
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
انكمش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول لأول مرة منذ 2022 وسط قفزة في الواردات قبل فرض الرسوم الجمركية وتراجع في الإنفاق الاستهلاكي، في أول لمحة عن التداعيات المترتبة على سياسة الرئيس دونالد ترامب التجارية.
وأظهرت التقديرات الأولية التي نشرتها الحكومة يوم الأربعاء أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل حسب التضخم) تراجع بمعدل سنوي قدره 0.3% خلال الربع الأول، وهو أقل بكثير من متوسط النمو البالغ نحو 3% خلال العامين الماضيين.
تسلط البيانات الضوء على اندفاع الشركات لتأمين البضائع قبل تطبيق الرسوم الجمركية، حيث اقتطع صافي التجارة نحو 5 نقاط مئوية من الناتج المحلي، وهي النسبة الأكبر على الإطلاق، وفقاً لتقرير مكتب التحليل الاقتصادي. كما ساهم انخفاض الإنفاق الحكومي الفيدرالي في تراجع الناتج.
أما الإنفاق الاستهلاكي — الذي يمثل نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي — فقد سجل نمواً بنسبة 1.8%، وهو الأضعف منذ منتصف عام 2023، إلا أنه لا يزال أفضل من توقعات الاقتصاديين. وساعدت وتيرة نمو إنفاق الشركات على المعدات — وهي الأسرع منذ 2020 — في الحفاظ على متانة الطلب الأساسي داخل الاقتصاد.
ومباشرة بعد صدور هذه الأرقام، تراجعت العقود الآجلة للأسهم، وارتفعت عوائد السندات الأمريكية.
وقد أظهرت البيانات أن الواردات قفزت بمعدل سنوي قدره 41.3%، وهي الزيادة الأكبر منذ نحو خمس سنوات. ونظراً لأن هذه السلع والخدمات لا تُنتج داخل الولايات المتحدة، فإنها تُخصم من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع الاقتصاديون أن يتقلص هذا العجز التجاري الحاد خلال الربع الثاني.
وفي ظل استمرار عدم اليقين، يتوقع العديد من الخبراء أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة إلى صدمة معروض، ما يشكل تحديات أمام الشركات ويدفع الطلب للتراجع. كما يشعر المستهلكون بالقلق من تأثير الرسوم على سوق العمل وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتشير التوقعات الحالية إلى وجود احتمالات متساوية تقريباً لدخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال العام المقبل.
وعادة ما تُوجه البضائع المستوردة إلى المخازن أو مباشرة إلى المتاجر، لكن التقرير أظهر أن المخزونات التجارية أضافت 2.25 نقطة مئوية إلى الناتج المحلي خلال الربع السنوي، وهي الأعلى منذ نهاية عام 2021. وقد تظهر هذه الواردات في الأشهر المقبلة على شكل زيادات في المخزونات، ما قد يرفع من نمو الناتج في الربع الثاني، إلى جانب تقلص العجز التجاري.
ونظراً لأن تقلبات التجارة والمخزونات يمكن أن تُشوه قراءة الناتج المحلي، يفضل الاقتصاديون التركيز على "المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص" كمؤشر أدق للطلب الحقيقي، والذي سجل نمواً بنسبة 3% خلال الربع الأول، مقارنة بـ 2.9% في نهاية عام 2024.
وساهم في نمو الإنفاق الاستهلاكي ارتفاع واسع في الإنفاق على الخدمات، إلى جانب انتعاش في شراء السلع غير المعمرة.
في المقابل، أظهرت عدة استطلاعات تراجعاً حاداً في ثقة المستهلكين، ما يثير الشكوك حول قدرة الأسر على الاستمرار في دعم الاقتصاد. ويواجه المستهلكون ذوو الدخل المنخفض ضغوطاً شديدة بسبب ارتفاع الأسعار، بينما يعاني الأثرياء من تراجع أسعار الأسهم هذا العام.
وسجل الاستثمار التجاري في المعدات قفزة بنسبة 22.5% على أساس سنوي، مدعوماً بزيادة في شحنات الطائرات التجارية بعد انتهاء إضراب شركة بوينج، بالإضافة إلى نمو قوي في إنتاج معدات المعالجة المعلوماتية وأجهزة الكمبيوتر.
ويرى الخبراء أن الرسوم الجمركية قد تؤثر سلباً أيضاً على الإنفاق الرأسمالي، وقد أقرّت العديد من الشركات خلال موسم إعلان الأرباح الحالي بأن التحديات التي تواجه المستهلكين في طريقها للتفاقم.
ومن بين الشركات التي أشارت إلى ضعف في الإنفاق غير الأساسي وتراجع مبيعات السلع عالية القيمة: شركة البيع بالتجزئةTractor Supply ومصنّعة الأجهزة المنزلية Whirlpool وقد تحدث عدد من التنفيذيين عن تدهور ثقة المستهلكين واحتمال اتباع نهج أكثر تحفظاً في الإنفاق.
كما أظهر تقرير الناتج المحلي أن الإنفاق الحكومي تراجع بنسبة 1.4%، في أول انخفاض منذ عام 2022، مدفوعاً بهبوط بنسبة 8% في الإنفاق الدفاعي، وذلك بعد أن أوقف ترامب مؤقتاً المساعدات العسكرية لأوكرانيا الشهر الماضي.
في غضون ذلك، تسارع أحد أبرز مؤشرات التضخم الأساسي إلى وتيرة سنوية قدرها 3.5% في الربع الأول — الأعلى منذ عام. ومن المقرر صدور بيانات أكثر تفصيلاً عن التضخم والإنفاق الاستهلاكي لشهر مارس في وقت لاحق اليوم.
وقد وضعت حالة الغموض بشأن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم والاقتصاد الأوسع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب. وقد أشار صانعو السياسة النقدية إلى أنهم لا يعتزمون خفض أسعار الفائدة في المدى القريب، إلى حين وضوح أكبر لتأثير السياسات الجديدة للبيت الأبيض على الاقتصاد.
ورغم أن إدارة ترامب قامت بتجميد بعض الرسوم الأكثر حدة لمدة 90 يوماً، إلا أن معدل الرسوم الفعلي في البلاد بلغ الآن نحو 23% وهو الأعلى منذ أكثر من قرن، وفقاً لتقديرات بلومبرج ايكونوميكس. كما أضيف إلى هذا الغموض استثناءات جديدة لبعض الرسوم المعلنة سابقاً.
وترى الإدارة أن الرسوم الجمركية وسيلة لإحياء الصناعة الأمريكية وتحفيز نمو الصادرات وتقليص العجز التجاري وزيادة إيرادات الدولة وتعزيز الأمن القومي.
