Login to your account

Username *
Password *
Remember Me

Create an account

Fields marked with an asterisk (*) are required.
Name *
Username *
Password *
Verify password *
Email *
Verify email *
Captcha *
Reload Captcha
هيثم الجندى

هيثم الجندى

خبرة أكثر من 15 عام في التحليل الأساسي (الإخباري والاقتصادي) لأسواق المال العالمية ومتابعة تطورات الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى قرارات البنوك المركزية 

قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، إن سوق سندات الخزانة الأمريكية يرسل إشارة واضحة إلى أن على الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة.

وأضاف بيسنت في مقابلة مع قناة فوكس بيزنس: "نرى الآن أن عوائد السندات لأجل عامين أصبحت دون معدل فائدة الاحتياطي الفيدرالي، وهذه إشارة من السوق بأن على الفيدرالي أن يبدأ في الخفض".

وبلغت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين 3.57% في الساعة 9:11 صباحاً بتوقيت نيويورك (4:11 مساءً بتوقيت القاهرة)، مقارنة بمعدل الفائدة الرئيسي البالغ حالياً 4.33%، حيث يستهدف الاحتياطي الفيدرالي نطاقاً يتراوح بين 4.25% و4.5%.

لكن صانعي السياسة النقدية في الاحتياطي الفيدرالي أشاروا إلى أنهم غير مستعدين بعد لاستئناف خفض الفائدة، في ظل استمرار معدلات التضخم فوق المستوى المستهدف عند 2%، ومع الضغوط المتوقعة على الأسعار نتيجة الزيادات الجمركية التي أقرها الرئيس دونالد ترامب. من المقرر أن يتخذ الفيدرالي قراره المقبل بشأن سعر الفائدة في 7 مايو، ويتوقع أغلب الاقتصاديين أن يُبقي عليها دون تغيير.

وكان ترامب قد وجّه انتقادات متكررة لرئيس الفيدرالي جيروم باول لعدم خفضه أسعار الفائدة هذا العام، قائلاً يوم الثلاثاء: "لدي مسؤول في الفيدرالي لا يقوم بعمل جيد حقاً".

عوائد السندات لأجل 10 سنوات

ورغم تركيز ترمب المستمر على سعر الفائدة الرئيسي للفيدرالي، والذي هو معدل لليلة واحدة، أشار بيسنت إلى أن الرئيس يركّز في الواقع على عوائد السندات لأجل 10 سنوات – "نستهدف ذلك الجزء من منحنى العائد".

ولفت وزير الخزانة إلى أن عوائد السندات لأجل 10 سنوات انخفضت منذ تولي ترامب منصبه، إذ بلغت نحو 4.15% اليوم الخميس، مقارنة بـ4.63% في 20 يناير. ومن جانبه، قال مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، في مقابلة مع شبكة سي إن بي سي، إن انخفاض العوائد "يوفر على الحكومة الفيدرالية الكثير من الأموال من حيث تكاليف الفائدة".

وأضاف هاسيت: "لماذا تنخفض عوائد سندات الخزانة؟ لأن الناس يدركون أننا لن نشهد انفجاراً تضخمياً في الإنفاق كما حدث في الإدارة السابقة".

وجدّد بيسنت توقعه بأن "فجوة" الشكوك المتعلقة بالرسوم الجمركية ستضيق بمرور الوقت مع التوصل إلى اتفاقيات تجارية. وأشار إلى أنه رغم العناوين المثيرة التي تصدرت الصحف خلال شهر أبريل عن موجات بيع حادة في الأسهم، فإن الأسواق أنهت الشهر دون تغييرات تُذكر.

"خذوا نفساً عميقاً"

وقال بيسنت: "شهد السوق رحلة متقلبة مذهلة في أبريل"، مضيفاً: " سيكون الأمر مجزياً عندما نصل إلى نهاية الطريق، وعلى المدى القصير أعتقد أن الجميع يحتاج لأخذ نفس عميق".

وبخصوص تسلسل الاتفاقيات التجارية، لمح بيسنت إلى إمكانية اتخاذ خطوة أولية مع الصين قبل التوصل لاتفاقات مع حلفاء وشركاء أمريكا في آسيا. وأوضح أنه في ظل الرسوم الجمركية المرتفعة الحالية، هناك ما يشبه "الحظر التجاري" مع الصين، ما يعني أن التفاهم مع بكين سيتطلب عملية متعددة المراحل.

واختتم قائلاً: "ربما يكون من الضروري أن تبادر الصين بتخفيف التصعيد قبل التوصل لاتفاقات مع دول أخرى"، موضحاً: "نحن الآن على أعتاب موسم الأعياد – والطلبات المتعلقة به يتم تقديمها في هذا التوقيت، وإن لم تُقدّم تلك الطلبات، فقد يكون لذلك أثر مدمر على الاقتصاد الصيني".

بعد وقت قصير من الترحيب بأعضاء جدد، بدأ تكتل بريكس يعاني من نفس المشكلة التي تؤرق المؤسسات الأخرى متعددة الأطراف حول العالم: عدم التوافق بين أعضائها حول قضايا محورية.

فشل وزراء خارجية الاقتصادات الناشئة الكبرى في التوصل إلى بيان توافقي في ختام اجتماع استمر يومين في ريو دي جانيرو، بعدما اعترض أعضاء جدد على أجزاء من خطة سابقة لإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بحسب بيان صادر عن البرازيل يوم الثلاثاء.

ووفقاً للبيان، رفضت مصر وإثيوبيا — وهما من أحدث المنضمين للتكتل الذي تم تسميته بالأحرف الأولى للأعضاء المؤسسين البرازيل وروسيا والهند والصين، ولاحقاً جنوب أفريقيا — دعم المجموعة لمسعى جنوب أفريقيا للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن.

وكان أعضاء بريكس قد اتفقوا في قمة 2023 بجوهانسبرغ على دعم البرازيل والهند وجنوب أفريقيا لشغل مقاعد دائمة ضمن مسعى لتحديث الأمم المتحدة وجعلها أكثر تمثيلاً لما يُعرف بـ"الجنوب العالمي".

