
جميع البيانات المنشورة من الشركة لا تعد توصية من الشركة باتخاذ قرار استثماري معين،
والشركة غير مسئولة عن أي تبعات قانونية أو قرارات استثمارية أو خسائر تنتج عن استعمال هذه البيانات.
خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية
تباطأ نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال شهر مايو، وتم تعديل بيانات الأشهر السابقة بالخفض، ما يشير إلى أن أرباب العمل يتعاملون بحذر مع آفاق النمو في ظل تقييمهم لسياسات إدارة ترامب الاقتصادية.
وبحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الصادرة يوم الجمعة، فقد ارتفعت وظائف غير الزراعيين بمقدار 139 ألف وظيفة الشهر الماضي، وذلك بعد تخفيض إجمالي قدره 95 ألف وظيفة في بيانات الشهرين السابقين. في المقابل، استقر معدل البطالة عند 4.2%، بينما تسارعت وتيرة نمو الأجور.
قد تساهم هذه الأرقام في تهدئة المخاوف من أن الشركات تُقلّص التوظيف بشكل سريع نتيجة مواجهتها لتكاليف أعلى مرتبطة بالرسوم الجمركية وتوقعات بتباطؤ النشاط الاقتصادي. وقد ساعد قرار الرئيس دونالد ترامب بتعليق بعض الرسوم العقابية، بما في ذلك تلك المفروضة على الصين، في رفع معنويات الشركات والمستهلكين على حد سواء.
ارتفعت عوائد السندات الأمريكية، وحققت العقود الآجلة لمؤشر اس آند بي 500 مكاسب، في حين صعد الدولار.
ويختتم تقرير سوق العمل أسبوعًا من البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال، شملت زيادة جديدة في طلبات إعانة البطالة وتراجعًا في نشاط قطاع الخدمات.
وقد عكست الزيادة في الوظائف قوة في قطاع الخدمات، لا سيما في مجالات الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية، بالإضافة إلى قطاع الترفيه والضيافة.
في المقابل، أظهرت الصناعات الأكثر تعرضًا للرسوم الجمركية مؤشرات تحذيرية؛ إذ انخفضت وظائف قطاع التصنيع بمقدار 8,000 وظيفة الشهر الماضي، وهو أكبر تراجع يُسجّل هذا العام، في حين شهد التوظيف في قطاع النقل والتخزين ارتفاعًا طفيفًا، بعد انخفاضه خلال الشهرين السابقين.
سؤال رئيسي آخر يشغل بال الاقتصاديين وصنّاع السياسة هو مدى تأثير جهود ترامب لخفض الإنفاق الحكومي على سوق العمل. فقد فقدت الحكومة الفيدرالية 22,000 وظيفة في مايو، وهو أكبر انخفاض شهري منذ عام 2020.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن ما لا يقل عن نصف مليون وظيفة في الولايات المتحدة مهددة، مع امتداد آثار خفض الإنفاق الفيدرالي إلى المتعاقدين والجامعات وغيرهم ممن يعتمدون على التمويل الحكومي.
وفي ذات السياق، تراجع معدل المشاركة في القوى العاملة — وهو نسبة السكان الذين يعملون أو يبحثون عن عمل — إلى 62.4% في مايو، وهو أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر. كما انخفض معدل المشاركة للفئة العمرية بين 25 و54 عامًا، المعروفة بكونها القوة العاملة الرئيسية.
بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، فقد أشار مسؤولوه إلى أنهم لا يشعرون بأي عجلة لخفض أسعار الفائدة قبل الحصول على رؤية أوضح لتأثير سياسات الإدارة الحالية على الاقتصاد — بما في ذلك سوق العمل. وأظهر بحث صادر هذا الأسبوع عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن الشركات المحلية، مع بدء تعاملها مع التكاليف المتزايدة الناتجة عن سياسة ترامب التجارية، كان هناك "بعض المؤشرات على أن الارتفاع الحاد والسريع في الرسوم الجمركية أثّر على مستويات التوظيف والاستثمار الرأسمالي".
من ناحية أخرى، تُقدّم بيانات مختلفة رؤى متباينة حول سوق العمل. ففي حين تقوم شركات مثل مايكروسوفت ووالت ديزني بعمليات تسريح كبيرة للعمال، ارتفع عدد فرص العمل المتاحة في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع خلال شهر أبريل، كما أن معدلات التسريح الإجمالية لا تزال منخفضة.
ويراقب الاقتصاديون عن كثب أيضًا كيفية تأثير ديناميكيات العرض والطلب في سوق العمل على نمو الأجور — لا سيما في ظل عودة مخاطر التضخم إلى الواجهة. وأظهر التقرير أن متوسط الأجر في الساعة ارتفع بنسبة 0.4% مقارنة بشهر أبريل، في حين سجل ارتفاعًا بنسبة 3.9% على أساس سنوي.
ارتفعت طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر، ما يعزز الدلائل على تباطؤ سوق العمل.
ووفقًا لبيانات وزارة العمل الصادرة يوم الخميس، زادت الطلبات الجديدة بمقدار 8000 لتصل إلى 247,000 طلب خلال الأسبوع المنتهي في 31 مايو، وهي فترة شملت عطلة "يوم الذكرى". وكان متوسط توقعات الاقتصاديين يشير إلى 235,000 طلب فقط.
وتُعد بيانات الطلبات الأسبوعية متقلبة بطبيعتها، وتزداد تقلبًا حول العطلات الرسمية. ومع ذلك، فإن البيانات والمسوح الأخيرة تشير إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي، وإذا استمرت طلبات الإعانة في الارتفاع خلال الأسابيع المقبلة، فقد يكون ذلك مؤشرًا على زيادة حالات التسريح من العمل.