ومن المنتظر أن يصدر تقرير الوظائف الشهري الحكومي يوم الجمعة، وسط توقعات تشير إلى أن وتيرة التوظيف بدأت في التباطؤ. وكان تقرير نُشر يوم الأربعاء قد أظهر أن التوظيف في الشركات الخاصة ارتفع بـ62 ألف وظيفة فقط خلال أبريل — وهو أضعف نمو منذ يوليو، بحسب شركة ADP Research.
وفي تقرير منفصل، أظهرت بيانات تكلفة العمالة ارتفاعاً بنسبة 0.9% في الربع الأول، وهي نفس الزيادة المسجلة في نهاية عام 2024.
انخفضت أعداد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر في مؤشر على ضعف الطلب على العمالة وسط عدم يقين اقتصادي متزايد.
تراجعت أعداد الوظائف الشاغرة الأمريكية خلال مارس إلى 7.19 مليون وظيفة مقارنة بـ7.48 مليون في فبراير، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل الصادرة يوم الثلاثاء. يقترب هذا الرقم من أدنى مستوى تسجل منذ عام 2020، وأقل من جميع التقديرات في استطلاع بلومبرج للاقتصاديين.
ويشير هذا التراجع إلى ضعف في الطلب على العمالة، حيث يؤجل أرباب العمل خطط الإنفاق وسط حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن سياسات الرئيس دونالد ترامب، خاصةً مع استمرار فرض الرسوم الجمركية الواسعة النطاق، والتي يرى العديد من الاقتصاديين أنها قد تبطئ النمو وتزيد من احتمالات الركود.
من المتوقع أن تصدر الحكومة يوم الأربعاء تقديرها الأولي للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، والذي يُتوقع أن يُظهر تباطؤًا ملحوظًا. كما يُنتظر تقرير التوظيف لشهر أبريل يوم الجمعة، حيث تشير التوقعات إلى تباطؤ ملحوظ في نمو الوظائف مع استقرار معدل البطالة.
على الرغم من هذه المؤشرات السلبية، أظهرت أجزاء أخرى من التقرير بعض الإيجابية؛ حيث انخفض عدد حالات تسريح عاملين إلى أدنى مستوى منذ يونيو، وظلت معدلات التوظيف مستقرة. كما ارتفع معدل الاستقالات الطوعية إلى أعلى مستوى منذ يوليو، مما قد يشير إلى ثقة بعض العمال في سوق العمل.
حتى الآن، كانت جهود الرئيس دونالد ترامب في تقليص حجم الحكومة الفيدرالية هي العامل الأكثر وضوحًا في تأثيره على سوق العمل. فقد تضاعفت إعلانات تسريح الموظفين ثلاث مرات خلال شهر مارس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويُعزى ذلك في الغالب إلى إجراءات اتخذتها "وزارة الكفاءة الحكومة"، وفقًا لشركة "تشالنجر غراي آند كريسماس" المتخصصة في خدمات التوظيف وإعادة الهيكلة. ومن المتوقع صدور حصيلة تسريحات أبريل يوم الخميس.
موقف الاحتياطي الفيدرالي
رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لا يزال يصف سوق العمل بأنه في "وضع جيد"، ومن المتوقع أن يُبقي المسؤولون على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع السياسة النقدية الأسبوع المقبل. وأكد باول مؤخرًا على ضرورة السيطرة على التضخم لضمان تحقيق الحد الأقصى من التوظيف — وهي أولوية أساسية، خصوصًا مع توقّع واسع النطاق من صانعي السياسات والاقتصاديين بأن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما يعزز المخاوف من حدوث ركود.
وانخفض عدد الوظائف الشاغرة لكل عاطل عن العمل — وهو مقياس تراقبه الفيدرالي عن كثب كمؤشر على توازن العرض والطلب في سوق العمل — إلى 1.0، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر. وكان هذا المعدل قد بلغ ذروته عند 2 إلى 1 في عام 2022.
وقد شكك بعض الاقتصاديين في دقة بيانات تقرير فرص العمل (JOLTS)، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض معدل الاستجابة في المسح والتعديلات الكبيرة التي تطرأ على الأرقام. وبالمقابل، أظهر مؤشر مماثل صادر عن موقع التوظيف "إنديد" — والذي يتم تحديثه يوميًا — انخفاضًا في الوظائف المتاحة خلال مارس.
وفي بيانات منفصلة صدرت الثلاثاء، ظهرت مؤشرات إضافية على ضعف اقتصادي؛ فقد تراجعت ثقة المستهلك الأمريكي في أبريل للشهر الخامس على التوالي — في أطول سلسلة تراجع منذ عام 2008. كما اتسع العجز التجاري الأمريكي في السلع بشكل غير متوقع خلال مارس إلى مستوى قياسي، مع استمرار الشركات في استيراد السلع لاستباق الرسوم الجمركية، مما دفع بعض الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي.
اتسع عجز تجارة السلع بشكل غير متوقع في مارس ليبلغ مستوى قياسيًا، مع تسارع الشركات في استيراد البضائع لاستباق الرسوم الجمركية،بما يشير إلى ضرر كبير تعرض له الاقتصاد في الربع الأول.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية، الصادرة الثلاثاء، أن العجز التجاري في السلع ارتفع بنسبة 9.6% مقارنة بشهر فبراير، ليصل إلى 162 مليار دولار، وهو رقم تجاوز جميع توقعات المحللين في استطلاع أجرته بلومبرج. يُشار إلى أن هذه الأرقام غير معدّلة للتضخم.
وسجلت الواردات ارتفاعًا بنسبة 5% إلى 342.7 مليار دولار، مدفوعة بقفزة قياسية في السلع الاستهلاكية، إلى جانب زيادة في واردات السيارات والمعدات الرأسمالية. أما الصادرات فارتفعت بنسبة 1.2% فقط.
وتُظهر هذه الطفرة في الواردات ما يُعتقد أنه آخر موجة من اندفاع الشركات الأمريكية لتأمين السلع والمواد قبل سريان الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم في مارس، بالإضافة إلى التعريفات الأوسع التي تم الإعلان عنها مطلع أبريل.
ضغوط على النمو
دفعت هذه الأرقام بعض الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم للنمو الاقتصادي في الربع الأول، إذ تُحتسب الواردات كعامل سلبي في الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن اتساع العجز قد يؤدي إلى بيانات نمو أضعف عند صدور التقدير الأولي للناتج المحلي يوم الأربعاء.
ووفقًا لاستطلاع بلومبرغ، فإن التوقعات تشير إلى نمو طفيف بنسبة 0.3% في الناتج المحلي الإجمالي، وهو أبطأ معدل منذ عام 2022.