وزير الخارجية البرازيلي، ماورو فييرا، قال في مؤتمر صحفي إن المجموعة تسعى لتجاوز هذه الخلافات، مشيراً إلى إمكانية التوصل إلى توافق خلال قمة القادة المرتقبة في يوليو.

لكن الخلاف الأولي يلقي بظلال سلبية على طموحات بريكس لتعزيز نفوذها عالمياً وملء الفراغ الذي تتركه المؤسسات متعددة الأطراف التقليدية، والتي طالما عانت من الشلل وغياب التوافق.

حتى قبل توسعها، كثيراً ما واجهت دول بريكس صعوبات في التوافق على الأهداف النهائية للمجموعة التي تأسست قبل نحو عقدين. ومع ذلك، فإن الحاجة لإصلاح مجلس الأمن ومؤسسات دولية أخرى لطالما كانت من نقاط الالتقاء بين دول تسعى لتوسيع نفوذ الدول النامية في نظام عالمي يهيمن عليه الغرب وواشنطن.

ومع انقلاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هذا النظام منذ عودته للبيت الأبيض في يناير، برزت أمام بريكس فرصة محتملة لتعزيز موقعها، خصوصاً وأنها تمثل اليوم نحو نصف سكان العالم و40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ومنذ توليه المنصب، ينسحب ترامب من الساحة الدولية، عبر قرارات شملت الانسحاب من منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ، وتفكيك الوكالة الأمريكية الرئيسية للمساعدات الخارجية، بالإضافة إلى شن حرب تجارية أربكت الاقتصاد العالمي.

التجارة والرسوم الجمركية

وعلى الرغم من الانقسام حول قضايا أخرى، تمكن وزراء خارجية بريكس في اجتماعهم الأول منذ عودة ترامب من التوافق على صياغة تعارض الإجراءات الحمائية في التجارة العالمية، وهي إحدى أبرز النقاط على جدول الأعمال.

وجاء في البيان البرازيلي أن الوزراء أعربوا عن "قلقهم البالغ إزاء تنامي الإجراءات الحمائية الأحادية غير المبررة"، بما في ذلك "الزيادات العشوائية في الرسوم الجمركية المتبادلة والإجراءات غير الجمركية".

ورغم أن البيان تجنّب ذكر ترامب أو الولايات المتحدة بالاسم، إلا أن الصين كانت قد ألمحت قبل الاجتماع إلى رغبتها في استخدام المنصة للرد على واشنطن.

كما دعا البيان جميع الأطراف إلى "اتخاذ تدابير للدفاع عن التجارة الحرة والنظام التجاري المتعدد الأطراف، بما يسهم في مواجهة التحديات التجارية الحالية وتهيئة بيئة مواتية للتجارة والاستثمار للجميع".

واتفق التكتل أيضاً على صياغة تدعم النهج التعددي في التعامل مع قضايا من بينها الحروب الجارية وتغيّر المناخ.

استقر مؤشر التضخم الذي يفضله الاحتياطي الفيدرالي دون تغيير في مارس للمرة الأولى منذ ما يقرب من عام، فيما كان إنفاق المستهلك قوياً، في استراحة مرحّب بها قبل أن تتسبب الرسوم الجمركية في رفع واسع للأسعار.

وبحسب بيانات مكتب التحليل الاقتصادي الصادرة يوم الأربعاء، لم يشهد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي أي تغيير مقارنة بفبراير. كما ظل المؤشر الأساسي — الذي يستثني الغذاء والطاقة — مستقراً أيضاً، في ابطأ وتيرة له منذ نحو خمس سنوات.

وارتفع الإنفاق الاستهلاكي المعدّل حسب التضخم بنسبة 0.7% الشهر الماضي، بعد تعديل بالرفع لبيانات فبراير، ما يشير إلى أن الأسر سارعت إلى الإنفاق تحسباً للرسوم الجمركية الجديدة.

وتُكمل هذه البيانات صورة الربع الأول، الذي شهد انكماش الاقتصاد الأمريكي للمرة الأولى منذ عام 2022، وسط قفزة في الواردات سبقت فرض الرسوم وتراجع نسبي في الإنفاق الاستهلاكي. كما أظهر تقرير صدر في وقت سابق من يوم الأربعاء أن التضخم الأساسي بحسب مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي تسارع إلى 3.5% على أساس سنوي في الربع الأول — وهي أعلى وتيرة خلال عام.

وظل مؤشر اس آند بي 500 للأسهم الأمريكية منخفضاً، فيما تأرجحت سندات الخزانة والدولار.

ويُشير اقتران تباطؤ التضخم بقوة الإنفاق إلى أن الاقتصاد كان في وضع جيد قبل بدء التأثير الكامل للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب. ويتوقع معظم الاقتصاديين أن تؤدي هذه السياسات التجارية إلى إعادة إشعال الضغوط التضخمية، مما قد يثني المستهلكين عن الإنفاق.

انكمش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول لأول مرة منذ 2022 وسط قفزة  في الواردات قبل فرض الرسوم الجمركية وتراجع في الإنفاق الاستهلاكي، في أول لمحة عن التداعيات المترتبة على سياسة الرئيس دونالد ترامب التجارية.

وأظهرت التقديرات الأولية التي نشرتها الحكومة يوم الأربعاء أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل حسب التضخم) تراجع بمعدل سنوي قدره 0.3% خلال الربع الأول، وهو أقل بكثير من متوسط النمو البالغ نحو 3% خلال العامين الماضيين.

تسلط البيانات الضوء على اندفاع الشركات لتأمين البضائع قبل تطبيق الرسوم الجمركية، حيث اقتطع صافي التجارة نحو 5 نقاط مئوية من الناتج المحلي، وهي النسبة الأكبر على الإطلاق، وفقاً لتقرير مكتب التحليل الاقتصادي. كما ساهم انخفاض الإنفاق الحكومي الفيدرالي في تراجع الناتج.