وارتفع المتوسط المتحرك لأربعة أسابيع من الطلبات الجديدة – وهو مقياس يُستخدم لتقليل أثر التقلبات الأسبوعية – إلى 235,000، وهو أيضًا أعلى مستوى له منذ أكتوبر.
أما الطلبات المستمرة، التي تُعد مقياسًا لعدد الأشخاص المستمرين في تلقي إعانات بطالة، فقد تراجعت بشكل طفيف إلى 1.9 مليون في الأسبوع السابق، لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بالعام الماضي، في إشارة إلى أن العثور على وظائف جديدة بات يستغرق وقتًا أطول بالنسبة للعاطلين عن العمل.
أعلنت الشركات الأمريكية عن نحو 93,800 حالة تسريح للعمال في مايو، بحسب تقرير منفصل صدر الخميس عن شركة التوظيف "تشالنجر غراي آند كريسماس". وعلى الرغم من أن الرقم أقل من مستوى شهر أبريل، إلا أنه لا يزال مرتفعًا مقارنة بمتوسط العام الماضي. وقد تركزت غالبية خطط خفض الوظائف في قطاعي الخدمات والتجزئة.
وقال أندرو تشالنجر، النائب الأول لرئيس الشركة: "الرسوم الجمركية وتخفيضات التمويل وتراجع إنفاق المستهلكين والتشاؤم الاقتصادي العام تفرض ضغوطًا شديدة على القوى العاملة في الشركات. والشركات تقلل نفقاتها وتبطئ من وتيرة التوظيف، وتصدر إشعارات التسريح."
وشملت موجة التخفيضات شركات كبرى مثل مايكروسوفت وديزني وبوز ألين هاميلتون، حيث أعلنت جميعها عن خطط لتقليص الوظائف مؤخرًا.
ويتوقع اقتصاديون أن يُظهر تقرير التوظيف الحكومي لشهر مايو، المقرر صدوره يوم الجمعة، تباطؤًا في نمو الوظائف مقارنة بالشهر السابق الذي شهد وتيرة قوية. كما تشير التوقعات إلى أن معدل البطالة سيظل ثابتًا عند 4.2%.
تقلّص العجز التجاري الأمريكي في أبريل بأكبر وتيرة مسجلة على الإطلاق، مدفوعًا بأكبر انخفاض في الواردات في تاريخ البلاد، مما يعكس نهاية مفاجئة لعمليات التخزين الضخمة التي قامت بها بعض الشركات تحسبًا لزيادة الرسوم الجمركية.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة الصادرة يوم الخميس أن الفجوة في تجارة السلع والخدمات انكمشت بنسبة 55.5% مقارنة بالشهر السابق، لتصل إلى 61.6 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ عام 2023، مما يعوّض بالكامل تقريبًا التوسع الحاد الذي شهده العجز في الربع الأول من العام. وكان متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته وكالة "بلومبرج" يشير إلى عجز يبلغ 66 مليار دولار.
وقد تراجعت واردات السلع والخدمات بنسبة قياسية بلغت 16.3% خلال أبريل، في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 3%.
ويضع هذا التقلص الحاد في العجز التجاري خلال أبريل التجارة على مسار يُتوقع أن تسهم فيه بشكل كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني، بعدما كانت السبب الرئيسي في انكماش الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي 0.2% في الربع الأول. ويُعزى التباطؤ الحاد في الواردات إلى الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة على أغلب السلع المستوردة، والتي دخلت حيّز التنفيذ في وقت مبكر من الشهر، ما أدى إلى تباطؤ كبير في الشحنات الواردة من المنتجين الأجانب.
من غير الواضح حتى الآن إلى أي مدى سيسهم صافي الصادرات في دعم الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من أبريل إلى يونيو، وذلك بسبب قيام الرئيس دونالد ترامب بتقليص أو تأجيل بعض الرسوم الجمركية على الواردات، أو رفعها على سلع معينة مثل الصلب والألمنيوم. كما أشارت الإدارة الأمريكية إلى أنها تتفاوض مع عدد من الدول بشأن اتفاقيات تجارية جديدة.
وأظهر تقرير التجارة لشهر أبريل أن واردات السلع الاستهلاكية تراجعت بمقدار 33 مليار دولار، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى انخفاض حاد في الشحنات الواردة من المستحضرات الدوائية. كما تراجعت واردات اللوازم الصناعية والمركبات والمعدات الرأسمالية.
وقد أدى تراجع واردات الأدوية إلى تقليص كبير في العجز التجاري الأمريكي في السلع مع إيرلندا، وهي مُصدر رئيسي لتلك المكونات، حيث انخفض العجز إلى 9.5 مليارات دولار بعد التعديل الموسمي، مقارنة بـ29.3 مليار دولار في الشهر السابق.
وفي الوقت نفسه، انخفض العجز في تجارة السلع مع الصين إلى 19.7 مليار دولار. وتُعد الصين هدفًا رئيسيًا للتعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، في إطار سعي الرئيس لتحقيق توازن تجاري أكبر، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى الولايات المتحدة، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتحسين الأمن الصناعي الوطني. ويرى ترامب أيضًا أن الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة إيرادات الحكومة.
كما تراجعت الفجوات التجارية مع كل من كندا والمكسيك.
وباحتساب البيانات على أساس معدل للتضخم، تقلص العجز في تجارة السلع الأمريكية إلى 85.6 مليار دولار في أبريل، وهو أدنى مستوى منذ نهاية عام 2023.
وتُظهر بيانات مسح صادرة عن معهد إدارة التوريد (ISM) أن العجز التجاري واصل الانكماش في مايو، حيث سجل مؤشر واردات الشركات المصنعة أكبر انكماش له منذ عام 2009.