وقال كارل وينبرغ، كبير الاقتصاديين في "هاي فريكونسي إيكونوميكس"، في مذكرة: "أرقام التجارة تدعم تقديرنا بانكماش الناتج المحلي بنسبة 1.1%. بل وتشير إلى أن المخاطر تميل إلى الأسوأ".
أما ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في "سانتاندير يو.إس كابيتال ماركتس"، فذهب إلى أبعد من ذلك، حيث خفّض توقعاته بنسبة نقطة مئوية كاملة، متوقعًا انكماشًا بنسبة 2.4%. ومع ذلك، أشار إلى أن عودة الواردات إلى مستوياتها الطبيعية في الربع الثاني قد تؤدي إلى انتعاش قوي في النمو.
سياسة الرسوم
والرسوم الجمركية تمثل حجر الزاوية في استراتيجية الرئيس ترامب لتحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات بهدف تقليص العجز التجاري ورفع إيرادات الحكومة وتعزيز الأمن القومي.
وقد أظهر تقرير مارس انخفاضًا في واردات المواد الصناعية مثل المعادن والبترول والخشب ومنتجات أخرى تُستخدم عادة في إنتاج سلع أخرى. ويشمل التقرير أيضاً واردات الذهب لأغراض الاستثمار.
ورغم أن البيانات لا توضح ما إذا كان الذهب قد أثر على أرقام الواردات، إلا أن جزءًا كبيرًا من اتساع العجز في بداية العام ارتبط بواردات سبائك الذهب. وسينتظر الاقتصاديون بيانات التجارة الأشمل في 6 مايو للحصول على مؤشرات أوضح حول هذا التغيير، إذ تُصنَّف واردات الذهب كـ"أشكال معدنية مكتملة".
يُذكر أن الذهب لغرض الاستثمار لا يُدرج في حساب الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. ومع ذلك، فإن نموذج التوقع "GDPNow" لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، قبل صدور أرقام مارس، توقع أن تقتطع التجارة نحو 3 نقاط مئوية من النمو، وهو ما يتماشى مع تدافع ما قبل فرض الرسوم على استيراد البضائع والمواد الخام.
بينما تتفاوض دول العالم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية، تعرض إيران، العدو التقليدي، اقتصادها الخاضع للعقوبات عليه كفرصة استثمارية.
مع ظهور مؤشرات على إحراز تقدم في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشأن الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية، بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين – ولأول مرة منذ عقود – في الترويج العلني لاقتصاد بلادهم أمام البيت الأبيض، بهدف التوصل إلى اتفاق نووي أكثر استدامة وفعالية. وإذا كان ترامب يسعى إلى صفقة أفضل من تلك التي انسحب منها عام 2018، فإن الإيرانيين يطالبون بالمثل.
السفير الإيراني البارز عباس عراقجي كتب في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي أن اتفاقًا نوويًا جديدًا قد يمنح الشركات الأمريكية فرصة دخول ما وصفه بـ"فرصة اقتصادية تريليونية" في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 90 مليون نسمة ويملك أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم.
وقالت إيلي غيرانمايه، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية:
"الحديث عن فرصة تريليونية بدلاً من حرب تريليونية كارثية هو وسيلة لجذب ترامب إلى الصفقة."
تشبه هذه الاستراتيجية ما فعلته روسيا في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ورغم أن تحويل العلاقة بين واشنطن وطهران من عداء إلى تعاون اقتصادي يُعد طموحًا كبيرًا، إلا أن لذلك القدرة على حل صراع طال أمده وزعزع استقرار أمن الشرق الأوسط لعقود.
تفرض الولايات المتحدة عقوبات وحظرًا تجاريًا على طهران منذ أن قطعت العلاقات معها عقب الثورة الإسلامية عام 1979 وأزمة احتجاز الرهائن. وبصفتها دولة دينية، قدمت إيران نفسها كحصن منيع ضد النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وكان برنامجها النووي وسياساتها المعادية لإسرائيل مصدرين رئيسيين للتوتر.
وأشار عراقجي إلى أن البرنامج النووي الإيراني نفسه يمكن أن يصبح مجالًا للاستثمار الأمريكي، مؤكدًا أنه يمثل "عشرات المليارات من الدولارات من العقود المحتملة."
وفي تصريحات منفصلة على منصة إكس الأسبوع الماضي، قال:
"السوق الإيرانية وحدها كافية لإنعاش صناعة الطاقة النووية الأمريكية المتعثرة."
وردّ متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على استفسار من بلومبرج قائلاً إن ترامب واضح بشأن أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا، مضيفًا أن من غير المصلحة الوطنية التفاوض علنًا بشأن هذه القضايا.
كما قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: "نحن لا نؤكد أو ننفي تفاصيل المفاوضات الجارية."
ورغم تشدده السابق، عبّر ترامب عن رأيه في إمكانيات الاقتصاد الإيراني. ونقلت بلومبرج في وقت سابق من هذا العام أنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – وهو حليف لإيران – التوسط في محادثات مع طهران.
وقال ترامب هذا الشهر: "أريد لإيران أن تزدهر. لا أريد أن أؤذي أحدًا، لكن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا. لا نريد أن نأخذ منهم صناعتهم أو أرضهم."
وأشار الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان إلى أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي – الذي وافق على مضض على اتفاق 2015 النووي الذي انسحب منه ترامب لاحقًا – لا يرى مانعًا في أن يستثمر الأمريكيون في الجمهورية الإسلامية.
وتبدو استراتيجية عراقجي مدعومة من قبل التيار المتشدد، مما يشير إلى أن المؤسسة الدينية الحاكمة تواجه ضغوطًا لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تعزز السخط الشعبي داخليًا.
وقال همايون فلكشاهي، رئيس تحليل أسواق النفط الخام في شركة كيبلر:"لم يتبقَ لديهم الكثير من أوراق الضغط في المفاوضات، وهم أقل تهديدًا مما كانوا عليه قبل بضع سنوات، كما أن وكلاءهم فقدوا الكثير من نفوذهم."
"يحاولون القول للولايات المتحدة: يمكنكم الاستفادة من الاتفاق، ونحن مستعدون لفتح أبواب الاستثمار أمام شركاتكم."
رغم أن اتفاق عام 2015 النووي علّق عددًا من العقوبات الأمريكية الثانوية، إلا أنه لم يلغِ العقوبات الأساسية، وظلّت وزارة الخزانة الأمريكية تمنع الاستثمار الأمريكي المباشر في الاقتصاد الإيراني.
وعندما انسحب ترامب من ذلك الاتفاق، أعاد فرض العقوبات ضمن سياسة "الضغط القصوى"، بل وتجاوزها، إذ حظر على الدول الأخرى شراء النفط من إيران، العضو بمنظمة أوبك.