أما الإنفاق الاستهلاكي — الذي يمثل نحو ثلثي الناتج المحلي الإجمالي — فقد سجل نمواً بنسبة 1.8%، وهو الأضعف منذ منتصف عام 2023، إلا أنه لا يزال أفضل من توقعات الاقتصاديين. وساعدت وتيرة نمو إنفاق الشركات على المعدات — وهي الأسرع منذ 2020 — في الحفاظ على متانة الطلب الأساسي داخل الاقتصاد.

ومباشرة بعد صدور هذه الأرقام، تراجعت العقود الآجلة للأسهم، وارتفعت عوائد السندات الأمريكية.

وقد أظهرت البيانات أن الواردات قفزت بمعدل سنوي قدره 41.3%، وهي الزيادة الأكبر منذ نحو خمس سنوات. ونظراً لأن هذه السلع والخدمات لا تُنتج داخل الولايات المتحدة، فإنها تُخصم من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع الاقتصاديون أن يتقلص هذا العجز التجاري الحاد خلال الربع الثاني.

وفي ظل استمرار عدم اليقين، يتوقع العديد من الخبراء أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة إلى صدمة معروض، ما يشكل تحديات أمام الشركات ويدفع الطلب للتراجع. كما يشعر المستهلكون بالقلق من تأثير الرسوم على سوق العمل وارتفاع تكاليف المعيشة.

وتشير التوقعات الحالية إلى وجود احتمالات متساوية تقريباً لدخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال العام المقبل.

وعادة ما تُوجه البضائع المستوردة إلى المخازن أو مباشرة إلى المتاجر، لكن التقرير أظهر أن المخزونات التجارية أضافت 2.25 نقطة مئوية إلى الناتج المحلي خلال الربع السنوي، وهي الأعلى منذ نهاية عام 2021. وقد تظهر هذه الواردات في الأشهر المقبلة على شكل زيادات في المخزونات، ما قد يرفع من نمو الناتج في الربع الثاني، إلى جانب تقلص العجز التجاري.

ونظراً لأن تقلبات التجارة والمخزونات يمكن أن تُشوه قراءة الناتج المحلي، يفضل الاقتصاديون التركيز على "المبيعات النهائية للمشترين المحليين من القطاع الخاص" كمؤشر أدق للطلب الحقيقي، والذي سجل نمواً بنسبة 3% خلال الربع الأول، مقارنة بـ 2.9% في نهاية عام 2024.

وساهم في نمو الإنفاق الاستهلاكي ارتفاع واسع في الإنفاق على الخدمات، إلى جانب انتعاش في شراء السلع غير المعمرة.

في المقابل، أظهرت عدة استطلاعات تراجعاً حاداً في ثقة المستهلكين، ما يثير الشكوك حول قدرة الأسر على الاستمرار في دعم الاقتصاد. ويواجه المستهلكون ذوو الدخل المنخفض ضغوطاً شديدة بسبب ارتفاع الأسعار، بينما يعاني الأثرياء من تراجع أسعار الأسهم هذا العام.

وسجل الاستثمار التجاري في المعدات قفزة بنسبة 22.5% على أساس سنوي، مدعوماً بزيادة في شحنات الطائرات التجارية بعد انتهاء إضراب شركة بوينج، بالإضافة إلى نمو قوي في إنتاج معدات المعالجة المعلوماتية وأجهزة الكمبيوتر.

ويرى الخبراء أن الرسوم الجمركية قد تؤثر سلباً أيضاً على الإنفاق الرأسمالي، وقد أقرّت العديد من الشركات خلال موسم إعلان الأرباح الحالي بأن التحديات التي تواجه المستهلكين في طريقها للتفاقم.

ومن بين الشركات التي أشارت إلى ضعف في الإنفاق غير الأساسي وتراجع مبيعات السلع عالية القيمة: شركة  البيع بالتجزئةTractor Supply ومصنّعة الأجهزة المنزلية Whirlpool وقد تحدث عدد من التنفيذيين عن تدهور ثقة المستهلكين واحتمال اتباع نهج أكثر تحفظاً في الإنفاق.

كما أظهر تقرير الناتج المحلي أن الإنفاق الحكومي تراجع بنسبة 1.4%، في أول انخفاض منذ عام 2022، مدفوعاً بهبوط بنسبة 8% في الإنفاق الدفاعي، وذلك بعد أن أوقف ترامب مؤقتاً المساعدات العسكرية لأوكرانيا الشهر الماضي.

في غضون ذلك، تسارع أحد أبرز مؤشرات التضخم الأساسي إلى وتيرة سنوية قدرها 3.5% في الربع الأول — الأعلى منذ عام. ومن المقرر صدور بيانات أكثر تفصيلاً عن التضخم والإنفاق الاستهلاكي لشهر مارس في وقت لاحق اليوم.

وقد وضعت حالة الغموض بشأن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم والاقتصاد الأوسع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب. وقد أشار صانعو السياسة النقدية إلى أنهم لا يعتزمون خفض أسعار الفائدة في المدى القريب، إلى حين وضوح أكبر لتأثير السياسات الجديدة للبيت الأبيض على الاقتصاد.

ورغم أن إدارة ترامب قامت بتجميد بعض الرسوم الأكثر حدة لمدة 90 يوماً، إلا أن معدل الرسوم الفعلي في البلاد بلغ الآن نحو  23% وهو الأعلى منذ أكثر من قرن، وفقاً لتقديرات بلومبرج ايكونوميكس. كما أضيف إلى هذا الغموض استثناءات جديدة لبعض الرسوم المعلنة سابقاً.

وترى الإدارة أن الرسوم الجمركية وسيلة لإحياء الصناعة الأمريكية وتحفيز نمو الصادرات وتقليص العجز التجاري وزيادة إيرادات الدولة وتعزيز الأمن القومي.

ومن المنتظر أن يصدر تقرير الوظائف الشهري الحكومي يوم الجمعة، وسط توقعات تشير إلى أن وتيرة التوظيف بدأت في التباطؤ. وكان تقرير نُشر يوم الأربعاء قد أظهر أن التوظيف في الشركات الخاصة ارتفع بـ62 ألف وظيفة فقط خلال أبريل — وهو أضعف نمو منذ يوليو، بحسب شركة ADP Research.