تراجع نشاط مزودي الخدمات في الولايات المتحدة إلى منطقة الانكماش الشهر الماضي لأول مرة منذ نحو عام، وذلك نتيجة انخفاض مفاجئ في الطلب، في حين تسارعت وتيرة ارتفاع الأسعار مع انتشار تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة عبر الاقتصاد.
وقال معهد إدارة التوريد يوم الأربعاء إن مؤشرها للخدمات انخفض بمقدار 1.7 نقطة في مايو إلى 49.9. وتشير القراءات أدنى من الخمسين نقطة إلى انكماش في النشاط، فيما جاءت هذه النتيجة أضعف من جميع التقديرات في استطلاع أجرته "بلومبرج" باستثناء اثنين فقط.
قال ستيف ميلر، رئيس لجنة مسح معهد إدارة التوريد ، في بيان إن "المؤشر العام لا يشير إلى انكماش حاد، بل إلى حالة من عدم اليقين يعبر عنها المشاركون في مسح خدمات المعهد على نطاق واسع". وأضاف أن "المشاركين في المسح واصلوا الإبلاغ عن صعوبة في التنبؤ والتخطيط نتيجة حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية على المدى الطويل، وغالبًا ما استشهدوا بمحاولات تأجيل أو تقليل الطلبيات إلى حين اتضاح التأثيرات بشكل أكبر".
وتراجع مؤشر الطلبيات الجديدة بمقدار 5.9 نقاط إلى 46.4، وهو أكبر انخفاض منذ يونيو 2024. كما انخفض مؤشر نشاط الأعمال، الذي يوازي مؤشر إنتاج المصانع التابع للمعهد، بمقدار 3.7 نقاط ليبلغ 50، وهو أضعف مستوى يُسجل خلال خمس سنوات، ما يشير إلى حالة من الجمود.
كما تراجعت الطلبيات المتراكمة، حيث هبط المؤشر إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس 2023.
وسجلت ثماني صناعات خدمية انكماشًا الشهر الماضي، من بينها تجارة التجزئة والإنشاءات والنقل والتخزين. في المقابل، شهدت عشر صناعات نموًا، تقدمتها خدمات الضيافة والمأكولات.
وبالإضافة إلى ضعف الطلب، واجه مزودو الخدمات ارتفاعًا في التكاليف، إذ قفز مؤشر الأسعار المدفوعة إلى 68.7، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2022.
ورغم تسجيل انخفاض في المخزونات الشهر الماضي، ارتفع مؤشر معنويات الشركات تجاه المخزونات بنحو 7 نقاط إلى 62.9، وهو أعلى مستوى منذ يوليو. ويشير ذلك إلى أن عددًا متزايدًا من الشركات يرى أن المخزونات لا تزال مرتفعة، مما قد يُلقي بثقله على قطاع التصنيع في الأشهر المقبلة.
وبالاقتران مع بيانات صدرت في وقت سابق من هذا الأسبوع أظهرت انكماش نشاط التصنيع للشهر الثالث على التوالي، فإن نتائج مسح الخدمات تشير إلى تباطؤ اقتصادي في أعقاب الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة، والرسوم الانتقامية التي فرضتها دول أخرى.
كما أظهرت مؤشرات المعهد للصادرات والواردات انكماشًا، في وقت تكافح فيه الشركات للتعامل مع تداعيات السياسة التجارية المتقلبة لإدارة ترامب.
وارتفع مؤشر تسليمات الموردين الصادر عن معهد إدارة التوريد الشهر الماضي، في إشارة إلى طول فترات التسليم، مع سعي الشركات إلى تعديل سلاسل التوريد الخاصة بها.
كما دفع تباطؤ الطلب مزودي الخدمات إلى إعادة النظر في مستويات التوظيف المناسبة، حيث صعد مؤشر التوظيف بمقدار 1.7 نقطة إلى 50.7، ما يشير إلى نمو محدود في التوظيف.
قال الرئيس دونالد ترامب، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من الليل، إن الزعيم الصيني شي جين بينغ "شديد الصعوبة" في التفاوض، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الهدنة الاقتصادية الهشة بين أكبر اقتصادين في العالم ستستمر.
ولا تزال الخلافات قائمة بين الصين والولايات المتحدة بشأن عدد من القضايا، ولم يتم حتى الآن تأكيد موعد لمكالمة مباشرة بين الزعيمين، رغم أن البيت الأبيض أشار إلى أنه يتوقع حدوثها في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وكتب ترامب عبر منصة "تروث سوشال" حوالي الساعة 2:17 صباحًا بتوقيت واشنطن: "أنا أحب الرئيس شي في الصين، كنت كذلك دائمًا وسأبقى كذلك، لكنه صعب جدًا ومن الصعب للغاية التوصل إلى اتفاق معه!!!"
ورداً على منشور ترامب، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، خلال مؤتمر صحفي اعتيادي عُقد يوم الأربعاء: "موقف الصين ومبادئها بشأن تطوير العلاقات الصينية-الأميركية ثابتة وواضحة".
لم يصدر أي تعليق فوري من البيت الأبيض على طلب للتعليق قُدِّم خلال ساعات الليل عقب منشور ترامب.
ويشهد التوتر بين البلدين تصاعدًا جديدًا بعد هدنة جمركية تم التوصل إليها في مايو. فقد قامت إدارة ترامب في الأسابيع الأخيرة بحظر شحن قطع غيار حيوية لمحركات الطائرات إلى الصين، وقيّدت وصول بكين إلى برامج تصميم الرقائق الإلكترونية، وسعت إلى فرض قيود جديدة على رقائق شركة هواوي.