وأدت هذه العقوبات إلى انخفاض صادرات إيران النفطية وهروب الشركات الأجنبية وانهيار العملة التي فقدت نحو 90% من قيمتها أمام الدولار منذ عام 2018. كما واجهت البلاد أزمة وقود وكهرباء خلال شتاء العام الماضي.
ويحاول مسؤولو قطاع النفط والغاز استقطاب الأموال الأجنبية لتغطية فاتورة قدرها 135 مليار دولار يحتاجها القطاع لإعادة تأهيل البنية التحتية.
وقال فلكشاهي: "سيكون هذا من أكبر الفرص الاستثمارية العالمية في قطاع النفط والغاز."
لكنه أضاف أن البنود المالية التي ستعرضها إيران على الشركات الأجنبية ستكون حاسمة لجذب المستثمرين.
ومع ذلك، تبقى هناك عقبات كبيرة أمام الاستثمار في إيران، مثل الفساد وهيمنة الدولة على الاقتصاد، وانعزال النظام المصرفي عن المعايير الدولية. كما أن الشركات الأمريكية قد تواجه انتقادات شديدة من المعادين لإيران في واشنطن وتل أبيب.
العقوبات الأساسية
الاتفاق النووي الأصلي – المعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" – فرض قيودًا صارمة على تخصيب اليورانيوم الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.
لكن خلال أشهر من تنفيذ الاتفاق في يناير 2016، اشتكى المسؤولون الإيرانيون من أن الفوائد الاقتصادية لم تتحقق بالشكل المتوقع، وكان السبب الرئيسي هو أن الشركات الأوروبية واجهت صعوبات في التعامل مع إيران بسبب استمرار العقوبات الأمريكية.
وقال بيجان خاجبور، الاقتصادي والشريك الإداري في شركة Eurasian Nexus Partners للاستشارات: "هدف إيران هذه المرة هو رفع العقوبات الأساسية وتمهيد الطريق للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية للبلاد."
في حين كانت رؤية ترامب الأصلية تهدف إلى صفقة شاملة تشمل كبح دعم إيران لوكلائها وحتى برنامجها الصاروخي، تشير تصريحاته الأخيرة إلى أنه قلّص أهدافه إلى ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا.
ومن خلال عرض فرصة استثمار أمريكية في القطاع النووي الإيراني، تسعى طهران لطمأنة واشنطن بهذا الشأن، كما تأمل في تقليل فرص تراجع أي إدارة أمريكية مستقبلية عن الاتفاق.
لكن، رغم أن فتح أبواب الاقتصاد الإيراني بشكل غير مسبوق قد يكون مغريًا لترامب ويحل جزءًا من أزمات إيران، إلا أن ذلك سيتطلب التزامًا سياسيًا هائلًا وتغييرات كبيرة من جانب الجمهورية الإسلامية.
وقالت غيرانمايه من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "رفع جميع العقوبات الأساسية والقيود القانونية على التجارة الأمريكية سيتطلب تحولاً جذرياً في السياسة."
"وسيتطلب تنازلات كبيرة من الجانب الإيراني، وجهدًا دبلوماسيًا ضخمًا من ترامب."
وعد دونالد ترامب الأمريكيين بـ"ازدهار لا مثيل له" إذا تم انتخابه رئيساً. لكن بالنظر إلى أداء سوق الأسهم خلال أول 100 يوم من توليه المنصب، فإن تفسير "الازدهار" يعتمد على ما تعنيه الكلمة بالضبط.
فقد كان هناك بالتأكيد الكثير من الحركة — لكنها لم تكن كما كان المستثمرون يأملون. مع حلول 30 أبريل، سيكون ترامب قد أكمل أول 100 يوم له في الرئاسة. وعلى الرغم من الانتعاش الذي شهده السوق الأسبوع الماضي، فإن مؤشر ستاندرد آند بورز 500لا يزال منخفضاً بنحو 8% منذ يوم التنصيب، ويتجه نحو أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئيس أمريكي منذ جيرالد فورد عام 1974 بعد استقالة ريتشارد نيكسون.
لقد كان انعكاساً لم يتوقعه الكثيرون في وول ستريت، بعد عامين متتاليين من تحقيق مكاسب تجاوزت 20%، ومع توقعات بسير ترامب على نهج داعم للنمو. ولكن بدلاً من ذلك، شهدت الأسواق تقلبات حادة مع فرض ترامب رسوماً جمركية على تقريباً كل دولة تعمل فيها الشركات الأمريكية — تارة يفرضها، وتارة يستثني صناعات معينة، وأخرى يصعّد حربه التجارية مع الصين.
بعد فوزه بالانتخابات، اندفع المتداولون نحو الرهان على سياسة "أمريكا أولاً"، مما دفع مؤشر اس آند بي 500 لتحقيق أفضل مكاسب ما بعد الانتخابات في تاريخه. كانت التوقعات أن تقوم الإدارة بتخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب لدعم النمو الاقتصادي. إلا أن ترامب ركّز بدلاً من ذلك على معاركه التجارية، مما أربك الأسواق مع كل إعلان جديد عن فرض رسوم جمركية.
وقال إريك ديتون، رئيس ومدير إدارة شركة "ويلث ألاينس":
"ما تم انتخابه من أجله هو ‘لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً’ والاقتصاد سينتعش. ولكن في الواقع، فإن كل حالة عدم اليقين حول التجارة قد أضرت بالنمو الاقتصادي."
انتكاسة تلو الأخرى
شهد مؤشر اس آند بي 500 انخفاضاً بأكثر من 10% خلال جلستين فقط في أوائل الشهر الجاري بعد أن فرض ترامب أعلى رسوم جمركية شهدتها الولايات المتحدة منذ قرن، في 2 أبريل. ثم ارتفع المؤشر بقوة بعد أسبوع عندما تراجعت الإدارة عن بعض الرسوم وأجلت تطبيقها لمدة 90 يوماً. ومنذ ذلك الحين، تتأرجح الأسهم دون اتجاه واضح.
وقال ديف لوتز، الخبير الاستراتيجي في "جونز تريدينغ" والمخضرم في وول ستريت منذ 30 عاماً:
"لقد كانت صدمة تلو صدمة تلو صدمة."
وتستعد وول ستريت لمزيد من التقلبات؛ حيث وسّع المضاربون رهاناتهم على انخفاض المؤشر القياسي إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر، وفقاً لأحدث بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) الصادرة يوم الجمعة.
تسعى الدول الكبرى في الأسواق الناشئة إلى تحويل مجموعة بريكس إلى منتدى عالمي قادر على التصدي للفوضى الاقتصادية والسياسية التي أطلقتها حرب الرسوم الجمركية التي شنها دونالد ترامب.