وفي تقرير منفصل، أظهرت بيانات تكلفة العمالة ارتفاعاً بنسبة 0.9% في الربع الأول، وهي نفس الزيادة المسجلة في نهاية عام 2024.

انخفضت أعداد الوظائف الشاغرة في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى منذ سبتمبر في مؤشر على ضعف الطلب على العمالة وسط عدم يقين اقتصادي متزايد.

تراجعت أعداد الوظائف الشاغرة الأمريكية خلال مارس إلى 7.19 مليون وظيفة مقارنة بـ7.48 مليون في فبراير، وفقًا لبيانات مكتب إحصاءات العمل الصادرة يوم الثلاثاء. يقترب هذا الرقم من أدنى مستوى تسجل منذ عام 2020، وأقل من جميع التقديرات في استطلاع بلومبرج للاقتصاديين.​

ويشير هذا التراجع إلى ضعف في الطلب على العمالة، حيث يؤجل أرباب العمل خطط الإنفاق وسط حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن سياسات الرئيس دونالد ترامب، خاصةً مع استمرار فرض الرسوم الجمركية الواسعة النطاق، والتي يرى العديد من الاقتصاديين أنها قد تبطئ النمو وتزيد من احتمالات الركود.​

من المتوقع أن تصدر الحكومة يوم الأربعاء تقديرها الأولي للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، والذي يُتوقع أن يُظهر تباطؤًا ملحوظًا. كما يُنتظر تقرير التوظيف لشهر أبريل يوم الجمعة، حيث تشير التوقعات إلى تباطؤ ملحوظ في نمو الوظائف مع استقرار معدل البطالة.​

على الرغم من هذه المؤشرات السلبية، أظهرت أجزاء أخرى من التقرير بعض الإيجابية؛ حيث انخفض عدد حالات تسريح عاملين إلى أدنى مستوى منذ يونيو، وظلت معدلات التوظيف مستقرة. كما ارتفع معدل الاستقالات الطوعية إلى أعلى مستوى منذ يوليو، مما قد يشير إلى ثقة بعض العمال في سوق العمل.​

حتى الآن، كانت جهود الرئيس دونالد ترامب في تقليص حجم الحكومة الفيدرالية هي العامل الأكثر وضوحًا في تأثيره على سوق العمل. فقد تضاعفت إعلانات تسريح الموظفين ثلاث مرات خلال شهر مارس مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ويُعزى ذلك في الغالب إلى إجراءات اتخذتها "وزارة الكفاءة الحكومة"، وفقًا لشركة "تشالنجر غراي آند كريسماس" المتخصصة في خدمات التوظيف وإعادة الهيكلة. ومن المتوقع صدور حصيلة تسريحات أبريل يوم الخميس.

موقف الاحتياطي الفيدرالي

رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لا يزال يصف سوق العمل بأنه في "وضع جيد"، ومن المتوقع أن يُبقي المسؤولون على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع السياسة النقدية الأسبوع المقبل. وأكد باول مؤخرًا على ضرورة السيطرة على التضخم لضمان تحقيق الحد الأقصى من التوظيف — وهي أولوية أساسية، خصوصًا مع توقّع واسع النطاق من صانعي السياسات والاقتصاديين بأن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما يعزز المخاوف من حدوث ركود.

وانخفض عدد الوظائف الشاغرة لكل عاطل عن العمل — وهو مقياس تراقبه الفيدرالي عن كثب كمؤشر على توازن العرض والطلب في سوق العمل — إلى 1.0، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر. وكان هذا المعدل قد بلغ ذروته عند 2 إلى 1 في عام 2022.

وقد شكك بعض الاقتصاديين في دقة بيانات تقرير فرص العمل (JOLTS)، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض معدل الاستجابة في المسح والتعديلات الكبيرة التي تطرأ على الأرقام. وبالمقابل، أظهر مؤشر مماثل صادر عن موقع التوظيف "إنديد" — والذي يتم تحديثه يوميًا — انخفاضًا في الوظائف المتاحة خلال مارس.

وفي بيانات منفصلة صدرت الثلاثاء، ظهرت مؤشرات إضافية على ضعف اقتصادي؛ فقد تراجعت ثقة المستهلك الأمريكي في أبريل للشهر الخامس على التوالي — في أطول سلسلة تراجع منذ عام 2008. كما اتسع العجز التجاري الأمريكي في السلع بشكل غير متوقع خلال مارس إلى مستوى قياسي، مع استمرار الشركات في استيراد السلع لاستباق الرسوم الجمركية، مما دفع بعض الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي.

اتسع عجز تجارة السلع بشكل غير متوقع في مارس ليبلغ مستوى قياسيًا، مع تسارع الشركات في استيراد البضائع لاستباق الرسوم الجمركية،بما يشير إلى ضرر كبير تعرض له الاقتصاد في الربع الأول.  

وأظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية، الصادرة الثلاثاء، أن العجز التجاري في السلع ارتفع بنسبة 9.6% مقارنة بشهر فبراير، ليصل إلى 162 مليار دولار، وهو رقم تجاوز جميع توقعات المحللين في استطلاع أجرته بلومبرج. يُشار إلى أن هذه الأرقام غير معدّلة للتضخم.

وسجلت الواردات ارتفاعًا بنسبة 5% إلى 342.7 مليار دولار، مدفوعة بقفزة قياسية في السلع الاستهلاكية، إلى جانب زيادة في واردات السيارات والمعدات الرأسمالية. أما الصادرات فارتفعت بنسبة 1.2% فقط.

وتُظهر هذه الطفرة في الواردات ما يُعتقد أنه آخر موجة من اندفاع الشركات الأمريكية لتأمين السلع والمواد قبل سريان الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على واردات الصلب والألمنيوم في مارس، بالإضافة إلى التعريفات الأوسع التي تم الإعلان عنها مطلع أبريل.

