلة مع شبكة سي ان ان في يوليو، وهو يقول إنه لا يرى فرقًا فيمن يفوز بسباق الذكاء الاصطناعي.
وردّت اللجنة الخاصة بالصين في مجلس النواب الأمريكي على تصريحاته بوصفها “ساذجة وخطيرة”، وشبّهت سباق الذكاء الاصطناعي بالحرب الباردة، قائلة عبر منصة X (تويتر سابقًا): "هذا يشبه القول إنه لم يكن مهماً لو أن الاتحاد السوفيتي سبق الولايات المتحدة في تطوير السلاح النووي."
استقرت أسعار الذهب يوم الاثنين بالقرب من مستوى 4000 دولار للأونصة، مع ترقّب المستثمرين لبيانات التوظيف في القطاع الخاص الأمريكي هذا الأسبوع لتقييم احتمالات خفض إضافي للفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي خلال العام الجاري.
لم يطرأ على الذهب في المعاملات الفورية تغيرًا يذكر عند 4002.35 دولار للأونصة بحلول الساعة 1832 بتوقيت جرينتش، في حين ارتفعت عقود الذهب الأمريكية الآجلة لشهر ديسمبر بنسبة 0.4% لتستقر عند 4014 دولارًا.
وقال إدوارد مير، المحلل في شركة Marex: "الذهب بصدد تكوين نطاق تداول ربما بين مستويات الحد الأقصى ل 3,000 والحد المتوسط ل4,000... وهذا يُعدّ تصحيحًا متوقّعًا بعد موجة الصعود الكبيرة."
ورغم أن المعدن النفيس ارتفع بنسبة 53% منذ بداية العام، إلا أنه تراجع بأكثر من 8% عن مستواه القياسي المسجّل في 20 أكتوبر.
ويترقب المستثمرون صدور بيانات التوظيف الأمريكية من معهد ايه.دي.بي يوم الأربعاء، إضافة إلى مؤشرات معهد التوريد هذا الأسبوع، بحثًا عن إشارات حول اتجاه سياسة الفيدرالي. ويُذكر أن إغلاق الحكومة الأمريكية عطّل إصدار العديد من البيانات الاقتصادية الأساسية، بما في ذلك تلك الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية هذا العام الأسبوع الماضي، لكن رئيسه جيروم باول قال إن خفضًا آخر قبل نهاية العام "ليس أمرًا محسومًا".
ويُسعّر المتعاملون حاليًا احتمال خفض الفائدة في ديسمبر بنسبة 65.3%، انخفاضًا من يقين شبه تام قبل اجتماع الفيدرالي الأخير.
ويُذكر أن الذهب، الذي لا يدرّ عائدًا، يزدهر عادةً في فترات انخفاض الفائدة وحالات عدم اليقين الاقتصادي.
وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في بنك ساكسو، في مذكرة: "توقّف الذهب لا يزال يبدو كاستراحة مؤقتة، لا كإشارة انهيار. الضعف الموسمي، وضوضاء السياسات الصينية المؤقتة، وقوة الدولار تفسّر التراجع القصير الأجل، لكنها لا تغيّر الاتجاه الطويل الأمد."
في المقابل، أنهت الصين يوم السبت سياسة الإعفاء الضريبي الطويلة الأمد لبعض تجار الذهب بالتجزئة، مما قد يُبطئ موجة الشراء القوية للذهب في أكبر سوق استهلاكي عالمي.
أما المعادن النفيسة الأخرى، فقد تراجع سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.8%إلى 48.25 دولارًا للأونصة، وانخفض البلاتين بنسبة 0.2% إلى 1564.30 دولارًا، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.4% إلى 1439.86 دولارًا.
قالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، إن على البنك المركزي الأمريكي أن "يبقي ذهنه منفتحًا" حيال إمكانية تنفيذ خفض آخر لأسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في ديسمبر.
وأوضحت دالي، خلال حديثها في منتدى نادي بالم بيتشز في ولاية فلوريدا يوم الإثنين، أنها تتفق مع قرار الفيدرالي الأخير خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية للشهر الثاني على التوالي، واصفة الخطوة بأنها "مناسبة".
وأضافت أن البنك المركزي يواجه حاليًا مفاضلة صعبة بين هدفيه الرئيسيين؛ فمن جهة، يجب أن يواصل الضغط الهبوطي على التضخم الذي ما زال أعلى من مستواه المستهدف، ومن جهة أخرى، ينبغي عليه دعم سوق العمل لمساعدة الأفراد على تعويض تآكل قوتهم الشرائية بعد سنوات من التضخم المرتفع.
وقالت دالي: "هذا يعني في الواقع تقييم البيانات الواردة، والإبقاء على ذهن منفتح، واتخاذ القرار الذي يوازن بين المخاطر ويضمن استمرار الاقتصاد في مساره نحو هبوط سلس."
المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي الذين تحدثوا منذ خفض الفائدة الأسبوع الماضي عبّروا عن وجهات نظر متباينة بشأن المسار المقبل للسياسة النقدية.
فقد قال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، للصحفيين بعد القرار يوم الأربعاء إن خفضًا آخر في ديسمبر "ليس أمرًا محسومًا". وقد أدت تصريحاته إلى تراجع توقعات المستثمرين لاحتمال تنفيذ خفض ثالث متتالٍ بمقدار ربع نقطة مئوية.