يجتمع وزراء خارجية المجموعة — التي سُميت بالأحرف الأولى للأعضاء المؤسسين: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، ولاحقاً جنوب أفريقيا — يوم الإثنين، في أول لقاء منذ أن أدت سياسات ترامب إلى زعزعة ليس فقط الاقتصاد العالمي، بل أيضاً المؤسسات متعددة الأطراف التقليدية مثل مجموعة العشرين، حيث أصبح تحقيق التوافق أمراً بعيد المنال.
هذا الاضطراب وضع بريكس في موقع يمكنها من انتزاع النفوذ العالمي الذي طالما سعى إليه بعض أعضائها البارزين، خصوصاً بعد توسعها لتشمل دولاً جديدة مثل مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. بات التكتل الآن يمثل نحو نصف سكان العالم وحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
خلال الاجتماع الذي يستمر يومين في ريو دي جانيرو، سيخصص وزراء الخارجية وقتاً كبيراً لمناقشة سبل التعامل مع رسوم ترامب الجمركية. تواجه الصين، على سبيل المثال، تعريفات بنسبة 145% على معظم صادراتها إلى الولايات المتحدة، وقد أشارت إلى أنها ترغب في استغلال هذا الاجتماع للرد على واشنطن.
في إفادة صحفية الأسبوع الماضي سُئل فيها عن توقعات الصين للاجتماع، انتقد متحدث باسم وزارة المالية الصينية أولئك الذين "يتسلحون بالعصا الكبيرة للرسوم الجمركية ويقوضون العدالة والنظام الدوليين ويزيدون من المخاطر الأمنية العالمية"، دون أن يسمي الولايات المتحدة صراحةً. ودعا أيضاً إلى "تعزيز التعاون" و"العمل المشترك" بين دول بريكس.
ومن المتوقع أن يصدر وزراء خارجية بريكس بياناً يوم الثلاثاء يتضمن انتقادات حادة للإجراءات الأحادية الجانب بشأن التجارة، دون ذكر ترامب أو الولايات المتحدة بالاسم، بحسب مسؤولين اثنين حكوميين برازيليين. وأشارا إلى أن بعض الدول ترغب في توجيه توبيخ مباشر لترامب، إلا أن هذا الموقف لا يحظى بإجماع داخل المجموعة.
القدرة على إيجاد توافق بين وجهات النظر المختلفة هو بالتحديد ما ستحتاج بريكس إلى إظهاره لإثبات أنها قادرة على تفادي الانقسامات العميقة التي أضعفت مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.
الدفاع عن التعددية
في ريو، سيبدأ وزراء الخارجية مناقشة أولويات رئاسة البرازيل الدورية لبريكس، والتي تشمل: اتخاذ خطوات أكثر جرأة بشأن التغير المناخي وتعزيز التعاون في مجال الصحة العامة وتقوية الروابط التجارية بين الدول الأعضاء والدفاع عن مبدأ التعددية.
يحذر المسؤولون البرازيليون من أن الهدف من بريكس، الذي تشكل قبل نحو عشرين عاماً، لم يكن أبداً تحدي القيادة الأمريكية للعالم أو تقويض النظام الدولي الذي تقوده واشنطن والغرب.
وقال السفير البرازيلي ماوريسيو ليريو في فبراير خلال اجتماع تحضيري في برازيليا: "القول بأن بريكس كتلة مناهضة لأمريكا أمر خاطئ تماماً. تم إنشاء المجموعة لتعزيز تنمية الدول النامية، وليس لمعاداة الدول الغنية."
ومع ذلك، فقد وضعت الأجندة البرازيلية بريكس كمدافع قوي عن التعددية في وقت يتجه فيه ترامب إلى فرض رسوم جمركية على غالبية دول العالم والتخلي عن المؤسسات والاتفاقات الدولية.
منذ توليه المنصب، انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية وفكك الوكالة الأمريكية الرئيسية المعنية بالمساعدات الخارجية وأثار الشكوك حول استمرار مشاركة الولايات المتحدة في مجموعة العشرين.
وجاءت علامة مهمة على تكثيف دول بريكس جهودها الأسبوع الماضي عندما نظمت البرازيل والأمم المتحدة حدثاً افتراضياً حول المناخ، شارك فيها أكثر من عشرين زعيماً عالمياً، دون دعوة ترامب أو الولايات المتحدة. وكان أبرز المشاركين الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي تعهد بالتزام بلاده بالتعاون الدولي في مكافحة التغير المناخي "بغض النظر عن التغيرات في المشهد الدولي".
كان الحدث أحدث إشارة إلى تكثيف شي الجهود لتصوير بكين كحليف أكثر موثوقية مقارنة بالولايات المتحدة تحت قيادة ترمب حيث يسعى لتعميق العلاقات مع أجزاء أخرى من العالم—منها الاتحاد الأوروبي، الذي دخل معه في خلافات في السابق
تعزيز الروابط التجارية
كما أظهر الحدث أيضاً قوة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي جمع قادة مثل شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين استعداداً لاستضافة قمة المناخ الأممية المقبلة في نوفمبر.
رغم أداء متباين للبرازيل خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، يواصل لولا تأكيد حضوره في المناقشات العالمية الكبرى، وساهم بدور رئيسي في مفاوضات اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور، الاتحاد الجمركي لأمريكا الجنوبية، أواخر 2024.
قالت جيمينا زونيغا، المحللة الاقتصادية في بلومبيرغ إيكونوميكس: "تلعب البرازيل دوراً قيادياً متزايداً في الجغرافيا السياسية، من خلال استضافة قمة بريكس هذا العام، والدفع نحو اتفاق ميركوسور وتعزيز التجارة الإقليمية والدفاع عن النظام التجاري التعددي."
يدفع لولا الآن دول بريكس لتحسين روابطها التجارية الداخلية لتعزيز قوتها العالمية ومواجهة القرارات الأحادية لترامب والولايات المتحدة. ومع أن فكرة إنشاء عملة موحدة — التي أثارت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% ضد أعضاء بريكس — "ليست قيد النقاش" حالياً، وفقاً لما قاله السفير ليريو، إلا أن الجهود مستمرة لتطوير أنظمة مدفوعات محلية وأدوات مالية تسهل التجارة والاستثمار داخل التكتل.
الانقسامات الداخلية
مع ذلك، تبرز التحديات التقليدية التي واجهتها بريكس منذ تأسيسها: طموحات كبيرة، لكن إنجازات محدودة. فقد اختلف الأعضاء على رؤية موحدة، حيث تعتبر الصين التمتل أداة لمواجهة الولايات المتحدة، بينما يتحفظ آخرون لتفادي إغضاب الحلفاء الغربيين. كما توترت العلاقات بين الصين والهند بسبب نزاعات حدودية، ما دفع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تعزيز تقاربه مع واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة.