ضغوط على النمو

دفعت هذه الأرقام بعض الاقتصاديين إلى خفض توقعاتهم للنمو الاقتصادي في الربع الأول، إذ تُحتسب الواردات كعامل سلبي في الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن اتساع العجز قد يؤدي إلى بيانات نمو أضعف عند صدور التقدير الأولي للناتج المحلي يوم الأربعاء.

ووفقًا لاستطلاع بلومبرغ، فإن التوقعات تشير إلى نمو طفيف بنسبة 0.3% في الناتج المحلي الإجمالي، وهو أبطأ معدل منذ عام 2022.

وقال كارل وينبرغ، كبير الاقتصاديين في "هاي فريكونسي إيكونوميكس"، في مذكرة: "أرقام التجارة تدعم تقديرنا بانكماش الناتج المحلي بنسبة 1.1%. بل وتشير إلى أن المخاطر تميل إلى الأسوأ".

أما ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في "سانتاندير يو.إس كابيتال ماركتس"، فذهب إلى أبعد من ذلك، حيث خفّض توقعاته بنسبة نقطة مئوية كاملة، متوقعًا انكماشًا بنسبة 2.4%. ومع ذلك، أشار إلى أن عودة الواردات إلى مستوياتها الطبيعية في الربع الثاني قد تؤدي إلى انتعاش قوي في النمو.

سياسة الرسوم

والرسوم الجمركية تمثل حجر الزاوية في استراتيجية الرئيس ترامب لتحفيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات بهدف تقليص العجز التجاري ورفع إيرادات الحكومة وتعزيز الأمن القومي.

وقد أظهر تقرير مارس انخفاضًا في واردات المواد الصناعية مثل المعادن والبترول والخشب ومنتجات أخرى تُستخدم عادة في إنتاج سلع أخرى. ويشمل التقرير أيضاً واردات الذهب لأغراض الاستثمار.

ورغم أن البيانات لا توضح ما إذا كان الذهب قد أثر على أرقام الواردات، إلا أن جزءًا كبيرًا من اتساع العجز في بداية العام ارتبط بواردات سبائك الذهب. وسينتظر الاقتصاديون بيانات التجارة الأشمل في 6 مايو للحصول على مؤشرات أوضح حول هذا التغيير، إذ تُصنَّف واردات الذهب كـ"أشكال معدنية مكتملة".

يُذكر أن الذهب لغرض الاستثمار لا يُدرج في حساب الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. ومع ذلك، فإن نموذج التوقع  "GDPNow" لبنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، قبل صدور أرقام مارس، توقع أن تقتطع التجارة نحو 3 نقاط مئوية من النمو، وهو ما يتماشى مع تدافع ما قبل فرض الرسوم على استيراد البضائع والمواد الخام.

بينما تتفاوض دول العالم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الرسوم الجمركية، تعرض إيران، العدو التقليدي، اقتصادها الخاضع للعقوبات عليه كفرصة استثمارية.

مع ظهور مؤشرات على إحراز تقدم في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة بشأن الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية، بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين – ولأول مرة منذ عقود – في الترويج العلني لاقتصاد بلادهم أمام البيت الأبيض، بهدف التوصل إلى اتفاق نووي أكثر استدامة وفعالية. وإذا كان ترامب يسعى إلى صفقة أفضل من تلك التي انسحب منها عام 2018، فإن الإيرانيين يطالبون بالمثل.

السفير الإيراني البارز عباس عراقجي كتب في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأسبوع الماضي أن اتفاقًا نوويًا جديدًا قد يمنح الشركات الأمريكية فرصة دخول ما وصفه بـ"فرصة اقتصادية تريليونية" في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 90 مليون نسمة ويملك أحد أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم.

وقالت إيلي غيرانمايه، رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية:

"الحديث عن فرصة تريليونية بدلاً من حرب تريليونية كارثية هو وسيلة لجذب ترامب إلى الصفقة."

تشبه هذه الاستراتيجية ما فعلته روسيا في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ورغم أن تحويل العلاقة بين واشنطن وطهران من عداء إلى تعاون اقتصادي يُعد طموحًا كبيرًا، إلا أن لذلك القدرة على حل صراع طال أمده وزعزع استقرار أمن الشرق الأوسط لعقود.

تفرض الولايات المتحدة عقوبات وحظرًا تجاريًا على طهران منذ أن قطعت العلاقات معها عقب الثورة الإسلامية عام 1979 وأزمة احتجاز الرهائن. وبصفتها دولة دينية، قدمت إيران نفسها كحصن منيع ضد النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وكان برنامجها النووي وسياساتها المعادية لإسرائيل مصدرين رئيسيين للتوتر.

وأشار عراقجي إلى أن البرنامج النووي الإيراني نفسه يمكن أن يصبح مجالًا للاستثمار الأمريكي، مؤكدًا أنه يمثل "عشرات المليارات من الدولارات من العقود المحتملة."

وفي تصريحات منفصلة على منصة إكس الأسبوع الماضي، قال:

"السوق الإيرانية وحدها كافية لإنعاش صناعة الطاقة النووية الأمريكية المتعثرة."

وردّ متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على استفسار من بلومبرج قائلاً إن ترامب واضح بشأن أن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا، مضيفًا أن من غير المصلحة الوطنية التفاوض علنًا بشأن هذه القضايا.

كما قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: "نحن لا نؤكد أو ننفي تفاصيل المفاوضات الجارية."

ورغم تشدده السابق، عبّر ترامب عن رأيه في إمكانيات الاقتصاد الإيراني. ونقلت بلومبرج في وقت سابق من هذا العام أنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – وهو حليف لإيران – التوسط في محادثات مع طهران.

وقال ترامب هذا الشهر: "أريد لإيران أن تزدهر. لا أريد أن أؤذي أحدًا، لكن إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا. لا نريد أن نأخذ منهم صناعتهم أو أرضهم."

