Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha

ضعف الطلب المحلي في الصين يفاقم هشاشة الاقتصاد أمام التوترات التجارية

By كانون1/ديسمبر 15, 2025 14

تعمّق انكماش الاستثمار في الصين، فيما سجّلت مبيعات التجزئة أضعف نمو لها منذ الانهيار الذي تسبب فيه تفشي كوفيد، في شهر جديد من النمو غير المتوازن الذي يزيد من حدّة التوترات التجارية مع بقية دول العالم.

وبينما يظهر إنتاج المصانع تراجعاً محدوداً، زادت مبيعات التجزئة بنسبة 1.3% فقط في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وهو أبطأ معدل نمو على الإطلاق خارج فترة الجائحة. وجاءت هذه القراءة أسوأ من جميع التوقعات في استطلاع بلومبرج للمحللين، حيث كان متوسط التقديرات يشير إلى بقاء وتيرة النمو عند 2.9% للشهر الثاني على التوالي.

كما خيّب استثمار الأصول الثابتة الآمال، إذ انكمش بنسبة 2.6% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام، ما يبقيه بصدد تسجيل أول انكماش سنوي منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1998.

كما جاء الإنتاج الصناعي دون التوقعات، لكنه حقق مع ذلك نمواً بنسبة 4.8% على أساس سنوي، في إشارة إلى أن الطفرة في الصادرات لا تزال تُبقي جانب الإنتاج في الاقتصاد في حالة نشاط. غير أن هذا الأمر يعمّق في الوقت نفسه الاختلالات القائمة ويضغط على الأسعار، في ظل ضعف الطلب المحلي.

وقال اقتصاديون في بنك باركليز، من بينهم يينغكه تشو، في مذكرة بحثية: "مع استمرار تجاوز مؤشرات المعروض لمؤشرات الطلب، نعتقد أن الضغوط الانكماشية في الصين قد تستمر، وأن نموذج النمو الذي تقوده الصادرات سيظل قائماً، ما قد يؤدي إلى تصاعد التوترات التجارية والاستثمارية بين الصين والاقتصادات الأخرى".

وواصلت الأسهم الصينية خسائرها، إذ هبط مؤشر «هانغ سنغ للشركات الصينية» في هونج كونج إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاثة أشهر، فيما أنهى مؤشر «سي إس آي 300» المحلي التعاملات منخفضاً بنسبة 0.6%. أما اليوان فبقي شبه مستقر في التعاملات داخل الصين وفي التداولات الخارجية.

ويجعل عجز الصين عن إنعاش إنفاق المستهلكين اقتصادها أكثر عرضة للمخاطر الخارجية، بعدما اعتمدت على الطلب الأجنبي لدفع عجلة النمو خلال معظم هذا العام، رغم حرب الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن المتوقع على نطاق واسع أن تتباطأ الصادرات في الأشهر المقبلة، بعد أداء قوي بشكل مفاجئ في 2025، مع اتساع موجة الحمائية التجارية واحتدام التوترات التجارية مع دول تتجاوز الولايات المتحدة.

ومع بدء الزخم الاقتصادي في التراجع نحو نهاية العام، أرسل الرئيس شي جين بينغ إشارات تفيد باستعداده لتقبّل نمو أبطأ في بعض المناطق، بل قال مؤخراً إن على الصين منع «الاستثمار غير الكفوء». ومع ذلك، فإنه يحث المسؤولين على إبداء اهتمام وثيق للانخفاض في الإنفاق الرأسمالي.

وفي تأكيد على تركيز جديد على ضعف الاقتصاد المحلي، أعلنت الصين أن الحزب الشيوعي سيصدر يوم الثلاثاء مجموعة من تصريحات شي خلال العقد الماضي، تتناول مسألة توسيع الطلب المحلي.

وتدهور قطاع العقارات مجدداً، مع اقتراب شركة «تشاينا فانكي» التي تدعمها الدولة من حافة التعثّر عن السداد. وبلغت وتيرة الهبوط في الاستثمار العقاري 16% خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

كما تسارع تراجع أسعار المنازل على أساس سنوي في نوفمبر، بما يعكس الاتجاه السابق الذي شهد تقلصاً في وتيرة الانخفاض خلال الأشهر الماضية.

وقالت الهيئة الوطنية للإحصاء الصينية في بيان إن "الاقتصاد واجه عدداً من التحديات" في نوفمبر، مضيفة أن "البيئة الخارجية اتسمت بكثير من عدم الاستقرار وعدم اليقين، فيما كان الطلب المحلي غير كافٍ".