كما أعلن مسؤولون أمريكيون الأسبوع الماضي عن خطة لبدء إلغاء تأشيرات دخول طلاب صينيين.
ولا تقتصر التوترات على الجانب الاقتصادي فقط، بل تتسع أيضًا على الصعيد الجيوسياسي. فقد أعربت وزارة الخارجية الصينية، خلال عطلة نهاية الأسبوع، عن احتجاجها على تصريحات وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، خلال اجتماع لقادة الجيوش، اعتبر فيها أن الصين تمثّل تهديدًا وشيكًا لتايوان، الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تطالب بها بكين.
وكان ترامب قد أعرب، يوم الجمعة، عن أمله في التحدث قريبًا مع الرئيس شي، قائلًا للصحفيين في المكتب البيضاوي إن الصين انتهكت جزءًا من الاتفاق الذي أُبرم بين البلدين في جنيف لخفض الرسوم الجمركية وتخفيف التوترات، لكنه أضاف: "أنا متأكد من أنني سأتحدث مع الرئيس شي، ونأمل أن نتمكن من حل الأمر".
وبينما لم تؤكد الصين بعد أي خطط لإجراء محادثات مباشرة بين الزعيمين، فإن البيت الأبيض لا يزال يصرّ على أن ترامب وشي "من المرجّح" أن يتحدثا هذا الأسبوع.
ويبدو أن نقطة الخلاف الأساسية تكمن في المعادن الحيوية، إذ اتهم مسؤولون في إدارة ترامب بكين بالاستمرار في تقييد تصدير المغانط المصنعة من المعادن النادرة، رغم قرار واشنطن خفض الرسوم الشهر الماضي، والذي كان مشروطًا بأن ترفع الصين مثل هذه القيود.
قال كوري كومبس، رئيس وحدة أبحاث سلسلة توريد المعادن الحيوية في شركة "تريفيوم تشاينا"، لقناة بلومبرج إن إحدى العقبات تكمن في أن الولايات المتحدة والصين تبدوان وكأنهما تملكان تفسيرات مختلفة لما تم الاتفاق عليه بشأن المعادن النادرة خلال محادثات التجارة التي جرت الشهر الماضي في جنيف.
وأضاف كومبس: "من الجانب الأمريكي، يبدو الآن أن هناك اعتقادًا واضحًا بأن بكين ستقوم بإزالة شرط الحصول على موافقة بشكل كامل". "لكن هذا لا يبدو أنه ما تعتقد بكين أنها وافقت عليه".
من جهتها، اتهمت بكين الولايات المتحدة بفرض قيود تمييزية جديدة من جانب واحد، وتوعدت بالرد إذا أصرت واشنطن على المضي قدمًا في نهجها الأحادي.
لطالما أكد الرئيس ترامب أن المحادثات المباشرة مع الرئيس شي هي السبيل الوحيد لحل الخلافات بين البلدين، لكن الزعيم الصيني أبدى ترددًا في إجراء مكالمة هاتفية مع نظيره الأمريكي، مفضلًا أن يتولى المستشارون التفاوض بشأن القضايا الرئيسية.
ويعود أحد أسباب هذا التردد إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم أظهر قدرة على الصمود في وجه أقسى نظام تعرفة جمركية تفرضه الولايات المتحدة منذ قرن. ومع أن الإنفاق الحكومي القياسي وحزم التحفيز ساعدت في دعم النمو خلال الربع الأول من العام، فإن قطاع التصنيع شهد انكماشًا في الأشهر الأخيرة، فيما واصلت أسعار المنازل تراجعها المستمر منذ سنوات، مما أثّر على القوة الشرائية للمستهلكين الذين ترتبط ثرواتهم بالعقارات.
وكان ترامب قد لمح منذ فبراير إلى رغبته في إجراء مكالمة مع نظيره الصيني، ثم صرّح لاحقًا باستعداده للسفر إلى الصين للقاء شي، لكن لم يتم تحديد أي موعد لمثل هذا اللقاء حتى الآن.
تراجع التوظيف الأمريكي إلى أبطأ وتيرة له منذ عامين، مع فقدان قطاعات منها الخدمات التجارية والتعليم والرعاية الصحية للوظائف، ما يشير إلى ضعف في الطلب على العمالة.
وارتفعت الوظائف في القطاع الخاص بمقدار 37 ألف وظيفة فقط خلال الشهر الماضي، وفقاً لبيانات "ايه دي بي ريسيرش"، وهو رقم أقل من جميع التقديرات في استطلاع أجرته "بلومبرج" لآراء الاقتصاديين. وتمثل هذه القراءة الشهر الثاني على التوالي الذي تأتي فيه الأرقام دون التوقعات بكثير.
وقالت نيلا ريتشاردسون، كبيرة الاقتصاديين في "أيه دي بي"، في بيان صدر يوم الأربعاء: "بعد بداية قوية للعام، بدأ الزخم في سوق العمل يتلاشى".
تشير الأرقام إلى أن حالة القلق الشديد خلال الشهرين الماضيين بشأن السياسات الاقتصادية المتقلبة للرئيس دونالد ترامب قد أثرت سلبًا على قرارات التوظيف لدى الشركات. فقد تباطأت وتيرة التوظيف، وأصبح من الصعب على العاطلين عن العمل العثور على وظائف جديدة بسرعة. ويتوقع الاقتصاديون أن يظهر سوق العمل مزيدًا من علامات التباطؤ في الأشهر المقبلة.