وأشار الرئيس الإيراني مسعود پزشكيان إلى أن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي – الذي وافق على مضض على اتفاق 2015 النووي الذي انسحب منه ترامب لاحقًا – لا يرى مانعًا في أن يستثمر الأمريكيون في الجمهورية الإسلامية.

وتبدو استراتيجية عراقجي مدعومة من قبل التيار المتشدد، مما يشير إلى أن المؤسسة الدينية الحاكمة تواجه ضغوطًا لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تعزز السخط الشعبي داخليًا.

وقال همايون فلكشاهي، رئيس تحليل أسواق النفط الخام في شركة كيبلر:"لم يتبقَ لديهم الكثير من أوراق الضغط في المفاوضات، وهم أقل تهديدًا مما كانوا عليه قبل بضع سنوات، كما أن وكلاءهم فقدوا الكثير من نفوذهم."

"يحاولون القول للولايات المتحدة: يمكنكم الاستفادة من الاتفاق، ونحن مستعدون لفتح أبواب الاستثمار أمام شركاتكم."

رغم أن اتفاق عام 2015 النووي علّق عددًا من العقوبات الأمريكية الثانوية، إلا أنه لم يلغِ العقوبات الأساسية، وظلّت وزارة الخزانة الأمريكية تمنع الاستثمار الأمريكي المباشر في الاقتصاد الإيراني.

وعندما انسحب ترامب من ذلك الاتفاق، أعاد فرض العقوبات ضمن سياسة "الضغط القصوى"، بل وتجاوزها، إذ حظر على الدول الأخرى شراء النفط من إيران، العضو بمنظمة أوبك.

وأدت هذه العقوبات إلى انخفاض صادرات إيران النفطية وهروب الشركات الأجنبية وانهيار العملة التي فقدت نحو 90% من قيمتها أمام الدولار منذ عام 2018. كما واجهت البلاد أزمة وقود وكهرباء خلال شتاء العام الماضي.

ويحاول مسؤولو قطاع النفط والغاز استقطاب الأموال الأجنبية لتغطية فاتورة قدرها 135 مليار دولار يحتاجها القطاع لإعادة تأهيل البنية التحتية.

وقال فلكشاهي: "سيكون هذا من أكبر الفرص الاستثمارية العالمية في قطاع النفط والغاز."

لكنه أضاف أن البنود المالية التي ستعرضها إيران على الشركات الأجنبية ستكون حاسمة لجذب المستثمرين.

ومع ذلك، تبقى هناك عقبات كبيرة أمام الاستثمار في إيران، مثل الفساد وهيمنة الدولة على الاقتصاد، وانعزال النظام المصرفي عن المعايير الدولية. كما أن الشركات الأمريكية قد تواجه انتقادات شديدة من المعادين لإيران في واشنطن وتل أبيب.

العقوبات الأساسية

الاتفاق النووي الأصلي – المعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" – فرض قيودًا صارمة على تخصيب اليورانيوم الإيراني مقابل تخفيف العقوبات.

لكن خلال أشهر من تنفيذ الاتفاق في يناير 2016، اشتكى المسؤولون الإيرانيون من أن الفوائد الاقتصادية لم تتحقق بالشكل المتوقع، وكان السبب الرئيسي هو أن الشركات الأوروبية واجهت صعوبات في التعامل مع إيران بسبب استمرار العقوبات الأمريكية.

وقال بيجان خاجبور، الاقتصادي والشريك الإداري في شركة Eurasian Nexus Partners للاستشارات: "هدف إيران هذه المرة هو رفع العقوبات الأساسية وتمهيد الطريق للتنمية الاقتصادية والتكنولوجية للبلاد."

في حين كانت رؤية ترامب الأصلية تهدف إلى صفقة شاملة تشمل كبح دعم إيران لوكلائها وحتى برنامجها الصاروخي، تشير تصريحاته الأخيرة إلى أنه قلّص أهدافه إلى ضمان عدم امتلاك إيران سلاحًا نوويًا.

ومن خلال عرض فرصة استثمار أمريكية في القطاع النووي الإيراني، تسعى طهران لطمأنة واشنطن بهذا الشأن، كما تأمل في تقليل فرص تراجع أي إدارة أمريكية مستقبلية عن الاتفاق.

لكن، رغم أن فتح أبواب الاقتصاد الإيراني بشكل غير مسبوق قد يكون مغريًا لترامب ويحل جزءًا من أزمات إيران، إلا أن ذلك سيتطلب التزامًا سياسيًا هائلًا وتغييرات كبيرة من جانب الجمهورية الإسلامية.

وقالت غيرانمايه من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "رفع جميع العقوبات الأساسية والقيود القانونية على التجارة الأمريكية سيتطلب تحولاً جذرياً في السياسة."

"وسيتطلب تنازلات كبيرة من الجانب الإيراني، وجهدًا دبلوماسيًا ضخمًا من ترامب."

وعد دونالد ترامب الأمريكيين بـ"ازدهار لا مثيل له" إذا تم انتخابه رئيساً. لكن بالنظر إلى أداء سوق الأسهم خلال أول 100 يوم من توليه المنصب، فإن تفسير "الازدهار" يعتمد على ما تعنيه الكلمة بالضبط.

فقد كان هناك بالتأكيد الكثير من الحركة — لكنها لم تكن كما كان المستثمرون يأملون. مع حلول 30 أبريل، سيكون ترامب قد أكمل أول 100 يوم له في الرئاسة. وعلى الرغم من الانتعاش الذي شهده السوق الأسبوع الماضي، فإن مؤشر ستاندرد آند بورز 500لا يزال منخفضاً بنحو 8% منذ يوم التنصيب، ويتجه نحو أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئيس أمريكي منذ جيرالد فورد عام 1974 بعد استقالة ريتشارد نيكسون.

لقد كان انعكاساً لم يتوقعه الكثيرون في وول ستريت، بعد عامين متتاليين من تحقيق مكاسب تجاوزت 20%، ومع توقعات بسير ترامب على نهج داعم للنمو. ولكن بدلاً من ذلك، شهدت الأسواق تقلبات حادة مع فرض ترامب رسوماً جمركية على تقريباً كل دولة تعمل فيها الشركات الأمريكية — تارة يفرضها، وتارة يستثني صناعات معينة، وأخرى يصعّد حربه التجارية مع الصين.