التوسع الأخير زاد من تباين وجهات النظر داخل بريكس مقارنة بتكتلات أكثر انسجاماً مثل مجموعة السبع، مجموعة الدول الغنية الغربية التي تهيمن على النظام العالمي. وفي حين خلق ترامب فرصة لبريكس، إلا أن حربه التجارية مع الصين أجبرت كل دولة على التفاوض بشكل منفرد، مما قد يضعف جهود لولا للدعوة إلى الوحدة.
وكما قال لولا في مارس:
"لا يمكننا الاستمرار في البحث عن سبل خروج فردية لكل دولة. العالم مقسم إلى تكتلات، ومن ينظم صفوفه أكثر، يحقق أكثر."
قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، أن "جميع أجهزة" الحكومة الأمريكية على تواصل مع الصين، لكنه أكد أن على بكين أن تتخذ الخطوة الأولى نحو تخفيف حدة صراع الرسوم الجمركية بين البلدين، نظراً لاختلال ميزان التجارة بينهما.
وقال بيسنت في مقابلة مع شبكة سي.إن.بي.سي: "سنرى إلى أين ستتجه الأمور. وكما قلت مراراً، أعتقد أن على الصين أن تبادر إلى التهدئة لأنها تصدّر إلينا سلعاً بقيمة خمسة أضعاف ما نصدره نحن إليها، وهذه التعريفات الجمركية البالغة 125% غير قابلة للاستمرار".
بيسنت أضاف أن قيام الصين بإعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية يدل على رغبتها في خفض التوترات، مشيراً إلى أنه يحتفظ بـ"سلم متدرج للتصعيد" في جيبه الخلفي، وأن الولايات المتحدة "حريصة للغاية" على عدم اللجوء إليه. وبيّن أن التصعيد قد يشمل فرض "حظر تجاري".
وأوضح بيسنت أن الولايات المتحدة أرجأت التعامل مع الصين في الوقت الحالي بينما تسعى لإبرام اتفاقيات تجارية مع ما بين 15 إلى 17 دولة أخرى، مضيفاً أنه لن يتفاجأ إذا تم الإعلان عن اتفاق تجاري مع الهند أولاً.
كما كشف بيسنت أن المسؤولين الأمريكيين التقوا نظراءهم الصينيين خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن العاصمة الأسبوع الماضي، لمناقشة قضايا تتعلق بـ"الاستقرار المالي"، لكنه أشار إلى أن محادثات التجارة لم تُطرح خلال هذه الاجتماعات.
أعلنت الصين أنها " ستحضر بشكل كامل" خططاً طارئة للتصدي لصدمات خارجية متزايدة، متبنية نهجًا متأنيًا في دعم النمو، في وقت تزيد فيه الحرب التجارية المتصاعدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وأفاد بيان نُشر على الموقع الرسمي للحكومة أن المكتب السياسي للحزب الشيوعي، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، تعهد يوم الجمعة بتطوير أدوات نقدية جديدة وآليات تمويل تهدف إلى تعزيز التكنولوجيا والاستهلاك والتجارة. وتشير هذه الخطوات إلى إمكانية تسريع ضخ ائتمان منخفض التكلفة في قطاعات مستهدفة.
وقال القادة: "يجب علينا الاستمرار في تحسين أدوات السياسات لضمان استقرار التوظيف والاقتصاد، وتنفيذ الإجراءات المخطط لها بالفعل في وقت مبكر". كما أكدوا أنهم سيبذلون قصارى جهدهم "لتعزيز أسس التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي".
تحفيز محسوب لا اندفاع
وتشير بكين إلى أنها لا تتعجل توسيع التحفيز الاقتصادي، بعد شهر فقط من الكشف عن إجراءات منها التزام بتسجيل عجز قياسي في الموازنة. وقد منحت بيانات نمو أقوى من المتوقع في الربع الأول بعض الوقت للحكومة للتفكير في خطوات جديدة.
وقال تشاو بينغ شينغ، كبير الاستراتيجيين في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية: "الأمل في التحفيز لا يزال قائمًا، لكن القيادة تتبع بوضوح نهج الترقب والانتظار".
وقد جدد صانعو السياسات دعوتهم إلى إتاحة مزيد من السيولة للبنوك "عند الحاجة"، وأكدوا ضرورة "اختيار التوقيت المناسب" لخفض أسعار الفائدة. وبعد تصريحات المكتب السياسي عن تخفيضات في التوقيت المناسب لأسعار الفائدة ونسبة الاحتياطي الإلزامي، قفزت العقود الآجلة للسندات الحكومية لأجل 30 عامًا بأعلى وتيرة منذ 9 أبريل، بينما ظلت عوائد السندات لأجل 10 سنوات مستقرة، واستقر اليوان في التعاملات الخارجية دون تغيير يذكر. أما مؤشر CSI 300 للأسهم الصينية فقد أغلق مرتفعًا بنسبة 0.1% بعد مكاسب بلغت 0.5% خلال الجلسة.
سيناريوهات مؤجلة وترقب للمفاوضات
رغم تجاوز النمو في الربع الأول مستهدف الحكومة عند حوالي 5% لهذا العام، فإن هناك حاجة لمزيد من التحفيز لأن الاقتصاد قد يفقد زخمه بشكل كبير بدءًا من أبريل، بعد دخول الرسوم الانتقامية الأمريكية حيّز التنفيذ.
وتوقعت جاكلين رونغ، كبيرة الاقتصاديين في "بي إن بي باريبا"، أن تؤجل الحكومة الصينية اتخاذ خطوات تحفيزية جديدة حتى اجتماع المكتب السياسي في يوليو، حين تتضح رؤية المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، إلى جانب تقييم تأثير السياسات التي أُقرت خلال الدورة السنوية للبرلمان الصيني.
وقد جاءت تعليقات القيادة الصينية بعد يوم من نفي بكين لتصريحات أمريكية بشأن وجود محادثات تجارية. كما جددت وزارة التجارة الصينية هذا الأسبوع مطالبتها لواشنطن بإلغاء جميع الرسوم الجمركية الأحادية الجانب، في إشارة إلى عدم استعجالها استئناف المفاوضات، رغم تلميحات ترامب لإمكانية خفض الرسوم ضمن صفقة.
حرب باردة تجارية.. وهدوء تكتيكي
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوه جياكون، الجمعة: "لا توجد أي مشاورات أو مفاوضات حالية بين الصين والولايات المتحدة بشأن الرسوم"، مضيفًا أن "على واشنطن ألا تُضلل الرأي العام".