أظهرت البيانات أن قطاعات التجارة والنقل والتصنيع فقدت وظائف في مايو، بينما شهد قطاعا الترفيه والضيافة، إلى جانب الأنشطة المالية، زيادة في التوظيف. وسجل شمال شرق الولايات المتحدة أعلى معدل لفقدان الوظائف، ومن حيث حجم الشركات، خفضت المؤسسات الصغيرة والكبيرة على حد سواء من قوائم موظفيها.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، جدد الرئيس ترامب دعوته لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لخفض أسعار الفائدة، وذلك عقب صدور تقرير "أيه دي بي". وكان ترامب قد استدعى باول إلى البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وضغط عليه من أجل تخفيض الفائدة.
ورغم أن الاقتصاد الأمريكي تماسك هذا العام، إلا أن التضخم لا يزال أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وهو ما يبرر، بحسب صناع السياسات، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير بانتظار اتضاح تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب. وفي المقابل، خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة سبع مرات منذ يونيو 2024، ومن المتوقع أن يخفضها مجددًا هذا الأسبوع، مع تباطؤ النمو في منطقة اليورو بفعل الرسوم الأمريكية وتراجع التضخم.
وتوفر بيانات "أيه دي بي" نظرة مكمّلة حول أوضاع سوق العمل قبيل صدور التقرير الحكومي الشهري للوظائف، لكنها ليست مصممة للتنبؤ به. ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر تقرير الوظائف المنتظر يوم الجمعة تباطؤًا في نمو وظائف غير الزراعيين مقارنة بوتيرة التوظيف القوية في أبريل، مع استقرار معدل البطالة الأمريكي.
وكتب أوليفر ألين، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس"، في مذكرة: "كالعادة، نوصي بعدم الالتفات إلى دلالات تقرير التوظيف الصادر عن أيه دي بي، نظرًا لسجله الضعيف في السنوات الأخيرة". وأضاف: "الوظائف لديها دائمًا مجال للمفاجأة"، لكن "بانثيون" لا تزال متمسكة بتوقعاتها بأن ترتفع وظائف القطاع الخاص بمقدار 110 ألف وظيفة في تقرير مايو، وهو ما يمثل تباطؤًا تدريجيًا مقارنة بمتوسط النمو خلال السنوات الست الماضية.
في بيانها، أشارت نيلا ريتشاردسون إلى أنه رغم تباطؤ التوظيف، فإن نمو الأجور لا يزال قويًا. فقد حصل العاملون الذين انتقلوا إلى وظائف جديدة على زيادة في الأجور بنسبة 7%، في حين سجل الذين بقوا في وظائفهم الحالية زيادة بنسبة 4.5%. ويستند تقرير "أيه دي بي"، الذي يُنشر بالتعاون مع ستانفورد ديجيتال ايكونومي لاب، في نتائجه إلى كشوف عاملين تشمل أكثر من 25 مليون موظف في القطاع الخاص الأمريكي.
في الوقت نفسه، لا تزال غالبية المستهلكين، بحسب استطلاع أجرته جامعة ميشيغان، تتوقع تدهور الظروف الاقتصادية خلال العام المقبل وارتفاع معدلات البطالة.
مدفونٌ في أعماق مشروع قانون الضرائب والإنفاق المؤلف من أكثر من 1000 صفحة، والذي يسعى الرئيس دونالد ترامب إلى تمريره عبر الكونجرس، بند ضريبي غامض يثير قلقًا واسعًا في وول ستريت وخارجها.
هذا البند، المدرج تحت اسم "المادة 899" في التشريع الذي أقرّه مجلس النواب الأسبوع الماضي، وتحمل عنوان "تطبيق التدابير التعويضية ضد الضرائب الأجنبية غير العادلة"، تدعو – من بين أمور أخرى – إلى رفع معدلات الضرائب على الأفراد والشركات من الدول التي تعتبر الولايات المتحدة أن سياساتها الضريبية "تمييزية". وتشمل الإجراءات زيادة الضرائب على الدخل الخامل، مثل الفوائد وتوزيعات الأرباح، الذي يحققه المستثمرون الأجانب الذين قد يكونون يمتلكون أصولاً أمريكية بقيمة تريليونات الدولارات.
ورغم أن المادة مكتوبة بصياغة فنية معقدة، فإن مغزى هذا "الإجراء الانتقامي" واضح للمحللين: إذا أصبحت قانوناً، فستُفاقم عزوف المستثمرين الأجانب عن الأصول الأمريكية—في وقت تراجعت فيه ثقتهم سابقاً بسبب السياسات التجارية المتقلبة لترامب وتدهور الأوضاع المالية للدولة.
قال مايكل براون، استراتيجي في شركة الوساطة المالية Pepperstone Group التي يقع مقرها في ملبورن وتخدم عملاء من خارج الولايات المتحدة: "نحن نتعامل بالفعل مع سوق لم تعد فيه سندات الخزانة الأمريكية الخيار الأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب."
وأضاف أنه تلقى سيلًا من الاستفسارات من عملائه القلقين، مما دفعه لإعداد تقرير خاص يشرح المادة.
"إذا كنا نتحدث الآن عن معاملة ضريبية مجحفة بهذا الحجم، فهذه ببساطة مزيد من الأسباب للابتعاد عن السوق الأمريكية."
ومن بين المتأثرين المحتملين: المستثمرون المؤسسيون ومنهم صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد والجهات الحكومية الأجنبية، والمستثمرون الأفراد والشركات ممن لديهم أصولاً داخل الولايات المتحدة.