بعد فوزه بالانتخابات، اندفع المتداولون نحو الرهان على سياسة "أمريكا أولاً"، مما دفع مؤشر اس آند بي 500 لتحقيق أفضل مكاسب ما بعد الانتخابات في تاريخه. كانت التوقعات أن تقوم الإدارة بتخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب لدعم النمو الاقتصادي. إلا أن ترامب ركّز بدلاً من ذلك على معاركه التجارية، مما أربك الأسواق مع كل إعلان جديد عن فرض رسوم جمركية.

وقال إريك ديتون، رئيس ومدير إدارة شركة "ويلث ألاينس":

"ما تم انتخابه من أجله هو ‘لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً’ والاقتصاد سينتعش. ولكن في الواقع، فإن كل حالة عدم اليقين حول التجارة قد أضرت بالنمو الاقتصادي."

انتكاسة تلو الأخرى

شهد مؤشر اس آند بي 500 انخفاضاً بأكثر من 10% خلال جلستين فقط في أوائل الشهر الجاري بعد أن فرض ترامب أعلى رسوم جمركية شهدتها الولايات المتحدة منذ قرن، في 2 أبريل. ثم ارتفع المؤشر بقوة بعد أسبوع عندما تراجعت الإدارة عن بعض الرسوم وأجلت تطبيقها لمدة 90 يوماً. ومنذ ذلك الحين، تتأرجح الأسهم دون اتجاه واضح.

وقال ديف لوتز، الخبير الاستراتيجي في "جونز تريدينغ" والمخضرم في وول ستريت منذ 30 عاماً:

"لقد كانت صدمة تلو صدمة تلو صدمة."

وتستعد وول ستريت لمزيد من التقلبات؛ حيث وسّع المضاربون رهاناتهم على انخفاض المؤشر  القياسي إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر، وفقاً لأحدث بيانات لجنة تداول السلع الآجلة (CFTC) الصادرة يوم الجمعة.

تسعى الدول الكبرى في الأسواق الناشئة إلى تحويل مجموعة بريكس إلى منتدى عالمي قادر على التصدي للفوضى الاقتصادية والسياسية التي أطلقتها حرب الرسوم الجمركية التي شنها دونالد ترامب.

يجتمع وزراء خارجية المجموعة — التي سُميت بالأحرف الأولى للأعضاء المؤسسين: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، ولاحقاً جنوب أفريقيا — يوم الإثنين، في أول لقاء منذ أن أدت سياسات ترامب إلى زعزعة ليس فقط الاقتصاد العالمي، بل أيضاً المؤسسات متعددة الأطراف التقليدية مثل مجموعة العشرين، حيث أصبح تحقيق التوافق أمراً بعيد المنال.

هذا الاضطراب وضع بريكس في موقع يمكنها من انتزاع النفوذ العالمي الذي طالما سعى إليه بعض أعضائها البارزين، خصوصاً بعد توسعها لتشمل دولاً جديدة مثل مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات العربية المتحدة. بات التكتل الآن يمثل نحو نصف سكان العالم وحوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

خلال الاجتماع الذي يستمر يومين في ريو دي جانيرو، سيخصص وزراء الخارجية وقتاً كبيراً لمناقشة سبل التعامل مع رسوم ترامب الجمركية. تواجه الصين، على سبيل المثال، تعريفات بنسبة 145% على معظم صادراتها إلى الولايات المتحدة، وقد أشارت إلى أنها ترغب في استغلال هذا الاجتماع للرد على واشنطن.

في إفادة صحفية الأسبوع الماضي سُئل فيها عن توقعات الصين للاجتماع، انتقد متحدث باسم وزارة المالية الصينية أولئك الذين "يتسلحون بالعصا الكبيرة للرسوم الجمركية ويقوضون العدالة والنظام الدوليين ويزيدون من المخاطر الأمنية العالمية"، دون أن يسمي الولايات المتحدة صراحةً. ودعا أيضاً إلى "تعزيز التعاون" و"العمل المشترك" بين دول بريكس.

ومن المتوقع أن يصدر وزراء خارجية بريكس بياناً يوم الثلاثاء يتضمن انتقادات حادة للإجراءات الأحادية الجانب بشأن التجارة، دون ذكر ترامب أو الولايات المتحدة بالاسم، بحسب مسؤولين اثنين حكوميين برازيليين. وأشارا إلى أن بعض الدول ترغب في توجيه توبيخ مباشر لترامب، إلا أن هذا الموقف لا يحظى بإجماع داخل المجموعة.

القدرة على إيجاد توافق بين وجهات النظر المختلفة هو بالتحديد ما ستحتاج بريكس إلى إظهاره لإثبات أنها قادرة على تفادي الانقسامات العميقة التي أضعفت مؤسسات مثل الأمم المتحدة ومجموعة العشرين.

الدفاع عن التعددية

في ريو، سيبدأ وزراء الخارجية مناقشة أولويات رئاسة البرازيل الدورية لبريكس، والتي تشمل: اتخاذ خطوات أكثر جرأة بشأن التغير المناخي وتعزيز التعاون في مجال الصحة العامة وتقوية الروابط التجارية بين الدول الأعضاء والدفاع عن مبدأ التعددية.

يحذر المسؤولون البرازيليون من أن الهدف من بريكس، الذي تشكل قبل نحو عشرين عاماً، لم يكن أبداً تحدي القيادة الأمريكية للعالم أو تقويض النظام الدولي الذي تقوده واشنطن والغرب.

وقال السفير البرازيلي ماوريسيو ليريو في فبراير خلال اجتماع تحضيري في برازيليا: "القول بأن بريكس كتلة مناهضة لأمريكا أمر خاطئ تماماً. تم إنشاء المجموعة لتعزيز تنمية الدول النامية، وليس لمعاداة الدول الغنية."