ورغم اللهجة المتشددة، تفكر بكين بهدوء في تعليق الرسوم الانتقامية البالغة 125% على بعض الواردات الأمريكية، في خطوة تهدف إلى احتواء تداعيات الحرب التجارية على بعض القطاعات. ويعكس هذا التحول مدى الترابط العميق بين الاقتصادين الأكبر في العالم، وسط تحذيرات من شلل محتمل في بعض الصناعات الحيوية.
وفي السياق ذاته، شددت السلطات على المضي قدمًا في تنفيذ برنامج تجديد القرى الحضرية والمنازل المتهالكة، مع تيسير السياسات الحكومية لشراء الوحدات السكنية غير المباعة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن خطة لإنهاء ركود عقاري ممتد منذ سنوات بتحفيز الطلب على المنازل وتخفيف أزمة السيولة لدى كثير من المطوّرين.
وقال ووي تشين هو، الاقتصادي في بنك يونايتد أوفرسيز: "صانعو السياسات في الصين يريدون بعث رسالة طمأنة بأنهم مستعدون لصراع تجاري طويل الأمد، ويهدفون لتعزيز ثقة الأسواق"، مضيفًا أن "التركيز الأكبر لا يزال على تنشيط الطلب المحلي واستقرار السوق العقارية".
ويُذكر أن المكتب السياسي المكوّن من 24 عضوًا يعقد اجتماعاته في أبريل ويوليو وديسمبر لمناقشة الملفات الاقتصادية. وبينما نادرًا ما يكشف عن أرقام مستهدفة، فإن بياناته التي تكون صياغتها مبهمة تحتوي على إشارات مهمة حول التحولات في التوجهات السياسية.
واختتم البيان الرسمي بالقول: "يجب أن نعزز التفكير القائم على أسوأ السيناريوهات، وأن نستعد بالكامل بخطط طوارئ، للقيام بالعمل الاقتصادي على نحو فعّال"، مشددًا على الحاجة إلى مزيد من الجهد لدعم استمرار تعافي الاقتصاد.
تشهد الصين موجة عارمة من الاهتمام بالذهب، مع صعود المعدن إلى مستويات قياسية، ما يغذي الطلب الاستثماري من قبل الأفراد ويصل بأحجام التداول إلى مستويات غير مسبوقة ويزيد من حدة التذبذبات، وصولًا إلى إصدار تحذيرات من السلطات.
ومع تذبذب الأسعار، ظهرت علامات على طفرة محمومة في التداول اليومي، خاصة في العقود الآجلة المقومة باليوان، وسط محاولات المضاربين اجتياز تقلبات الحرب التجارية. بالتوازي، تدفقت الأموال بكثافة نحو صناديق المؤشرات (ETFs) وتوسع نشاط المستثمرين الأفراد، بينما ارتفعت الفجوة السعرية بين الذهب المحلي والأسعار العالمية بشكل كبير. وتُعد الصين، باعتبارها أكبر مستهلك للذهب في العالم وأحد أبرز منتجيه، لاعبًا مؤثرًا على الساحة العالمية — وهدفًا رئيسيًا لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال سامسون لي، المحلل في شركة Commodity Discovery Fund في هونج كونج:"السوق الصاعدة للذهب ستستمر لفترة طويلة، لأن الصينيين يسعون للتحوط من التوترات الجيوسياسية"، مشيرًا إلى بعض التوقعات التي ترجح ارتفاع الذهب إلى 5000 دولار للأونصة، بما في ذلك توقعات بعيدة الأمد من بنك الاستثماري الأقدم في الصين China International Capital Corp.
وأضاف:"الجميع يعلم أن الاقتصاد الصيني يمر بحالة سيئة — ومع الرسوم الجمركية الأمريكية، فإن الوضع مرشح للتدهور أكثر."
وقد تصدّر الذهب قائمة السلع الأفضل أداءً هذا العام، وسط اضطرابات في الأسواق بفعل مساعي إدارة ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، ما عزز الطلب على الذهب كملاذ آمن — خاصة مع قيام البنوك المركزية، ومن بينها بنك الشعب الصيني، بشراء كميات كبيرة من المعدن النفيس. وقد لاقت هذه الرواية صدىً واسعًا داخل الصين، حيث تكافح السلطات لإنعاش الاقتصاد، في ظل مخاوف متزايدة من تراجع محتمل في قيمة اليوان.
وصرّح وو تسيجيه، المحلل في شركة Jinrui Futures: : "الضجة الإعلامية المحلية حول الذهب غذّت مشاعر الخوف والطمع... هناك خوف من تفويت الفرصة. ورغم تراجع الأسعار لفترة قصيرة منتصف الأسبوع، إلا أن معظم المستثمرين الأفراد خففوا من وتيرة الشراء فقط دون أن يخرجوا تمامًا من السوق."
وفي بلد يُنظر فيه إلى الذهب تقليديًا كأداة ادخار أساسية للأسر، هناك دلائل واضحة على هوس بين الأفراد، تتجاوز ما شهدناه العام الماضي. فقد تجاوزت أحجام التداول في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة حاجز مليون عقد يوميًا خلال الجلسات الثلاث الأخيرة، وهو رقم يفوق بكثير المعدلات المعتادة.
ويقول جون ريد، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: رغم القفزة الهائلة في أحجام التداول، لم نشهد زيادة كبيرة في عدد العقود المفتوحة — ما يشير إلى أن أغلب التداول من قبل مضاربين يوميين."
وأضاف أن المستثمرين الصينيين لعبوا دورًا في دفع الأسعار العالمية نحو أعلى مستوياتها على الإطلاق في وقت سابق من هذا الأسبوع.
"لقد سمعنا كذلك أنباء عن نفاد مخزون البنوك من سبائك الذهب الاستثمارية، مما يدل بوضوح على وجود طلب استثماري قوي من الأفراد."
ولا يقتصر الأمر على العقود الآجلة، إذ يتدفق المستثمرون كذلك على شراء أشكال أخرى من الذهب. فالتدفقات إلى صناديق المؤشرات المحلية المدعومة بالذهب هذا الشهر تجاوزت إجمالي ما تمت إضافته من حيازات العام الماضي بأكمله. ووسط هذا الحماس، اتسعت الفجوة السعرية بين الذهب في شنغهاي والأسعار العالمية إلى مستوى قياسي.
ويأتي هذا التهافت على الذهب في الصين في وقت تتزايد فيه القناعة بأن الارتفاع لم يبلغ ذروته بعد. فبحسب بنك جولدمان ساكس، هناك مجال لوصول الأسعار إلى 4000 دولار للأوقية بحلول منتصف 2026.
وفي الداخل الصيني، تسود أجواء مشحونة. فقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك "وي تشات"، بمنشورات تشجع المستثمرين الأفراد — حتى من ليس لديهم خبرة استثمارية تُذكر — على دخول السوق. بعض المستخدمين تحدّثوا عن وضع مدّخراتهم كاملة في الذهب، أو حتى اللجوء إلى الاقتراض لملاحقة الأسعار المرتفعة.