الضريبة المقترحة بموجب المادة 899 تُعد إجراءً منفصلاً عن أجندة الرئيس دونالد ترامب التجارية القائمة على الرسوم الجمركية، والتي أصبحت الآن عالقة في أروقة المحاكم، إلا أن جوهرها متطابق من حيث الهدف والتوجه. فهي تنسجم مع مواقف سبق أن طرحها الاقتصادي ستيفن ميران في ورقة بحثية نُشرت في نوفمبر، ومع مقترحات من يدعون إلى ما يُعرف باتفاق "مارالاجو لإعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي". جميع هذه المبادرات تسعى إلى معالجة ما تعتبره واشنطن معاملة غير عادلة من قبل بقية دول العالم، من خلال أدوات محددة تهدف إلى وضع الولايات المتحدة على أرضية اقتصادية "متكافئة". لكن بعد سنوات من تدفق المستثمرين الأجانب على الأصول الأمريكية، يحذر الخبراء من أن تداعيات المادة 899 قد تكون واسعة النطاق.
وصف جورج سارافيلوس، رئيس أبحاث العملات الأجنبية في دويتشه بنك، الإجراء في تقرير صدر يوم الخميس بأنه:
"تشريع يُحوِّل أسواق المال الأمريكية إلى سلاح، ويتحدى طبيعتها المنفتحة، من خلال فرض ضرائب صريحة على حيازات الأجانب للأصول الأمريكية، كوسيلة لفرض أهداف اقتصادية أمريكية."
وأضاف: "نرى في هذا التشريع إمكانية أن تُحوّل الإدارة الأمريكية حربها التجارية إلى حرب مالية إذا رغبت في ذلك، وهو أمر شديد الأهمية في ضوء قرار المحكمة الأخير الذي يُقيّد سلطة ترامب في السياسة التجارية."
يستهدف البند 899 بلداناً مثل كندا والمملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا، التي فرضت أو تخطط لفرض ضرائب على الخدمات الرقمية تستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا. كما يستهدف الدول التي تُفعّل أحكام اتفاقية الحد الأدنى من الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات.
ويقضي الإجراء برفع معدل ضريبة الدخل الفيدرالية المفروضة على الدخل الخامل الذي يكسبه المستثمرون والمؤسسات من الدول المستهدفة داخل الولايات المتحدة، وذلك: أولاً بزيادة قدرها 5 بالمئة، ثم تزداد بمقدار 5 بالمئة أخرى سنوياً،حتى تصل إلى حد أقصى قدره 20 بالمئة فوق المعدل القانوني الأساسي.
هذا التصعيد الضريبي يُنظر إليه على أنه تصعيد استراتيجي قد يدفع المستثمرين الدوليين بعيداً عن السوق الأمريكية، في وقت حساس تعاني فيه الولايات المتحدة من تحديات مالية وتراجع في جاذبية سنداتها.
"مقلق" للسندات والدولار — هكذا وصف محللو بنك مورجان ستانلي تداعيات المادة 899، والذي ضُمّن في قسم الأسئلة الشائعة بشأن مشروع قانون الضرائب والإنفاق. وخلصوا إلى أن هذا البند سيؤدي إلى إضعاف الدولار وتراجع الأسهم الأوروبية التي لديها انكشاف كبير على السوق الأمريكية.
من جانبه، قال جيل موك، كبير الاقتصاديين في مجموعة AXA، إن هذا الإجراء قد يزيد الضغط (الصعودي) على أسعار الفائدة طويلة الأجل، والتي سجلت هذا الشهر أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات.
وصرّح روجيير كوادفليغ، كبير الاقتصاديين الأميركيين في بنك ABN Amro: "يبدو فعلاً أمراً مقلقاً. إذ إن الحد من الطلب الأجنبي الجديد سيُشكل بطبيعة الحال ضغطاً هبوطياً على الدولار."
وبحسب محللين، فإن المخاطر المرتبطة بـ بالمادة 899 أصبحت أكثر إلحاحاً بعد قرار محكمة أمريكية صدر يوم الأربعاء بوقف تنفيذ العديد من تعريفات ترامب الجمركية على الواردات. وتعتبر هذه الرسوم الجمركية أحد مصادر التمويل الأساسية لتمويل التخفيضات الضريبية الضخمة التي تضمنها مشروع قانون ترامب المعروف بـ"مشروع القانون الكبير والجميل". ومع تعليق هذه الرسوم، يبرز التساؤل حول مصدر التمويل البديل لهذه التخفيضات.
وفي تطور لاحق، منحت محكمة استئناف فيدرالية الرئيس ترامب مهلة مؤقتة بعد قرار وقف الرسوم، وأفاد مسؤولون في البيت الأبيض بأنهم يعتزمون مواصلة الدفاع عن قانونية سياساتهم التجارية أمام المحكمة العليا الأمريكية.
يبدو أن القصد من المادة 899 تتماشى من حيث الجوهر مع بعض الأفكار التي طرحها ستيفن ميران في نوفمبر الماضي، حين كان لا يزال يعمل في صندوق التحوط Hudson Bay Capital . ميران، الذي يشغل حالياً منصب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، كان قد اقترح فرض "رسوم استخدام" على المستثمرين الأجانب في سندات الخزانة الأمريكية، كأحد الخيارات الممكنة للمساعدة في:خفض قيمة الدولار ومعالجة الاختلالات في موزاين التجارة العالمية.
كتب الاقتصاديان ويل دينير وتان كاي شيان من مؤسسة Gavekal Research "من الواضح أن هذعه المادة تحظى بتأييد الإدارة الأمريكية، وقد تم تصميمها لتكون أداة تفاوض بيد ترامب للضغط على الدول من أجل التخلي عن ضرائب الخدمات الرقمية والحد الأدنى العالمي للضريبة على الشركات، والتي يعتبرها استهدافاً غير عادل للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات."
لكنهم حذّروا: "المشكلة هي أن مجرد وجود هذه الأداة قد يثير اضطراباً في أسواق السندات قبل أن يتمكن ترامب حتى من استخدامها."