وأوضحت أن تباطؤ نمو الاستهلاك في نوفمبر يُرجّح أن يكون ناجماً جزئياً عن عوامل إحصائية غير مواتية، إذ بدأت الصين في أواخر عام 2024 تطبيق إعانات حكومية لدعم مشتريات الأسر من السلع الاستهلاكية، ما خلق قاعدة مقارنة مرتفعة.

كما أسهم البدء المبكر على غير العادة لعروض «يوم العُزّاب» الترويجية في دفع المستهلكين إلى تقديم بعض مشترياتهم إلى شهر أكتوبر.

وكان تلاشي أثر إعانات الاستبدال واضحاً في تفاصيل بيانات الإنفاق لشهر نوفمبر، إذ هبطت مبيعات الأجهزة المنزلية بنسبة 19% على أساس سنوي، وهو أسوأ أداء منذ أوائل 2020. كما تراجعت مبيعات السيارات بنسبة 8%، مسجّلة أكبر انخفاض منذ مايو 2022.

وتشير بيانات الاستثمار بدورها إلى ضعف الطلب، إذ توحي بانكماش يقارب 11% في نوفمبر مقارنة بالعام السابق، وفق تقديرات صادرة عن "جولدمان ساكس" و"كابيتال إيكونوميكس".

وبدأ التراجع في الإنفاق الرأسمالي منذ يونيو، ما حيّر الاقتصاديين نظراً لعدم اتساقه مع مؤشرات أخرى، ودفع بعضهم إلى طرح احتمال أن تكون السلطات قد شرعت مؤخراً في تصحيح مبالغات سابقة في البيانات الإحصائية.

كما يُظهر التفصيل الأحدث للبيانات تراجعاً نادراً في الاستثمار في البنية التحتية.

وتقلّصت قدرة الحكومات المحلية على الاستثمار بفعل تشديد بكين قبضتها على عمليات الاقتراض، في إطار مساعٍ لخفض المخاطر المالية. وفي الوقت نفسه، استحوذت حملة إعادة تمويل ما يُعرف بـ«الديون الخفية» على جزء كبير من الأموال المحصّلة من مبيعات السندات، إذ ارتفع إصدار السندات المحلية الخاصة الجديدة المخصّصة لبرنامج المبادلة بنحو 70% مقارنة بما كان مخططاً له في وقت سابق من هذا العام.

ويبدو أن ركود الاستثمار أطلق ناقوس الخطر لدى كبار القادة.

وخلال اجتماع سنوي محوري عُقد الأسبوع الماضي، تعهّد صانعو السياسات بوقف هذا التدهور، فيما دعا الرئيس شي جين بينغ أيضاً إلى إيلاء اهتمام أكبر بهذه المسألة. وقد تدفع السلطات باتجاه إطلاق مزيد من مشاريع البنية التحتية الكبرى العام المقبل في محاولة لتحقيق الاستقرار للنمو الاقتصادي.

في الاجتماعات المعنية بالسياسات التي عُقدت الأسبوع الماضي، وضع كبار القادة في الصين تعزيز الطلب المحلي على رأس أولوياتهم للعام الجديد، في إشارة إلى توخّي الحذر إزاء حالة عدم اليقين التي تكتنف التجارة الخارجية. ورغم التعهّد بمواصلة سياسات داعمة للنمو، لا يبدو أن إجراءات قوية أو غير تقليدية مطروحة في الوقت الراهن.

ويتوقع كثير من الاقتصاديين أن تحدد الحكومة هدف النمو السنوي عند نحو 5% في عام 2026 — وهو المستوى نفسه المسجل في 2025 — مع إطلاق حزمة تحفيز مالي بحجم مقارب لما تم تطبيقه هذا العام، وبعجز موازنة اسمي يبلغ 4%.

كما يُرجَّح أن يقدم بنك الشعب الصيني على خفض أسعار الفائدة بوتيرة معتدلة العام المقبل، بعد اتباعه نهجاً حذراً في التيسير النقدي خلال معظم عام 2025، في وقت شهدت فيه أسواق الأسهم ارتفاعاً قوياً وازدهاراً في الصادرات.

ويرى غاري نغ، كبير الاقتصاديين في بنك «ناتيكسيس»، أن الخلاصة هي أن «سياسات الحكومة الداعمة للاستهلاك وسوق العقارات لا تزال بعيدة عن أن تكون كافية»، وذلك رغم أن الهدف الرسمي للاقتصاد يبدو في متناول اليد هذا العام.

وأضاف نغ: "في حين أن تحقيق هدف نمو حقيقي عند 5% يبدو شبه محسوم، فإن عام 2026 سيكون أكثر صعوبة بكثير إذا استمرت الضغوط الحالية".

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.