وكما هو معتاد في فترات الاضطرابات السوقية — لا سيما في أسواق السلع التي كثيرًا ما تتسم بالفوضى في الصين — تحركت السلطات لكبح جماح الاندفاع. ففي يوم الاثنين، أصدرت بورصة شنغهاي للذهب تحذيرًا جديدًا بشأن التقلبات، داعية المستثمرين إلى توخي الحذر.
وفي اليوم التالي، بلغت الأسعار ذروتها — ثم انهارت فجأة.
واختتم سامسون لي بقوله: "بغض النظر عما يقوله ترامب، في الصين لم نعد نصدق أن العلاقة بين البلدين يمكن أن تعود إلى طبيعتها... هذا هو المزاج السائد بين الناس هنا. إنهم مستعدون لنسف طريق العودة نهائياً."
تدرس الحكومة الصينية تعليق رسومها الجمركية البالغة 125% على بعض الواردات الأمريكية، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، وذلك في ظل الأعباء الاقتصادية المتزايدة التي تفرضها الحرب التجارية المتبادلة على عدد من القطاعات الصناعية.
وأوضح الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظرًا لخصوصية المناقشات، أن السلطات الصينية تفكر في إلغاء هذه الرسوم الإضافية عن المعدات الطبية وبعض المواد الكيميائية الصناعية مثل الإيثان.
كما يجري المسؤولون مناقشات حول إعفاء تأجير الطائرات من الرسوم، إذ إن شركات الطيران الصينية، على غرار العديد من شركات الطيران العالمية، لا تملك جميع طائراتها، بل تدفع رسوم تأجير لشركات طرف ثالث، وهي مدفوعات ستصبح عبئًا ماليًا لا يحتمل مع الرسوم الجديدة.
وقال "كوك هونغ وونغ"، رئيس قسم التداول المؤسسي في شركة Maybank Securities"هذه خطوة أخرى نحو تهدئة الحرب التجارية"، مشيرًا إلى أن ارتفاع مؤشرات الأسهم في هونج كونج والصين واليابان يعزى إلى هذا التقرير. وأضاف: "رغم أن معظم التوقعات لا تشير إلى حل قريب للخلافات بين واشنطن وبكين، إلا أنه يبدو أن الأسوأ قد يكون فعلاً تم تجاوزه".
وتضاهي الإعفاءات التي تدرسها الصين خطوات مماثلة من الجانب الأمريكي، إذ استثنت واشنطن مؤخرًا الأجهزة الإلكترونية من رسومها الجمركية البالغة 145% على الواردات الصينية. وتعكس هذه التراجعات مدى تشابك أكبر اقتصادين في العالم، خاصة مع تعطل بعض الصناعات الحيوية جراء تصاعد الحرب التجارية.
وقال مايكل هارت، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في الصين، خلال مؤتمر صحفي عقد في بكين يوم الجمعة: "أبلغتنا بعض الشركات العضوه لدينا بأنها استوردت شحنات خلال الأسبوع الماضي لم تُفرض عليها الرسوم الجمركية". وأضاف: "يبدو أن كلا الحكومتين تراجعان الأمور بعناية، ولا ترغبان في إيقاف عجلة التجارة تمامًا".
ورغم أن الولايات المتحدة تستورد من الصين أكثر مما تصدّره إليها، تسلط خطوة بكين الضوء على القطاعات الحيوية في الاقتصاد الصيني التي لا تزال تعتمد على السلع الأمريكية. فالصين، رغم كونها أكبر منتج للبلاستيك في العالم، تعتمد بعض مصانعها على الإيثان الأمريكي، كما تعتمد مستشفياتها على أجهزة طبية متقدمة مثل أجهزة الرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية، المصنعة من قبل شركات أمريكية مثل جنرال الكتريك لتقنيات الرعاية الصحية GE Healthcare Technologies.
وامتنعت وزارة المالية الصينية وإدارة الجمارك العامة عن التعليق على الأمر.
وتشير المصادر إلى أن قائمة الإعفاءات لا تزال قيد المراجعة، وقد لا تفضي المناقشات إلى قرارات نهائية. كما طُلب من الشركات التي تعمل في قطاعات مهددة تقديم رموز الجمارك الخاصة بالسلع الأمريكية التي تحتاج إلى إعفاء من الرسوم الجديدة. وأُبلغت شركة طيران صينية واحدة على الأقل بأن مدفوعاتها لشركات تأجير الطائرات في المناطق الحرة لن تخضع للرسوم الجديدة.
كما بدأ بعض المتداولين تداول قوائم مزعومة لرموز جمركية يُفترض أنها معفاة من الرسوم، تتعلق بمواد كيميائية رئيسية ومكونات تصنيع الرقائق الإلكترونية. ولم تتمكن "بلومبرج" من التحقق بشكل مستقل من صحة هذه القوائم.
ووفقًا لما نقلته مجلة "Caijing" يوم الجمعة عن مصادر لم تُكشف هويتها، تستعد بكين كذلك لإعفاء رسوم جمركية إضافية على ما لا يقل عن ثمانية منتجات مرتبطة بصناعة أشباه الموصلات. إلا أن هذه الإعفاءات لا تشمل في الوقت الحالي شرائح الذاكرة، في خطوة قد تُعتبر ضربة لشركة مايكرون تكنولوجي الأمريكية، ثالث أكبر منتج لذاكرة الحواسيب في العالم.
وبينما يترقب المستثمرون أي مؤشرات على انخراط الطرفين في مفاوضات لتخفيض الرسوم، فإن العلاقات الثنائية لا تزال تبدو في حالة جمود. فقد طالبت الصين، يوم الخميس، الولايات المتحدة بإلغاء جميع الرسوم الجمركية الأحادية الجانب قبل الدخول في أي محادثات تجارية. وفي المقابل، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إجراء اتصال مع الرئيس الصيني شي جين بينغ منذ عودته إلى المنصب، لكن الأخير لم يستجب حتى الآن، مفضلاً دفع المفاوضات إلى مستويات أدنى لتسوية الخلافات.
وعلى الجانب الأمريكي، أقدمت إدارة ترامب على إعفاء الهواتف الذكية والحواسيب الإلكترونية وغيرها من الأجهزة من الرسوم الجمركية المعروفة باسم "الرسوم المتبادلة"، مما مثّل ارتياحًا كبيرًا لشركات التكنولوجيا العالمية مثل آبل وانفيديا رغم أن هذه الإعفاءات قد تكون مؤقتة. وتشمل الإعفاءات الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة والأقراص الصلبة ومعالجات الحواسيب وشرائح الذاكرة وكذلك الشاشات المسطحة.