حتى الآن، رد فعل السوق تجاه المادة 899 يبدو محدوداً. لكن هذا لا يُخفي سوء أداء الأصول الأمريكية في 2025 ، وذلك نتيجة لسياسات ترامب التي بدأت تقوّض سردية "الاستثنائية الأمريكية". ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي بنحو 0.4% فقط منذ بداية العام، مقارنةً بمكاسب بلغت 20% في المؤشر الألماني الرئيسي، وارتفاع بنسبة 18% في سوق الأسهم بهونج كونج.
أما مؤشر بلومبرج للدولار، فقد تراجع بنحو 7%، في إشارة إلى ضعف أداء العملة الأمريكية.
كما حققت السندات الأمريكية مكاسب بنسبة 2%، وهي أقل من مكاسب 5% حققتها السندات الحكومية العالمية المقوّمة بالدولار، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرج.
ورغم شكوك البعض بشأن ما إذا كانت المادة 899 ستصمد في الصيغة النهائية لحزمة المصالحة (حزمة التوفيق بين نسختي مجلس النواب ومجلس الشيوخ) بسبب المخاوف المحتملة من إضعاف الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، إلا أن شركة Signum Global Advisors تتوقع بقائها، جزئياً لأنها تحظى بدعم واسع من الجمهويين.
وقال تشارلز مايرز، وهو مسؤول تنفيذي سابق في وول ستريت يدير شركة Signum، ولو لوكينز، الشريك في الشركة: "نعتقد أن الرئيس يرى أن هناك طلباً أجنبياً هائلاً على الاستثمار في الولايات المتحدة، لدرجة أنه لا يشعر بأن هذا الطلب في خطر أو أنه سيتراجع بفعل هذه السياسة."
أما بالنسبة لـمايكل براون من شركة Pepperstone، فيعتقد أن السبب وراء عدم تفاعل الأسواق حتى الآن هو أن المستثمرين لم يدركوا تماماً بعد أهمية وخطورة هذه المادة. لكنه يرى أن ذلك بدأ يتغير تدريجياً.
قال براون: "الآن فقط، وبعد أن بدأ الغبار ينجلي، بدأ الناس يفكرون بأن هناك أموراً خفية داخل مشروع القانون تستحق انتباهاً أكبر."
"وأعتقد أن المادة 899 هي بالتأكيد أحد تلك الأمور."
ارتفع الوظائف الشاغرة الأمريكية بشكل غير متوقع في شهر أبريل، في زيادة واسعة النطاق نسبياً، كما سجل التوظيف تحسناً، ما يشير إلى أن الطلب على العمالة لا يزال قوياً رغم حالة عدم اليقين الاقتصادي المتزايدة.
وبحسب بيانات نشرتها وزارة العمل الأمريكية يوم الثلاثاء، ارتفع عدد الوظائف الشاغرة إلى 7.39 مليون وظيفة، مقارنة بـ7.20 مليون في مارس بعد مراجعة البيانات. وكان متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته وكالة بلومبرج يشير إلى 7.10 ملايين فرصة فقط.
وجاءت الزيادة في الوظائف المتاحة مدفوعة بقطاعات خاصة مثل الخدمات المهنية وخدمات الأعمال، إلى جانب قطاعي الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية. وفي المقابل، ساهم تراجع الوظائف في التعليم الحكومي المحلي والتابع للولايات في خفض إجمالي عدد الفرص في القطاع العام، رغم أن الوظائف الفيدرالية شهدت ارتفاعاً.
وتدعم هذه المعطيات—التي تشمل زيادة الوظائف الشاغرة واستقرار وتيرة التوظيف وانخفاض معدل البطالة—رؤية الاحتياطي الفيدرالي بأن سوق العمل لا يزال في وضع جيد. ومع ذلك، يلاحظ أن العاطلين عن العمل يستغرقون وقتاً أطول للعثور على وظائف، ويتوقع الاقتصاديون أن يشهد سوق العمل تباطؤاً أكثر وضوحاً في الأشهر المقبلة بفعل الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب.
حتى الآن، لم يظهر هذا التباطؤ في البيانات الاقتصادية، ما يعزز موقف الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في الوقت الراهن. وسيراقب صانعو السياسات والمحللون عن كثب أي مؤشرات على ضعف سوق العمل في تقرير الوظائف لشهر مايو، المنتظر صدوره يوم الجمعة، والذي يُتوقَّع أن يُظهر تباطؤاً في وتيرة خلق الوظائف مع بقاء معدل البطالة مستقراً.
قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إن السياسات التجارية التصادمية التي ينتهجها دونالد ترامب تدفع الاقتصاد العالمي نحو الركود، وإن الولايات المتحدة من بين أكثر المتضررين.
وقامت المنظمة، التي تتخذ من باريس مقراً لها، بخفض توقعاتها للنمو العالمي للمرة الثانية هذا العام، مشيرةً إلى حملة الهجوم الجمركي التي يشنها الرئيس الأمريكي. وأوضحت أن مزيج الحواجز التجارية وحالة عدم اليقين يضر بثقة الأسواق ويعيق الاستثمارات، محذّرة في الوقت نفسه من أن السياسات الحمائية تسهم في زيادة الضغوط التضخمية.
وباتت المنظمة تتوقع الآن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9% هذا العام مقارنة بـ3.3% في عام 2024. كما تتوقع أن يتراجع معدل النمو في الولايات المتحدة بشكل أكبر، ليصل إلى 1.6% فقط، مقارنة بـ2.8%، وهو توقع أقل بكثير من تقديراتها في مارس الماضي.
قال كبير الاقتصاديين، ألفارو بيريرا: "سيكون ضعف الحظوظ الاقتصادية ملموساً في جميع أنحاء العالم، تقريباً دون استثناء". وأضاف: "النمو الأضعف والتجارة المتراجعة سيؤثران على الدخول ويبطئان وتيرة خلق الوظائف".