ومع ذلك، فقد وضعت الأجندة البرازيلية بريكس كمدافع قوي عن التعددية في وقت يتجه فيه ترامب إلى فرض رسوم جمركية على غالبية دول العالم والتخلي عن المؤسسات والاتفاقات الدولية.

منذ توليه المنصب، انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية وفكك الوكالة الأمريكية الرئيسية المعنية بالمساعدات الخارجية وأثار الشكوك حول استمرار مشاركة الولايات المتحدة في مجموعة العشرين.

وجاءت علامة مهمة على تكثيف دول بريكس جهودها الأسبوع الماضي عندما نظمت البرازيل والأمم المتحدة حدثاً افتراضياً حول المناخ، شارك فيها أكثر من عشرين زعيماً عالمياً، دون دعوة ترامب أو الولايات المتحدة. وكان أبرز المشاركين الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي تعهد بالتزام بلاده بالتعاون الدولي في مكافحة التغير المناخي "بغض النظر عن التغيرات في المشهد الدولي".

كان الحدث أحدث إشارة إلى تكثيف شي الجهود لتصوير بكين كحليف أكثر موثوقية مقارنة بالولايات المتحدة تحت قيادة ترمب حيث يسعى لتعميق العلاقات مع أجزاء أخرى من العالم—منها الاتحاد الأوروبي، الذي دخل معه في خلافات في السابق

تعزيز الروابط التجارية

كما أظهر الحدث أيضاً قوة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي جمع قادة مثل شي جين بينغ والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين استعداداً لاستضافة قمة المناخ الأممية المقبلة في نوفمبر.

رغم أداء متباين للبرازيل خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، يواصل لولا تأكيد حضوره في المناقشات العالمية الكبرى، وساهم بدور رئيسي في مفاوضات اتفاق التجارة بين الاتحاد الأوروبي وميركوسور، الاتحاد الجمركي لأمريكا الجنوبية، أواخر 2024.

قالت جيمينا زونيغا، المحللة الاقتصادية في بلومبيرغ إيكونوميكس: "تلعب البرازيل دوراً قيادياً متزايداً في الجغرافيا السياسية، من خلال استضافة قمة بريكس هذا العام، والدفع نحو اتفاق ميركوسور وتعزيز التجارة الإقليمية والدفاع عن النظام التجاري التعددي."

يدفع لولا الآن دول بريكس لتحسين روابطها التجارية الداخلية لتعزيز قوتها العالمية ومواجهة القرارات الأحادية لترامب والولايات المتحدة. ومع أن فكرة إنشاء عملة موحدة — التي أثارت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% ضد أعضاء بريكس — "ليست قيد النقاش" حالياً، وفقاً لما قاله السفير ليريو، إلا أن الجهود مستمرة لتطوير أنظمة مدفوعات محلية وأدوات مالية تسهل التجارة والاستثمار داخل التكتل.

الانقسامات الداخلية

مع ذلك، تبرز التحديات التقليدية التي واجهتها بريكس منذ تأسيسها: طموحات كبيرة، لكن إنجازات محدودة. فقد اختلف الأعضاء على رؤية موحدة، حيث تعتبر الصين التمتل أداة لمواجهة الولايات المتحدة، بينما يتحفظ آخرون لتفادي إغضاب الحلفاء الغربيين. كما توترت العلاقات بين الصين والهند بسبب نزاعات حدودية، ما دفع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى تعزيز تقاربه مع واشنطن بعد عودة ترامب إلى السلطة.

التوسع الأخير زاد من تباين وجهات النظر داخل بريكس مقارنة بتكتلات أكثر انسجاماً مثل مجموعة السبع، مجموعة الدول الغنية الغربية التي تهيمن على النظام العالمي. وفي حين خلق ترامب فرصة لبريكس، إلا أن حربه التجارية مع الصين أجبرت كل دولة على التفاوض بشكل منفرد، مما قد يضعف جهود لولا للدعوة إلى الوحدة.

وكما قال لولا في مارس:

"لا يمكننا الاستمرار في البحث عن سبل خروج فردية لكل دولة. العالم مقسم إلى تكتلات، ومن ينظم صفوفه أكثر، يحقق أكثر."

قال وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، أن "جميع أجهزة" الحكومة الأمريكية على تواصل مع الصين، لكنه أكد أن على بكين أن تتخذ الخطوة الأولى نحو تخفيف حدة صراع الرسوم الجمركية بين البلدين، نظراً لاختلال ميزان التجارة بينهما.

وقال بيسنت في مقابلة مع شبكة سي.إن.بي.سي: "سنرى إلى أين ستتجه الأمور. وكما قلت مراراً، أعتقد أن على الصين أن تبادر إلى التهدئة لأنها تصدّر إلينا سلعاً بقيمة خمسة أضعاف ما نصدره نحن إليها، وهذه التعريفات الجمركية البالغة 125% غير قابلة للاستمرار".

 بيسنت أضاف أن قيام الصين بإعفاء بعض السلع من الرسوم الجمركية يدل على رغبتها في خفض التوترات، مشيراً إلى أنه يحتفظ بـ"سلم متدرج للتصعيد" في جيبه الخلفي، وأن الولايات المتحدة "حريصة للغاية" على عدم اللجوء إليه. وبيّن أن التصعيد قد يشمل فرض "حظر تجاري".

وأوضح بيسنت أن الولايات المتحدة أرجأت التعامل مع الصين في الوقت الحالي بينما تسعى لإبرام اتفاقيات تجارية مع ما بين 15 إلى 17 دولة أخرى، مضيفاً أنه لن يتفاجأ إذا تم الإعلان عن اتفاق تجاري مع الهند أولاً.

كما كشف بيسنت أن المسؤولين الأمريكيين التقوا نظراءهم الصينيين خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن العاصمة الأسبوع الماضي، لمناقشة قضايا تتعلق بـ"الاستقرار المالي"، لكنه أشار إلى أن محادثات التجارة لم تُطرح خلال هذه الاجتماعات.