وتشير التقييمات إلى أن سياسات ترامب أصبحت التحدي الأبرز الذي يواجه الاقتصاد العالمي، دون أن تلوح في الأفق حلول سهلة. وقالت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إن الوضع قد يزداد سوءاً في حال لجأ شركاء الولايات المتحدة التجاريون إلى إجراءات انتقامية، أو تآكلت الثقة بشكل أكبر، أو شهدت الأسواق المالية موجة جديدة من إعادة التسعير.
ونشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي تجمع يضم 38 دولة من أغنى دول العالم، توقعاتها الجديدة في وقت يتزامن مع اجتماع وزراء دولها الأعضاء في باريس لعقد لقائهم السنوي. ومن المتوقع أن يحضر كبار المسؤولين التجاريين، من بينهم الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير، ومفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، إضافة إلى لين فنغ، ممثل وزارة التجارة الصينية.
وقالت المنظمة: "إن التوصل إلى اتفاقات لتخفيف التوترات التجارية، وخفض الرسوم الجمركية، وإزالة الحواجز التجارية الأخرى سيكون أساسياً لإحياء النمو والاستثمار وتجنّب ارتفاع الأسعار". وأضافت: "هذا هو دون منازع أولوية السياسات الأهم في الوقت الراهن".
ومع ذلك، قالت التعاون الاقتصادي والتنمية إن حتى لو غيّر ترامب مساره وتراجع عن فرض الرسوم الجمركية، فإن الفوائد المحتملة على صعيد النمو وتقليص التضخم لن تتحقق على الفور، وذلك بسبب استمرار الأثر السلبي لحالة الغموض المتزايدة بشأن السياسات.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، أوضحت المنظمة أن القيود المفروضة على الهجرة والتقليص الكبير في القوى العاملة في الحكومة الفيدرالية يفاقمان الأثر السلبي الناتج عن التوترات التجارية. كما حذّرت من أن العجز في الميزانية سيتسع أكثر، لأن تراجع النشاط الاقتصادي سيطغى على تأثير خفض الإنفاق والإيرادات المتأتية من الرسوم الجمركية.
وقال الأمين العام للمنظمة، ماتياس كورمان، للصحفيين يوم الثلاثاء: "تتمثل أبرز عوامل الضغط في تباطؤ نمو الصادرات نتيجة الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين، وتأثير الغموض السياسي المرتفع، والتراجع الملحوظ في صافي الهجرة".
وأضافت المنظمة أن التضخم في الولايات المتحدة سيرتفع أيضاً هذا العام، مما يجعل من غير المرجح أن يستأنف الاحتياطي الفيدرالي سياسة التيسير النقدي قبل عام 2026. وأشارت إلى أن هذه العملية قد تخرج عن مسارها تماماً إذا خرجت توقعات المستهلكين بشأن الأسعار عن السيطرة.
ودعت المنظمة البنوك المركزية الأخرى إلى مواصلة التحلي باليقظة، وقالت أنه بينما تتوقع أن يتراجع التضخم ليصل إلى مستوياتها المستهدفة بحلول عام 2026، لكن هذا المسار سيستغرق الآن وقتاً أطول، وقد تتسارع وتيرة ارتفاع الأسعار قبل أن تبدأ في التراجع مجدداً.
وبالإضافة إلى تداعيات التوترات التجارية العالمية، حذّرت المنظمة من تصاعد المخاطر المالية حول العالم، في ظل ضغوط "هائلة" لزيادة الإنفاق على الدفاع، ومواجهة التغير المناخي، والتعامل مع الشيخوخة السكانية. ودعت الحكومات إلى خفض الإنفاق غير الأساسي، وزيادة الإيرادات من خلال توسيع القواعد الضريبية.
قفزت أسعار الذهب مع تجدد الإقبال على الأصول الآمنة، في ظل تبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة والصين، وسلسلة من الهجمات الدراماتيكية التي أضعفت آمال السلام بين روسيا وأوكرانيا.
وارتفع المعدن النفيس بنسبة وصلت إلى 2.7% بعدما اختتمت روسيا وأوكرانيا جولة ثانية من المحادثات في إسطنبول دون تحقيق تقدم يُذكر نحو إنهاء الحرب. وكان الذهب قد تلقى دفعة في وقت سابق بعد أن شنت أوكرانيا هجمات بطائرات مسيرة داخل الأراضي الروسية يوم الأحد، فيما نفذت موسكو إحدى أطول الهجمات على العاصمة كييف.
في غضون ذلك، عززت التوترات التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب تقرير ضعيف لقطاع التصنيع الأمريكي، الإقبال على المعدن النفيس. هذا التوجه نحو الملاذات الآمنة دفع أسعار الذهب إلى الارتفاع بأكثر من 28% منذ بداية العام، بعدما سجل مستوى قياسيًا تجاوز 3500 دولار للأونصة في أبريل.
كما استفاد الفضة من هذا الطلب على الأصول الآمنة، مسجلةً أعلى قفزة في الأسعار منذ شهر أكتوبر
وبالنظر للفترة القادمة، من المقر صدور مجموعة من مؤشرات سوق العمل الأمريكي هذا الأسبوع — منها تقرير الوظائف لشهر مايو — والتي ستلعب دورًا مهمًا في توجيه السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 2.5% إلى 3372.28 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 11:27 صباحًا بتوقيت نيويورك. في المقابل، تراجع مؤشر بلومبرج لقوة الدولار بنسبة 0.6%. كما سجلت الفضة والبلاتين والبلاديوم مكاسب أيضًا.